هلا صـفـّق الجميع؟؟
لا أرغب ُ دائما ً بالكتابة إليك ، أمـّي . يؤلمني الحرف و تؤلمني الكلمة عندما تذكرني كم من الجليد الكوني ّ يفصل بيننا ، كم نقطة ٌ بحريّة تشرب ُ بملوحة ٍ شوقي إليك ِ فيصل جافا ً قاحلا ً، كم غرفة ٍ صوتيّة ٍ تسمع ُ بمرارة ٍ صوتي يكلمك باختناق أحرف ندائك المبحوح ،
كم نحن ُ ، يا عزيزتي، أقرب غرباء هذا الكون !
تتعبني المسافة يا أماه !
يتعبني كل ّ شبر ٍ ، كل ّ ذرّة هواء تفصلني عن حمامات شباكك ِ الصباحي و فنجان القهوة التركيّة يفوح ُ برائحته الفيروزيّة المغنى.
أحاول ُ كثيرا ً أن أنسى – أتناسى – ، غيابك . أن أغفل كموتى الطرقات المجهولة ، أن أقاوم بكل الأسلحة ، أو أن أرمم ما تبقى في ّ منك ِ بأن أفكر بم َ سأحدث طفلتي ، مستقبلا ً ، عنك ِ ، و أخشى أنني أحملها ، منذ اليوم ، مسؤولية أن تكون أمـّي و طفلتي في آن معا ً ، أن نتبادل الأدوار كثنائيّ راقص ٍ يسند ُ كلّ منـّا الآخر ، و تسندني هي أكثر مما أسندها في هذه الخطوة .
و أفشل ُ أحيانا ً – كما اليوم – بأن أقاوم إختناق الهواء في رئتي ّ.
أخشى يا أماه بأن أحملها وزر خطايا أجدادها . أخشى عليها و أحارب بشدّة كي أصل إليها و عواطف أمومتي سليمة .
و أغتال كل ّ كبوة ٍ تأتي مشرّبة ً بهذا التعب .
أعتذر لها قبل أن أعلن صيامي عن حاجتي الملحـّة لأن أفرش سماء عيني ّ بدمعة !
أنا يا أمـّاه متعبة من صلب المسافة لجسدي منذ الأزل ، متعبة من صوت المحرّك ، من بطاقات السفر ، من ساعة الإقلاع ، من لحظة الأمل ، متعبة ٌ من الغد ، من الأمس ، من الذاكرة ، من الحلم ، من رنين الهاتف ، من صوتي ، من صوتك ِ ، من الرموز ، من الكلمات ، من الكتابة ، و من عدم الكتابة .
متعبة ٌ أنا فهلا صـفـّق الجميع ؟؟
http://www.freesham.com/2010/01/blog-post_24.html