خولة غازيصفحات الناس

هل تخلت سوريا عن علمانيتها!!؟

null
خولة غازي
هل تخلت سوريا عن علمانيتها ، ولماذا باتت تستخدم رجال الدين في الرد والصد مع جهات اجنبية ، وهذا السؤال راود كل من رأى الوفود الاجنبية تأتي لمقابلة رجال الدين ، ما الحكمة من ذلك هل هو تبشير اسلامي ، وما المفيد لنا ولغيرنا من توجيه الاضواء الى رجال الدين ، ففي الوقت الذي كانت فيه الوفود الاجنبية تزورهم ، كانت سوريا كدولة لا يزورها أحد كنتيجة لموقفها من غزو العراق وفيما بعد من قضية مقتل الحريري ، فكان ممنوعاً على اي مسؤول غربي وعربي حتى ان يحط في المطار الدولي ، لدرجة ان موراتينوس عنفه المجتمع الدولي لانه التقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم خلال (ترانزيت) لطائرته في دمشق ، قادماً من دولة اسيوية ، ووقتها اجاب بأنه اراد تهنئة صديقه على منصبه الجديد ، المهم من هذا المثال هو انه خلال هذه الفترة ولايعرف ان كانت بقصد ام ان الصدفة وضعت رجال الدين في الواجهة، وكان لافتاً في تلك الفترة حديث رجال الدين في السياسة اكثر منه في الدين ، وهو ما لم نعتده في مجتمعنا ، فاختلط الحابل بالنابل فلم يعد المرء منا يعرف هل هم من يفتون للقيادة بالسير في هذا الاتجاه ام عكسه ، فما كان يصدر من كلام يخال اننا في هلمند .
وبعد ان استعادت القيادة السورية عافيتها بات عليها ان تسحب البساط من تحت اقدامهم ، فدورهم انتهى باستعادة الحضور الدولي ، فحالة عدم الرقابة او الرقابة المناخية المزاجية افرزت اشكالات عديدة فيما بعد منها اغلاق معهد النور الذي كان يستقبل الوفود الاجنبية ، وتوقيف مدير المعهد تحت حجج كثيرة ، وانسحاب الدكتور محمد حبش من الساحة بحيث بات ظهوره الاعلامي نادراً.
ولكن ماذا عن مفتي سوريا الدكتور احمد بدر الدين حسون المعروف بالشخصية الذكية والمليئة بالحيوية والطموح ، ومثل هكذا شخصية تجذب الاعلام اليها بدون دعوة منها ، لقد برز المفتي عندما بدأ يقول ما لا يجب عن ان يقال في السياسة وتتناقله وسائل الاعلام ، و لكنه تجاوز الدهشة عندما افتى بضرورة حضور الزعماء العرب قمة دمشق وفقاً لتخريجة دينية ، لذا وقع في اشكاليات شتى انعكست على قاعدته الشعبية ، وباح بما لا يجب ان يباح في لقاءاته ، هذا سياسياً أما دينياً فكان حواره الاخير كالقشة التي قصمت ظهر البعير ، فلم تكن الحملة التي شنت عليه ( رمانة ) ، بل كانت آتية من (قلوب ورمانة).. والقراءة الاولية لما نشر وقتها في القدس العربي لا يوجد فيها ما هو مدعاة لسوء الفهم ، بالعكس كان في كلامه محاكمة منطقية وعقلية ، على مبدأ واحد زائد واحد يساوي اثنين .
وتتالت التصريحات والتصحيحات ، بشكل افسح لحالة الفصام التي يعيشها المجتمع السوري بالظهور ، فمجرد سماعنا اصواتاً سواء منها المدافعة أوالمهاجمة ، فهذا يعني بأن احدى وجوه المجتمع سوف تظهر لتزيح الحالة العلنية الراهنة ، فالمجتمع الديني المكبوت يسعى في اية فرصة للظهور ، وبالمقابل فإن الاصوات المعتدلة لا مكان لها عند الحديث عن اشكالية دينية ، اذا انها لن تجد مناخاً ملائما ومصيرها حكماً التكفير .
ولكن كيف ستعالج السلطة هذا الموضوع ، و كيف ستوازن بين علمانيتها ، وبين ابرازها لرجال الدين ورعايتهم والاستعانة بهم لايجاد حالة توازن بين عدم تنامي المد الاصولي والحفاظ على الشكل العلماني ، فهذا الشكل الصوري للعلاقة بينهما لايصح دائما ، و لا يمكن الامساك به دائما ، لا نعتقد ان هذا الامر بالهين ، وقضية المفتي الاخيرة ككرة الثلج ، لا احد يعرف اين ستستقر ، ولا اين ستقع .
و سواء اخطئ المفتي أم اثاب إلا ان ما يجري له هي تصفية على نار هادئة من السلطة السياسية والدينية ، وسواء اتفقنا ام اختلفنا معه ، فاننا سوف نترحم عليه عندما تظهر شخصية تحلل وتحرم على طريقة فقهاء دول الجوار .
انفورمرسيريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى