أفضل الجهاد عند الله .. الاستشهاد متزوجا من أربع عقائل!
احمد عمر
أجرى موسى العمر حوارا مع العلامة والفقيه محمد سعيد رمضان البوطي حول أعماله وفكره (عرض في قناة الدنيا في رمضان، وحاليا يعرض في قناة الحوار). مبغضو البوطي في حب الشيطان كثر، لكن محبوه في الله أكثر. وقد شهدت حفل توقيع كتاب له تزاحم عليه المعجبون تزاحما لم أشهده من قبل، إلا على رغيف الخبز، وهو شيخ جليل معروف ومحترم في العالم الإسلامي كله، وأشهر كتبه على الإطلاق هو ‘فقه السيرة’ الذي طبع للمرة الثامنة والعشرين. انجازه الأكبر في مجال العقيدة والفلسفة، فكتابه ‘نقض أوهام المادية الجدلية’ كتاب مهم ومقروء حتى الآن. وهو رجل أسيف، رقيق، غزير الدمع، سريع العاطفة، يتدفق لوعة في المشاهد الجليلة الرقيقة من ‘السيرة النبوية’ وسير الصالحين ومشاهد الرحمة أو الهول في القرآن الكريم. وقد شهدت مع احد معارفي مشهدا في احد برامجه التلفزيونية وهو يغالب دمعه، عند ذكر النار واهوالها فاتهمه بالنفاق! النفاق لمن لا اعرف؟ قال انه ممثل بارع ؟ معارفي يحبون ممثلي السينما البارعين، لكنهم يعادون ما جهلوا. انها قضية نصف الكوب، بعضنا ينظر إلى نصف الكوب المليء وبعضنا الآخر إلى نصفه الفارغ. لم نر كوبا مليئا في حياتنا؟ وبعضنا لا يرى لا الكأس ولا الماء؟ وقد أبدت صبية لا تنتمي إلى دينه إعجابها به لأنها ورطته في مصافحة فصافحها محييا باشا! لكن الإنسان، الذي كان أكثر شيء جدلا، رأى في جلسته في الحوار (كان مرتاحا يضع قدما على قدم) في البرنامج المذكور عُجبا؟ لعل ذلك عائد إلى ما وقر في نفوسهم من الأدب النبوي، إذ لم يُر النبي صلى الله عليه وسلم مادا رجليه بين أصحابه قط. المكان الذي صور فيه البرنامج شرقي، الغرفة مزينة ومرقشة بالقيشاني والفسيفساء.. لعله احد قصور دمشق القديمة، قصر العظم مثلا، إلا أن محاوره لم يشتف لنا منه، فلم يكن عنيدا كما يجب، يسأله ويهرب، كأنه متهم، أسئلته سريعة، يقفز منها المحاور قفزا معه من غير ان يشبع الأجوبة أو يجلّيها، وصياغة الأسئلة ليست متقنة؟ وسآتي على اتهامي بمثال بعد سطرين.. على الناصية. وقد استغربت حقا موقف البوطي، وهو في معرض الحديث عن الأدب الإسلامي، الذي يمثله خير تمثيل مصطفى صادق الرافعي، من نجيب محفوظ الذي اعتبره اكبر المفسدين لجيله! ترى أي كتاب يقصد؟ الثلاثية الفرعونية أم الثلاثية القاهرية؟ الحرافيش أم القاهرة الجديدة؟ الأدب في مفهوم البوطي يعني البيان، وجمال العبارة، وحسن الجرس، وقد تغيّر هذا المفهوم كثيرا. انه، أدبيا، لا يزال يقف على الأطلال. أظن مثل جمال الغيطاني أن نجيب محفوظ، الذي أوصى أن يدفن في الحسين كان مؤمنا صوفي الهوى، وهو لا يشبه إحسان عبد القدوس الذي أسرف في تصوير المشاهد الغرامية ومشاهد الحب والهوى الضارية. اعرف نقادا يساريين يتهمون عبد القدوس بالبورجوازية والمجانية ومخاطبة الغرائز. عمرو خالد اعترف بأنه تدرب على أدبه، واستفاد منه؟! أترى قصد البوطي رواية أولاد حارتنا؟ وهي رواية رمزية – ليست في مستوى رواياته الأخرى – موازية لسير الأنبياء عليهم السلام؟ أظن أن محاوره كان ناعما طريا، لم يستطع أن ينبش أو حتى يستطلع آراء ضيفه في الحياة جيدا، أتراه كان يجرؤ أن يسأله عن رأيه في نزار قباني مثلا؟ لكنه سأله سؤالا حادا بالقياسات المتداولة في بلاد المهالك والمعالك وهو: ما رأيك في الحديث الشريف الذي يقول: انّ أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر؟
وقد عجبت مرة ثانية لجواب البوطي الذي قال ما معناه: وما أدراك أن قائل قولة الحق قد أراد منها المباهاة؟
أنا اعتقد أن قول الحق وعند سلطان جائر، هي من أعظم الجهاد، فإن أراد قائل الحق المباهاة فله اجر واحد على الأقل، بل ان الشيخ جودت سعيد
(في حلقة من الاتجاه المعاكس) يمضي بعيدا إلى تعطيل الجهاد ضد العدو الخارجي، معولا اشد التعويل على هذا جهاد قول الحق واظن انه معذور! أظن أن المباهاة في هذا الموضع تعتبر من أعظم الجهاد.
وفي معركة بدر: ان أبا دجانة كان إذا اعلم رأسه بعصابة حمراء علم الناس أنه يقاتل، فعصب رأسه بها وأخذ السيف وجعل يتبختر بين الصفين. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنها مشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن)…
شخصيا لا اجرؤ على قول الحق في وجه إنسان عادل فكيف بسلطان ظالم. أنا أقول – راقصا مصفقا مدبكا- للأعور الذي تطير من عينيه الشرار: يا ‘عين’ مولاياتي واطنعاش مولية..
حفل زفاف جماعي في غزة
احتفل الغزيون المحاصرون (الجزيرة مباشر) في المسادا الفلسطينية
‘مسعدة’ التي سرقها المحتلون من الذاكرة الفلسطينية وأسموها المسادا، وجعلوها أسطورة من تراثهم. احتفلوا بحفل سبعين من جرحاهم الشباب، بينهم مشلولون ومقطوعون وعرجان.. أذهلني خبر شريط إخباري في قناة الدنيا، يقول: ان نسبة العنوسة في فلسطين هي من اقل النسب عربيا، وقرأت مرة ان نسب براءات الاختراع في فلسطين عالية ومن أعلى النسب العربية! استضاف المحتفلون العريس اسعد النحال الذي راح يهذي شعرا ويخطب يد فتاته وهو تحت البنج، مسجى في الدم والفوسفور الأبيض، وهنأوه على زواجه.
شهدت مرة حوارا بين شخصين في مقهى؛ واحد من أهل اليمين والثاني من أهل الشمال:
اليميني قال: لا افهم سبب سعيكم ونضالكم من اجل مساواة المرأة بالرجل. الله من سابع سماء شرع لنا الزواج من أربع، بشرط العدل، وانتم تريدون شطب القرار الإلهي؟
الشمالي: أولا أنا لا اعترف بالله – كان يريد أن يضيف إلا إذا اعترفت به الرباعية – ثانيا، أنت قنوع وتكتفي بأربع بينما أريد أن تكون كل صبية جميلة زوجة محتملة من غير عقد ولا نكاح .لا مسؤولية ولا قنبلة ديمغرافية (ترعب إسرائيل، رائدة الحداثة في المنطقة)!!
واشتكى أمامي صديق ثالث متزوج من زوجته شكوى مرة، فقال له الصديق الثاني مؤاسيا: يلعن نصف دينك.
ولم يكن المشتوم حتى نصف دين، لأنه لم يكن يقوم بواجبات نصف دينه، في معابد أخرى، إذ كان يتعبد ويجاهد في أنصاف أديان الآخرين!
يسمون الزوج ‘عقيلة’ فإذا كانت نصف الدين فانها كل.. العقل؟!
هدايا من اليمن غير الطرود الطائرة:
أفادت أنباء الجزيرة عن قرية يمنية تنتمي إلى حمير اسمها دلب حسن الحميري، أهلها أنصاف عراة، حفاة، وضفائرهم طويلة، وهم يـتأسون بمجاهد كبير لهم خرج من السجن فعاد عاريا إلى أهله، لكنهم يا سادة يا كرام، مسلحون بأحدث الأسلحة الحديثة، ويمتطون نوق اللكسزس وخيول الشفروليه وافراس الهامر! كنت أوهم نفسي بأن الله منّ على كوبا بدكتاتور (لقبه صديقه السابق غابرييل ماركيز بدكتاتور الأبقار، وللأبقار قصة طويلة ليس هذا موضعها) يستطيع أن يخطب ست ساعات متواصلة، لكن أمريكا تكرمت على كوبا بحصار طويل، كانت له أضرار هائلة (عمارات آيلة للسقوط، شعب يتجسس على بعضه، مدن محاطة بالبترول الروسي الرديء..). الحصار حوّل كوبا إلى متحف للسيارات القديمة، وحول سائقيها إلى صانعي معاجز. القرية اليمنية – حسب تقرير البكاري في الجزيرة- لو رعتها الحكومة اليمنية بالطرق والخدمات الحديثة لما خرج أهلها بهذا الزي الطرزاني العجيب..!!
يبقى أن هناك أمرا طيبا في هذه القرية هو رخص المهور: فأهلها يزوجون بناتهم لأبنائهم بأية من القرآن الكريم؟
لا اعرف ان كانوا يزوجون بناتهم لأبناء القرى الأخرى غير الطرزانية مثلي .. لكني أملت حقا في أن أعيش بقية عمري في قرية عربية قريبة يكتشفها العرب متأخرين وهي بين ظهرانيهم! وكأنها من كوكب غير كوكب الأرض الذي أعيش فيه! لو اقضي بقية عمري مرتاحا من أخبار مثل هذه: مؤتمر لأبي مازن مع أبي الغيط يندد فيها ‘بجيش الدفاع الإسرائيلي’! طبعا مستعد ان أعيش فيها طرزانا مثلهم، متزوجا من أربع، بأربع سور بدلا من أربع آيات، مجاهدا في الليل والنهار.. حق الجهاد، فأنا من المبرزين المشهود لهم في صناعة القنبلة الديمغرافية الذرية (الذرية: النسل) الشاملة!!
دفتر العائلة يشهد.
كاتب من كوكب الأرض
القدس العربي