حوار مع المفكر السوري صادق جلال العظم
العظم: لم أُدافع عن «آيات شيطانية».. وإنما!
ينبغي أن تكون هناك نقطة التقاء بين العلمانية والتديّن.. تلغي ازدواجية السيطرة
والدتي تكره المشايخ.. لكنها كانت توصي بالاهتمام بهم
بيروت ـ طارق ترشيشي
المفكر السوري صادق جلال العظم، المتحدر من عائلة دمشقية أرستقراطية ذات جذور عثمانية، يثير السجال والجدال دوماً، نتيجة لآرائه وكتبه.. ماركسي لكنه لم ينتم يوماً إلى أي حزب شيوعي أو غيره من الأحزاب الماركسية، لأنه يعتبر أن مثل هذا الانتماء لا يتّفق مع حسّه النقدي. ومعاصرون يقول عنه إنه «داعية إلى الأخذ بالعلوم والمعارف المادية في عالم عربي يشهد انحسارا للعقل ورجوعا، ليس فقط الى التدين، بل الى التمذهب والتقوقع داخل الطائفة أو المذهب أو الحزب أو التيار».
فالرجل الذي درس الفلسفة في الجامعات الأميركية في لبنان والولايات المتحدة الأميركية، ودرّس ولايزال في جامعات لبنانية وعربية وسورية وأجنبية، وأبرز مؤلفاته كتب «نقد الفكر الديني» العام 1969 و«الاستشراق والاستشراق معكوساً» العام 1981 و«ذهنية التحريم» العام 1992، و«الإسلام التركي ـ طريق للإصلاح الديني والتغيير».
«أوان» التقت العظم في منزله المتاخم للجامعة الأميركية في بيروت، التي كانت أرضها يوما ملكاً لجدّ جده، مؤيد باشا العظم.
{ نشأت في أسرة دمشقية أرستقراطية ذات جذور عثمانية، في حين أنك اعتنقت الفكر الماركسي الذي غالبا ما يستهوي أبناء الطبقات الفقيرة والكادحة، حسبما هو متعارف عليه في الحركة الحزبية، ما السر في نزوحك كأرستقراطي نحو الفكر الماركسي؟
– نشأت في أسرة أرستقراطية حاكمة ومتعودة على استخدام السلطة، وتربيتي كانت موجّهة في هذا الاتجاه، على أساس أننا سنتحمل يوماً ما مسؤوليات في بلادنا. لكن هذه الخاصية هي جانب من عائلتي، لسبب ان جدي كان مع السلطان عبدالحميد في إسطنبول، وأبي وعمي قاتلا مع مصطفى كمال في حرب تحرير تركيا من الاحتلال الغربي، فكانوا كماليين جداً، وعاشوا في أجواء قيم حديثة كمالية تحديثية ليبرالية، وهذه طبعاً أثرت فيّ كثيراً، ففي الثلاثينيات كان نموذج (كمال) أتاتورك مهماً وتجديدياً في العالم العربي كله، باستثناء بقايا الناس الذين كانوا لايزالون يوالون العثمانيين، حتى الحركة العربية في تلك الفترة كان فيها أحد جدودي (شفيق بك مؤيد العظم) الذي شنقه جمال باشا مع بقية الأحرار. وهذه تركت عندي خلفية ليبرالية واسعة، ونفت كل شيء له علاقة بالتزمّت الديني، فالجو كان من هذه الناحية «نحن مسلمون وكفى»..، انتماء قلبي لدى أمي وأبي وانتماء ثقافي وحضاري الخ… مع غياب كامل للتزمّت. وأتذكر أن أمي كانت تكره المشايخ ورجال الدين، لكنها دائماً كانت تقول لنا إنه يجب أن نهتم بهم ونطعمهم ونعطيهم «فلوساً».. إلخ، لأنهم يمكن أن يهيّجوا العامة ضدنا ليحاربوننا، فهذه هي المعادلة، ولكنها لم تكن تحبهم وتكرههم، لم تكن متزمتة وكانت من أوليات سيدات زمن الأربعينيات اللواتي سفرن وخلعن المنديل، وأول سيدة خلعت المنديل كانت سارة خانوم العظم،
زوجة عبدالرحمن شاهبندر.
أما مسألة اعتناقي الماركسية والتوجه الاشتراكي.. إلخ، فهذه أتت نتاج الثقافة وتحديداً في الجامعة الأميركية، وتحديداً نتاج الثقافة الليبرالية، بمعنى أنك إذا فكرت جيداً في المبادئ الليبرالية الأساسية وأردتها لكل الناس، وليس لطبقة معيّنة فقط، تصل الى شيء اشتراكي. هكذا كانت على الأقل تصوراتي يومها، أي الحريات لجميع الناس، والعدالة الاجتماعية لكل الناس، وهذا النزوع كان قوياً عندي، وأتى من التفكير في الليبرالية التي أدت بي إلى الاهتمام بماركس. وإضافة الى أن الماركسية فهي نظرية أوروبية حديثة تستطيع من خلالها أن تقاوم الاستعمار، الليبرالية وحدها لا تكفي من أجل مقاومة الاستعمار، أي أنت تستطيع أن تقاوم الاستعمار، وتحدّث من دون أن تكون تابعاً لهم، فهذا كان جاذباً كبيراً بالنسبة إلى الماركسية في تلك الفترة، وطبعا يومها كانت هناك تحرّر وطني، وكان الاتحاد السوفييتي محدثاً توازناً، كل هذه العوامل أثرت فيّ، وأنا أعتبر أن بدايات وعيي للشأن العام، ولهذه القضايا والخروج من مناخ العائلة الأرستقراطية الحاكمة كانت في حرب السويس، أي العدوان الثلاثي في العام 1956.. وإلخ. فهذه بالنسبة إلي كانت نقلة مهمة، ومنذ ذلك الحين تابعت قضايا العالم الثالث.
{ أين كنت من حركة القوميين العرب التي نشأت في تلك الفترة؟
– بالنسبة إلي في الفترة التي انفتحت فيها على تلك القضايا، كان وعيي العربي عالياً جداً وحتى الآن، وإحساسي الذاتي الشخصي بالهوية مازال عربياً أكثر مما هو سوري، مع العلم بأنني عشت في بيروت أكثر مما عشت في الشام، وأنا متعلّق ببيروت والشام.
الأحزاب الدينية والنازية
{ لديك مقولة شهيرة هي «أن تأسيس الأحزاب على أساس ديني لا يقل خطورة عن النازية».. كيف ذلك؟
– الذي قلته هو أن تأسيس أحزاب في بلادنا على أسس طائفية ومذهبية ودينية لا يقل خطورة عن تأسيس حزب على أساس عنصري في ألمانيا اليوم، لماذا في ألمانيا وليس في فرنسا؟ بسبب تاريخهم الخاص في قضايا العنصرية والتنظير للعنصرية إلخ.. هناك خصوصية المانية، فإذا أسست الآن حزباً عنصرياً أو نازياً أو فاشياً تكبر على الناس أكثر بكثير مما لو حدثت في هولندا أو فرنسا أو الدنمارك، على الرغم من أنه توجد أحزاب فاشية. وأعتقد أنه بالنسبة إلينا كبلاد مختلطة في إثنياتها ومذاهبها، فإن تأسيس أحزاب كهذه يشكل خطراً على السلم العام، وحتى على الأقطار القائمة التي هي في الأساس اصطنعت في اتفاقية سايكس ـ بيكو، ومع ذلك نواجه صعوبة في المحافظة عليها.
في البداية كانوا يقولون إنه عندما تتشكل أحزاب في بلادنا أحدها يتبع للفرنسيين والآخر للإنجليز وثالث للروس.. أما الآن فإن تأسيس الأحزاب إذا أراد كل حزب أن يتبع هذا المذهب أو ذاك، فهذا يكون بمنزلة مشاريع تدميرية، وأمامنا الدرس الأخير الذي رأيناه في العراق خصوصاً، حيث رأينا أنه إذا لم تكن الهوية العراقية هي المستحكمة بالبلد، فلن يكون هناك عراق، ويبدو أن العراقيين أدركوا هذا الأمر. فلذلك ترى شخصاً مثل حارث الضاري في الشام يقول إننا لا نريد دولة دينية، ليس لأنه ضد الدين بل لأنه أولاً، لا يريد هو وطائفته العيش تحت حكم طائفة أخرى، وثانياً، كأقلية أصبحت لديه مصلحة في دولة ليس لديها طابع ديني ولا مذهبي ولا طائفي. وفي لبنان بعد هذه الحرب الطويلة أتألم لأن اللبنانيين يستطيعون أن يستنتجوا الاستنتاج المنطقي، بأنه لا بد من أن تكون الدولة في النهاية دينياً محايدة نسبيا،ً وليس بالمطلق، بحيث تكون هناك نخب من كل الطوائف تتلاقى على أرضية علمانية محايدة، ليس علمانية بمعنى الدين، ولكن محايدة دينياً.
بين الدينية والعلمانية
{ هنا توجد مشكلة، وهي أن المشهد دائماً يُظهر أن العلمانية تعتبر أن الدين أفيون الشعوب وأنه يجب ألا يكون هناك حكم قائم على الدين، وأن الدين لا يصلح أن يكون نظاما، في المقابل فإن الحركات الدينية تعتبر أن العلمانية إلحاداً، ألا توجد نقطة مشتركة بين الفكرين الديني والعلماني لتأسيس واقع يتعايشان فيه.
– العلمانية كأي ترتيب اجتماعي لها حدودها الدنيا والقصوى، الحدود القصوى رأيناها في الاتحاد السوفييتي، حيث كانوا يعتبرون أن العلمانية تكافح الدين. والحدود الدنيا التي تهمنا هي الحياد النسبي للدولة وأجهزة الدولة تجاه المذاهب والإثنيات والطوائف والأديان الموجودة في مجتمعاتنا، وأمامك أن تختار الذي يناسبك، مثل مسألة الديمقراطية، فهناك ديمقراطية في السويد وفي الهند وبين ديمقراطية الهند والسويد، أمامك مروحة واسعة تستطيع أن تختار منها، والنقطة المشتركة هي ما الذي يجعل الأقلية المسلمة في الهند بأن تكون أكبر مدافع عن علمانية الدولة الهندية؟ لأنها لا تريد أن تعيش تحت الشرع الهندي، ولها مصلحة كبيرة في أن تكون الدولة علمانية ليس بالمطلق ولكن نسبياً. وهنا الذي يطالب بدولة إسلامية يعمل على أساس ازدواجية التي نتهم بها الغرب دائماً، فعندما يكون الإسلام أقلية يطالبون بالعلمانية، وعندما يكون الإسلام الأكثرية لا يريدون العلمانية، وعندما يكون السنّة أقلية في العراق يصوتون لإياد علاوي الشيعي لأنه علماني فقط. إن نقطة اللقاء بين العلمانية والدينية هي أن ننتهي من هذه الازدواجية. عندما نكون أقوياء نتسلط على الأقليات، وعندما نكون ضعفاء لا نريد أن يتسلط علينا أحد، فالعقل يقول «لا هذه ولا تلك»، وهذا يعني حياد الدولة في هذه المسألة التي لا تأتي فقط من الذهن، بل من التجربة التاريخية، وأعتقد أن وصول الانتخابات العراقية الأخيرة الى النتيجة التي وصلت اليها كان لتجنّب السيناريو الأسوأ، لقد حصل نوع من الوعي والإدراك بألا يتحكم فريق بآخر.
{ هل تعتقد أن هذا التصاعد والنمو الكبير في الحركات الأصولية المتطرفة في العالم العربي والإسلامي كان سببه فشل الحركات العلمانية في ما مضى، بحيث إنها لم تستطع أن تكون هي القائدة للمجتمعات؟
– نعم، لا شك في فشل الحركات ليس العلمانية فقط بل القومية العلمانية وبعضها له طابع اشتراكي، وطابع ليبرالي، فشلت في إنجاز مهماتها وأكبر فشل هو فلسطين، ويضاف الى ذلك فإن فشلها لم يحصل عبر تطور بطيء بالانحلال أو الزوال، وإنما حدث بطريقة مذلّة جداً وقاطعة خلقت هذا الفراغ، ولذلك أعتبر أن هذه الحركات أتت لتملأ الفراغ، وأكثر ما لديها مشروع حقيقي لانتشال العرب من مزبلة التاريخ.
{ قرأت أخيراً للكاتب السوداني سامح إسماعيل كتاباً عنوانه «أيديولوجية الإسلام السياسي والشيوعية» يقول فيه إن هناك تشابهاً الى حد التطابق بين ممارسات الإمبراطورية الإسلامية وممارسات الإمبراطورية السوفييتية، لجهة التعامل مع الناس وقمع الرأي وموضوع الاستبداد. هل أنت من هذا الرأي؟
– هناك فارق بين الإمبراطوريتين، في الإمبراطورية السوفييتية لم تكن هناك ملكية خاصة، بينما في الإمبراطورية الإسلامية العربية كانت الملكية الخاصة موجودة، ولكن كانت هناك دائماً مصادرة، عندما يغتني أحد، وفي حرية الرأي وموضوع الاستبداد بمعناه الكبير طبعاً يشبهون بعضهما، فالحكم المطلق في أوروبا قبل الثورة الفرنسية كان يوجد فيه الشيء نفسه. لماذا حدثت الثورة في فرنسا؟، حدثت نتيجة الحكم المطلق للملوك الأقوياء من الملك الرابع عشر الى السادس عشر، وكذلك ثورة 1848 في ألمانيا.
العرب ومزبلة التاريخ
{ أي مستقبل تتوقعه للمفكرين العرب، في ظل هذا الزمن العربي الرديء الذي يستمر رديئاً، وقد قلت قبل قليل إن العرب «يعيشون على مزبلة التاريخ»؟
– (يضحك) أرى أن المفكرين رغم رداءة الوضع فهم يبذلون جهداً ويقومون بمحاولات ويوجهون نقداً، ويردون على كثير من الظلامية التي تحوط بنا، فمثلاً النقاش الذي حدث بين جورج طرابيشي ومحمد عابد الجابري، هذه النقطة تعطيني بعضاً من الأمل على الأقل في الجانب الثقافي والفكري، والذي يحبطني هو العلم، بمعنى العلوم الدقيقة غائبة كلياً في العالم العربي، باستثناء المتعلق بالعسكر، هذا هو إحباطي الكبير. من دون دخول تفكير علمي ليس بالمعنى العام وإنما بمعنى العلوم الدقيقة ودخولها علينا، ترك تأثيرها ايضاً على الثقافة والتفكير الاجتماعي.. إلخ، سنبقى متخلفين.
المشاريع والمصالح الخاصة
{ هل تفكر مع زملاء لك في إطلاق مشروع نهضوي فكري عربي إزاء هذا الوضع؟
– مسائل المشاريع ليست مسألة فردية. وأنا أعتبر أن بعض المشاريع القائمة تعكس مصالح خاصة أكثر مما تعكس ثقافة الناس وهمومهم وعلم المواطنين في المجتمع من علماء ومفكرين، بالعكس تلعب هذه المشاريع أحياناً دور تدجينهم أكثر مما تحفزهم على تفكير خلّاق ونقدي، حتى أن مركز دراسات الوحدة العربية اشتغل وقام بأعمال كبيرة وجيدة، لكنني أشعر به بأنه محافظ كثيراً في طروحاته وتحليلاته الى درجة الجمود تقريباً.
{ هل الواقع السياسي يؤثر في النمو الفكري والعلمي بالعالم العربي؟
– طبعا يؤثر كثيراً، خصوصاً أن الوضع السياسي يهمل قضية وضع الجامعات وانهيارها وانهيار المستويات فيها والتعليم العام العربي، لم نعطِ هذه المسألة حقها، ويهربون الى الأمام بأنهم يريدون الإتيان بجامعة هارفرد الى إمارة الشارقة، وييل الى رأس الخيمة، ويريدون الإتيان بالجامعة الأميركية.. إلخ. هروب الى الأمام بدلاً من المؤسسات الأساسية التي لها تاريخ وعراقة، كجامعة الشام مثلاً وجامعة القاهرة، فهذه الجامعات يجب أن تكون الرائدة والقائدة، بل بالعكس الوضع السياسي لا يبالي بهذا، وأحياناً تشعر بأنهم أهل السياسة يرتاحون أكثر لأن المفكرين والمثقفين في رأيهم غواة مشاكل، وينتقدون ويضيؤون على العيوب في الدولة.. وهنا يوجد شيء شبيه بما حصل في الدول الإسكندنافية، ففي آخر سنة من حياتها، شعر المفكرون والفنانون والشعراء باهتراء الوضع وردّ فعل النظام السياسي كان إسكات هذا وسجن وطرد ذاك، فصارت حملة على الغرب من راقصي الباليه الى علماء الفيزياء، والنظام اعتبر نفسه أنه تخلّص منهم، ولكنه في هذه الحال حكم على نفسه بالعمى، لأن هؤلاء هم من يرى وفي النتيجة رأينا ما حصل.
كتاب يزعج المشايخ
{ لاحظنا أن لديك كتاباً عنوانه «الحب والحب العذري»، ماذا يعني لك الشعر؟
– أحب الشعر وأتمتع بقراءته، لكن لا أحفظه، كتابي هذا فيه شواهد شعرية وأدبية وشواهد من الروايات الكلاسيكية، وهناك ايضاً تحليل مستمد من النظريات الحديثة من فرويد وماركس وغيرهما. وهذا الكتاب مثل كتابي «نقد الفكر الديني» لم ينقطع من السوق على الإطلاق، أنا انهيت الكتاب في العام 1967 قبل الحرب، ولكن نشره تأخر بسبب الحرب الى العام 1968. أول من نشره كان الشاعر الراحل نزار قباني، ومنذ ذلك الوقت لم ينقطع من السوق، وهناك دائما من هو مستعد لنشره، ووزعته جريدتا «السفير» اللبنانية و«البعث» السورية، على رغم من أنه كتاب يزعج «المشايخ» ولا يرضى عنه كثيرون.
قضية سلمان رشدي.. وصمت أدونيس
عن سؤالنا حول قراءته لكتاب «آيات شيطانية»، وكيف دافع عن مؤلفه «سلمان رشدي»؟ وماذا كان دافعه الى هذا الموقف؟ يقول العظم: هناك دافع شخصي لأنني شخصياً كاتب أثار حفيظة رجال الدين والمؤسسات الدينية، وكان نوعا من التجربة للذي حدث 1990، أي السنوات العشر الماضية، حيث كانت قضية رشدي مسيطرة في حقبة التسعينيات. ففي تلك الحقبة أصبحت هناك عولمة. فأخذت قضيته منحى العولمة. أما قضيتي أنا فبقيت محصورة في العالم العربي وبعض العالم الإسلامي، وأصداء في أوروبا، ولكن أوجه الشبه كبيرة بين القضيتين: قضية كتاب «نقد الفكر الديني» وقضية كتاب رشدي.. أنا محظوظ أكثر، على الأقل كانت هناك محكمة ومحامون يدافعون عني، وفي النهاية بُرّئ الكتاب. إنما سلمان رشدي حوكم بلا محاكمة ولا محامين يدافعون عنه، بل حُكم عليه عبر التلفزيون، وهذا استفزني على أكثر من مستوى، مستوى شخصي، مستوى عام، فكرة العدالة وفكرة المحكمة، فمن حقه أن يدافع عن نفسه، فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته، فكل هذا تصرّف به الخميني ورماه في البحر.
وأضاف: أنا أعتبر، بل الناس يقولون الآن، هذا جيد بأن هناك صوتا يدافع عن العالم الإسلامي. وعن العدالة عموما، بأن يحاكم الرجل. فأنا دافعت عن الرواية وعن الأدب وحرية الخيار، وحرية الإبداع، لم أدافع عن هذا الكتاب، بل عن كل هذه القضايا الكبيرة التي لها علاقة بالإنتاج الفكري والأدبي والخيال الأدبي، فشعرت عندما كنت في هذا الموقف بأنه كان هناك أناس وقفوا الى جانبي، ودافعوا عني في لبنان، أهم المحامين الذين دافعوا عن قضيتي مثل إدمون رباط وعبدالله لحود وباسم الجسر، فهذا الدفاع الرسمي وكلّه تطوّع، غير الحركات الاجتماعية والمجتمع المدني، حتى بعض المشايخ قالوا «نحن لا نوافقه، ولكن اكتبوا كتابا ضده». ولكن إذا لم نأخذ في عين الاعتبار القضايا التي نثيرها فالخاسر هو الإسلام، فعندما رأيت أنه من الواجب الأخلاقي عندما وجدت نفسي في هذا الموقع، فالناس لم تسكت بل قامت ودافعت ليس عني فقط، بل وعن الكتاب وعن حرية الفكر وعن حريات الأمة في لبنان إلخ.. فشعرت بأنه يجب عليّ الدفاع، خاصة أنني مررت بتلك التجربة.
وعن موقف أدونيس من هذه القضية قال: عتبي على أدونيس كبير، وقلتها في أكثر من مكان بأنه في قضية رشدي سكت لأن له علاقة بإيران. وعاتبته عتاباً شديداً على ذلك الموقف، بينما في قضيتي أنا دافع عنها وتبناها، وجريدة «المواقف» كانت جديدة حينذاك، فأخذت موقفاً ودافعت عني وعن الحرية. ولكن عندما حصلت قضية رشدي صمت (أدونيس)، أما أنا فلم أستطع السكوت.
أوان
تصحيح
كتاب أيديولوجيا الاسلام السياسي والشيوعية للكاتب المصري د.سامح إسماعيل وليس سوداني الجنسية
على فكره الدكتور سامح محمد اسماعيل هو كاتب مصري
ارجو التصحيح
اثارني الخطاء في جنسية الكاتب الدكتور سامح محمد اسماعيل
لأنه كاتب مصري الجنسية
الصحفي العزيز: طارق ترششي
خالص التحية والامتنان على اهتمامك بما أثاره كتابي أيديولوجيا الاسلام السياسي والشيوغية من أطروحات … وشكر خاص على مقالك الرائع بصحيفة أوان الكويتية عن الكتاب وللاخوة الأعزاء الذين هبوا لتصحيح خطأ الجنسية امتنانى العميق
مع أطيب الأمنيات ولقاء قريب
مؤلف الكتاب
د.سامح إسماعيل
sameh_seas_sailor@hotmail.com