هل نحن ديموقراطيون؟
طرح الزميل باسل تساؤلا هاما كتعقيب على تدوينة الأخ عمر هل يراد للمجتمع السوري لباس قميص فئة واحدة?
مفاده هل الديموقراطية تعني دكتاتورية الأكثرية؟
الإشكالية التي يطرحها التساؤل السابق معقدة قليلا لأنها لا تطرح سؤالا عموميا كما هو الظاهر وانما هو تساؤل مطروح على الساحة المحلية والتعقيد ناجم من حيث أن الديموقراطية أداة لممارسة فعاليات سياسية وتشريعية تنسحب تلقائيا على مجمل الفعاليات الإجتماعية، نشأت وتبلورت ضمن بيئة غريبة عن بيئتنا ونظم حكم مختلفة كليا عن التي تحكمنا، ونحن اكتفينا باستيراد المصطلح والردح به ليل نهار.
الديموقراطية كأداة عمل جاءت تتويجا طبيعيا لحراك شعبي وثقافي طويل في المجتمعات الغربية بعد إرساء مفاهيم الحرية واحترام الآخرين في صميم الوعي الشعبي وسلوكياته.
أي أن الشعوب التي انتهجت الديموقراطية تحمل ثقافة وسلوكيات أفرزت الديموقراطية كأداة معبرة عنها. لذلك نجد الممارسة الديموقراطية ممارسة سليمة بالغالب تهدف إلى فائدة المجتمع وتحقيق أهدافه دون النظر لأي اعتبارات من شأنها تشويه الآلية الديموقراطية مع الإحترام الكامل لحقوق الأفراد والجماعات.
مشكلة الديموقراطية:
لكن تبقى الإشكالية قائمة، من أن الديموقراطية لا تفضي إلى تشريع صائب بالضرورة وأي قرار يتم سنه يعبر بالضرورة عن رأي الأغلبية العددية وتجاهل رأي البقية حتى لو كان رأيهم هو الصائب وهذه هي الإشكالية الحقيقية التي تعاني منها الديموقراطية والتي لا يوجد لها حل شافي على الإغلب.
قد تكون هناك مقاربة حل من خلال إيجاد مجلس موازي لمجلس الشعب مؤلف من مختصين وعلماء بكافة المجالات مهمتهم التدقيق في التشريعات والقرارات المقترحة وتقديم رأيهم الفني بها ورفعه إلى الأغلبية الحاكمة لتراجع قرارها.
أما أن نقول أن الديموقراطية هي دكتاتورية الأغلبية فلا أظن هذا الكلام سليم – من حيث المبدأ- طالما أن العملية تجري تحت سقف الدستور الضامن لكافة حقوق الأفراد والمجتمع – كما قال باسل-، وحتى وإن كان هناك تعسف ما من قبل الأغلبية فالشعب يستطيع من خلال صندوق الإقتراع سحب السلطة منهم.
بالعودة إلى بداية الحديث، نحن لا نحمل ثقافة الحرية وإحترام حقوق الآخرين لكي نعتقد أن الديموقراطية (الأداة الشكلية لممارسة الحرية السياسية والإجتماعية) هي الحل لمشاكلنا.
والدليل على ذلك دولة الكويت ولبنان، العملية الديموقراطية سارية بالبلدين لكن المضمون لا علاقة له بأي شكل من الأشكال بما ينطوي عليه مفهوم الديموقراطية من استحقاقات.
الديموقراطية العربية الوجه الآخر للإستبداد والدكتاتورية:
ديموقراطية لبنان ديموقراطية طائفية بحتة لا يهمها إلا مصلحة الطائفة على حساب مصلحة الوطن، أما الكويت فالديموقراطية لديهم أصبحت أداة من أدوات الردح الشرعي على الحكومة أو على الآخرين لتحقيق مكتسبات شخصية أو لغايات كيدية وحتى لو كان هناك نقد موضوعي ومشروع فلا أسهل من حل الحكومة أو البرلمان لتخطي المساءلة والنتيجة حالة تأزيم سياسي مستمرة في البلد ألقت بظلالها على جهود التنمية حتى أصبحت الكويت في آخر الدول الخليجية بعد أن كانت هي الرائدة بينهم، عدا عن أن العملية الإنتخابية تسير وفق أنا وابن عمي ع الغريب.
ابن القبلية الفلانية صوته لا يخرج إلا لابن قبيلته بغض النظر عن كفاءة المرشح، والسني صوته لا يخرج إلا للسني والشيعي للشيعي والتكتلات النيابية تكتلات مبنية على نفس الروابط السابقة (قبلية أو طائفية وأحيانا كثيرة تكون هناك تكتلات فرعية ضمن الطائفة الواحدة سلفية أو أخونجية) والجميع يضرب بالجميع حتى الإستجوابات أصبحت تؤخذ على محمل طائفي أو قبلي/حضري، حتى من يدعي الليبرالية والعلمانية ويتغنى بها ليل نهار صوته لا يذهب إلا لابن طائفته . . ونستطيع سحب هذا الواقع على كل الدول العربية.
إذا نحن أبعد ما نكون عن الديموقراطية حتى لو كانت هي النظام الوحيد المطبق لدينا وما الجدل “الديموقراطي” الذي أثاره قانون الأحوال الشخصية إلا جدل من باب كلٌ يريد فرض رأيه وقوننته حتى لو لم يخدم المجتمع أو لا يتفق مع إرادة الأغلبية، على الرغم أنني مع هذا الجدل والحوار من حيث المبدأ لأنه خطوة أولى نحو إرساء مفهوم إحترام الرأي والرأي والآخر.
http://www.3bdulsalam.com/