صفحات سورية

علامك صبحتنا يا بلمار

داود الشريان
شهد انطلاق المحكمة الدولية الخاصة بلبنان امس احتفالا رسميا غير مسبوق في تاريخ المحاكمات الدولية. ذكرنا هذا الحشد الصحافي والديبلوماسي بعشية توافد القوات الدولية لتحرير الكويت. جريمة وقعت بيننا، وتدخل العالم للفصل فيها. في تلك المرحلة لم يصدق بعضنا ان الغرب يمكن ان يرسل جنوده للموت في سبيل تحرير الكويت. واليوم نعيد الكرة بجريمة اخرى. ونعاود انتهاج التفكير ذاته، ونقدم حماية النظام والحزب على سلامة الأمة بدولها وشعوبها ومقدرتها، ونقلل من جدية الغرب، في الذهاب بعيداً في موضوع المحكمة.
اليوم هناك من يتحدث عن القضاء العربي الذي لا يختلف في مضمونه وأهدافه عن مشروع الحل العربي الذي طرح خلال ازمة احتلال الكويت. تتغير الأحداث والأزمنة، ونحن لا نتغير. في الاولى لم يتنبه المشككون الى فداحة الجريمة التي ارتكبت، وضخامة الحشود العسكرية، وسرعة استجابة الدول، والضمانات السياسية والاقتصادية التي قدمت لتسهيل الحرب، وبطريقة التخفيضات الموسمية. واليوم يتجاهل المشككون والرافضون، التصريحات السياسية، والدعم المعنوي، والاستنفار الأمني والاستخباراتي، والاهتمام الدولي بمراسم حفلة تدشين المحكمة، والميزانية الضخمة التي رصدت لها.
امام هذا الحشد المخيف لبدء «العمليات القضائية» التي ستفضي حتماً الى تداعيات لا تقل عن تلك التي لحقت بالعراق، يتذكر المرء مبادرة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، يوم طرح مخرجاً لانقاذ العراق بخروج صدام ومن معه. ترى هل هناك فرصة لمبادرة مماثلة لتلافي تداعيات هذه المحكمة على أمن دولنا، وعلاقاتنا ببعضنا؟ هل يعي العرب خطورة هذه المحكمة على المنطقة؟ هل يمكن ان تتبنى الدول العربية مبادرة على غرار مبادرة الشيخ زايد التي غيبها أهل الشعارات؟
استفراد الغرب بنا على هذا النحو ذكرني بقصة بدوي أقبل على خيمة لطلب الماء. كان الوقت قبيل شروق الشمس بقليل، فشاهد البدوي صاحب البيت مع امرأة خارج الخيمة. فرجع خجلا. لحقه صاحب البيت، وبادره قائلاً «علامك صبحتنا يا اللحية الغانمة» أي لماذا جئتنا صباحا. فرد عليه «انتم صبحتم عماركم، الليل طويل، وستر الله أطول». ولسان حال بلمار معنا مثل لسان حال البدوي مع صاحب الخيمة. انتم ورطتم انفسكم، وتدخل الدول في شؤونكم عسكرياً وقضائياً انما بسبب عبثكم خارج الخيام!
الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى