رسائله .. منازله يعمرها بلا سبب
أبحث في هاتفي الجوال عن رقم ما وصلني برسالة منذ زمن ، وخلال بحثي توقفت عند رسائل من اصدقاء لفتت نظري ، فتحت صفحة ردودي على تلك الرسائل ،فأسعدني ما قرات وأعاد حديث الذكريات ..
بعض من هذه الرسائل والردود :
هو :
“ كنت لأدعوك إلى وليمة للتأمل بنغم تركي ..
لولا خشيتي أن أفسد عليك جو السكينة .. “
أنا :
“ كنت لأقبل دعوتك ..
لولا خوف على الروح من أن تنسل مع آخر سحبة ناي .. “
هو :
“ إذاً تعال لنلتقي على همسة محايدة تكون وسطاً بين نصر وهزيمة ..
ونشرب نخبها .. “
أنا :
“ لست أنا و أنت من يجمعهما ربح أو خسارة ..
أنا وأنت تاريخ واحد ودفتا كتاب .. “
هو :
“ ما تفعل بمن لفرط انتصاره أخطأ بشرب نخبه ..
فلا يجد في أضلاعه سوى طعم هزيمة .. “
أنا :
“ أقول جملتي الشهيرة : التاريخ يكتبه اثنان مهزوم ومنتصر ..
وحين تقرأ ما كتبا ، تجده متطابقاً .. “
هو :
“ وهل سأهزم شر هزيمة بعد أن أنتصر على نفسي* ؟
هل هو سقوط .. وبأي اتجاه ؟ .. “
أنا :
“ لا ..
تلك نبوءة صدقت مرة واحدة ، اتجاه بعثك بدأ نحو النور .. وسيستمر .. “
هو :
“ متى نلتقي من جديد ؟ “
أنا :
“ قد نلتقي تحت ظل سروة درويش ..
نشرب نبيذ الصحو ، على ضفة حلم .. “
هو :
“ قد اشتقت إلى خمرة أنت فيها الصحو ..
يبدو أن النعاس نسيني اليوم “
تلك جولة أولى من رسائل أرسلها “ هو “ .. وَجَدَتْ عندي أجوبة حينها ..
تابعت قراءة الرسائل القديمة الكثيرة ، فتوقفت مجدداً عند رسائل من “ هو آخر “ ..
هو “ الآخر “ :
“ المساءات تائهة والاتجاهات مبعثرة والرؤى كوابيس ..
من أين كل هذا الطين ؟؟ . “
أنا :
“ من بشر خلقوا منه ، وإليه يرجعون .
من نزق التساؤل تولد الأجوبة .. “
هو “ الآخر “ :
“ المساءات توابيت تتربص بجدائل أكفاننا ..
فلا تمعن النظر بها كيلا تلتفت إليك .. “
أنا :
“ ربما لا توابيت بحجم أكفاننا ..
ستعاف المساءات القاتمة أجساد غربتنا .. ستعافها . “
ترتبط الذكرى ببضعة أحرف .. وحين يفعل بها الزمن ما يفعل ، تُصيّر أطلالاً نقف على مشارفها ، نحاول استعادة ما كان .. لكن ….
لا يعود الإحساس ذاته .. وتبقى الأحرف نقاط علام تروي لنا عنوان تلك الذكرى ..
وتُغفل التفاصيل …
تحية لـ “ هو “ الأول ..
ومثلها لـ “ هو الآخر “ ..
……….
* جملة كتبتها الأديبة ألفة الإدلبي في رواية “ دمشق .. بسمة الحزن .