عشرة يورو فقط لا غير
درويش محمى
في بداية كل اسبوع ابتاع مئتي غرام من التبغ السويدي بقيمة عشرة يورو, وفي نهاية كل اسبوع اشتري قنينة من النبيذ الفرنسي بعشرة يورو كذلك, اما كوب القهوة الذي اتناوله بصحبة بعض الاصدقاء مرتين في الاسبوع يكلفني نحو العشرة يورو, وبطاقة “الموبايل “التي تغطي مكالماتي الهاتفية لمدة اسبوع ابتاعها بنحو عشرة يورو, كذلك الحال مع اكياس رقائق البطاطا المقلية”(الشيبس) وفيلم “الفيديو” او “السي دي” الذي اشاهده مع ابني كل يوم جمعة فهي بدورها تكلف ميزانيتي نحو العشرة يورو .
ما دفعني إلى اجراء عملية الجرد اعلاه لبعض المصاريف الشخصية “لمحسوبكم”, الذي يعتبر صاحب دخل متوسط او اقل من عادي مقارنة بالمواطن السويدي او المغترب في احدى الدول الاوروبية, كان الخبر الذي قرأته منذ فترة في احد المواقع الالكترونية عن عائلة كردية سورية تعاني من ظروف معيشية مادية وصحية صعبة, وافراد تلك العائلة يحصدهم الموت واحدا تلو الاخر وما من مغيث او معين, الامر الاخر الذي دفعني إلى جرد حسابي لمصاريفي الكمالية, كان الخبر الذي اتحفنا به الاكاديمي خالد عيسى من باريس وهو يبحث ويمحص في الارشيف الفرنسي القديم من دون توقف, ليؤكد لنا وللقراء ويعلن اكتشافه ل¯ “جمعية خيرية كانت تعين الفقراء الاكراد في الجزيرة عام 1932″ .
قبل عشرة اعوام وفي حديث قديم جرى بيني وبين سكرتير حزب كردي سوري, مازلت اتذكر البعض من تفاصيله, قلت للاخ الاستاذ السكرتير”انني افضل جمعية خيرية كردية مدنية غير سياسية تهتم بشؤون اللغة والثقافة الكردية وترعى وتساعد الفقراء من الكرد” واتذكر كذلك انني قلت له” ان جمعية من هذا النوع ستخدم الكرد وقضيتهم اكثر بكثير من الاحزاب الكردية مجتمعة”, واتذكر كذلك, ملامح الاستاذ السكرتير الغاضب وامتعاضه من صراحتي, لكني وبعد مرور كل هذه الفترة مازلت على موقفي القديم, فاذا كانت القضية هي قضية اولويات, فوالله وبالله وتالله لا توجد قضية اكثر الحاحاً من مساعدة الاسر الكردية الفقيرة المنكوبة وما اكثرها!
التحالف المشؤوم بين قوى الطبيعة كقلة الامطار والجفاف والتصحر من جهة, وبين النظام السوري الشوفيني الاستخباراتي وسياساته التجويعية التي تستهدف تهجير الكرد من مناطقهم من جهة اخرى, اصبحت حقيقة واقعة يدركها الجميع, ووجود جمعية كردية خيرية اليوم, اعتقد والله اعلم انها خطوة مباركة وضرورية لمواجهة مثل هذا التحالف المشؤوم, ووجود جالية كردية سورية كبيرة في المغترب وهي تتمتع بامكانات مادية جيدة, من المفترض ان تكون فعالة في مثل هذه الجمعية, وانا بدوري, وبسبب ضيق وقتي ومشاغلي, كل ما يمكنني فعله هو الاستغناء في مطلع كل شهر وبكل سهولة ويسر عن العشرة يورو .
خاص – صفحات سورية –