صفحات من مدونات سورية

دعاء جــّدك …. و سيارة الـ أودي

ذات مساء ليس ببعيد جداً كنت و صديق لي نتهادى في أحد شوارع المدينة متبادلين أطراف حديث لا لون له و لا طعم و لا حتى فائدة …
من دهليز العتمة التي لم تحبك خيوطها و تشتد بعد , نتـق شاب  حسن المظهر جيد الثياب , في عقده الثالث من العمر تاركاً الرصيف المقابل متجهاً صوبي بشكل مباشر بلا ميل و لا مواربة .
أقبلَ بشوشاً .. فاتحاً ذراعيه على مطلق سعتهما , بوجه مصحوب بإبتسامة تفوق الشارع عرضاً , كأنه مقبلُ على صديق عتيق .. لم يره منذ سنين طويلة .
مسرعاً حاولت إسترجاع صّور كل من أعرفه تماماً , أو نصف أعرفه قبل أن يصل إلـّي  باسم الثغر هذا.…  بقي بيننا مقدار خطوتين , و لم تسعفني بعد هذه الذاكرة الخائنة … تباً لها , بدأت أشيخ مبكراً جداً و هاهي قد أخجلتني و أحرجتني .
فات الآوان …. وصلْ !!! مد يده مصافحاً بحرارة و الإبتسامة قد إزدادت إتساعاً , و عيناه لهفة و لمعاناً … لم يكتفي .. بل شدني إليه و حضنني بقوة راسماً قبلة كبيرة – من الحجم العائلي على كل خد … تقبلتهما  على مضض – فاأنا أكره عادة تقبيل الخد بين الرجال خاصة المبللة باللعاب كهذه الُقبل … دائماً أدمدم في مواقف كهذا لابأس بالمصافحة يا أخي .. كنْ رياضياً !!! المصافحة و الربت على الكتف و الظهر دون الـقبل جيدة يا أبو الشباب ؟؟؟ . عبثاً
ألحقها بقبلة هوائية أخرى على كتفي الأيسر .. أو الأيمن … لا أذكر . عاد بعدها خطوتين إلى الوراء ناظراً إلـّي متفحصاً  من رأسي حتى أخمص قدامي , أعتقد لـيتـبـّين مدى تأثير هجومه القـــُبليّ علـّي ..
لم يكتفي ؟؟؟ إنهمرت الأسئلة كسيل جارف من علٍ .. عنـّي … صحتي … عملي .. الأهل و الأقرباء , الأصحاب و الخلآّن … أولادي الذين لم تنجبهم زوجتي بعد !! و زوجتي التي لم أتزوجها بعد .. و التي لم ألتقيها أصلاً …. العمل .. كل الأسئلة العمومية التي تخطر ببالكم  إندلقت عليّ دفعة واحدة بلا توقف .
كأنك ما عرفتني ؟؟؟ سألني … بإندهاش معاتب متفاجئ من قلة وفاء صاحب .
الحقيقة … لا … قلتها و أنا أتصبب عرقاً رغم إعتدال الطقس ذلك المساء . حمداً لله لقد سترت عليّ الظلمة الخفيفة و لم تكشف إحميرار وجهي .
قال : أنا … من آل كســّـار الجبال  ؟؟؟؟
قلت : أهلا و سهلا …. أنا لا أعرف أحد من هذه العائلة , قلت مخاطباً نفسيّ , إذاً المشكلة ليست فيّ أنا !! إختلط الأمر على صديق العتمة هذا تشبيهاً فهو حتماً يقصد آخر يشبهني … الحمد لله ذاكرتي بخير .
تابع : أنا جــّدي …. كســّـار الجبال  ؟؟؟؟ و بدأ يســّرد  الخوارق و الإنجازاته الما فوق بشرية و التي نسبها لجده .
قلت مقاطعاً إياه : أنعـّم و أكــّرم .. تشرفنا أخي الكريم بماذا أستطيع أن أساعدك يا حفيد الكـّسار  !!!
قال : أريد … ( كم ليرة ) …
و ماذا ستفعل بالـ ( كم ليرة ) ؟؟؟ سألته
إرتبك و تردد … و قال بصوت مبحوح .. أحتاجها لبعض الأمور .. ثم تراجع و قال أريد ان اشتري خبزاً .
يتابع … سأدعو الله أن يعوضك عن كل قرش .. ألفا . إن شاء الله .
قلت : لماذا ستدعو لـّي … الله أيضاً ربي و أستطيع أن أدعوه .. متى أشاء … و مجاناً .. بالمناسبة أين جدك  الآن ؟؟
قال : نعم نعم .. تستطيع و لكننا بيت ( أسياد ) .. أما جدي فهو ميت من زمان !!!
قلت : كيف سيساعدني … جــّدك الميت من زمان ؟؟ .. لو كان حــّي .. قلنا ربما .. أما و هو ميت … أجزم بأنه لا يستطيع حتى مساعدة نفسه … بكل الأحوال أنا لم اسألك مساعدة جــّدك يا أخي … و لا غيره من الأجداد و أصحاب الحظوات  ؟؟؟
أجاب منفعلاً متفاجأ من رديّ : إحذر … ثمّ إحذر .. إياك أن تسيء للأسياد و أصحاب الخطوة و الحظوة …. (( تروح فيها )) ؟؟؟
قلت : أنا لم أسيئ لأحد يا أخي ..  هو مجرد تساؤل ؟ هل تجاوزت قدرات الأجداد الأموات برزخ الحياة , بحيث يصيبونني أو غيري من الأحياء بخير من عندهم أو شر ؟؟ … أليسوا أموات ؟؟؟؟
قال : لهم كرامات عند ربهم يا أخي .. فاأنا أطلب بجاههم و جاه الصالحين و أخشى غضبهم و عدم رضاهم ..
قلت : يا أخي من بعد الله .. لا أخاف إلا عناصر الفروع الأمنية المرقـّمة منها و المسـّماة و لا أطلب إلاّ رضاهم … أوامرهم  و دعاءهم و كـّرامات رؤسائهم على رأسي من فوق … إن قالوا لي البقر … يطير .. سأقول يطير بل و عالياً … و يسكن بجوار النسور في قمم الجبال !!!! و البقرة تّبـيض بيضاً إن شاءوا …. طول عمرها الحكومة .. أفهّم مــّنا !!!! .
أجاب مرتبكاً : عن ماذا تتحدث يا أخي أنا لم أفهم كلامك ؟؟ … بالطبع للأجداد – السادة قوة خارقة …. ألم تشعر بشيء عند حديثك عنهم .. ألم ترتعش أطرافك  , ألم يتوقف شعر جسدك و شعر رأسك  !!!!
قلت : لو جنابك نزل من سيارة .. ( بيجو ستيشن ) مثلاً  أو ( جيب تويوتا ) … لشعرت بالدفئ و البرد , و الحـّر و القـّر و بنفس اللحظة .  و لشعرت بقيمة الحياة  و كم هو جميل أن لا تنالك ( طيارة تحط على رقبتك و تلعن أسلاف أجدادك )  … يا أخي  للجماعة  تأثير لا يوصف حتى و لو لم يتكلموا … هيبة يا أخي  (( شو هالحكي )) أما جنابك  فلا تؤخذني ….. بلا تأثير !!!  .
لذا … عدا الجوع الذي إنتابني من سيرة الخبز الذي تتسول  ثمنه … لم أشعر بشيء ؟؟ تابعت قائلاً .. طالما لجدك .. أو لأجدادك هذه السطوة و القوة … لما لا تطلب منهم … ( كم ليرة ) .. بدل إذلال نفسك بسؤال الناس
قال منفعلاً : نحن نأخذ بالأسباب … أنا لا أتســّول . أنت تعطيني من حر مالك  لأنني من عائلة كريمة مباركة , و ذلك حتى تستجلب البركة لنفسك و مالك و عيالك … و هذا لا يقــّدر بثمن ..
قلت : تقصد أن البركة لن تصلني إذا طلبتها من ربي بشكل مباشر , و هو أقرب لي من حبل الوريد … بل يجب أن أقدم طلب لجدك المصـّـون .. مهموراً ببركته و ممسوحاً بتراب قبره عدة مرات … و ثمن طوابع لحضرتك  حتى تصلني البركة نظامية مئة بالمئة !!!! .
إرتبك … حاول أن يبرر طلبه بكلمات ممهورة  بطابع  ديني … و إسنادات لم يتقنها .. أو تعلثم بها فطاشت عن إداركه الســّوي ؟؟؟
قاطعته …. تعال لنعقد صفقة بيننا و لكَ نصفها حلالاً …. إنفرجت أساريره قليلاً  بعد ضيق شديد من كلام لم أذكر هنا معظمه إحتراماً للأجداد الطيبين .
تابعت …. لا أدري إن كان تأثير جدك يصل إلى هنا  , كونه من مدينة بعيدة حسب قولك  … ليس مهم نسافر إلى مقامه فربما الإرسال هناك يكون أكثر وضوحاً و شدة .
تطلب من جدك الميت أن يساعدني  و يرسل لي 6 مليون ليرة سورية فقط لا غير .
و في حال تم تلبية الطلب , لك منها 3 مليون و أنا سأكتفي بـ 3 مليون … { لأنو حاطط عيني على سيارة أودي } ؟؟؟ !!
غادر زائر العتمة بسرعة كما جاء … و هو يبربر بكلام لم أفهمه … و يمكنك إستنتاجه عزيزي القارئ …. ليس فيه خير … لا لــّي …. ولا لجـــّده …..
مـّر حوالي الشهر , صدفته منذ أيام قليلة … كان الوقت ظهراً … واضحٌ أنه لم يتعرف علـّي … من المرة السابقة لظلمة الشارع وقتها …. سارع خطاه نحـّوي , أعاد و كرر نفس الأسطوانة من قُـُـبل و تمسيح  و طلبْ بركات لــّي  و سواه من طقوسه الفزلكية ..
إنتظرت حتى أنهى حديثه فقلت له بهدوء ….. أوليس بيننا إتفاق ؟؟؟؟
نظر إلــّي بدهشة و إستغراب ؟؟؟
قلت : أنا الذي ينتظر مساعدة جدك لشراء ( الـ أودي ) أبو الشباب
هرب صاحبنا لا يلوي على شيء !!!!!!
للعلم لن اشتري (( أودي )) لوحـّدي …. الشغلة بدها مال , أو جــّد له تأثير مباشر و قوي , و أنا لا أملك لا مال و لا جـــّد خارق …
فمن يرى في جـّـده القدرة الروحية على إستجلاب  (( أودي )) للعبد الفقير .. أي أنا … مثل التي في الصورة حصراً ( أعلى التدوينة ) .. فلا ينساني … برجاء أن يكون لونها – ميتاليك … و ( فول أوبشن ) , لكن غيار عادي … فا أنا  لا أحب الأتوماتيك …. و لا أريدها ( بفتحة سقف ) لكثرة العجاج عندنا في الرقة , خاصة في السنتين الأخيرة
رجاءاً : لا تقبل الطلبات الشرطية و لا التعديلات الفنية , و لا التغير بالمواصفات المذكورة أعلاه … شكراً للإلتزام ..

http://walidsham.wordpress.com/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى