هل ذوقنا …. هابط
حاولت أن أعــّـرف الذوق بما أملكه من مصطحات …. لم أستطع تعريفه بغير …. (( هو فن إستخدام الممكن و المتوفر و المعقول لجعل أمرا ً ما …. أكثر جمالا ً و أناقة … ))
الذوق العام عندنا… و أقصد تخطيط و تنظيم المدن ….. الحقيقة محبط جدا ً عند مقارنتها بدول شقيقة.. وصـف بعضهم من مرضى الفوقية الفارغة شعوبها و هم إخوة لنا بالدين و الدم و قبلها بالإنسانية , بأنهم … رعاة غنم .. عرب رحــّل … متخلفون , همجيون …. جنسويون … متشددون .. و سوها من الصفات التي لا ينادي بها انسان سوي ِ … لكننا نتوقف كثيراً ً …. بل كثيرا ً جدا ً …. أمام النهضة العمرانية .. و حتى الذوقية التي يعيشونها …
رب ًّ قائل يقول …. عندهم مال كثير !!!…. و من قال المال عندنا قليل يا سيدي ؟؟؟؟ …. فالمشكلة ليست مشكلة مال , أو على الأقل ليس بالدرجة الأولى … و المال وحده لا يجلب الذوق و الأدلة كثيرة .. بل هم قوم توصلوا بطريقة ما للأخذ بأسباب الذوق الحقيقية , مع العلم أن مقومات جمال الطبيعة و المناخ و الموقع عندنا أكثر بكثير مما لديهم و البركة بالكل .. دون تفرقة …
الشعب السوري لا تنقصه لمسة الذوق فهو ( أبوها ) و لكن لماذا …. لا نعمل بها …. من يقف خلف (( فرملتنا الذوقية )) …. الحقيقة .. هو تساؤل مشرع لكل غيور على هذا البلد … كلنا يعرف الذوق .. و كلنا لا يستطيع العمل به ….
ما يلفت إنتباهك .. إن تلك المدن الجميلة و المنازل الـ فوق ذوقية لأبناء وطننا من مهندسين و فنيين بصمات واضحة عليها … لماذا نستطيع عندهم و لا نستطيع عندنا ؟؟؟؟ أليس بدليل بأننا ذواقة …. و لكن هناك من يكره الذوق و التذوق بمناحي حياتنا ؟؟؟ .
لنترك المدن و نتوجه للحياة العامة : ظاهرة أبواق السيارة بطعمة و بلا طعمة و غالبا ً و أقرب للمطلق بلا طعمة …. فيكاد المرء مــّنا يفقد أعصابه , من شديد الضجيج عندنا بأبواق و غيرها … و سائقــّي السيارات عندنا معروفين ( بأغلبهم ) بالإناقة المفرطة و الذقون المشذبة … و الروائح العطرة و الصمت المطبق .. و الحديث الممتع …. و التواضع بمعرفة أصول القيادة فلا يخبرك بأن جميع .. الآخرين .. اشتروا رخــّص السوق .. ما عداه , فهو سائق أب عن جد ؟؟؟ …
ناهيك عن كل شيء عندنا بالصراخ ….. بائع الخضار … يتجول بين المنازل منذ الصباح الباكر … و خذ يا صراخ … و كذا بائع إسطوانات الغاز .. الحليب .. اللبن … و الجبس بموسمه .. و الذرة بوقتها .. و الملوخية … و يا سلام على موسم الملوخية …. تتحول شوارع مدننا إلى اللون الأخضر .. مرسوم ببقايا أعواد الملوخية المرمية على الطرقات ..
و طبعا ً مطربنا – البائع لا يكتفي بقدرة حنجرته الذهبية … فإقتنى مكبر صوت … ذو إستطاعية واطــّيــة ليست بقليلة … دون أي ضابط أو شارط من قبل مجالس المدن الموقرة ….. لا أعتقد أن المشكلة مشكلة قلة مال ….. فقط قرارت ذوقية ؟؟!! .
أطفالنا أعداء شجرنا يمشون على الأرض ….. لا أدري سبب العداء المستفحل بين أطفالنا و الشجرة .. ما أن يرى شجرة أو شجيرة .. بالكاد نبتت على رصيف … حتى يمارس كل خفايا طفولته البريئة لإستئصالها … و من جذورها …. و مستعد لتقديم هذه الخدمة مجانا ً … و للجميع …. و كذا الأمر لحيواناتنا البريئة …. هل لاحظتم إنخفاض عدد القطط ؟؟؟ لا أخفيكم صرت اتمنى رؤية قطة … تجرى هاربة …….. لماذا هاربة .. لأنني لم أرى في حياتي عندنا … القطط تمشي كونها لا تعرف المشي أصلا ً عندنا …. ففطرتها الجري و السريع منه .. المشي هو علامات موت قريب لا محالة و بطريقة … غالبا ً مبتكرة من فلذات أكبادنا , العصافير التي اشتهرت بها مدننا .. لا أدري متى أخر مرة رأيت فيها عصفور .. و ليس ببعيد الزمان حين كانت توقظنا من النوم صباحا ً …… ليست المشكلة بالمال ..
أكيد أعمدة الإنارة … و المصابيح …. هي البداية لتحسين دقة التصويب .. بالحجارة .. أو بالألعاب المؤذية كـ مسدسات الخرز ….. و النقيفة و غيرها من إبتكارات البراءة
طفل يجر … كيس القمامة من أمام منزله حتى الحاوية ….. بكل بساطة لا يستطيع حمله ؟؟؟؟ أين الأب … و طالما أنه لا يستطيع حمله … فطبيعي لا يستطيع رفعه للحاوية …… فيبقى بجانبها ؟؟؟؟ ليست المشكلة بالمال ….
هل جــّربت أن تنهي طفل عن أمر ما في الشارع ….. لا أنصحك !! ستسمع جواب يحتاج لأخلاق نبي أو رسول حتى يتحمله ؟؟؟ المشكلة حتما ً ليست بالمال …
هل صدف وجودك بجوار مجموعة من الســّــياح الأجانب …. هل لاحظت نظرات الصبية و الشباب الأكبر سنا ً ….. و التعليقات التي تلاحقهم ….. بل و حتى السب من قبل أطفال .. لا لشيء .. فقط لأنهم لا يفهمون لغتنا ….. و كلها مجانا ً …..
هل تستطيع أن تتمشى مع زوجتك … خطيبتك … زميلتك … أختك ….. جارتك …. و دون أن تزيد ضربات القلب بمعدل مرة و نصف ؟؟؟ أتحداك …… ستزيد حتما ً …
هل تستطيع أن تبرر لي لماذا في عاصمة كدمشق … فيها مركز بولمانات ….. لا يليق بأي مدينة من مدن العالم الثالث …. من حيث السعة و ( الكركبة ) لا تستطيع أن تجلس بفيء صيفا ً … تحت مظلة شتاءا ً …. لا يوجد صنوبر ماء يعمل … لاتجرؤ فتاة أن تفكر … مجرد أن تفكر بإستخدام دورة مياه فيه … و لا حتى لغسل وجهها …… كل سوريا للشام ….. أفا عجزت عن إيجاد مركز إنطلاق يتناسب و اسم الشام …
من يشرح لي … كيف نبني المنازل في غوطة دمشق بعد قطع أشجارها ……. و نطالب بتشجير قاسيون ؟؟؟ !!! و مدينة الرقة على ما يبدو … تعلمت بنفس المدرسة … فقاموا بالبناء في سرير النهر و هي من أخصب المناطق في سوريا …. و للمفارقة لا تصلح للبناء … فبمجرد حفر ثلاثة أمتار تخرج ماء النهر للسطح ……. و على مرمى حجر يقف جبل الفرات مطلا ً على النهر ….. و سنقوم بتشجيره حال توفر ثمن الأشجار ؟؟؟؟؟؟؟
يعني مسؤولينا الكرام … لم يسافروا … لم يشاهدوا …. لم يخاطبوا أنفسهم ( شي مرة ) لماذا عندهم ممكن و عندنا لا ….. تذكرت سفر رئيس مجلس مديتنا الموقرة السابق بزيارة عمل إلى اسبانيا …. قلت لنفسي ( ما بدها ) سنة زمان و ننافس مدريد بالجمال ….. على ما فهمت إنسحبت مدريد من المنافسة … طلعت مو قــّدها ؟؟؟؟؟
هبوطنا الذوقي تفشى حتى وصل الفن ….. بلمسة سحرية من منتجينا الأفذاذ .. فتحولت الأغاني الشعبية و الأهازيج … و بإخراج شياطني مدروس إلى إستعراض خواصر .. مختلفة الأقطار و الأحجام … متوفر لكل الأذواق .. عداك عن الأشخاص الذين يزعقون و الذين يسمون أنفسهم مطربين … تراهم يتناقلون بين تلك الخواصر فتتطاير نظرات الشبق من أعينهم و كأنهم ذئاب جائعة تنتظر فرائسها على مقربة .. … الألبسة الضيقة المثيرة للغرائز .. هي جزء هام من العمل الفني ….. أصلا ً نجاح العمل و فشله … مرتبط بها ؟؟؟!!! .
خلـــّـيها على الله ماذا نعدّ …. حتى نعدّ …….. القائمة اللا ذوقية تطول و تتمدد
ملاحظة : أكيد الأمر لا ينسحب على كل شيء …. إنما علينا ذكر المطلوب تغيره و تجميله ليس إلا ّ , و من باب الغيرة على هذا الوطن الذواق بأهله و ناسه … دون المسؤولين عن جماله و أهملوه .
http://walidsham.wordpress.com/