وداعا كريم عربجي
رحل المدون كريم عربجي في بيروت، بعيدا عن دمشق التي كان يعشقها، خسرت سورية بذلك واحدا من خيرة شبابها، كان الراحل مليئا بمحبة الحياة، كان حرا كما يجب، قريبا الى القلب، كان أحد الكتاب الاساسيين الذين كانوا وراء منتدى أخوية الذي أقلق النظام وأخافه، كانت كتاباته في ذلك المنتدى مثارا للانتباه، كانت تجسد آمال شباب سورية بغد أفضل، بسورية الديمقراطية، اندفاعه لخدمة وطنه ومعتقده كان حارا دافقا، لصفحات سورية كان لها الشرف بمراسلات قصيرة معه ولكنها مفعمة بالامل، فرض علينا في هذه المراسلات أن نحبه ونقلق عليه، فرض علينا أن نصغي لحوارنا معه بمنتهى الحرص، رحل دون وداع، هكذا فجأة تاركا محبتنا له معلقة في المنتصف. حين سيثور الشعب السوري على الديكتاتور ذات يوم، سيفتقد قامته، سيفتقد شباب سورية معينا لا ينضب من الالتزام والشجاعة كانت مجسدة في شخص كريم عربجي. حين ستنتصر الثورة في سورية نقترح بأن نسمي باسمه أحد الساحات الرئيسية في دمشق، وحيا في كل مدينة سورية.
أنشأ مؤخرا مدونة أمارجي
http://amarggi.blogspot.com/
“وَ تَعرِفون الحَقِيقة وَ الحَقِيقة تُحَرِّرُكُم”
أمارجي كلمة سومرية تعني “الحرية”، و هي أقدم كلمة مدونة في التاريخ بهذا المعنى.
موقعنا كان يزمع اختيارها كأفضل موقع مميز لهذا الاسبوع، ولكنه رحل هكذا دون وداع.
يتقدم موقع صفحات سورية بالعزاء لكل سورية، ولأهله ولاصدقائه ولرفاقه المعتقلين, لن ننساك ياكريم عربجي، ستظل في ذاكرة سورية الحية التي لن تموت.
{ مَنْ آمَنَ بِالحُريّة وَ لَوْ مَاتَ فَسَيبقى حيّاً }
“وَ تَعرِفون الحَقِيقة وَ الحَقِيقة تُحَرِّرُكُم”
ببالغ الحزن و الأسى ، ننعي في “أخوية” انفسنا و كافة أحرار سوريا ، وفاة المناضل و الناشط
كريم أنطوان العربجي
، الذي وافته المنية السبت الخامس من آذار اثر جلطة قلبية، في بيروت. عن عمر يناهز 32 عاما
ستقام صلاة القداس والجناز على روحه الطاهرة يوم اللإثنين الواقع في 7 آذار 2011
، الساعة 4:00 بعد الظهر في كنيسة القديس كيرلس للروم الكاثوليك في القصاع، دمشق
تًقبل التعازي يوم الإثنين في قاعة كنيسة القديس كيرلس في القصاع، بعد الدفن مباشرة حتى الساعة السابعة مساءً
و يومي الثلاثاء والأربعاء (8 و 9 آذار 2011) في نفس قاعة الكنيسة من الساعة 6 – 9 مساءَ
الف رحمة ع روحك الطاهرة يا حبيبنا الف رحمة ع روحك الطاهرة يا عزيز يا غالي..
———————
أما بعد،
كل كلمات التأبين و الوداع صعبة, لكنّها تزداد إيلاماً و قسوة حين تكون لوداع شابّ في مقتبل عمره, و حين يكون هذا الشّاب من الذين تركوا, كما ترك كريم, بصمة مشرقة في الذاكرة يصبح كلّ حرفٍ و كأنّه عَصرُ الوريد حتّى آخر قطرة.
رحل كريم عربجي عنّا يوم السبت, الخامس من آذار, عن اثنين و ثلاثين ربيعاً, أو اثنين و ثلاثين ياسمينةً من دمشقه التي أحبّها دون حساب أو حدود. رحلَ فجأةً.. لم يشبهه رحيله في شيءٍ, فستار الصّمت المفاجئ و كريم ضدّان ﻻ يتماثلان أبداً. لم يكن قد مضى بالكاد عامٌ على خروجه من السّجن و كان يشقّ بعزيمة و اصرار طريقه نحو حياةً جديدة, بدايةً جديدة لحياةٍ قصرت أكثر بكثيرٍ من المُنتظر. كعادته كان لديه الكثير من الأحلام.. أحلامٌ أجهضها القدر أبداً ظهر السّبت في بيروت.
في صفحات منتدى أخوية- سوريا عرفنا كريم.. القوي و الواثق و المثقف, الجاد ببراعة و الهزلي بفن, كريم الفكرة و الرأي و الموقف..بإشرافه (كان كريم تحت الإسم المستعار “Krimbow” أمين اقسام المجتمع في ” أخوية ” و مشرف قسم “منبر أخوية الحر”)،قد شُيّد برلمان شبابي جمع مختلف الأطياف و المشارب و الأهواء و الإيديولوجيات لتتحاور بانفتاح و حرّية و تعايش, و كسر بعزيمته و صبره في النقاش هواجس الريبة من الآخر و الخوف من المجهول.
عرفنا كتاباته و خواطره في الرأي و الإبداع و الفن و السياسة.. نطرب أحياناً, نبكي أحياناً أخرى, نضحك غالباً و نغضب بين حين و آخر.. كان بارعاً في استفزاز من يود سحبه إلى ساحة النقاش حول السياسة أو الفكر أو الثقافة, و في أكثر لحظات النقاش اشتداداً و حين يبدو أن المقبل هو الشجار كان هناك نكتة أو طرفة أو “سحبة” من كريم تذكرنا بأننا رغم اﻻختلاف أصدقاء, أو ربما أصدقاء بسبب اﻻختلاف..
لم ترض الخطوط الحمراء عن تحليق كريم فوقها برأيه الحر و كلمته الطليقة, لم يقبل سجن المقبول أن يجد جَسورٌ شجاع مفتاحاً لكل أقفاله, فكانت الملاحقة ثم الإعتقال و السجن له بالمرصاد بداية صيف عام 2007 و حوكم بتهمة “إضعاف الشعور القومي“ التي اعتدنا عليها والتي حوكم بها العديد من رفاقه من نشطاء و مشرفين في “أخوية” ومن ثم حُكم عليه بالسجن لمدّة ثلاث سنوات.. يبدو أن حبّ الوطن خارج الأقنية الرسمية الضيّقة كفرٌ أو أشد..
خرج في الشهور الأولى من عام 2010 بعفوٍ خاص بتدخل جهات دينية مقربة من العائلة بحكم وضع والده الصحي المتردي، و بالكاد خرج كريم كي يشهد أيام والده الأخيرة, حيث توفي السيّد أنطوان عربجي بعد إطلاق سراح ابنه كريم بأسابيع قليلة جداً, و رغم الظروف القاتمة و المناخ الحزين و الشدّة الخانقة كان لدى كريم دوماً كلمةٌ طيّبة و ابتسامةُ صادقة لمن يود تحيّته و اﻻطمئنان عليه و الدردشة معه. لم يكن يريد النظر للماضي, كان أقصى ما يقوله عن السجن أنه خرج منه و وزنه زائد كيلوغراماً عن وقت دخوله, كان يريد رفع أكمامه عن ساعديه و البدء بالعمل على تذليل المصاعب و فتح الأبواب المغلقة رغم كل شيء.. و بحثاً عن منافذ جديدة لكسب قوت يومه توفي السبت في بيروت, خارج عشيقته دمشق.كانت آخر مشاريعه الفكرية بذرة مدوّنة باسم “إيمارجي”, الكلمة التي عشق و التي لم يكن يملّ من إعادة شرح معناها.
سيلاقي جثمان كريم دمشق مرّة أخرى, و أخيرة, غداً اﻻثنين, و نقول (جثمان كريم) و ليس كريم ﻷن كريم عربجي لم يغادر دمشق منذ ولد, فحيث ذهب أخذ دمشق معه, و حتى بعد دفن جثمانه سيبقى كريم صرحاً دمشقياً كحارات باب توما التي شهدت صباه و شبابه. حيث تكون دمشق يكون كريم, حيث تُذكر دمشق أو تُصوّر أو تُرسم أو تلحّن سيظهر وجه كريم الودود.
اليوم, باسم كلّ من مرّ يوماً بمنتدى أخوية- سوريا و توقف لحظات عند كتابات “Krimbow” سنضع وردةً على نعشٍ يحوي جثّة إلى التراب ستعود, لكننا واثقون أننا سنشعر بابتسامته في قلوبنا كلّما قيلت كلّمة حرّة في سوريانا.
الخلود لروحك .. صديقنا كريم
—
روابط ذات صلة:
* أخوية – سوريا: http://www.Akhawia.net
*”إمارجي” مدونة كريم حديثة العهد : http://Amarggi.blogspot.com
* ” أنا الدمشقي كريم عربجي” صفحة أصدقاء كريم ع الفيس بوك: http://www.facebook.com/KarimArbaji
* “كريم عربجي” تجميع اعمال كريم الفكرية يقوم عليه اصدقاء كريم http://www.KarimArbaji.com
مهداة إلى روحه ..قصيدة كريم عربجي التي أوهنت نفسية الأمة…..
مدونة
في أواخر عام 2005 بدأت المخابرات السورية حملة إعتقالات طالت ستة من طلاب جامعة دمشق على إختلاف إختصاصاتهم العلمية إضافة إلى صديقين لهم من خارج الجامعة. بدأت الإعتقالات بشكل متفرق (حسام ملحم وماهر إسبر في أواخر 2005)، مروراً بعلام فخور وطارق الغوراني وعلي العلي وأيهم صقر في شباط 2006 إنتهاء بدياب سرية وعمر العبد الله في آذار 2006، اعتقلوا من قبل جهاز المخابرات الجوية المسؤول عن أمن المطارات دون أن يعلم أحد لماذا…
حكم على الشبان السبعة (بعد إطلاق سراح علي العلي) بالسجن لسبع سنوات لكل من طارق الغوراني وماهر اسبر، وبخمس سنوات لكل من الباقين. تبين لاحقاً أن التهمة كانت مدونة الدومري السوري وكتابات أخرى كتبها حسام ملحم ودياب سرية وعمر العبد الله على منتدى أخوية الإلكتروني.
أطلق منتدى أخوية الإلكتروني حملة للمدونين المعتقلين، ثبت كتاباتهم على الصفحة الرئيسية، واعتبرهم معتقلي المنتدى، فكثيراً ما ترى على أخوية توقيعاً موحداً بلون أحمر قانئ “الحرية لشباب الأخوية الأسرى”.
لم ترق السلطات حملة أخوية فحجبت الموقع الذي يرتاده أكثر من خمس وسبعين ألف شخص وأكثر من خمسين ألف عضو مسجّل، راقبت الموقع وأغرقته بالمخبرين للدفاع عن النظام وأهله، لكنها فشلت أمام إصرار المدونين على الإنتصار لقضية زملائهم، فقررت إعتقال المشرف على “المنبر الحر” في منتدى أخوية وهي الزاوية الأكثر شعبية في المنتدى كله، المدون كريم عربجي (Karimbow).
اعتقل كريم عربجي من المخابرات العسكرية (فرع فلسطين) بعد أن تعمم منتدى أخوية على كل الأجهزة الأمنية الخمسين المهتمة بأمن البلاد، ونفسية الأمة، والشعور القومي، أحيل كريم عربجي بعد ثمانية أشهر من التعذيب والحبس الإنفرادي في فرع فلسطين إلى سجن صيدنايا العسكري، ثم حكم بالسجن لثلاث سنوات قضى منها أكثر من سنتين (كون مدة التوقيف قيد المحاكمة تحتسب من أصل الحكم)، التهمة ذاتها “إضعاف الشعور القومي في زمن الحرب”… بسبب قصيدة كتبها يعايد فيها صديقه الأسير دياب سرية يقول فيها:
الحمدلله على نعمة الالحاد
الحمد للعقل على نعمة الله
اما بعد
صديقي دياب، بعد ايام، يختفي قمر رمضان، و يهل عيد الفطر (السعيد) على جميع البلدان
اذكر اننا، و طارق معنا، قد اتفقنا في الفطر الماضي على ان نعايد بعضنا على سبيل “البروتوكول”، على اساس انو “كل شي ببلاش كتر منو”
مبارك مبارك
صديقي دياب
قد طال الغياب
و رحل السنونو عن سمانا
فراداً و اسراب
رحل إلى سماواتٍ اخرى
فبقاءٌ محلق في سنانا
مصيره الوأد في سرداب
اخباري؟
عايشين، و الحمد لهم، كالذباب
آكل كالدواب
أغب كالطين، حتى اسكر من خمر الجباب
و احسد نفسي على نعمة
انت تعرفها … فأنت محروم منها
نعمتي اني استطيع ان افتح وان اغلق الباب
ادعيلي ايها الكافر الكريم
فدعوى المظلوم ستلقى الجواب
ألا يزورني احد من الشباب
و ألا يوجه بحقي
اي تهمة تتعلق بالارهاب
و ان يبقي على نعمتي رب الارباب
صديقي الحزين
اتراك ترد المعايدة
في عيد … أي عيد
حتى لو كان عيد الاحزاب؟
أم ان الحانة ستبقى خاوية
حتى إشعار اخر
او حتى موعد محكمة اخرى
من جميع الاتراب؟
تخيل صديقي!
هناك نعمة احسدك أنا عليها
اعرفها جيدا … فأنا محروم منها
فحيث تسكن في ذاك الجوف
لا تعرفون معنى الخوف
تخيل انك سبيت ابو رامي مخلوف
ماذا سيفعلون؟ سيسجنوك؟
انت اصلا تسكن في قبو مسقوف
صديقي دياب
قد طال الغياب
و لكنني
و على الرغم من مللي
ما زلت انتظر غودو
كأب ينتظر مولودو
كمؤمن ينتظر يومه المشهود
كإله
متربص بمعبوده
و يؤجل …بكفرٍ
يومه الموعود
فلا اخفيك سرا
ما زلت بالانتظار
لاسمع منك الاخبار
لاقرأ معك
ما كتب حسامنا من اشعار
ما زلت يا دياب
انتظر يوم الاياب
انتظر لقاء الاحباب
انتظر عودة السنونو
ليشق بجناحيه العباب
و في الختام…. عتاب
سفر النهايات.. كريم عربجي
أحمد زغبي
ثلاثة أغلال دمٌ وقهرٌ وظلمٌ .. من الانتظار
لنمشي معا في شارعٍ سياسيّ
حررته يداك
نحو حانةٍ قتلو إمامها
بطعنة يداك
لنتكلّم – قبل أن نسكر –
بما كانت تحرره يداك
حين لا يكون في قاموسنا مفردٌ ولا جمع للسلاسل والأصفاد
بضع ساعات كانت تفصلني
لنفعل كلّ ما أردنا
ولكن ليس في وطننا
فهو أمسى للغرباء
قتلوا الله يا كريـــــم
وأبناء العاهرة – طاغيتان – يجلسان مبتسمين بانتصارهما،
وألف ذبحة قلبية تنتابنا،
وألف غياب يمزّقنا
كريمٌ أنت لم تمت،
فالآلهة لا تموت،
إنما شرعُ الحرّ
أنه لا يسرق حريّته ليحياها
ولا يعشها في الوطن كالغرباء
لم يقتلوكَ
لكنّهم قتلو أحلامك
لا زلت أنتظرك هنا
وحتى موعد قدومك
سأهدي الله قدحاً
سمّا.. بكعبك الأبيض
من يسرق العدالة يا صديقي،
لا بدّ أن يموت
ومن يحمل ميزان الحق على سوط الطاغيةٌ
لا بد أن يموت
وحين تطغى أنانية الله لتكون له وحدك
فلابد له أيضاً أن يموت
أما من يحيا من بعدك يا صديقي
محرّمٌ عليه ألّا يموت
http://networkedblogs.com/f55EY