صفحات الشعر

أمســـتردام

null
فيدل سبيتي

1ـ فتاة في أمستردام
وصلت ترافقها نسمة هواء
دراجتها فرحة مثلها
ربطتها الى المقعد وجلست في طرفه
كأنها تخلي المكان لآخر تنتظره
كنت قد أفنيت حذائي على ضفاف سواقي امستردام
في يدي تفاحة وعصا سحرية
رائحة فتيات كثيرات تلفني كدوامة
عيناي ـ كعادتهما ـ تقدحان شررا
لا ما يثير الضحك
سوى قصة حب بعيدة
كنت غادرتها كأعمى
بعدما حبكت أقنعتها بإحكام حول عيني
لم أثر ضجة
لكن غبار كثيرا خلفته.
بلا إلفة
كضفدع على تفاحة
تعصره حية…
دفعة واحدة وبلا أرق
أعدو هاربا.
يا لفتاة على مقعد قرب ساقية
يا لدعة التوحّد
حتى تطاير الشعر يصير مختلفا
النظر في الماء المالح
وفي المارة
في الغيوم المتكدسة كأوراق على مكتب موظف كسول
في زوارق تنتظر ان تملأ الماء الارض.
يا للنظر وحده
ضفدع تسحقه حية
قرب تفاحة لامبالية وعصا سحرية تباع في محال ألعاب الاطفال.
لا شيء يستدعي الحزن
لا الرمادي العميم
ولا أطفال يلهون بعمرهم قبل ان يكبروا
ولا تأملها وحيدة في خلاء المقعد…
لا شيء يستدعي الحزن
لا أصدقاء تركتهم وتركوني
لا بلاد تنحسر
ولا عودة الناس الى بيوتهم يتأملون صور العائلة القديمة
لا مؤخرات ناضجة تنز عرقا وشبقا
فلتكن بسمة خفيفة على فم من فحم
ضفدع ينسحق على مراحل
المساحة الخاوية على مقعد
المسافة بين الشعر والرقبة
رواية الانسحاق مكتوبة على عجل
تهاوي الحصان تحت شرطي يلاحق عمودا فقريا هاربا من الجسد
لمعات مختلفة بين تفاحة وأخرى من وجهة نظر الشمس
ضعف حجة المافياوي الخائن
صنارة بلا طُعم تنتظر سمكة الصُدفة
والصُدفة سمكة.
….
أخلت للهواء كل المقعد
ورحلت بلا غبار
لم تترك سوى عينين تقيسان حجم النظر الذي استعملته
عينان لسر الشهوة التي تحتل أمستردام.
2ـ قتل كثير في الخارج
اقلم اظافر الليل
أسويها بالاصابع
لئلا تعودين من السهرة غاضبة
فيحين وقت الانتقام
الاظافر آلات حادة
وليس اوان القتل الآن
قتل كثير يدور في الخارج
وفي مباراة المزاج
تنقلين رأسك من كتف الى كتف،
تنظرين في الفراغ
وتقولين:
«ضحية انا لهذه الايدي
واظافري مهملة في الارض
تتشــوق للعــودة الــى الاصابع»
3
تركض تحت المطر، يحمّر خداها، يخرج البخار من فمها حاملا رائحة رئتيها النظيفتين. تعصر شعرها الطويل فوق المغسلة. تخلع ثيابها المبللة، تقول انها بردانة، تغل في صدره تحت اللحاف. رائحة خبز طازج تفوح في الغرفة. احبك حتى الكره، تقول فيما تنظر الى وجهه بعينيها الموشكتين على الانغلاق.
هل شاهدت فيلم «المايتركس»؟ يسألها.
شاهدته.
هل تذكرين المشهد حين يدخل «نيو» في جسد العميل؟
أذكره تقول.
كيف لي ان أدخل في جسدك؟ يسأل.
تبتسم.
كلّني.
تقولها بجدية.
4ـ روح المنديل
يرتجف المنديل الذي تحمله ام كلثوم مع ارتجافاتها. لا يشتكي من الحب الذي يلوعها ويلوعه. يلوح كلما لوحته، ويصنع موجة صغيرة من الهواء قرب بطنها، ويحلم ان يصل الى حنجرتها. هناك سيمسك حبالها الصوتية ويقطعها.
للمنديل روح. وام كلثوم تشد عليها من رقبته.
5ـ لأجل من تشردوا
كيف يمكن جمع تناقض مدينة السلام ومدينة الصلاة. لا بد ان المصلين سيقهرون الحجاج. سيسيلون السلام مع الدم الجاري.
لا لســـؤال: «لأجل من تشردوا؟».

لأجل من تشردوا؟!
6ـ مرارة
ادعوكم الى وليمتي. جسدي على طاولتكم ناضج وصالح للاكل. تناولوا ما يكمل فرحكم من لحم فخذي وبطني وظهري القوي ومؤخرتي الدسمة. كلوا من طيبات جسدي. لكن إحذروا المرارة… فيها كل سهاد الســنين الماضية والآتية.
7 ـ رجل بكامل انوثته
فساتين النساء التي تثيرني، تلك الممتدة من الرقبة الى أعلى الركبتين بقليل والتي تلتصق بالجسد كأنها منه. يا ليتني أرتديها، واتسكع في الشوارع، ولا يشير اليّ الناس بأنني إمرأة، بل رجل بكامل انوثته.
8 ـ قلق
ليست عيون السمك مفتوحة بسبب الجفون. انه القلق الذي يبثه الماء في نفوس الخارجين منه.
9ـ شبق
أضع علب السردين في الماء، علّ السردين يحيا ويمتص لساني.
10 ـ إله قاحل
ها انا اذا…!
كائن بلا وداعة
قاس كتفاحة نحاسية
ارمي بطاقات المعايدة
قبل ان افتحها
احرق شحم جسمي عن آخره
ثم احقنني شحم نسوة خرجن توا
من عمليات الشفط
يا للابهة
يا للصلاة التي ترتطم بالسقف
وتسقط مجلجلة
ثم
ارسل اليك قلبا عطنا
قشرته بساطور
حشوت البطين الايمن صرعا
والبطين الايسر وهما
بات صالحا للاكل الآن
«غبّيه»
كما «غبّ» الغول جدتي التعسة
وارتمي على ظهرك وانظري الى السقف
زينته بالصلوات
لاله قاحل
السفير الثقافي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى