حالة الطوارئ في الجامعات السورية
برادوست آزيزي*
حصيلة السنة الماضية من بطش الأجهزة الأمنية السورية تجاه الفئة الطلابية في الجامعات السورية توجت بإعتقال العشرات من الطلبة الجامعيين في جامعتي دمشق و حلب ، زجوا في أقبية السحون من دون أمر قضائي أو توجيه تهمة معينة إليهم و بذلك حرموا هذه السنة من تقديم امتحاناتهم و بالتالي رسبوا في موادهم الجامعية ، علماً أن طلبة جامعة دمشق اعتقلوا على أثر تنظيمهم لرحلة ترفيهية بحجة عدم الحصول على موافقة الجهات المختصة أي ” الأمن السياسي” .
طلبة جامعة دمشق المعتقلين لم يشاركوا بمظاهرة أو احتجاج و اضراب للمطالبة بإطلاق الحريات العامة أو رفع هيمنة الأجهزة الأمنية و تسلطها عن حرم الجامعات ، لم يطالبوا باستقلال الجامعة عن قرارات حزب البعث و لم يطالبوا أيضاَ بالرئيس السوري بشار الأسد بتقديم استقالته أو إلغاء حالة الطوارئ و الأحكام العرفية ، بل نظموا رحلة للترفيه عن النفس قبل بدء مشوار الإمتحانات و هل أصبحت الرحلات تشكل خطراَ على نظام البعث في سوريا و توهن نفسية الأمة ؟ أم أن التواصل بين الطلبة و النزهة باتت من المحرمات قد تثير قلق أجهزة الأمن و المخابرات السورية!!؟..
الجيل الشبابي الجديد لم يتعود بعد على الترويض و الخوف و ميول و اتجاهات هذا الجيل غير معروف لدى النظام السوري مع ملاحظة حالة من عدم الرضى نتيجة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد بسبب سياسات حزب البعث و قد يسبب ذلك من اهتمامهم بالشأن العام أكثرفي عصرٍ تطور فيه وسائل الاتصال الجماهيري ، لذا نجد أن النظام السوري يتخذ تدابير أكثر قمعاً و صرامةً لخلق جدران من القلق و الرعب كما فعلته هذه الأجهزة مع الأجيال السابقة ، لضمان استمرارية بقاء نظام توليتاري على سدة الحكم..
بالرغم من مرور ثلاثون عاماً على صدور اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات السيئة السمعة ، إلا أن الرئيس السوري أصدر المرسوم رقم في عام 2007 250 ، و على الرغم من إجراء تعديلات بسيطة في هذه اللائحة ، لكن بقيت المواد 122و 123 و 124، الفصل السادس من هذه اللائحة على حالها و لم تتغير، فقد يفصل أي طالب جامعي و يحرم من إتمام تحصيله العلمي بتهمة المشاركة في أعمال ذات طابع سياسي ، لذلك يكون التعبير عن الرأي في الجامعات السورية من المحرمات ، هذا ناهيك عن إنتشار ظاهرة الوشاية في صفوف الطلبة ، فكل من يدخل اسمه للقائمة السوداء مصيره الاستجواب و التنبيه من قبل المسؤول الأمني في الجامعة ، الذي يفترض أن يحمي أمن الجامعة ، لا يقمع الطلبة لمجرد ميولهم الفكرية و آرائهم..
في عام 2004 فصلت مع العشرات من الطلبة الأكراد السوريين بسبب تنظيم مظاهرة سلمية ، فقد طالبنا حينها بإيقاف إطلاق النار في مدينة القامشلي من قبل الأمن السوري ، حيث قتل و جرح حينها المئات من المواطنين العزل ، إلا أن الأجهزة الأمنية السورية تعاملت معنا بقساوة ، عدا عن فصلنا من الجامعة ، اعتقل آنذاك المئات من الطلبة الجامعيين و زجوا في أقبية الفروع الأمنية و تعرضنا لأشد أنواع التعذيب النفسي و الجسدي ، حتى آل الأمر بنا إلى ترك سوريا بعد اطلاق سراحنا..
بالمختصر المفيد لا تستطيع الجامعات السورية أن تنهض من جديد و تتخلص من هيمنة الأجهزة الامنية البعثية و سلطة منظمة حزب البعث ما يسمى “الإتحاد الوطني لطلبة سوريا” ، بدون تحرك فعلي داخل الجامعات السورية كي يرفع الحزب البعث يده عن الحرم الجامعي المنتهك منذ استلام هذا الحزب السلطة في سوريا و حتى وقتنا الراهن، وها قد دخلنا للعام الجديد الذي لن يختلف عن سابقه مادام أن البعث يعتبر الجامعات السورية جزءاً من ملكيته الخاصة ..
*مفصول سابقاً من جامعة دمشق بتهمة المشاركة في أعمال ذات طابع سياسي
خاص – صفحات سورية –