يا يوسف/ بكر الجلاس
يا يوسف
أقرب من طرفة عين
سيأتي الغد، بالحرية ونضحك معاً بصخب
محمود درويش
وقد فتّشوا صوتهُ
فلم يجدوا غيرَ حزنه
وقد فتّشوا حزنهُ
فلم يجدوا غيرَ سجنه
وقد فتشوا سجنهُ
فلم يجدوا غيرَ أنفسهم في القيودْ
مش حا أدخل الشام إلا على رجليكوا، هكذا قلت ليوسف ومنير، حين دعوني للذهاب إلى سوريا، سافرت لسوريا 5 مايو 2005، كنا أنا ومنير الشعراني على نفس الطائرة، واستقبلنا يوسف بمنزل أحد الأصدقاء، حكايات وغناء، وسهرة كنت أفتقدها معهم في أرض الوطن، وكانت أول مرة أذهب فيها لسوريا، وتم أفتتاح معرض يوسف في خان أسعد باشا، يوم 6 مايو 2005، ذهبنا جميعاً، أمتلأ الخان عن آخره من أول لحظة، الدخول والخروج للمعرض لم يتوقف، وكنت آراه من بعيد، لم تتوقف ابتسامته، لوحاته ترج حائط الخان، وكأنها تتكلم عنه، هذا الفنان الجميل، المتواضع، اكتشفت مكانة يوسف في هذا اليوم، المحبة تغلف المكان، وكنت قد التقيت يوسف شخصياً في أول معارضه بالقاهرة في آواخر الثمانينات، آسرني بشخصيته الرقيقة، المبتسمة دائماً، اتنرفزت عليه مرة قبل معرضه باآتيليه الأسكندرية لأنه أغلق باب الشقة (دون قصد)، لم ينفعل أو يغضب، وإلى اليوم لا أعرف كيف أحتوي غضبي، ولم اسأله، ويحضرني كيف كان الحوار بينه وبين طلبة كلية فنون اسكندرية، كان حواراً راقياً بلا مبالغة، أتذكر أن صديقاً لي الفنان عمرو هيبة دعانا لمرسمه، أتجه يوسف ليشاهد كل محتويات المرسم، مهتماً بكل التفاصيل، وحين سأله عمرو عن أشياء تخص عمله كحفَّار، قال له بكل تواضع، هات بس ورقة وقلم، قعدنا نسمع يوسف أنا وعمرو، لم يأخذ وضع الأستاذ (وهو يستحق عن جدارة)، وأخذ يشرح لنا ببساطة من يملك المعرفة الحقيقية، عن فن الحفر، وعن كيفية العمل، لم آراه متعالياً، بل رأيت إنساناً رقيقاً، لا يبخل بما يملك من معرفة، كان يوسف يحتوي بكائي قبل ابتسامتي، يحتوي غضبي قبل فرحتي، ستعود يا يوسف قوياً كما أنت، حراً كما أنت، محباً للحياة كما أنت
خاص – صفحات سورية –