الروتين في الدوائر الحكومية السورية وحش قاتل
فراس حسن
فراس حسن من دمشق: أنت سوري؟… إذا لا مفر تنظرك ساعات وساعات من الوقت المهدور في استعطاف وترجي وأحياناً التذلل أمام كوات وطاولات الموظفين الحكوميين.
لأنك تنوي، لابد، الحصول على رخصة قيادة يوماً ما، وغالباَ ستتزوج وإن فعلت فاحتمال أن ترزق بمولود ما كبير جداً، وبالتالي ستسجل مولودك الجديد، وربما بعد أن فقدت صوابك قبل انتهاء معاملة تسجيل المولود، ستضيع بطاقتك الشخصية وستحتاج إلى بدل ضائع، ومؤكد، سيتوفى قريب ما، وستحتاج أنت والعائلة لدفنه، وقبل الدفن ستستخرجون شهادة وفاة، وتنظموا معاملة في مكتب دفن الموتى لقبره، وبد الدفن ستقومون بحصر الإرث.
وإن كان لديك سيارة فحتماً ستقوم بمعاملات دفع استحقاقات الدولة من رسوم، ولا بد سينظم بحقك مخالفة مرور واحدة على الأقل، في حياتك الطويلة ـ إنشا الله ـ وكأي مواطن في العالم ستدفع ضرائبك وفواتير الكهرباء والماء، وستحتاج لإخراج قيد من السجل المدني، وأيضاً ورقة غير محكوم، ولأنك تزوجت ولديك أولاد ستسجلهم في المدرسة، أو ستذهب معهم إلى السجل المدني للحصول على بطاقة هوية عندما يصبحون في الرابعة عشرة.
أو ربما سيمن الله عليك ويستثنيك من باقي خلق الله من السورين ويتوفر معك ثمن بيت، فتحتاج لما يسمى القيد العقاري، وستضطر لدفع الضرائب المستحقة على البيت (ترابية)، وإن كان يسكن لأول مرة، فستحتاج لتركيب عداد للماء وآخر للكهرباء وهاتف، أي أربع معاملات دفعة واحدة.
أخيراً قد تزهق روحك من كل هذا وتقرر الهجرة، في حال قبل بك بلد ما، وتوفرت لديك الإمكانيات لبدء حياة جديدة في بلد جديد، عندها ستنظم وكالة عامة لوالدك أو أحد اخوتك ستتطلب منك ساعات وساعات من الإنتظار وحرق الأعصاب، واللف والدوران، والمجاملة والاستعطاف، سنعتبرها “توديعة للبلد” من قبل الموظفين المعنيين “بخدمتك كمواطن” تبدو كلمة خدمتك هنا أقرب إلى النكتة، وإن لم تصدق فإليك ما يقوله السوريون في هذا السياق… طبعا هنك دائماً استثناءات..
سحر طالبة جامعية في السنة الأولى، تروي لنا قصة تسجيلها في الجامعة، أو في المفاضلة، حيث تعمد جامعة دمشق إلى المفاضلة بين الطلاب المتقدمين إلى كلياتها حسب مجموع علاماتهم، تخبرنا سحر أنها احتاجت ليومين حتى تستطيع تقديم أوراقها إلي الجامعة، يوم في دائرة الامتحانات لتصديق شهادة الثانوية، ويوم أضاعته أمام شباك شؤون الطلبة في جامعة دمشق كلية الحقوق، حيث لم تستطع إنهاء المعاملة في اليوم الأول في شؤون الطلبة في جامعة دمشق، بعد أن أمضت أكثر من نصف الدوام الرسمي بالانتظار في طابور مكون من المئات لتصديق شهادتها الثانوية لتستكمل الأوراق المطلوبة للتسجيل في الجامعة، لأن “الموظفين بيهربوا على بكير، قبل ما يخلص الدوام” وبالتالي عادت في اليوم التالي في الصباح الباكر لتقضي أكثر من ساعتين بانتظار دورها لتقدم الأوراق..
مشكلة سحر تبدو تافهة مقارنة بمشكلة عبد الله الذي تزوج حديثا، ويحتاج لتسجيل زواجه رسميا في دائرة الأحوال الشخصية ليستطيع الحصول على مخصصاته من الدعم الحكومي للمحروقات قبل أن ينتهي الموعد المحدد للعمل بـ “بونات المازوت” أي نهاية شهر نيسان الحالي، يقول عبد الله تزوجت رسميا منذ شهرين، في المحكمة الشرعية في دمشق، وبما أني طلبت من صديق لي (يعمل محامياً) المساعدة في تقديم الأوراق المطلوبة، فلم أحتاج إلى وقت طويل في إجراء الزواج (عقد القران)، خصوصاً أن المأذون حصل على إكرامية لا بأس بها (1000 ليرة سورية أي ما يزيد على العشرين دولار بأسعار اليوم)، لكن المشكلة كانت في أن الأوراق يجب أن تذهب إلى دائرة الأحوال الشخصية التي أتبع لها، مروراً بمديرية الشؤون المدنية في دمشق، ومنها إلى اللاذقية، حيث سجلي المدني هناك، يقول عبد الله، بعد ثلاثة أيام من عقد القران، رتبت أموري، ونظمت مواعيد عملي بحيث أستطيع أن آخذ المعاملة باليد، أي أتابعها بشكل شخصي عند الموظفين اللذين يجب أن تمر عليهم، وذلك لأختصر الوقت، فقد أخبروني أنها ستحتاج إلى عشرين يوم حتى تصل إلى اللاذقية، وحسب معرفتي “بهمة الموظفين هون، الشغلة إذا بدها عشرين يوم راحت تلات أشهر”، يستطرد عبد الله، “المفاجئة كانت “وقت اللي رحت على المحكمة الشرعية بدمشق، خبروني أنهم بعتوها، ولازم تكون صارت بمديرية الأحوال المدنية بدمشق”، عندما ذهب عبد الله إلى مديرية الأحوال المدنية وجد أن ما قاله له الموظف في المحكمة صحيح، وأن مديرية الأحوال المدنية أرسلتها في اليوم السابق إلى دائرة الأحوال المدنية في اللاذقية، “هاد يعني اخدت تلات ايام من المحكمة لحتى تنبعت على اللادقية، وهاد كان مفاجأة حقيقية بالنسبة إلي يعني السرعة ما معقولة”، يتابع عبد الله، عندها اتصلت بوالدي وأعطيته رقم البريد الصادر من المديرية العامة للأحوال المدنية إلى الأحوال المدنية في اللاذقية وطلبت منه أن “يستخبر إذا كانت وصلت ولا لأ” عبد الله الذي كان متفائلاً جداً بسير معاملة زواجه خاب ظنه بعد أن انتظر خمسة أسابيع حتى وصله الخبر السعيد بأن المعاملة قد وصلت وعليه السفر إلى اللاذقية لمتابعتها، سافر محدثنا إلى اللاذقية متفائلاً بأن يتم الأمر “على خير متل ما صار بالشام (دمشق)”، ولكن الذي حدث في اللاذقية أن عبد الله أمضى اليوم الأول في البحث عن الموظف الذي سيستقبل معاملتة، وعندما وجده حدد موعداً معه في اليوم التالي، وأكد عليه على ضرورة أن يظهر ملمحاً لها “بمكاقئة، محرزة” في اليوم التالي وصل عبد الله الساعة الثامنة كما يروي لنا إلى مديرة الشؤون المدينة، وانتظر الموظف أكثر من ساعة واتصل فيه بعد ذلك لكن الموظف أخبره أن لديه طارئ وهو لن يأتي إلى العمل هذا اليوم، ليحددا موعداً آخر في اليوم التالي، حيث التقاه في دائرة الأحوال الشخصية، وبحث عن المعاملة في البريد الوارد وسلمه إيهاها، ليبدأ بعدها في رحلة البحث عن كل موظف عليه أن يوقع أوراقه أو يصادق عليها، أو يضع عليها ختماً…. إلخ.
يقول عبد الله من الساعة الثامنة حتى الساعة الثانية عشرة، أي بعد أربع ساعات من “البحبشة على الموظفين، والمجاملة، ودفع الإكراميات خلصت آخر توقيع، بس المفاجئة كانت أنو في أتمتة بالموضوع”، فعندما أنهى عبد الله المعاملة كان لا بد أن يدخل بياناتها إلى الحاسب، اكتشف عبد الله ذلك عندما سأل الموظف الأخير “خلصنا أخيراً” فرد الموظف “أيه بس لازم تاخدها على غرفة الحاسب” الأمر الذي صدم عبد الله كما يقول، فإذا كان هناك ما يسمى بالأتمتة لبيانات الشؤون الشخصية، ما الذي كان يفعله طوال ما يقارب الشهرين ولماذا احتاجت المعاملة كل هذا الوقت حتى تنتهي… ينهي عبد الله حديثه قائلا:”رحت على غرفة الحاسب، وخلصت شغلي هونيك بربع ساعة تقريبا، وطلعت من النفوس (دائرة الأحوال الشخصية) عم اشكر الله على سلامتي، قبل ما تصيبني الجلطة”….
يعتبر عبد الله كما فهمنا أن ما حدث معه يمكن أن يوصف بأنه مصيبة ولكنا من جهتنا نقول له “اللي بيشوف مصيبة غيرو بتهون عليه مصيبتو” وسيوافقنا لا بد عندما سيسمع قصة قحطان مع المحكمة الشرعية والشؤون المدنية، فقحطان أحب فتاة من طائفة أخرى وأراد أن يتزوجها، عندما استشار محامي في هذا الخصوص، نصحه المحامي بالالتفاف على القانون، بمعنى آخر وضع القاضي تحت حكم الأمر الواقع، ودفعه إلى العمل بمبدأ “الضرورات تبيح المحظورات” أي نصحه بأن يتزوج من الفتاة التي يحب زواج شرعي عند الشيخ أو ما يسمى “كتب كتاب”، ومن ثم بعد عدة أشهر تقوم الزوجة بالتقدم بقضية (تثبيت زواج وتثبيت نسب الجنين)، بحجة الحمل، وأنها في الشهر الثالث، “يعني حامل وما فينها تسقط (تجهض) الولد”، وهكذا كان، تزوج قحطان، ولما، بعد أن نطق قحطان بالشهادتين، أمام الشهود وأمام الشيخ، وبعد ثلاثة أشهر تقدمت لما بدعوى ضد قحطان مطالبة المحكمة بتثبيت زواجهما، بعد أيام طويلة من العمل على تحضير الأوراق المطلوبة للقضية، “وصلنا للقاضي، إلي كان من المذهب الحنبلي(متشدد)، وما عجبتوا القصة، فطلب أوراق وشهود وشغلات مش ضرورية، وأجل الجلسة تلات أشهر، مع انو حسب المحامي كان لازم يحكم بتثبيت الزواج بنفس اليوم”، وطلب القاضي أيضاً إنهاء معاملة تغيير الدين، رغم أن قحطان ينتمي إلى طائفة تعتبر إحدى ملل الإسلام، وليس إلي دين آخر، تابع قحطان (معاملة تغيير الدين أو بالأحرى الطائفة) والتي استمرت أكثر من شهرين بسبب عرقلة معظم الموظفين اللذين أحتاج إلى مصادقتهم على الأوراق وتوقيعاتهم عليه، وبعد أن عاملوه معاملة المجرمين في كل مرة يضطر لمراجعتهم، بسبب عدم رضاهم عن تغييره لطائفته، وعاد إلى القاضي، “من حسن الحظ تغير القاضي، والقاضي الجديد لما شاف الأوراق، استغرب وسأل ليش كل هدون الأوراق، ماني بحاجتهم” وثبت الزواج خلال أقل من ربع ساعة، لكن مشاكل قحطان لم تنتهي إذ عليه الآن أي يتابع نفس الأوراق التي تابعها عبد الله، ولكن مشكلة قحطان، لا تقتصر على الروتين وساعات الانتظار المتوقعة، فهو قد غير طائفته، وبالتالي عليه أن يغير سجلاته المدنية في قريته في محافظة السويداء، وعليه أن يضيف اسم زوجته، وابنته ذات السنة والنصف إلى قيوده في الأحوال الشخصية، يقول قحطان “مع أني بلشت بالمعاملات بعد الزواج بالمحكمة فوراً، بس بنتي هلق صار عمرها سنة ونص وأساتها رسميا مش بنتي” فقحطان لم يستطع حتى اليوم أي بعد أكثر من عام ونصف إنهاء معاملة تثبيت زواجه في سجل الواقعات في الأحوال المدنية في قريته، ولم يستطع نقل زوجته إلى قيده المدني، كما لم يستطع استخراج بطاقة عائلية عليها اسم زوجته وابنته، حيث تعتبر الأخيرة ابنة زنا في قيد السجل المدني للأم رغم أنها ابنة زواج شرعي نظم في المحكمة الشرعية، “بس المشكلة أنو إمها اساتها عزبا على قيدوها” وبالتالي على قحطان أن يباشر قريباً بتصحيح قيوده وإضافة الابنة إلى القيود بعد أن ينتهي من معاملة تثبيت الزواج وإضافة الزوجة إلى قيده في السجل المدني….
فيكي فتاة أجنبية تعمل في شركة أوروبية عاملة في سوريا، التقيناها أمام الهجرة الوجوازات (فرع الريف)، تردد بعصبية، “مو معقول صرلي سنتين، مو مقعول” سألنا عن قصدها بسنتين، فشرحت أن لديها عقد عمل سنوي في سوريا، وهي تجدده للمرة الثانية، في السنة الأولى وبعد توقيع العقد فوراً، “أخذت المعاملة تبع العقد ستة أشهر، موافقة الوزارة وموافقة الأمن وموافقة الشؤون الاجتماعية والعمل، وموافقة ما بعرف مين.. وكمان كان لازم عدل الشهادة وكان لازم موافقات كتيرة ووقت طويل” بعد توقيع العقد ذهبت فيكي إلى الهجرة والجوازات وبعد انتظار طويل وذهاب وإياب “وعجقة وزحمة، بالهجرة والجوازات، وبفحص الآيدز، وبمركز الأمراض السارية، قال بسبب العراقيين”، جمعت الأوراق المطلوبة، جمعت أوراقها وعادت إلى الهجرة والجوازات، وهناك بعد انتظار خانق لعدة ساعات، طالبوها بالمراجعة بعد أسبوعين، وبعد أسبوعين طالبوها بالمراجعة مرة أخرى بعد أسبوعين، وأيضا بعد أسبوعين، في المرة الثالثة “عصبت وقلتلهم كل مرة بتقلولي بعد أسبوعين ليش ما بتخلصوني يعني” عندها طلبوا منها المراجعة بعد ثلاثة أشهر، ومنذ ذلك اليوم، منذ أكثر من 20 شهر تراجع فيكي الهجرة والجوازات كل ثلاثة أشهر… تنهي فيكي الحديث بعربيتها المكسورة والمضحكة قائلة “شكراً يا الله باقي مرة وحدة بس” ففيكي ستنهي عقدها السنوي الثاني وستعود إلى بلادها في نهاية الشهر السابع من العام الحالي، أي أنها ستتقدم بطلب الإقامة السنوية مرة أخيرة، ومن ثم ستقدم طلب تأشيرة خروج، لتغادر إلى بلدها نائياً.
أمام الهجرة والجوازات أيضاً التقينا بسامر، مهندس متزوج من أجنبية، يعتقد سامر أنه ليس هناك من بلد في العالم فيه من التعقيدات والروتين كما في سوريا، عندما سألناه لماذا؟ وطلبنا منه أن يدلل على فكرته بمثال يؤكد حديثه، احتد قائلا” هاي أنا مثال، بعدين شو بحياتكن ما عملتو معاملة هون”، وروى لنا قصته مع معاملة زواجه، فقد كان عليه أن يحصل على موافقات عدة جهات لأنه سيتزوج من أجنبية، بدءاً بوزارة الداخلية، مروراً بشؤون العاملين في الدولة، ووزارة التعليم العالي، والهجرة والجوازات، الأمن السياسي، وعليه أن يتدبر أوراق تثبت دين الزوجة، ولكنه لاختصار الوقت ولأن فكرة سفر زوجته إلى بلدها للحصول على شهادة الكنيسة بأنها مسيحة غير واردة بسبب التكاليف وضيق وقتها، فضل أن تغير الزوجة دينها “على الورق” كي يتجاوز هذه العقبة، وسامر حسب قوله بذل كل ما يستطيع من جهد وفعل كل ما يمكن للإسراع في المعاملة إلا انه لم يستطع أن ينهيها بأقل من تسعة أشهر، وهو الآن يعمل على استخراج أوراق الإقامة لزوجته حتى يصبح وجودها في سوريا شرعياً..
عندما استفسرنا عن سبب مراجعة وزارة التعليم العالي والحصول على موافقتها للزواج، وكذلك شؤون العاملين في الدولة، شرح لنا أن وزارة التعليم العالي يجب أن تعطيه ورقة تفيد بأنه غير موفد للدراسة خارج القطر، “بيفكرو أنو أنا طالع بعثة على حساب الدولة وممكن ما ارجع إذا تزوجت أجنبية، وشؤون العاملين بالدولة لازم تعطيني ورقة غير موظف، كأنو الموظف ما بيصير يتزوج أجنبية” يستطرد “بس أكتر شي بيحسسك بالإهانة أنو بدهم يعرفوا بأي صفة دخلت على البلد، ووقت سألت الموظف ليش هاي الشغلة، قال وهو خجلان وعم يعتذر، لازم نتأكد انها ما دخلت على البلد بصفة فنانة (بنت هوى)”، يتابع سامر واصفاً شعورها وقتها بالإهانة، وكذلك بتدخل موظفي الدولة بشأنه الخاص “حسيت حالي عامل شي شغلة عيب، وبعدين سألت حالي شو دخلهم مين بدي اتزوج، بلكي أنا قبلان يا أخي”.
لاحقاً التقينا بفواز الذي لديه رأي آخر، فهو عكس الباقيي متفاجئ من التطور الحاصل في الدوائر الحكومية، فعندما احتاج لعدة أوراق في الفترة الأخيرة، فوجئ بسرعة تنفيذ الموظفين لطلبات المراجعين، كما فوجئ بلطافة الموظفين معه ومع غيره من المراجعين، ولكن “كان في مشكلة أنو ما كنت لاقي الموظفين، كان لازم دور عليهم واحد واحد تقريباً” عندما سألناه عن السبب برر غيابهم بأنهم ربما منشغلون في تلبية طلبات المراجعين، فقد كان يبحث عن الموظفين ليجد أغلبهم غارقين في سجلات ضخمة أو يناقشون طلب مراجع مع موظف آخر، “يعني عم يشتغلوا شغلهم يعطيهم العافية، ما فينك تحكي شي إذا ما كانوا بمكاتبهم، طول ما عم يشتغلوا ما فينا نحكي شي” ويستطرد “بس كان في موظفين كتار كمان قاعدين عم يشربو قهوة، بس بصراحة خلصت وراقي بسرعة ولو أني عرفان الموظفين اللازم يوقعولي اروقي ويدققوها كنت خلص بساعة أكتر شي”
يعلق على المسألة ساخراً، ” بس أظن لاقيت الحل، وهو إني اعمل كتالوغ بصور الموظفين وشوشغلة كل واحد منهم، ووين ممكن تلاقيه، يعني متل دليل، ووقف على الباب وبيعو، أكيد بطلع مصاري خير الله”.. فمشكلة فواز لم تكن بتباطوء الموظفين أو عدم تلبيتهم لطلبات المراجعين، بقدر ما كانت المشكلة في إيجادهم، والبحث عنهم بين الغرف المختلفة في الدوائر التي زارها.
ثم يروي فواز قصة تبدو غريبة حقاً، فإحدى الأوراق التي احتاجها فواز تطلبت الكثير من الوقت حتى استطاع الحصول على التواقيع التي يحتاجها، وبقي توقيع مدير الدائرة وختمه، وكان الدوام الرسمي قد شارف على النهاية، لذلك لم يستطع اللحاق به، فعرض عليه موظف آخر أن يوقعها له ويرسلها بالبريد، وافق فواز على الفكرة طبعاً وتبادل أرقام الهواتف مع الموظف المذكور، بعد ذلك عرض وفواز على الموظف مبلغاً صغيراً، لكن الموظف رفض بشدة، عندما ألح فواز، رفض الموظف غاضباً، وقال “أنا عم اخدمك كأخ ما تخليني ازعل منك” فانحرج فواز وخرج من المكتب شاكراً الموظف، “بس على الدرج خطرت لي فكرة، أنو ممكن ما حب ياخد مصاري قدام زملاؤه، فرجت اتصلت فيه، واعتذرت إني عرضت المصاري قدام الباقيين وقتلو أنا على الدرج و العرض قائم، رجع رفض وقلي عن جد بدك تزعلني منك” يقول فواز كان من الطبيعي أن يأخذ أجرة التاكسي وثمن أرسال الورقة بالبريد ولكنه فاجأني برفضه لأي مبلغ وبالفعل بعد ثلاثة أيام وصلتني الورقة موقعة ومختومة..
ايلاف