خمس قصائد
صالح دياب
أتصل بالروائي
آخذ الفطور وحيدا
ولا أستعمل إلا فنجانكِ الأصفر المعرّق
ذي الأذن الكبيرة .
كل مساء
يعترضني صوتك في الصالون
يسحبني من يدي حتى ركنك المعهود
حيث أسهر على لمساتك
الندية بعدُ على الكتب والاسطوانات
حتى أنام .
يرفعون إيجار المنزل
السعر يلتهب
السعر يجن
أمدد العقد
أستبسل في البقاء
كجندي يدافع عن متراسه الأخير.
أقرأ مرارا روايتك المحببة
أقرا الأعمال الكاملة للروائي
أتصل بالروائي
نتحدث حول تلك الشخصية الثانوية
التي أثرت بك
ويصبح صديقي.
أستمع
وأستمع إلى الأغنية التي لامستك
وجعلتك تفرقعين إصبعا بإصبع
وترقصين الكلاكيت و التانغو
أتعلم الكلاكيت
وأخذ دروسا في التانغو
أصبح راقصا.
أتبنى قطا وقطة
يشبهان تماما قطك وقطتك
أستيقظ على موائهما
وأنام على موائهما.
والوقت يجري
الوقت يمر سريعا
وسنوات عمري تكرّ
الواحدة تلو الأخرى
مثل خيوط كنزتك المنزلية .
ويبدأ نهار جديد :
يدي تنساني طويلا
على أكرة الباب
التي انحنيت عليها
أثناء الدخول ، وأثناء الخروج.
ولا آخذ الدرج
إلا كي تطالعني شوارع
توشوشني باسمك
طيلة أرصفتها.
أرتاد
وأرتاد المقاهي التي مررت بها
حتى تحتل عيني
و أتركني تحت الأشجار
التي توقفت عندها
حتى تستوطن نظراتي .
أتعود على ألا تكوني هنا
أشعل الشموع أمام غيابك
كي يظل وجهه صافيا
وذهبيا.
كل صباح
أبحث عن جواربي
و المفاتيح
أضيعها كل مرة
وأقول لم أنس شيئا .
هكذا مبعثرا
مبددا
في كل مكان
طيلة أيام الأسبوع .
سلسا وشفافا
أنحدر إلى معجم ألفاظكِ الصغير
إلى الدروب التي فتحتِها
في الغابة
وأنواع الزهور التي جففتِها
في الكتب
إلى خواتمك المفقودة خلف
الكومودينة
وماركتك المفضلة من أقلام الحبر
الناشفة
صالتك السينمائية المعتادة
ونوع الشمبانيا التي اخترتها كي نحتفل
بعودة السنونوات بعد أن عبرتْ
أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط بسلام
سؤالك المتجدد عن أحوال الطقس
الخليج البري المنزوي
الذي وجدته أثناء نزهتك وحيدة
في الجزيرة
غضبك وصمتك .
أتمزق كخريف
و أندفع متقدما، بسرعة فائقة
إلى المجد.
شاحذو سكاكين
إلى يوسف عبد لكي و كل الذين يحبهم
ترسلين إلي سكينا
أرسل إليك خنجرا
ترسلين إلي خنجرا
أرسل إليك سكينا .
من جديد
نعاود الإرسال :
بحيوية أكثر من الإرسالية الأولى
أرسل سكينا
ترسلين خنجرا
أرسل خنجرا
ترسلين سكينا .
ترسلين وأرسل
أرسل وترسلين
و هكذا دواليك ..
باندفاع أكبر
بنشاط أشد
بحماس نحسد عليه
ترسلين وأرسل
أرسل وترسلين
والدم ينقط
على طول الذكريات
على طول الوعود
و الكلمات الحنون
على طول الأحلام :
الصغيرة والمراهقة
و تلك التي قريبا
سترزق بولد .
على طول المضاجعات :
في البيت
وفي الطبيعة
بالكَبّوت
ومن دون الكبوت .
بنجاح باهر
نقترب من النهاية
بنجاح منقطع النظير
في أقل من أربع وعشرين ساعة
ننجز العمل .
ولا يتبقى أي أمل
في العثور على أي علامة
في الميدان :
لا نبضة
لا وجيب
لا اختلاج
لا رعشة
لا شيء .
عمل طفل
أمعس المشاعر
أمشي على الذكريات
أندم : الأعوام الشهور الأيام الساعات
الدقائق اللحظات .
ترمينني من الباب، ولا أنجح
كعادتي
في الرجوع من النافذة .
أُتلْفنُ لك
أتلفن لصديقتك المقربة
لمديرك في الشغل
لزملائك
وحلاقتك كاتمة أسرارك
كل هذا لا يفضي إلى شيء
لا يقدم ولا يؤخر .
أبعث لك إيميلات
أرسل لك ملفات :
قصائد قصيرة
قصائد معلقة
قصائد هايكو لشاعر يتبع الموضة
مقاطع من نشيد الإنشاد
صورا تجدينني فيها
على حالي كما تركتِني
حتى ترجع إليّ كل إيميلاتي .
أبعث لك رسائل عبر الموبايل
أعاود بعث رسائل عبر الموبايل
من كافة أنواع الحنان
من كافة أنواع الرقة و الدلال
حتى اليوم الذي أتلقى فيه :
Wrong number
أبعث لك طاقة روحية
كل صباح كل مساء .
أقنع المعلم البوذي الأكبر
أن يصلي معي
نبعث لك نحن الاثنين طاقة روحية .
يحاسبني بسعر مخفض للأصدقاء
أخذ اشتراكا شهريا
يسمح لي بأن أرسل لك
كل يوم ثلاثاء من الأسبوع
مدا من الطاقة الروحية .
أتابع حياتي
أنطلق بسرعة فائقة
مستمعا إلى أغنية لها عمري
وأقول : إنها حياة
لا ترد ولا تبدل
ملابس أيام التنزيلات
يجب أخذها هكذا
بلا توجيع رأس .
مع رفيقتي في صيد السمك
تلك التي أتحدث معها عن قصص حبي
أندفع بحماس منقطع النظير
لعمل طفل .
عيد أول تكسير
تكسّرين كل الصحون والكؤوس
وتلجئين إلى الحمام
سنفتح قنينة الشمبانيا
ونحتفل بأول تكسير كامل للصحون والكؤوس
إنها اللحظة المثالية
كي تتمني أمنية وسوف تتحقق حتما
سنزور أمك في العاصمة
و نذهب للسباحة في النهر
حيث أطعمتِ الإوز
سنحمل ألعابا لخالتك
في مشفى الأمراض العقلية
و في العودة
سنتنزه في الغابة
كي تقدمينني إلى السناجب
تعرفين ؟
أحببته كثيرا
النص الذي كتبْتِه عن الفراشة
التي دخلت إلى البيت !
في درج ألبستك الداخلية وجدتُه
وأنا أبحث عن الفردة اليسرى
! من جوربي
من حينها أسبح في الفرح
اخرجي أرجوك من هذا الحمام
سعيد وحزين !
أ كان يلزمنا كل هذا الوقت
كي نصل إلى العيد ؟
استيهام
تشربين البستيس على البار
وتتحدثين مع صديقتك عن التنجيم .
مع البصاق
تطرطشين حولك التوقعات والتنبؤات
حتى تنطفئ سيجارتي .
مؤخرتك شجرة كرز
تحرك هواء المقهى
ستائر أيام الثلاثينات لشعرك الحنائي
تدغدغ شعلتي .
لهفتي
تذم قبضتها على جمرة
قارورة عطرك
تدلق أفكاري على الأرض .
بقبعتك الحمراء المريشة
والتفاتاتك التي تغوي كاتدرائية
تناسبينني كقفاز .
خاص – صفحات سورية –