صفحات الناس

الحكومة تقلق على قلقنا

null
نبيل الملحم
من حق الحكومة أن تأخذ منا الضرائب، ومن حقنا أن نرى شارعا نظيفا، وخبزا مدعوما، وجامعة تعلم لا تنتزع علمنا.
من حق الحكومة أن تحاسبنا وفق قوانينها، مجرمين كنا أم (صالحين)، جرموا.
من حقها أن تأخذ اعلامنا، ومن حقنا أن نصغي بالكثير من الاعجاب، لمقدم برامج (يتهاضم)، مؤكدا أنه الوارث الشرعي والوحيد لجورج قرداحي.
من حقها أن تنبت شاعرا من الطحلب وتقول لنا: هذا أديبنا جاء ليؤدبكم.
من حقها أن تطلب منا التنازل عن نصف يوم من الكهرباء، في اليوم الواحد، وعن نصف أيام اسبوع المياه من مياهها، خصوصا وأن المسابح المرفهة أحوج الى مياه الشفة من شفاه يابسة.
من حقها كل ذلك، وليس من حقنا أن نعرف بالتحديد (ماهية حقنا)، وبطبيعة الحال :” ولا ماهية حقها”.
ولكن ليس من حق أحد التكتم على جائحة، قد تودي بحياة الناس، وتستلزم كل أشكال الاستنفار، من الاستنفار الطبي، الى الاستنفار الاخلاقي، الى استنفار الموارد لمواجهتها، ويحدث كل يوم، تكتما، بالوسع اعطائه صفة التضليل ان شئنا التوصيف الدقيق للكلمة، ولنتامل:
-حتى اللحظة، ليس ثمة مؤشر رقمي واحد عن حجم ومواقع وصفات مرضى الايدز في بلادنا.
-حتى اللحظة، لانعرف بالضبط حقيقة وصول انفلونزا الخنازير الينا.
ولولا صحيفة محلية، غير حكومية، لما عرفنا باليقين أن ثمة جائحة وصلت الى 600 انسان من ناسنا، واسمها الكوليرا، وقد انتشرت بمحاذاة المناطق المسكونة على ضفاف الفرات السوري، والرقم يبقى على ذمة الصحيفة وهي صحيفة (الخبر) السورية، بما يلقي بالمسؤولية على عاتق صاحبنا يعرب العيسى، الذي لاتنقصه أوجاع القلب، وليت قلبنا بدل قلبه (في الوجع طبعا).
تكتمت وزارة الصحة على الأمر، ولكن الكوليرا باحت بحقيقتها، وانتشرت، وبعدها، أعلنت الحكومة استنفارها ولكن :” بسرية”، كاملة.
لماذا السر فيما لايستدعي سرا؟
حين تكون المبررات على شاكلة، أن لانتسبب باقلاق حياة الناس، فلتسامحنا الحكومة، ذلك أن القلق لاتعوزه الاسباب ليحضر، فالقلق بات مصاحبا لحياتنا حتى كدنا (نقلق) ان غاب قلقنا.
نقلق على مكاننا في العمل
نقلق على موقعنا في الدنيا
نقلق على مصيرنا حين نتجه لآخرتنا
نقلق ان انجبنا طفلا
نقلق ان فقدنا قدرتنا على انجابه
ونقلق حين ننجح بالدراسة الثانوية
ونقلق حين نفشل في اتمام دراستنا
نقلق على موقعنا في التبادل البضاعي العالمي
ونقلق ان غرق (ليمان برذرز)، ونقلق ان ارتفعت قامة اليورو، ونقلق كلما انخفضنا مقابل ارتفاع قامته.
مع ذلك فالحكومة تقلق على قلقنا. . وعلينا أن نقلق ان تسببنا باقلاقها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى