صفحات الناس

الزواج المختلط:من يقف في وجه الحب؟ الله أم القانون؟

null
جرجس كلزي
ترجمة قمر سلوم
ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه الدين أوالقانون عندما يحب رجل امرأة وبالعكس؟ هل يجب أن يلعب دور الوسيط لخلق حالة من الاعتدال الديني، أو يجب أن يدعم قيم دين بعينه أو ربما مختلف الأفكار التي تنشرها الأديان حول قضية الزواج المختلط؟
تؤثر الأسئلة التي وضعت في مقدمة هذه المقالة في حياة كل مدني في كل أمة بنفس الطريقة التي يؤثر فيها الإيمان والزواج بكل أمة على الأرض. إنها تؤثر بكيفية احترام الأديان بعضها البعض وكيفية احترامها للقانون الذي يحاول أن ينظم ويحفظ السلام بينها. إن القانون مناصر دائما لواحد أو أكثر من الجانبين، سواء أكان بشكل محافظ أو بشكل إصلاحي مع القوانين التي تشجع التوحيد أو الفصل
يتزوج المسلمون من المسيحيين، والسيخ من الهندوس، واليهود من الملحدين، وهذه أمثلة فقط على ظاهرة تحدث في أنحاء العالم، في عالم أصبح فيه الاختلاط والتطور الاجتماعي في أسرع معيار لهما. وفي الوقت نفسه، لا يزال ينظر لهذه الزيجات من قبل الكثيرين في العالم على أنها غير “شرعية”، و”خاطئة” وغير مفهومة من قبل أغلب المجتمعات التي يحدث فيها الزواج
تأخذ ظاهرة الزواج المدني في البلدان التي تسمح بها شكلا آخر وتعقيدات قانونية فضلا عن حساسية الناس تجاهها، ونتائجها تصبح تحت المجهر أكثر من قبل أولئك الذين يعيشون في أماكن لا يعتبر الاختلاط فيها ببساطة جزءا من السؤال.
لنأخذ المملكة المتحدة على سبيل المثال. كيف سيحل الزواج المدني التعصب العرقي والديني المتجذر عميقا في المجتمعات المتأثرة؟
إن المملكة المتحدة كأية أمة أخرى يوجد فيها أديان مختلفة تتعايش مع بعضها البعض، إلى جانب تقليد علماني مزدهر أسس نفسه كجوهر رئيس للأفكار الإيديولوجية والعلمانية التي تعكس من قبل الحكومة.
هذه نتيجة لمئات السنين من السيطرة الدينية الجدلية، بين الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية. يرى دور الحكومة كوسيط بين العقائد المختلفة، بالرغم من أن هذا موضع سؤال، حيث يشار إلى طبيعتها العلمانية على كونها إيديولوجية ومتحيزة بنفسها.
عندما اقترح أساقفة كانتربيري بأن الشريعة تريد أخيرا أن تلعب دورا في المسائل المدنية البريطانية، كان رد الفعل دفاعيا بشكل مفاجئ ورفض بقوة من قبل قادة الحقوق الدينية والمدنية.
فكرة أن الشريعة ستعرض النظام المدني البريطاني لسمعة سيئة لها أساسها من الصحة، لكن رفضها بهذه الطريقة عرض/كشف الرهاب السائد من الإسلام الموجود في بريطانيا.
كشف الاقتراح نفسه الصدع بين” المواطنين” البريطانيين وبين أولئك الذين هم بريطانيون ولكنهم في الحقيقة يشعرون بأنهم مبعدون من قبل الهيئة التشريعية وسلطة القانون.
من يجب على البريطانيين المسلمين أن يستشيروا في أمور الزواج إذا أرادوا أن يتزوجوا من غير مسلمين على سبيل المثال؟ ماذا إذا أرادت فتاة مسلمة أن تتزوج من شخص ملحد، هل هذا مسموح في الإسلام، أو هل سيؤثر وضعها كمواطنة بريطانية على قرارها؟
(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ(5)). سورة المائدة
تدخل هذه المسألة في الإسلام قضية أعمق، وهي قضية حقوق المرأة والنظام الأبوي بشكل خاص. ما هو الدور الذي يلعبه الرجل المسلم ولا يستطيع أن يلعبه الغير مسلم؟ هل هو الحفاظ على الدين؟ وهذا ليس للنقاش أو السؤال في كلمات القرآن، ولكنه للتساؤل هل الرجال المدافعون موجودون لحماية نسائهم من الملحدين والوثنيين. عندما نرى نص الكلمات ونقارنه بتطبيقها نرى أن هناك شطرا بينهما. يقول البعض بأننا نستطيع أن نفصل ونعيد التفسير بينما يقول آخرون بأن المعنى حرفيا غير مرتبط بالسياق أو بمعنى الآية.
وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221).
بمفهوم الموقف القانوني، فإن الشريعة لا تضع الإرشاد والقوانين لكي تكسر، ولكن العيش في المجتمع الغربي يضع المسلمين في معضلة، هل أنا أتبع الشريعة والقانون أو أن هناك توازنا بين الاثنين؟ ما هي القوانين التي علي إتباعها إذا كان شريكي من دين مختلف عن ديني؟
في أغلب الأحيان، عندما يخلع الناس من محور دينهم أوثنيتهم، فإنهم يصبحون إما غير مبالين به أو يهيئون خلفياتهم المتقاربة ويشكلون خليطا متوازنا أو متقلبا لفكرتين متقاربتين. وهذا مشابه كثيرا للمسيحية وثورتها وتقاربها مع الكتاب المقدس.
كيف تعاملت المسيحية مع ظاهرة الزواج المدني هل تقبلته أم رفضته؟ يعتبر الزواج المختلط عند المسيحية واليهودية تهديدا لأمانة الدين وتنقيص من القيم التوحيدية، وهو مرفوض بشكل صريح في التوراة والعهد القديم. وتوضح بعض الآيات الموقف المتحفظ للكنيسة، أو على الأقل تشير بشكل واضح إلى الزواج المختلط. وهذا لا يزال مرتبطا وبشكل مدهش مع الاضطراب العظيم في إيطاليا حول نساء مسيحيات تزوجن من رجال مسلمين. أساقفة متشددون اقتبسوا هذه الآيات ليدعموا وجهة نظرهم المغالية في تعصبهم.
على أية حال هناك آيات متعددة تخاطب هذه المسألة.
إن الابتعاد عن القوانين المتعلقة بالدين يجب أن يقال على أنه انجاز واضح في العدالة والحياد، مهما يكن دينك. ولكن ماذا يحدث إذا أثر فيك القانون الديني وأنت تريد أن تعرف لكنك لا تجد المعلومات؟
الشكر للإنترنت، حيث أن المسلمون واليهود والمسيحيون والناس من كل الطوائف الأخرى يستطيعون أن يناقشوا ويسألوا حول أديانهم، في نفس الوقت هناك العديد من المواقف والمواضيع التي يمكن الإشارة إليها، وهكذا العلاقات الزوجية بين الأديان تعتمد بدرجة كبيرة على الأفراد وعائلاتهم.
فعندما يأتي طفل من علاقة زوجية بين شخصين من دينين مختلفين فمن المهم الأخذ بعين الاعتبار بالدينين، لأن من السهل أن تتصعد هذه المسألة لتصبح نزاعا على روح الطفل و راحته.
يوجد معضلات أخلاقية وقانونية في البلدان التي تسمح بالزواج المدني. فقضية الآنسة( أو. إل. ليديل) توضح صعوبة تبني التشريعات التي تناقض بشكل مباشر معتقداتك الشخصية والدينية. فهي لا تعتقد بأن رجلا يمكنه الزواج برجل. وقررت أيضا أن لا تتزوج بالرجال وهذا الأمر المسموح بشكل كامل. لم تعد هذه المسألة قضية حقوق بل أصبحت قضية ضمير، هل تستطيع أن تسمح لنفسها بأن تفعل شيئا ضد أخلاقها، أم هل يجب عليها أن تتبع أخلاقها وتخسر وظيفتها؟
ما هي أولويات الموظفين، هل هي معتقداتهم الدينية أم واجبهم تجاه الوظيفة التي يؤدونها؟ يوجد دائما علامة استفهام حول قدرة الموظفين الحكوميين على تسوية أو تأدية واجباتهم إذا كان لديهم قناعات دينية، لكن هذه ليست الحالة دائما أن من يحملون معتقدات دينية غير جديرين بالثقة، فقلة من اختاروا بأن يأخذوا معتقداتهم إلى وظائفهم، وهذا الأمر لا يعود لي لأحكم فيما إذا كان صحيحا أو خاطئا.
وفقا للموقف القانوني، لا يستطيعون أن يوقفوا اثنين اقترنا بالزواج بسبب تحفظهم ضد الزواج المختلط ولا يستطيعون منع رجلين أو امرأتين من الزواج بالرغم من تحفظهم، وفي النهاية يجب أن لا يكون هذا الأمر متوقفا عليهم ليأخذوا القرار ولا أن يكون متوقفا عل الحكومة، حتى ولو ظهر الأمر بداية على هذا الشكل.
إنه دور الأسر والأفراد المشاركون في اتخاذ قرارات من هذا النوع، بعد كل شيء، الزواج ليس قطعة من ورق، بل هو التزام أمام الله أو أمام المحكمة، لكن الأهم من ذلك أنه التزام أمام من تحب. إنه وعد وليس المهم من ستكون بالنسبة لهم.
إذا وافق القانون على ذلك فإن هذا يجعل من المسألة برمتها أكثر سهولة، لكن في الواقع، بقية أفراد العائلة معنيون بهذه المسألة. فعندما يتزوج رجل من امرأة هو لا يتزوجها ببساطة، بل هو يعطي أولاده جدين جديدين، ويعطي عائلته عائلة أخرى فإذا لم يكونوا سعداء بالزواج فهناك خيط رقيق فقط من الأمل لزواج ناجح.
إن الله على كل حال، هو كل العلم، وهو المحبة للجميع، في كل الأوقات، لذلك لا نستطيع أن نحكم على القضية برمتها على أنها حق أو خطأ ‘بقدر ما لا يمكننا الحكم على دين آخر على هذا النحو.
الحب مكان في المعادلة التي يجب أن تكون كبيرة بما يكفي لتضييق الفجوة بين الأديان، وإذا لم تكن كبيرة بما يكفي، فإن العلاقة ستسقط من الجانبين.
موقع ثرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى