صفحات الشعر

خيانات عن الأوسترالية

null
داني غاردنر
تذكر
إشاعة معاصرة
كانوا لا يغرقون
بل كانوا يلوّحون بأيديهم ـ
اللاجئون الذين يرفعون أطفالهم فوق الموج الهائج
كي يراهم رجال البحرية
لكن في هذه الأيام وجهة النظر تبدو أولى من الحقيقة
استخدمت الصورة في إعلان إنتخابي:
“كيف لنا أن نسمح لمثل هؤلاء
الذين يرمون أطفالهم في البحر
بأن يكونوا بيننا”؟
في ما بعد قالت الحكومة إن الإعلان
لم يؤثر على أصوات الناخبين المتأرجحين
وعموماً المعارضة لديها سياسة مماثلة
وإلا لماذا انتظرت ستة أسابيع بعد الإنتخابات
لكي تفصح عن الحقيقة؟
“واقعاً لم نكن نعلم ما الذي كان يحصل
عندما التقطت الصورة
كان علينا أن نتمسك بجوهر رسالتنا
كان علينا أن نكون متأكدين
أن نُشعر الناخبين القلقين بالأمان
أن نُشعرهم بأن مجتمعهم خالٍ من المخرّبين لنمط عيشهم
في أجمل بلد في العالم
كان علينا أن نحمي حدودنا
وأنتم تعلمون أنه قد يكون بينهم إرهابيون”.

لم يكونوا يغرقون
كانوا يلوّحون بأيديهم
لم يكونوا يغرقون
فقط يلوّحون.

نظارات، قفازات وأغطية للآذان
(جالساً عند مرفأ يطل على الخليج)
في عصر الإرهاب
لا محاكم ولا هيئة محلفين ولا قضاة
عوض ذلك يوجد الوقت المتهالك
ومشتبه فيه
بالطبع سئل السؤال بعد السؤال:
هل تعترف بما نأمل أن نتهمك على الأقل به؟
اعترافك سيثبت استعدادك للإصلاح
لكن لا سياط في هذا التحقيق ولا تعليق من السقف بسلاسل
لا لبيط، لا لكمات، لا إيقاظ في منتصف الليل وصب الماء بدءاً من الرأس
إنهم لا يحتاجون حتى الى الأسلوب القديم حيث يعرّونك
ويعصبون عينيك ويوثقون يديك من خلف…
ثم يؤكد واحد أنهم لن يعدموك على الأقل اليوم
لا، فالتحقيق هذا أكثر سهولة
ثلاثة أشياء مطلوبة فقط
سوى الغرفة المكيفة المريحة ـ
نظارات، قفازات وأغطية لتدفئة الآذان
الحقيقة أن الشخص الذي يتألم هو حي
لكن اجعله لا يشعر بشيء ولا يلمس شيئاً
ولا يرى ولا يسمع بمثقال ذرة
عاجلاً سيبدأ بالشك في قدرته على الشم أو التفكير
وفي غضون 24 ساعة فإن الهذيان سيبدأ
وفي غضون 48 ساعة سيعتقد أنه فقد حواسه كلياً
وأنه لا يعني لأحد شيئاً ولا لأي شيء
إلا الغبار المتراكم عليه
لا بأس، إنه بعد كل شيء سيستطيع أن يصرخ
فماذا بالضبط هو يريد
أن يقول لنا؟

عندما القرد يرمش
عندما يقعي القرد ويرمش، هل يكون يفكر؟
هل يكون ينظر في المرآة التي في داخل عقله مثلما نحن نفعل؟
هل يتخيل نفسه وهو في الماضي؟
أو يحاول أن يستوعب مستشعراً فكرةً ما آخذة ربما في التبلور
منعكسة في بركة العادة؟
لا شيء أكثر إنسياً من مرأى قرد يقعد ويطرف
آملاً شاعراً بحاجة الى محكمة حول مشكلة
لكن هنا إمتحان:
هل يستخدم القرد مشاعر ما ليتجهم ويكشر
أو هو فقط يتثاءب ويقطب وجهه ضاخاً الأوكسيجين إلى دماغه؟
نحن ربما نفضل إمعان النظر:
لماذا يرمش القرد؟
لإجلاء العين ربما ورؤية الداخل؟

فيما ننظر إلى صاحبنا وهو يرمش
ماذا يكون في رأسه؟.

إهدار الوقت
في يوم
وبينما كنت أقلب في صفحات دفتر الهاتف
عثرت على ورقة منزوعة
مكتوب عليها:
“أف جي 9957664”
اتصلت…
فجاءني صوت إمرأة من جهاز التسجيل:
أنا “أف جي”
أنت أعرتني عود كبريت في مقصف
حتى أشعل رغبتي بالموت
وبعد ذلك وجدت أننا يمكن أن يحدّث أحدنا الآخر
وأعطيتك رقم هاتفي الذي كتبته على ورقة منزوعة
وعلى رغم أنك تتصل بي الآن
بعد مضي كل هذا الوقت الذي كنت أحتاج الى التحدث إليك
فأعلمك أنك اتصلت متأخراً
أرجوك لا تترك خبراً
فقط أكتب على ورقةٍ منزوعة الوقت الذي اتصلت فيه بي
وحاول عندما تريد في مرة ثانية أن تهدر الوقت
وأنت تقلب في صفحات دفتر الهاتف
أن تتذكر ما هو الأمر؟
ترجمة شوقي مسلماني
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى