في ذكرى إخفاء الرستناوي 18 نيسان .. كل السوريون معرضون للاختفاء
Syrian Enforced Disappearances، Facebook
نزار رستناوي- مهندس مدني ( مواليد 1960 – متزوج وله ثمانية أولاد ) كان أحد الناشطين في لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا ثم إنضم إلى كوادر المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا ، قبل أن يتم إختطافه من قبل جهاز الأمن العسكري في مدينة حماة
اختفى المهندس نزار رستناوي مع سيارته وهو في طريقه إلى منزله في قرية مورك بمحافظة حماة بتاريخ 18/4/2005 وأنكرت سلطات الأمن السورية أنه معتقل لديها حتى شوهدت سيارته في إحدى فروع الأمن حيث اضطرت الجهات الأمنية للاعتراف بأنه معتقل عندها في 2/5/2005 .
وتحتفظ اللجنة السورية لحقوق الإنسان بمعلومات موثقة عن المعاملة المهينة واللإنسانية التي تعرض لها نزار رستناوي خلال فترة التحقيق معه، وأثناء فترة محاكمته التي استمرت سنة وأربعة شهور (أي من الشهر السابع 2005) . و قد تم تقديمه إلى محكمة أمن الدولة العليا في دمشق (محكمة إستثنائية) التي أصدرت بتاريخ 18 / 11 / 2006 حكما يقضي بسجنه لمدة 4 سنوات بتهمة نشر أنباء كاذبة من شأنها وهن نفسية الأمة حسب المادة 286 من قانون العقوبات السوري وبالسجن لمدة سنة واحدة بتهمة ذم رئيس الجمهورية سندا للمادة 276 من قانون العقوبات السوري ثم قررت دغم العقوبتين وتنفيذ العقوبة الأشد وهي السجن لمدة أربع سنوات ، ويذكر أن منظمة العفو الدولية قد إعتبرت الزميل رستناوي معتقلا للرأي والضمير بموجب الوثيقة رقم MDE 24/074/2005 بتاريخ 18/8/2005
تواردت الأنباء عن حدوث عصيان في السجن الذي يضم أكبر عدد من المعتقلين بمعية وأحكام قانون الطوارئ في” سورية، استرعى الخبر وقتها اهتماما حقوقيا وإعلاميا واسعا، خاصة مع الاتصالات التي وردت من معتقلين داخل السجن تتحدث عن وقوع ضحايا من بين السجناء أثناء محاولة قمع التمرد من قبل السلطات. سرّبت أسماء تسعة من السجناء القتلى خلال اليومين الأولين من الأحداث مع التأكيد أن الرقم بلغ وقتها فقط ضعفا ونصف، لكن مع انقطاع جميع وسائل الاتصال بعيد ذلك بقليل ما بين السجن والعالم الخارجي، دخلت الأمور في دائرة المجهول ولاتزال حتى اللحظة.
السلطات السورية اكتفت بتعليق مقتضب عبر وكالة أنبائها الرسمية تقول فيه إن عددا من المساجين أقدم على «إثارة الفوضى والإخلال بالنظام العام… مما استدعى التدخل المباشر من وحدة حفظ النظام والسيطرة على الأمور».
بتلك الكلمات أقفل على الموضوع رسميا وكأنه لم يكن، حتى مع توارد الأنباء عن تجدد الاشتباكات في السجن بعد شهور خمسة، وحتى مع ما تردد ويتردد من أنباء-إشاعات حول مقتل العشرات من المعتقلين.
سنة كاملة مرت على أحداث سجن صيدنايا العسكري الذي يشكل المعتقلون الإسلاميون أغلبية عظمى فيه، بالإضافة إلى بضعة عشرات من المعتقلين الديمقراطيين والنشطاء الأكراد. سنة مضت أصبح معها السجن ومن فيه مثل القلعة المسحورة التي اختفت من الوجود بتعويذة ما.
كل ما يحكى الآن عما حصل وعما آلت إليه مصائر المعتقلين، هو أشبه بالحكايات التي لا يعرف فيها الخيال من الحقيقة. روايات مختلفة اختلطت فيها التسريبات بالإشاعات، وتنوعت إلى حد يقنع الجميع أن أيا منها لا يمكن أن يكون صحيحا مادام نفي الروايات الأخرى لم يقع.
ضجيج ما حصل كان يجب أن يتحول إلى همس وثرثرة حول الممكن وغير الممكن، حول الاحتمالات والتوقعات. ومأساوية ما حدث كان يجب أن تتحول إلى فعل مضى يجري الحديث عنه وكأنه وقع قبل دهر، بقليل جدا من الانفعال والكثير من التسليم والحياد، ترك الباب مفتوحا للاحتمالات جميعها حتى أسوئها بغير نفي أو تأكيد، بحيث يعيث فيها الزمن فعله ويفرغها من انعكاسات كانت متوقعة قبل أن تصبح من الماضي.
حتى تحركات أهالي المعتقلين خلال الأسابيع الأولى من الأحداث، من الاعتصامات إلى العرائض إلى التنقل ما بين الجهات الرسمية والمنظمات الحقوقية بحثا عن معلومة أو «إشارة» تطمئنهم عن أبنائهم، تحولت إلى صمت مديد لا تقطعه إلا الابتهالات والصلوات. و«الإشارة» تختلف عن النبأ اليقين، بأنها توحي ولا تؤكد، لكنها تبقى المصدر الوحيد لتهدئة الألم والقلق الذي يعتري العائلات على مصير أبنائها. والمتاجرة بتلك «الإشارات» يشكل سوقا مزدهرة لبعض المرتزقة الذين يستغلون لوعة الأهالي ضمن التكتم المطبق رسميا، فيدّعون إحضار خصلة شعر من الابن أو رسالة شفهية من الزوج! مقابل مبالغ طائلة، وكأن الزمن يعيد نفسه دائما متيحا لجميع الأطراف لعب الأدوار نفسها مرة بعد أخرى.
لم يبق إلا أمل ضئيل بانتظار المنتهية أحكامهم للخروج وسؤالهم عن أحوال من يعرفون ويتذكرون، لكن حتى هذا الأمل ذهب سدى مع عدم الإفراج عن أي ممن انتهت أحكامهم حتى الآن وفقا للعديد من المصادر الحقوقية، فهل ذلك لأن مكروها أصابهم، أو للإبقاء على سياسة التعتيم حول ما حصل، وإن كان بالفعل أي من المعتقلين لم يفرج عنه، فما مصدر الشائعات التي تتحدث عن وفاة هذا السجين أو ذاك بالاسم؟!
قد يكون الزمن دفع بالعديد من الأسئلة إلى مرتبة متأخرة، كما أريد لها تماما، لكن السؤال الذي لا يتراجع ويبقى ملحّا ومتجددا كل يوم، هو ما مصير السجناء في سجن صيدنايا العسكري؟ وأين من أنهوا أحكامهم منذ أشهر من غير أن يفرج عنهم؟ وأين الناشط الحقوقي نزار رستناوي الذي كان من المفترض أن يفرج عنه منذ نيسان/أبريل الماضي بعد سنوات أربع في المعتقل بتهمة نشر الأخبار الكاذبة إياها.
هذا السؤال لا يتقادم ولا يفقد شيئا من زخمه وانفعاله بالنسبة لزوجته وأبنائه الثمانية وعائلته وأصدقائه، طالما أن السجن لم يختف ولايزال جاثما هناك على مساحة شاسعة من الأرض والهواء والذاكرة، ضد كل التعاويذ والسحر”.
كان يفترض أن يفرج عن السيد نزار رستناوي قبل سنة تماما من الآن، في نيسان / أبريل 2009. ومع ذلك ، يظل مكان وجوده مجهولا، إلى اليوم .. أبلغت حالته إلى الفريق المعني بالاختفاء القسري في الأمم المتحدة، إلا أن هذا لا يكفي على أهميته، فهو ليس أكثر من توثيق رسمي للحالة، وسيبقى الاختفاء القسري للرستناوي هو جزء ممارسة تتم على نطاق واسع ضد السوريين، وإذا لم يهتم السوريون لحالة نزار وغيره من آلاف الحالات السابقة ، وتلك اللاحقة فإنهم جميعاً سيقون مهددون بخطر الإخفاء، نزار والفتاة آيات وعشرات الذين اختفوا بعد أحداث مجرة سجن صيدنايا وعشرات بعدهم ممن يعلم السوريون وممن لا يعلمون هم علامة على استهداف كل سوري.. لن يتقوقف هذا التهديد الذي يعتبر من أخطر الجرائم ضد الإنسانية والآدمية السورية إذا بقي السوريون على صمتهم إزاء ذلك.
———————————–
المصادر:
1. لجنة حقوق الإنسان السورية
2. البيان المشترك للمنظمات الحقوقية بشأن اعتقال المهندس نزار رستناوي وهي
الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا
لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا – عضو الشبكة السورية لحقوق الإنسان
المرصد السوري لحقوق الإنسان
مركز الشام للدراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان
منظمة حقوق الإنسان في سوريا ( ماف )
المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا
المركز السوري لمساعدة السجناء
المنظمة العربية للإصلاح الجنائي في سوريا
المنظمة السورية لحقوق الإنسان ( سواسية )
المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا
المنظمة الكردية للدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان في سوريا (dad )
منظمة حريات وحقوق
3. مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان،
4. الشبكة الأورو متوسطية
5. مقال المحامية رزان زيتونة – أين هو نزار رستناوي؟