صفحات من مدونات سورية

العوالم الثلاثة

تستخدم المقالات والتقارير مفهوم العوالم الثلاثة ، الأول والثاني والثالث ، وعادة ما تقوم التقارير الأجنبية بالإشارة إلى “الدول العربية” أو “دول المنطقة” بمصطلح دول العالم الثالث .وأصبح مفهوم العالم الثالث مرتبط بالأذهان بالدرجة الثالثة و بمظاهر الفقر المادي والتخلف التقني والديكتاتورية السياسية والعديد من الأفكار غير المستحبة عالمياً والصفات السلبية في المجتمعات والدول .
قد يبدو من البديهي اعتبارنا ( كسكان للشرق الأوسط ) ضمن مجموعة الدول المتأخرة والأخيرة كون أغلب دول المنطقة تقع في أدنى درجات السلم التقني والصناعي وإجمالي الدخل القومي وحتى المجال الرياضي وحريات التعبير. أي لا يوجد تعجب أو امتعاض من تصنيفنا ضمن مجموعة آخر الدول . لكن عملية البحث عن المقاييس المرجعية التي يتم بها تحديد التصنيف المناسب لكل دولة ليتم ضمها إلى واحد من العوالم الثلاثة ، أي البحث عن المواصفات التي تقسم الدول ضمن المجموعات الثلاث ، توصل إلى نتائج غير متوقعة ومن الممكن اعتبارها غريبة !
إن عملية التصنيف لا تخضع لمقاييس حيّة وشروط يجب على الدول تحقيقها لترتفع بالتصنيف أو تسقط منه في حال عدم استكمالها للشروط ، فكل ما في الأمر أن عملية التفرقة بين دول العالم الأول والثاني تعود لأيام الحرب الباردة وتخضع للتوجهات السياسية بالمرتبة الأولى أنتجت فيما بعد فرقاً وتفاوتاً في المجالات الصناعية والمادية والفكرية لفرض هيمنة المنتصر وتراجع هيبة الخاسر .
فمصطلح العالم الأول أطلق كتسمية دالة على كتلة البلدان الديمقراطية الصناعية الرأسمالية ، والتي وقفت في الطرف الأميركي في الحرب الباردة وتتألف من أميركا الشمالية وأوروبا الغربية واليابان واستراليا .أما مجموعة العالم الثاني فتتضمن الكتلة الشرقية للدول الاشتراكية الشيوعية آنذاك والتي كانت تتشكل من الجمهورية السوفيتية الاشتراكية قبل التفكك إضافة إلى الصين .
وتبقى قائمة دول العالم الثالث لتشمل جميع الدول التي لم تصنف ضمن العالم الأول والثاني أي الدول التي لم تلعب أي دور في الحرب الباردة ولم تقف بجانب أي قطب من الأقطاب. أغلبها من الدول النامية مع وجود بعض الاستثناءات ، لا تحمل صفات سياسية اقتصادية مشتركة فمجموعة العالم الثالث تضم الدول الرأسمالية ( فنزويلا مثلاً ) والشيوعية ( كوريا الشمالية ) على حد سواء أي أنها لا تحمل توجه فكري مشترك أو سياسة مشتركة بل وجود جميع دول العالم الثالث ضمن هذا التصنيف نتيجته عدم الانخراط ضمن الحرب الباردة فقط لا غير . ووقوفها في الحياد جعلها دول غير فاعلة عالمياً وغير مؤثرة على موازين القوى ، لذلك نجدها في مؤخرة الركب وفي أسفل سلالم التصنيف كونها غير مواكبة للأحداث وغير منخرطة ضمن المنافسة السياسية التي عادة ما تكون السبب الرئيسي وراء التقدم العالمي الاقتصادي والصناعي على حد سواء ( معظم التقنيات الحديثة تم ابتكارها وتطويرها لغايات عسكرية قبل أن تتحول للاستعمالات المدنية كالموبايل والكومبيوتر وأجهزة تسجيل الصوت وأجهزة الرؤية الليلية) . وهذا ما نراه اليوم على أرض الواقع الذي يشهد ازدياد مسافة الفصل بين دول العالم الأول والثاني من جهة والعالم الثالث من جهة أخرى .
هل يوجد عالم رابع ؟
ظهر مفهوم العالم الرابع في عام 1974 عن طريق جورج مانويل – المطالب بحقوق الأقليات الأصلية في البلاد – وكان قد استخدم مصطلح العالم الرابع للإشارة إلى الأقليات العرقية والأمم والقوميات الأصلية المشمولة ضمن الحدود الجغرافية لدولة ما ، وقد غاب المفهوم تدريجيا مع تبلور مفهوم المواطنة والتخلص من التمييز بين المواطن الأصلي والمواطن ذو الأصول الأجنبية .

http://www.syriel.net/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى