ما يحدث في لبنان

حتى يبقى للسلاح شرفه ..

null


طلال سلمان (السفير) ، السبت 10 أيار 2008

لا بد من رفع الصوت احتجاجاً واستنكاراً وتنديداً بالاعتداءات غير المبررة وغير المقبولة على بعض المؤسسات الإعلامية (والثقافية) في بيروت، وبالذات على الزميلة «المستقبل» وعلى تلفزيون المستقبل.

قبل التضامن المهني وبعده، فإننا نرفع الصوت احتجاجاً من باب الحرص على شرف السلاح المقاوم، وقد ثبت أن مختلف وسائل التعبير الديموقراطي، ثقافة وصحافة، أدباً ومسرحاً وسينما، قد لعبت دوراً مؤثراً ومميزاً في الدفاع عن قضية المقاومة وعن شرف سلاحها.

وقبل التضامن المهني وبعده، فلا بد من التنويه بالدور الممتاز الذي لعبه الإعلام، برجاله ونسائه، بالمحترفين والهواة، في لبنان خصوصاً، وفي الوطن العربي عموماً، في بلورة أهداف المقاومة، وفي الدفاع عن سلاحها الذي ما حمله المجاهدون إلا لمواجهة العدو الإسرائيلي (ومن معه) وصد اعتداءاته التي ظلت مفتوحة حتى انتصر به الشعب اللبناني (والأمة العربية) في التحرير في 24 أيار 2000 ثم في مواجهة الحرب الإسرائيلية في تموز ـ آب .2006

وليس سراً أنه كان بين عوامل انتصار المقاومة ذلك الهامش الديموقراطي في النظام السياسي في لبنان الذي حرص عليه الأطراف جميعاً باعتباره شرط حياة لهذا النظام، وأفادوا منه، في معاركهم على اختلاف أهدافهم… وبطبيعة الحال فإن المقاومة كانت أعظم المستفيدين منه ليس فقط بوصف أهلها أصحاب قضية، بل لأن اللبنانيين كانوا يرون في المقاومة قضيتهم وفي انتصارها تقدماً على طريق غدهم الأفضل، وذلك بتعزيز الديموقراطية في نظامهم.

إن هذه الاعتداءات التي وقعت على المؤسسات الإعلامية (والثقافية كمؤسسة الحريري) تسيء إلى عدالة القضية السياسية التي من أجلها رفع أهل المقاومة سلاحهم في الداخل مرغمين، صداً لاعتداء مقصود ومدبر ضد حقوق المقاومة التي كانت بين المسلمات الوطنية.

لقد وفرت هذه الاعتداءات التي وجدت من يجعلها عنواناً «للانقلاب المسلح» سلاحاً فعالاً لأعداء المقاومة، إذ صوروها وكأنها معادية لحق الإنسان في أن يعرف حقيقة ما يجري، بل للحريات عموماً، وحريات الإعلام خصوصاً.. ومن الطريف أن أكثر من اتخذها

وسيلة للتشهير أجهزة إعلامية تابعة لأنظمة ليس لها من عنوان غير القمع وكبت الحريات واحتقار الديموقراطية.

كذلك فإن هذه الاعتداءات الصاخبة على بعض وسائل الاعلام قد ألحقت قدرا من التشويه المؤذي بهذا التحرك الاضطراري الذي لجأ اليه حزب المقاومة رداً على الاعتداء المباشر الذي شنته ضدها السلطة البتراء والمطعون في شرعيتها القائمة في بيروت، والذي ربما كان الهدف الاصلي له إحراج المقاومة لإخراجها ودفعها الى «الشارع» حيث يصير ارتكاب التجاوزات أمراً شبه حتمي… فليست وظيفة المقاومة ان تحكم فكيف بأن تتحكم؟!

لقد أكدت قيادة المقاومة، عبر تاريخها، احترامها لدور الإعلام وتقديرها لأهله ـ بغض النظر عن مواقف المعارضين لسلاحها ـ كما لسائر المثقفين والمفكرين والكتاب والشعراء الذين محضوها، بأغلبيتهم الساحقة، تأييدهم المفتوح انطلاقاً من تقديرهم لدورها في تحرير الإرادة والأرض.. وأيضا لوعيها أهمية الديموقراطية وضرورة الحفاظ عليها ولو في نظام معتل كالنظام القائم في لبنان.

وبالتأكيد، وبغض النظر عن أي خلاف سياسي، فإن الزملاء في جريدة «المستقبل» وفي تلفزيون المستقبل، قد قدموا الكثير من جهدهم لقضية المقاومة، وحتى عندما انتقدوا، كما غيرهم بعض تكتيكاتها السياسية في الداخل، فإنهم إنما كانوا يقدمون اجتهادات وقراءات خاصة تؤكد وتعزز أهمية الديموقراطية كشرط للمعرفة بالذات وتحديد الأهداف والمطالب:

و«السفـير»، ومن موقع التضامن مع زملائها، تأمل ان تبادر المقاومة الى تبرئة سلاحها من شبهة الارتكابات التي وقعت ليس فقط بوقف الاعتداءات، بل أساسا بتأكيد احترامها ـ مجدداً ـ لدور الإعلام بمؤسساته جميعا، المؤيدة منها والمعترضة.. وأساساً المعترضة!

ودائماً من اجل ان يبقى للسلاح شرفه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى