صفحات الناس

مدرسون يجبرون على ترك وظائفهم

null
معهد صحافة الحرب والسلام
أجبرت السلطات السورية أكثر من عشرين مدرسا على  ترك وظائفهم وتسلم مهام إدارية في مقار بعيدة عن أماكن سكنهم.
مابين الأول والعاشر من آذار 2009، صدرت أوامر حكومية أجبرت 27 مدرسا وثلاثة موظفين حكوميين على تغيير أماكن عملهم في عدة مدن سورية. القرارات المذكورة اعتمدت على مقتضيات أمنية استنادا على المادة 31 من قانون العمل السوري الذي يسمح بنقل الموظفين “بناء على المصلحة العامة”.
“لا أحد يمكنه أن يشرح معنى “المصلحة العامة”” يقول أحد النشطاء السوريين الذي فضل عدم ذكر اسمه، وأضاف “إنه تعبير فضفاض قابل للتأويل والتحريف كي يتوافق مع الرغبات الحكومية”.
وفقا للناشط المذكور، فإن عددا من المدرسين الذين جرى نقلهم، استهدفوا لكونهم منخرطين في بعض الأنشطة العامة.
“السلطات السورية لديها  تاريخ طويل في الضغط على النشطاء عبر تجريدهم من وظائفهم أو تهديدهم بذلك” .
في حزيران2006، خسر سبعة عشر موظفا ووظائفهم، عقب توقيع “إعلان دمشق بيروت” الذي دعا إلى تطبيع العلاقات بين لبنان وسوريا.
بعد نحو عام، راغدة عيسى، زوجة المحامي والناشط المعروف أنور البني، سرحت تعسفيا من وظيفتها في أيار2007، بعد أن حكم زوجها بالسجن خمس سنوات.
ومع ذلك، فوفقا للناشط، فإن عددا من المعلمين الذين جرى نقلهم “ليست لهم نشاطات مباشرة أو روابط مباشرة مع الحراك العام”.
حصل معهد صحافة الحرب والسلام على نسخة من تلك القرارات، والذي تضمن نقل أحد المدرسين بدون ذكر أي سبب أو توضيح. القرار نص ببساطة على أن رئيس مديرية التربية قرر نقل المدرس المعني إلى عمل إداري، “بناء على مقتضيات المصلحة العامة”.
ثلاثة من المدرسين الأربعة الذين أجبروا على ترك مدارسهم في مدينة الرقة، لم يكن لهم أي نشاط معارض مؤخرا، بينما المدرس الرابع محمد غانم، فهو ناشط ومعتقل سابق على خلفية دفاعه عن الحريات العامة.
يقول أحد هؤلاء المدرسين:
“تلك القرارات بنيت على منطق الشك فقط. الأجهزة الأمنية لا تتأكد من المعلومات التي تحصل عليها ووزارة التربية لا تملك السلطة لحماية معلميها بمواجهة تلك القرارات”.
المحامي مصطفى أوسو، رئيس المنظمة الكردية للدفاع عن الحريات العامة وحقوق الانسان في سوريا، قال أن أقل من نصف المعلمين الأكراد الذين جرى نقلهم، لديهم صلة بالحراك العام.
“أعتقد أنه جرى الشك بكونهم يمتون بصلة للنشاط الكردي ولكن بدون أية أدلة على ذلك. تلك القرارات بالنقل ليست أقل من محاولة لترهيب الشعب الكردي في سوريا”.
منظمات حقوق الانسان السورية التي تابعت موضوع نقل المدرسين، لم تستطع أن تعطي توضيحا حول توقيت تلك القرارات أو الأشخاص المستهدفين بها.
المدرسون الذين جرى نقلهم هم من محافظات الحسكة، الرقة والسويداء.
“لا أحد يعلم لماذا جرى اختيار هؤلاء الأشخاص بالتحديد” يقول الناشط الحقوقي، “لكن السلطة في سورية تنظر للنظام التعليمي على أنه وسيلة هامة لتشكيل عقول الناشئة. أعتقد ان معيار السلطة ليس فقط ما إذا كان المعلم ناشطا أم لا، ولكن ايضا، إذا كان مستقلا في تفكيره ولا يلتزم بالايديولوجيا الرسمية”.
في مدينة الرقة، المدرس فؤاد حقي، جرى نقله من مكان عمل جديد يبعد 100 كلم عن مكان سكنه، بينما زميله إياد العبد الله، تم نقله مسافة 130كلم عن مكان سكنه. والمدرس يونس حسين، أبعد 120كلم عن مدينته، بينما المدرس عبد القادر الخزنوي في القامشلي جرى إبعاده مسافة 140كلم عن مكان سكنه.
أحد المدرسين من الرقة يقول أن الطريق إلى عمله كان يستغرق منه خمس دقائق، لكن الآن تلزمه ساعتان أو ثلاث للوصول إلى مكان عمله “إنها كارثة” يقول.
المحامي أوسو اضاف أيضا أن الأساتذة سيعانون أيضا من نفقات الانتقال الجديدة.
“في بعض الحالات، المدرسون المنقولون يجب أن يدفعوا حوالي 43 دولارا في اليوم للوصول إلى ومن مكان عملهم، بينما الراتب الشهري لأحدهم يتراوح ما بين 125-325 دولارا”.
القرارات، اثرت ليس فقط بالنسبة لارتفاع النفقات وإضاعة الوقت في التنقلات. “هذا يشبه المنفى” يقول أحد الأساتذة، “لا أستطيع أن أكون مدرسا بعد الآن، أنا مجرد موظفي إداري، مايعني العمل المكتبي طيلة النهار بدلا من أن أقوم بالعمل الذي أؤمن به”.
“هذا يظهر أن حكومتنا لا يعنيها فعلا لا النظام التعليمي ولا التلاميذ، وإلا لما كانوا يعاقبون الأساتذة الشرفاء قبل فترة قصيرة فقط من نهاية الفصل الدراسي، بينما نحن نحضر تلاميذنا للمذاكرات”.
وفقا للناشط الحقوقي، يفكر بعض المدرسين باللجوء إلى القضاء.
“هل نحن مواطنون في هذه الدولة أم مجرد زوار بلا حقوق؟” تساءل أحد المدرسين. “ماحدث لنا لا يجوز أن يحدث لأحد آخر، وإذا لم نقف ضد تلك الإجراءات غير العادلة لا أحد سيقف ضدها”ز
ومع ذلك، شكك المدرس بإمكانية نجاح الإجراءات القضائية في إلغاء تلك القرارات.
لا يوجد قاض يمكن أن يواجه قرارات الأجهزة الأمنية” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى