حـلقة جـديدة من انتهاكـات حقـوق الإنسـان فـي سـورية: اعتقـال المـحامي الـناشط هيثم المالح
لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية
يأتي اعتقال الأستاذ هيثم المالح، الرئيس السابق لجمعية حقوق الإنسان في سورية، في 14 تشرين الأول/أكتوبر من العام 2009، في أعقاب إدلائه بتصريحات حول حقوق الإنسان في البلاد لقناة “بردى”، ليسلِّط الأَضواء من جديد على ملف انتهاكات حقوق الإنسان في سورية عبر صفحات الجرائد العربية والدولية والمواقع والنشرات الإلكترونية، فضلا عن بيانات التنديد والاستنكار الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان العربية والدولية وعدد من الدول.
وجاء أيضا اعتقال الشيخ عبد الرحمن الكوكي بعد مرور أسبوع واحد فقط على ذلك بدعوى أنه شارك في برنامج “الاتجاه المعاكس” الذي كانت قناة الجزيرة بثَّته بتاريخ 19 تشرين الأول/أكتوبر من العام 2009، ليؤكِّد مجددا أن النظام ماضٍ في تحويل سورية إلى دولة اللاقانون، هذه الدولة التي لا تُقيم وزنا لدستورها والقوانين الضامنة للحريات الأساسية، وما كانت الجهورية العربية السورية صادقت عليه من مواثيق ومعاهدات دولية.
والجدير بالذكر أن حملات الاعتقال التي تطال أصحاب الرأي لم تتوقف منذ اغتيال ربيع دمشق في العام 2001، وذلك عندما قضت الأجهزة الحاكمة على مئات المنتديات الثقافية والفكرية التي كانت تجتذب إليها عشرات الألوف من المواطنين المهتمِّين بالشأن العام. وكان آخرها منتدى جمال أتاسي واعتقال مجلس إدارته. وجاءت هذه القرارات القمعية متزامنة مع حملة اتهامات لا سند لها وُجِّهَت لنشطاء ربيع دمشق وزعمت أنهم يعقدون علاقات مع جهات أجنبية. وقد جاءت هذه الاتهامات على لسان رئيس الجمهورية شخصيا ونائبه في ذلك الوقت عبد الحليم خدام ووزير الدفاع السابق العماد مصطفى طلاس ووزير الإعلام سابقا عدنان عمران، وغيرهم. ورافق ذلك اعتقال العشرات من المعارضين ونشطاء المجتمع المدني، نذكر منهم الأستاذ رياض الترك الذي أمضى عامين اثنين في الاعتقال، وذلك بالإضافة إلى 18 عاما كان قضاها في السجن سابقا، والدكتور عارف دليلة الذي أمضى سبعة أعوام في الاعتقال، والأستاذ ميشيل كيلو الذي أمضى في الاعتقال ثلاث سنوات، وغيرهم كثرٌ.
ونذكِّر أيضا بالاعتقالات التي نالت عددا من المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان، نذكر منهم الأٍستاذ محمد رعدون، والأستاذ مهند الحسني الذي لا يزال معتقلا، فضلا عن اعتقال الأستاذ خليل معتوق مؤخرا وإحالته أمام المحكمة العسكرية في دمشق بتهمة التحريض على الفتنة الطائفية وإهانة رئيس الجمهورية والإساءة إلى سمعة إدارة عامة (الأمن العسكري). وكان الأستاذ معتوق انتقد علانية مسار التحقيق في قضية ابن أخيه السيد سامي معتوق ورفيقه جوني سليمان اللذين قُتلا برصاص قوات الأمن العسكري في قرية المشيرفة القريبة من مدينة حمص في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2008. ولا يزال اثنان من شهود العيان على الحادثة، وهما السيدان حسام موسى والياس ماهر ديب، محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي لدى فرع الأمن العسكري في دمشق دون أن توجَّه إليهما تهمة أو يمثلا أمام محكمة، منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر 2008 ونيسان/أبريل 2009 على التوالي، بسبب رفضهما الامتثال لأوامر الأمن العسكري الذي كان يطلب منهما الإدلاء بشهادة زور مؤدِّاها أن تبادلا لإطلاق الرصاص وَقَع بين دورية الأمن العسكري وبين القتيل جوني سليمان وأفراد آخرين في مكان الحادثة. وكانت منظمة العفو الدولية أعربت في حينه عن تخوفها من أن يكون مقتل سامي معتوق وجوني سليمان عملا غير قانوني، وأن يكون مقتل جوني سليمان بوجه خاص متعمدا ومخالفا للقانون.
ونذكِّر أيضا بأن السلطات السورية اعتقلت مجموعة من قيادات إعلان دمشق في كانون الثاني/يناير 2008، منهم الدكتورة فداء الحوراني، والأستاذ رياض سيف، وأنور البني، ومحمود عيسى، وسجناء إعلان دمشق: فداء حوراني، ورياض سيف، وأكرم البني، وفايز سارة، ووليد البني، وطلال أبو دان، ومصطفى دالاتي، وعلي العبد الله، وجبر الشوفي، وياسر العيتي، ومحمد حجي درويش، ومروان العش، ومعتقلي أحداث القامشلي، وغيرهم الذين صادرت بحقهم أحكاما جائرة، علما أن بعضهم في حالة صحية سيئة. ونشير أيضا إلى الاعتقالات الواسعة في صفوف الأحزاب الكردية المعارضة، منهم المعارضين مشعل التمو، وإبراهيم برو، ومصطفى جمعة بكر، ومحمد سعيد حسين العمر ، وسعدون محمود شيخو، وعزَّت إبراهيم سيدو، وزينب هورو، ولطيفة مراد، وفؤاد عليكو، وحسن صالح، ومحمد موسى وبهجت إبراهيم، وغيرهم مئات المعتقلين من المعارضين الأكراد.
وكانت حملة اعتقالات شملت في 21 أيار/مايو الماضي خمسة مناضلين من حزب العمل الشيوعي في سورية لأسباب مجهولة، وهم: عباس إبراهيم عباس، وحسن زهرة، وتوفيق عمران، وغسان حسن، وأحمد نيحاوي.
والجدير بالذكر بأن عدد المعتقلين السياسيين في السجون السورية بقدَّر بألوف المواطنين، يضاف إليهم ألوف المواطنين الذين كانوا اعتقلوا ما بين 1980 و1983 وما زالوا في عداد المفقودين.
إن مأساة الشعب السوري ليست فقط نتاج لما تمارسه الأجهزة الأخطبوطية من إرهاب بوليسي، وإنما ترجع علاوة على ذلك ومن حيث الأساس إلى نظام لا يحترم القانون، ذي نهج شمولي استبدادي فاسد، ويوظِّف الظروف الدولية، سواء كانت تَفرض عليه حالة من العزلة أم الانفراج، من أجل تكثيف القمع، وتجريف السياسة من المجتمع، وإفقار الشعب، ونهب البلاد، وذلك في ما يتخاذل في الدفاع عن حياض الوطن، ويلهث من اجل التفاوض مع العدو الإسرائيلي واستعادة دوره الإقليمي تحت المظلة الأمريكية.
ولا يسعنا إلا أن نشير إلى مسؤولية المجتمع الدولي المتواطئ بصمته حيال انتهاكات حقوق الإنسان في سورية مع النظام وأجهزته. ولا غرابة، فلقد عودتنا أنظمة الإمبريالية في الغرب على الكيل بمكيالين حسب ما تقتضيه مصالحها وأهدافها السياسية.
إن لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية تدين بشدة:
1-) اعتقال الأستاذ هيثم المالح، وتطالب بالإفراج عنه وعن جميع المعتقلين السياسيين، ومنهم أولئك الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن، كمعتقلي إعلان دمشق، وفي مقدمتهم الدكتورة فداء الحوراني.
2-) استمرار حالة الطوارئ والأحكام العرفية في البلاد، والتي ما تزال مستمرة منذ أكثر من 46 عاما، وتطالب بإلغائها.
3-) استمرار منع عشرات ألوف المواطنين المنفيين طوعا أو قسرا من العودة إلى الوطن، وتطالب بحق عودتهم من المنفى دون مساءلة أو ملاحقة واعتقال.
4-) استمرار الاعتقالات السياسية لأصحاب الرأي.
5-) ممارسة التعذيب وكل ما من شأنه أن يحط من الكرامة الإنسانية في السجون السورية.
6-) استمرار السلطات السورية في إخفاء لوائح بأسماء المفقودين.
إن الشعب السوري جدير بالحرية والديمقراطية والتقدم المجتمعي واستعادة أراضيه المحتلة في الجولان كاملة حتى حدود الرابع من حزيران/يونيو 1968. وإن شرعية أي نظام تأتي من التزامه بهذه الحقوق، والعمل على تحقيقها على أرض الواقع، وتوزيع ثروات البلاد بالمساواة، وتوفير لقمة العيش الكريم والعدالة للسواد الأعظم من المواطنين.
النصر للشعب السوري، والحرية لمعتقليه السياسيين.
لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية
باريس- الخميس 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2009
خاص – صفحات سورية –