مختارات: خضر سلفيج
مزامير من أجلهم
خليل عبد القادر
الزمن الذي مزّق ضلع الريح،
يتعرى عالياً على أشجاننا.
العرّافون الذين يثيرون غبار الموتى،
على عكاكيز أحلامنا
يسحقون النهار بمطارق الندى.
النهار الذي يتصفح
كتاب الغياب.
سعد أسعد
مائدة ضوضاء، بانتظارنا
وناي،
يتلكأ بين ضفائر
وشـّحها الجوادُ الأصيلُ
بين زبيب وحجل محمّـل بالحرير.
إبراهيم اليوسف
بيننا “الأفندي”
الحليب الأول
أنوثة النعناع.. بيننا.
بيننا طفولة الحجر
بيننا البساط الهندسيُّ
قبلة الله.. بيننا.
بيننا انسحاب الرماد
الهديل الحلو.. بيننا.
بيننا غزو المطر.
محمد عفيف الحسيني
المنفى الذي أشعل لحاف وردك،
يتقدم ندى سريرك،
يحتذي خطاك،
تلك لعبته؛
لعبة من يعلّق العمر
على رمش أغنية،
ويستبق أجنحة المكان.
للمنفى ما يشبهه
يشبهنا هذا التغير؟
عشق قديم.
تكاثر في حنين الكلام
ونام.
فريد ملا أحمد
وحده يجمع المراثي
واضح الشجن
كان يذهب جداً في الحلم
فيما يشبه ذعر الأسئلة.
حوذي الأغاني،
خلفَ جند من الأيائل
ومرايا كسّرتها الأميرة!.
ميشيل سيروب
صائد الوعول
يدخـّن المكان على بساط
أرض بعيدة
وفي شعاب محتشدة
بطيور خريف بعيد..
حسين الشيخ
احرص على الوردة،
احرص على الوردة،
في معصمها سادن الريحان.
بعد هذي المنافي
وانحسارك أو ضياعي
خريف يمسّد الورد والكلام
وحزن يرشق ما تبقـّى
من رذاذ البيوت.
سهيل الشبلي
القلب يلبس قبعة،
ويضحك في شارع مغلول
يصعد الدرج الرخاميّ
ويكنـّس البيوت التي مررنا بها
من لصوص الزوايا الراكنة.
سنُسمي الصعود على العتبة
سنُسمي الخوف من بعيد.
سنُسمي السماء وحدتك،
تلك هي، آثار قداسة موتنا، توقظ الحبـق
في بالنا.. تلك هي في أعلى المنازل
كلام سيمضي بنا حيثما
شاء الملائكة.
ميكائيل إبراهيم
سنأتي على قلقٍ ونخرجُ إلى “مركَهْ سورْ”.
سنُخرِجُ الجبلَ من مِعطفه ونردُّ يأسنا إلى “هولير”، وفوضى الرزنامات الحديثة. سنأتي على قلقٍ وفي جيوبنا ملاحم النحل وقائمة بأسماء القتلى من العاشقين ونسلـّم الخنجر إلى حدادين جهابذة لينشدوا صمته المتعب، لتـُكوى وجنة الفجر من وهج القبلات. سنأتي على قلق نحمل دماثة صلواتنا الأولى، سنخرج إلى “مركه سور”، إلى مصبّ الجداول التي أشعلت رُمـّان الأبد.
سنرجع إلى “مركه سور”
سنرجع إلى “مركه سور”.
فتحي
في “سرسنك” وصايا سريّةً
لا تبخلُ الحبّ
وتعبدُ أقماراً توزٍّعُها
فوق هدب الصباح
صهوة نسرٍ أو حصان
ملامحُ حين تُعانقنا
ونعانقها
تتعثر في خطوها.. هكذا
فيسترقُّ المكان.
كم بلغتَ من السُكر؟
قل أيها الفتى الكرديُّ
ياقاتل الموتِ.
كم بلغت من النرجس الميديِّ؟
قبل أن نتعانق ثانيةً
وتُطل الملامح فينا
مُشرعة لفضاء الأساطير
جياداً ستشهد فينا
سلّم الأبد.
شتاء بلغاريا، 2006
نِصفُ الغائب
رودي
فرَسُ النبيِّ
عاد مخموراً..
أغلق يديه على حفنةٍ
مِن أسماك العراء،
وأطلقها في زورق
المـَلاك حزناً.
الغريب
سنلتقي على عجل،
سريعاً،
ونقشـّر برتقالة البلد
شفة، شفتان، أو ثلاث..
يالهذا الطعم المرهق،
يالسورة الحنين، تشهد
سلـّة أشجاننا المعلـّـقة!
مِشجَبٌ فاضحٌ
ومِعطفٌ،
غادرت ياقـَتـهُ الخـُزامى.
مقام الغريب
مقامُ الغريب على جُثــَةِ الحُلم
ظِلٌّ
يتثاءبُ بـِكََـَسلٍ
لأن الهواءَ قليلٌ
والليالي ثقيلةٌ
مقامُ الغريب
مهرجان أروقَـةٍ
فسحة ًما وراء الجواب.
شَمسه حَمّي هِِجو
نشمُّ آذانَ العشاء
من يدها،
وطعم الله.
كذكرى، واقفة ً على بابين،
نخرجُ من أردانها،
نطاردُ رفّ الحمام،
وصوتها راعِشٌ بالصلاة.
جَزَع
في المنفى كلامٌ كثيرٌ عن البيتِ
والوشاح
والذكر الحكيم
يفرُّ من الحنين
كي لا نقيم أحزاننا في المحطات
أو في زمهرير المرافئ
كلامٌ سنحملهُ مِلأَنا
كي يطوف الحنين – دهرا-
شرفاتنا
ضاقَ ثوبُ الأفق
وفي المنافي ما يُـشبُـه المشنقة.
نِصفُ الغائب
ترفع القرى التراب عن مآذِنها
وتشدّ العربة
في الطريق إلى نِصفِ سرٍّ
أنا الطفلُ ما زلتُ أُحصي نوافذها
على هدبي ـ حبّاتُ عِنـَبٍ للغياب
وأرفع كؤوس لـَهوي
كأني أراوِغُـها جُنـداً
وألجأ إلى مَخدِعي
أحرِّكُ هذي الرياحَ
أحرِرُها من خرابي
وأقول أطلقي نِـصفَ سرِّها الغائبِ
وأشهدي جَـفرَ هذي الجراح.
أنا الطفلُ ما زلت أُبدِعُ أقَـداري!.
شتاء بلغاريا، 2007
صيف
يتعذر على قيظه، أن يدرك حـُمـّى القــُبل ِ
أن يرتدي جسده قماش الحواس
وابـِلٌ وهْجـَهُ
سريعٌ ظِـلـَّـهُ
عاجلٌ غُبارهُ
يدلـِقُ نـَداهُ المالح على ثـَدي العنب
وبسقي ٍ من مرايا لاهثةٍ
كلهْـث كِلاب الصّيد،
في أقصى الغروب
يستفرغ الأيام مثل جَـمْر القـاسياتِ،
و حين ينوي غزوىً أو يَهـِمُّ بعـِراكٍ،
يقتعد كرسيَّ الشـّغبِ
يُطـْلِقُ ساقها ابنة َ القشِّ
في العتبات.
صيفٌ شقيّ،
يتربصُ ثدي العنب!
لاتكتبْ في بـَنــَفـْسَجـِها
الحزن
أيّ كتابٍ هو الحزنُ
صوفيُّ الندى
إمامُ الفضاء
يكتبُ الصِبيـَة ُ
على دفتيهِ
غشاوة فحولةٍ عالقة.
الفرح
أيّ كتابٍ هو الفرحُ
عرسُـهُ ومضة ٌ
على خيط ناي.
الحبُّ
أيّ كتابٍ هو الحبُّ
جناحُ هشَاشـَةٍ
تكسر روحه
وتغسله ماء
نبع العيون.
الروح
أيّ كتابٍ هي الروحُ
بحيرة ٌ
لاتكتب في بنفسجها
الوجع.
أمّي
أي ُّ كتابٍ هي أمي
حليب الورد،
دماثة أجراسه الحانية.
عراء نهد الشجن
حين يكشفه
لِحـَاف الدلالِ ِ
تفاحٌ يَسِنّ
دساتيرَ تشكيل ِ الفاكهة.
الماء
أيّ كتابٍ هو الماء
غيبٌ
لايغمض له عين.
النار
أيّ كتابٍ هي النارُ
جنونٌ
ينام على كتف
عاشقة.
الهواء
أيُّ كتابٍ هو الهواءُ
الشقيُّ،
الحالمُ،
الوحيدُ لوالِديهِ..
الأرض
أيّ كتابٍ هي الأرضُ
قامة ٌ
يلهو بخصرها المطر.
نوروز
أيّ كتابٍ هو نوروز
كأنـّي به
سلّة للمزامير
على حافة الشّمس
طقس الندى أن يعودَ المحارب.
عَدْلـَهْ
سماء
تجمّعت في مِحراب الحرير
سيرةَ روحي
مأوى لأهداب التعب.
أمينة شيخ حسن
عذوبة الضوء
أُمـّنا التي في شِفاء القلق
دعاءٌ
أسبابـُهُ حَرْبُ الحنان.
الكون
لايصغي بأسمَاعِه إلى لغوٍ ولايسرِع بأبصارِه إلى لهوٍ
بهياً يرعى اللغة بالبهاء
لايطفأ عن الشاهدينَ بـُرهـَانـُهُ
ويفزع ُ إلى الإقرار بمتشابِههِ وموضّحات بيـّـناتِـهِ
افـْرِشني مولاي مـِـهَادَ عذوبتـَك
وأوردني مشاع َفِطنـَتك .