التنمية والتجارة وإقليم الجزيرة السوريّ
سمير العيطة
إشكاليّات التنميّة تتطلّب تغييراً في أنماط ومنهجيّات التفكير السياسي-الاقتصادي-الاجتماعي
إقليم الجزيرة منطقة في سورية تقع إلى الشمال الشرقي، بين نهري دجلة والفرات (محافظات دير الزور والحسكة والقامشلي). نهضت فيها الزراعة بشكلٍ كثيف في خمسينات القرن الماضي حتّى سميت “كاليفورنيا الشرق”، ثمّ تمّ اكتشاف واستخراج النفط السوري فيها. إلاّ أنّها تعيش اليوم أزمةً حادّة من جرّاء السياسات المتّبعة، يفاقمها شحّ المياه الناتج عن سوء الإدارة والجفاف. كيف يمكن طرح إشكاليّات التنمية في منطقة اعتبرتها السياسات… طرفيّة، مع أنّ مساهمتها أساسيّة في الناتج القومي؟
أبعد من التساؤلات عن السياسات والمشاريع، تطرح قضيّة التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة في إقليم الجزيرة وعلاقتهما مع التجارة مجموعة إشكاليّات ترتبط بطريقة التفكير السائدة اليوم في سورية. فالقضيّة لها أبعاد تاريخيّة وحضاريّة تمتدّ جذورها بعيداً، كما ترتبط بالإنجازات المتحققّة خلال العقود التي تلت الاستقلال وتقييمنا لها، وتطرح أكثر ما تطرح السؤال عن تصوّرنا لإقليم الجزيرة ولسورية ولمحيطهما الجغرافي في المستقبل.
بين حضارة وادي النيل وحضارة الرافدين
أوّل سؤالٍ جوهريّ يستحقّ البحث والتمحيص يتعلّق بالمفارقة الحضارية والعمرانية الواضحة بين وادي النيل وما بين النهرين؟ لماذا نشأت حضارة متمركزة مستدامة منذ أمد التاريخ البشريّ حول نهر النيل، في حين أنّ حضارة ما بين النهرين عرفت انقطاعات طويلة وفترات تراجع فيها الحضور البشريّ إلى حدًّ كبير؟ فمع أنّ إقليم الجزيرة يشهد في كثيرٍ من المواقع على تاريخ مدنٍ بل إمبراطوريّات عظيمة غابرة، تشكّل اليوم إرثه السياحي والحضاري، إلاّ أنّ جميع مدنه الحالية هي مدنٌ حديثة العهد. فمدينة دير الزور لم تشهد نهضة حضاريّة حديثة إلاّ منذ القرن التاسع عشر، خصوصاً بعد أن قرّرت الامبراطوريّة العثمانيّة أن تجعل منها مركزاً لقائمقاميّة. والقامشلي تعود إلى بداية الاحتلال الفرنسي لسورية، مع إنشاء قاعدة عسكريّة هناك، ثمّ التخطيط لإقامة هذه المدينة خاصّةً لجذب المهاجرين من أماكنٍ مختلفة بعد انهيار (ومجازر) الإمبراطوريّة العثمانيّة: السريان، الأرمن، الماردليّة، اليهود، الأكراد، القبائل العربيّة، إلخ. والرقّة لها موقعٍ عريق في التاريخ الإسلامي، إلاّ أنّها بقيت شبه خالية لبضعة قرون حتّى نشوء الكيان السوري الحديث، ثمّ تطوّرت بشكلٍ كبير خاصّةً منذ تشييد سدّ الفرات، مع المدينة الأخرى التوأم: الطبقة (مدينة الثورة). فما بالك بالحسكة وهي الأحدث تشييداً. ليس السؤال هنا هو لماذا تطورّت هذه المدن بالذات، بل لماذا انقطعت الحياة العمرانيّة والحضريّة في إقليم الجزيرة عقوداً طوال بل قروناً؟ بحثاً عن الشروط الضروريّة كي تصبح مدن إقليم الجزيرة الأربع حاضرات عمرانيّة بارزة.
حتماً يمكن إرجاع بعض أسباب الانقطاع العمراني إلى الغزو المغولي الذي دمّر وسبا بغداد وحواضر الجزيرة، إلاّ أنّه فعل ذلك أيضاً مع حلب ودمشق وبغداد، في حين استمرّت هذه المدن الأخيرة حضريّاً وإن بعد ضمورٍ مؤقّت ومعاناة شديدة. السبب الأهمّ في الأغلب، وهنا الفارق الكبير مع وادي النيل، هو أنّ بلاد الرافدين تقع بين تجمّعين قويّين متنافسين تاريخيّاً هما: بلاد الروم من ناحية، التي أضحت مركز الإمبراطوريّة العثمانية فيما بعد، وبلاد فارس من ناحية أخرى التي نشأت فيها إمبراطوريّات عريقة (الصفوية، إلخ). فكّلما تخاصم هذان التجمّعان (بما فيه عسكريّاً) كلّما عانت بلاد ما بين النهرين من تنافسهما، وبقيت في وضع المنطقة الحدوديّة المهملة، على عكس ما كان عليه الأمر خلال الدولتين الأمويّة والعباسية، وأثناء الإمارات الزنكيّة أو الدولة الحمدانيّة التي شهدت الجزيرة خلالهما ازدهاراً ملحوظاً.
إذا ما أسقطنا هذا على الوضع الحالي، سيمكن للبعض أن يقول أنّ العراق قد أضحى اليوم مركز تجاذبٍ بين إيران أصبحت على عتبة النوويّ، وتركيا الدولة الصاعدة اقتصاديّاً التي تعترف القوى العظمى بثقلها الاقتصادي. كما تتجاذب دول أخرى عليه، تريد التأثير والتلاعب في هذا البلد الثريّ بالنفط، بل وتقسيمه. لكن ليس هذا ما نشهده بالضبط اليوم، فحجم التواصل الاقتصادي (التجارة) بين تركيا وإيران كبير جدّاً (أكثر من عشر مليارات دولار من التبادل سنويّاً) وقوّة العلاقات السياسيّة أفضل بكثير ممّا يمكن توقّعه بين دولة منبوذة من القوّى الغربيّة وبين عضوٍ في حلف الأطلسيّ. يبدو إذاً أنّ المسار بين إيران وتركيا ينزع إلى التعاون بدل التنافر، وأنّ استقرار بلاد ما بين النهرين قد أصبح حاجةً أساسيّة لهذين البلدين الكبيرين المحيطين، يرتبط بشكلٍ حيويّ باستقرارهما هما أيضاً، كما أنّه حاجة أساسية لسورية ولدول الخليج العربيّ. ويلعب تنشيط التجارة دوراً محوريّاً في هذا النزوع نحو الاستقرار، ليس فقط بين تركيا وإيران، بل أيضاً بين تركيا والعراق، وبين سورية وهذه الدول الثلاث.
إذاً بالرغم من الصورة القاتمة التي خلقها غزو العراق وتداعياته على هذا البلد، انفتحت فرصة تاريخيّة كبيرة من جرّاء التقارب بين تركيا وإيران، وبينهما وبين سورية والعراق، يمكن أن يؤسّس على المدى البعيد عناصر استقرارٍ جديدة خاصّةً في منطقة الحدود المشتركة بين هذه البلدان الأربعة، ستمكّن من السماح بتطوّر مراكزٍ حضريّة كبيرة مستدامة في إقليم الجزيرة، كما على الجانب التركي والعراقي والإيراني. وسيلعب التبادل التجاري بين الدول الأربع الدور الرئيس في إرساء هذا الاستقرار.
والملفت هو أنّ التطوّرات الحالية غير مسبوقة منذ عقودٍ، بل قرون، وأنّها تنبع من فعل إرادويّ للدول المعنيّة. فهل ستقلب فعلاً هذه الإرادات ما كان يبدو حتميّاً: أن لا مراكز حضريّة كبيرة ولا تجارة نشطة ولا تنمية مستدامة تنشأ في مناطقٍ غير مستقرّة؟
التجارة شرطٌ حتّى لتنمية الزراعة في إقليم الجزيرة
هناك عاملٌ آخر أساسيّ يكمن في الاختلاف التاريخي بين وادي النيل وبلاد ما بين النهرين، يخصّ العلاقة بين نشاطات اقتصاديّة ثلاث: الزراعة الكثيفة، والتجارة، والرعي في البادية. في حالة وادي النيل، من الواضح أنّ الأولويّة كانت دوماً للزراعة، وأنّ النشاط الرعويّ كان ضعيفاً (غير قادرٍ على الاستمراريّة وحيداً)، ولم تعتمد التجارة سوى على خطّ النيل نفسه من أعماق إفريقيا حتّى الدلتا. الأمر مختلف جدّاً في بلاد ما بين النهرين، إذ يمكن للنشاط الرعويّ أن يكون مستداماً بعيداً عن خطّ النهرين الرئيسين (الفرات ودجلة)، وأن يحمل مجموعات بشريّة قويّة قابلة للاستمرار، أقوى من المجموعات التي يحملها المجتمع الزراعي. من ناحية أخرى، ومع أنّ طريق الفرات التجاريّة التي تصل بين سهول الأناضول الجنوبيّ والبحر المتوسّط وبغداد والخليج بقي نوعاً ما ذي أهميّة، إلاّ أنّ طرقاً أخرى ممكنة بين الشرق والغرب: فأساساً كان الطريق الآخر، الذي يجتاز محور حلب-دمشق-مكّة والمدينة نحو اليمن وبحر العرب، هو طريق التجارة الرئيسيّة المستدامة طوال الأزمنة (وكذلك بفضل الحجّ)، استمرّت حاضراته نشيطة على مدى العصور.
في فترة حضارات ما بين النهرين القديمة، كان تنظيم الزراعة والريّ هو الدافع لنشوء أولى التنظيمات البشريّة الكبيرة: المدن-الدول. وكانت هذه المدن الدول تتاجر مع بعضها البعض، ممّا دفع إلى نشوء الأبجديّة والكتابة لتوثيق هذه المبادلات. وكانت العشائر التي اكتشفت سفن الصحراء (الجمال) هي التي تشغّل جزءاً كبيراً من هذه التجارة، إذ أنّ الفرات ودجلة، على عكس النيل، لا يصلحان كثيراً للنقل النهريّ. إلاّ أنّه ما أن تدخل هذه البلاد في حالةٍ من عدم الاستقرار، حتّى تضعف المراكز المدينيّة، وبالتالي الزراعة، ويعود الرعي (والغزو) ليطغى على نشاط العشائر بدل التجارة. أمّا عندما يكون الاستقرار مستتبّاً، كما عندما كان طريق الحرير ناشطاً رابطاً حلب والساحل بالموصل وتبريز وبغداد، فتعود الحواضر المدينيّة للازدهار، والزراعة يزداد إنتاجها، والعشائر تهتمّ بالتجارة أكثر من غيرها.
هكذا التجارة (والاستقرار الذي تتطلّبه) عاملٌ ضروريّ وأساسيّ في نهضة بلاد ما بين النهرين، وإقليم الجزيرة الذي يعنينا هنا؛ لا يمكن حتّى للزراعة الكثيفة أن تدوم دونها. على عكس ما هو الأمر بالنسبة لوادي النيل.
وقد كانت التجارة والاستقرار همّان رئيسيّان للإمبراطوريّة العثمانيّة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حين كانت حلب تسيّر قوافل تضمّ عشرات الآلاف من الجمال على “طريق الحرير”؛ قبل أن ينهار طريق التجارة هذا مع شقّ قناة السويس. وكان هذا أيضاً دافعها لإنشاء الخطّ الحديديّ “الاستراتيجيّ” الذي يعبر الجزيرة (والذي كان يراد به بالضبط منافسة قناة السويس)، والذي قدّر له بعدها، لسخرية القدر أن يصبح هو خطّ الحدود القائمة بين سورية وتركيا. نتيجة هذا هو أنّ السؤال الرئيسيّ (الثاني) هنا هو هل يمكن أن تقوم نهضة ما في إقليم الجزيرة دون أن تكون التجارة (والخدمات بشكلٍ عام) هي محورها الرئيسيّ؟
الأقاليم الطرفيّة وإشكالية نهوضها
أدّى انهيار الإمبراطوريّة العثمانية إلى نشوء دولٍ قوميّة. وقد تأسّست هذه الدول خاصّةً حول أكبر مراكزها الحضريّة: دمشق وحلب بالنسبة لسورية، اسطنبول وأنقرة بالنسبة لتركيا، وبغداد بالنسبة للعراق. بعيداً عن هذه المدن، مناطق كانت مزدهرة أضحت تشكّل مناطق “طرفيّة” من جرّاء الحدود “القوميّة” التي أغلقت أحياناً بإحكام؛ ومدنٌ كانت هامّة أضحت هامشيّة. فجنوب وشرق الأناضول أضحيا طرفيّان بالنسبة لتركيا، وإقليم الجزيرة أضحى طرفيّاً بالنسبة لسورية، وحده مركز الموصل بقي ناشطاً ورئيسيّاً في العراق، بفضل النفط والسياسات الإرادويّة هناك خاصّةً بعد الاستقلال… وكذلك لأنّ خطّ التجارة بين العراق وتركيا ظلً حيويّاً.
انقطعت التجارة منذ ثلاثينات القرن الماضي بين سورية وتركيا، وكذلك التواصل بين المدن التي تشكّل حواضر سهول “الجزيرة” بمعناها العريض: أورفة أضحت بعيدة عن الرقّة، وماردين عن القامشلي والحسكة ودير الزور، كما بعدت عينتاب وأضنة ومرعش وانطاكية عن حلب. بقيت بعض التجارة مع العراق، مع بعض التقطّعات، ولكن مع بغداد أكثر منه الموصل. والأهمّ من ذلك هو أنّ محيط الجزيرة أضحى بعيداً عن الطرق التجارية الكبرى. فعواصم الدول القوميّة الجديدة قد أطّرت طرق التجارة لخدمتها بشكلٍ رئيسيّ (مرافيء اللاذقيّة وطرطوس لسورية، والبصرة للعراق، ومدن الأناضول الساحلية الغربية بالنسبة لتركيا). هكذا أضحت كلّ المناطق التي تمتدّ شرق الأناضول وجنوبه، كما الجزيرة السورية، بعيدة عن العواصم الحضريّة الرئيسة والتواصل العالمي، اللهم إلاّ عبر الهجرة التي انطلقت نحو هذه العواصم وإلى الخارج.
حتماً عملت الدول القوميّة إلى إدخال التنمية إلى جميع مناطقها، بما فيها تلك المناطق التي أضحت طرفيّة. فوصل التعليم الإلزامي والخدمات الصحيّة الرئيسة والكهرباء والهاتف إلى جميعها (تقريباً!). كمّا طوّرت نشاطات اقتصاديّة تخصّ هذه المناطق، كالزراعة أساساً في إقليم الجزيرة السوري. فنهضت بالتالي مدن الجزيرة نهوضاً بارزاً. إلاّ أنّ فروقاً تنموية واضحة وكبيرة بدأت تنشأ بين هذه المناطق الطرفيّة وتلك المركزيّة، تفاقمت منذ أن تغيّر دور الدولة الناظم مع العولمة الاقتصادية: من دولة تريد نشر وجودها عبر التعليم والخدمات إلى كلّ مناطقها، بمعزلٍ عن محيطها أحياناً، إلى دولة تقلّص ميزانيّاتها وتمنح إعفاءات ضريبيّة وتترك للسوق أن… تتوكّل التنمية.
تخصّص إقليم الجزيرة بالزراعة حصريّاً (كما المناطق المجاورة في تركيا). لكنّ اكتشافات النفط جاءت لتزيد من مساهمته في الناتج المحلّي السوري. إلاّ أنّ آليات السوق وحدها لم تأتِ بتنمية، أو على الأقلّ باستثمارٍ تنمويّ يتناسب مع مساهمة إقليم الجزيرة في الاقتصاد. ولم تتطوّر نشاطات تحويليّة وخدميّة مع الزراعة، بل بقيت المنطقة تنتج موادّاً خامّاً تنقل إلى مناطق أخرى لتحوّل فيها. ولم يتمّ تحضير الإقليم لما كان سيأتي لا محالة جيلين بعد الإصلاح الزراعي، أي تشرذم الملكية الزراعية الذي سيؤدّي إلى خروج جزءٍ كبير من الجيل الثاني من المزارعين من هذا النشاط، ممّا جعل “الإصلاح الزراعي المضاد” الذي بدأ في 2003 قاسي النتائج على الأهالي [1]. حتّى أنّه لم يستفد الإقليم إلاّ قليلاً من النشاطات التي يمكن أن ترافق استخراج النفط (مصافي، صناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، إلخ). إضِف إلى أنّ عدم بسط سلطة الدولة في تنظيم الريّ قد أدّى إلى استهلاك عشوائي للموارد المائيّة (خاصّةً على طرفي الحدود بين سورية وتركيا) وإلى كارثة على صعيد المجتمع الزراعي [2].
هكذا يجد إقليم الجزيرة نفسه اليوم معاقاً (بل متأزّماً) من حيث النشاطات المستوطنة فيه مع فرصة انفتاحٍ تاريخيّة على الجوار. وفي حين استفاقت تركيا منذ عشر سنوات على إقليم جنوب شرق الأناضول، الذي كان مهملاً لفترات طويلة، ليس فقط عبر مشروع “GAP” (السدود على نهري الفرات ودجلة وروافدهما، وإصلاح الأراضي)، وتنمية الأنشطة الزراعية (مع العلم أنّ الملكيّات الزراعية هناك كبيرة، لملاّكٍ يسكنون غرب البلاد)، بل أيضاً عبر إطلاق برنامجٍ طموح من البنى التحتيّة (طرقات سريعة، قطارات، أنترنيت فائق السرعة، إلخ) وللتنمية الاقتصادية والحضريّة. وفي غضون بضعة سنوات، بدأ الفارق في التنمية بين جنوب شرق الأناضول وإقليم الجزيرة يتّسع. كذلك يتطوّر إقليم كردستان العراق بدوره بشكلٍ سريع (بفضل حصّته من الإيرادات النفطيّة للعراق)، وتتقدّم التنمية فيه. وكذلك الموصل بدأت تندب جراح الغزو وتنهض من جديد.
إقليم الجزيرة لم يعد اليوم إذاً طرفيّاً، بل أضحى في قلب منطقةٍ استعادت ديناميّتها، ليس فقط لأنّ حركة التجارة والاقتصاد استعيدت في محيطها، بل لأنّ “طريق الحرير” (وهو طريق تجارة) قد عاد يظهر من جديد. فتركيا الصاعدة قد تعاقدت هذا الشهر على تشييد شبكة قطارات داخلية سريعة تربط شرقها بغربها وعلى خطّ قطارٍ سريعٍ يربطها مع… الصين، ثاني أكبر اقتصادٍ في العالم (والذي سيصبح الأوّل بعد بضعة سنوات). وسيمرّ هذا القطار على مشارف أراضي الجزيرة السوريّة.
كيف ستتعامل سورية مع هذه التطوّرات؟ وكيف ستتمّ التنمية الاقتصادية والتجارية لإقليم الجزيرة، في حين تتّسع الفوارق مع جواره، وفي حين أنّه لم يعد إذاً… طرفيّاً؟
ما الذي يريده السوريّون لبلدهم، وسكّان الجزيرة لإقليمه
م؟
الإجابة على هذا السؤال الأخير ليست سهلة. فلدى محاولة تصوّر كيف يمكن النهوض بسورية، وبإقليم الجزيرة الذي يعاني من وضعٍ تصفه السلطات العامّة والأمم المتحدة اليوم بأنّه “كارثيّ” (يتمّ وضع الجفاف كسببٍ رئيسيّ له، ولكن الأمور أعقد من ذلك)، هناك أسئلة أخرى جوهريّة تستحقّ التمحيص والإجابة: ماذا يريد السوريّون لبلدهم؟ وكيف يتصوّرونه مستقبلاً؟ وأيّ علاقات يريدونها مع جيرانهم؟ وماذا يريد أهل الجزيرة لإقليمهم؟
عند الاستقلال، عمل السوريّون كي يصنعوا وطناً. وكانوا يحلمون لهذا الوطن بأن يقفز المراحل الاقتصاديّة. وشكّلت أولويّة تطوير الزراعة والتصنيع، قبل التجارة، السبيل المعلن لذلك. وكانت العدالة الاجتماعية أساساً لهذا الحلم مع إشراك جميع فئات المواطنين في التنمية. لكنّ هذا الطموح قد شهد نكسةً جاءت محطّتها الكبيرة في الأزمة الاقتصادية والمالية عام 1986.
مذّاك، تغّير نمط التنمية في سورية رويداً رويداً، مع قفزات نوعيّة جاءت تتالياً في أواخر الثمانينات، ثمّ عام 2000، ثمّ 2005، لنصل إلى السياسات المشمولة اليوم بشعار “اقتصاد السوق الاجتماعيّ” (الذي يفسّر تفسيرات متنوّعة). وفي كلًّ من هذه القفزات كان للتجارة دورٌ مفصليّ (من الاتفاق التجاري مع الاتحاد السوفيتي السابق حتّى فتح التجارة الخارجية على مصراعيها). ومهما كان التقييم للسياسات الحالية، ما يلفت النظر هو أنّ المواطنين السوريّين يريدون قطيعةً مع النموذج القديم أكثر من تحديدهم للوجهة التي يريدون الذهاب إليها.
هكذا لا تريد أغلبيّة السوريين الساحقة العودة إلى نموذج الدولة التي تهيمن على كلّ شيء، ولكن دور الدولة الذي يريدونه في المستقبل غير واضح المعالم، مع تناقضات ملحوظة في التصوّرات والمفاهيم. حتّى أنّنا نجد أحياناً في خطابات ورثة الأفكار “الاشتراكية” أنفسهم تشجيعاً لأكثر الطروحات “النيوليبراليّة” شيوعاً: السوق للاقتصاد والدولة… فقط لمحاربة الفقر (وكذلك الجمعيات الخيريّة) [3]. الموضوع أعقد من ذلك. صحيحٌ أنّ سيطرة الدولة على الاقتصاد دون رقابة ومحاسبة قد أدّت إلى فسادٍ وهدرٍ وعدم فعاليّة. ولكن هل يمكن فعلاً بناء طموحات مستقبليّة فقط عبر القطاع الخاص، أي عبر آليّات السوق وحدها، أو حتّى عبر ما يسمّى اليوم “الشراكة بين القطاعين الخاص والعام”؟ هل يمكن بناء المستقبل دون دولة قويّة؟ وفي أيّ مجالات يجب أن تتجسّد هذه القوّة؟
ولنأخذ التجارة كمحورٍ. حتماً لم يعد أحد يريد أن يعود إلى نموذج احتكار الدولة للتجارة الخارجيّة والداخليّة. ولكن هل يمكن تصوّر نموّ التجارة والخدمات بشكلٍ عام دون دور أساسيّ للدولة، أصلاً في تشييد ظروف عمل “السوق” بشكلٍ سليم. فلا نموّ للتجارة والخدمات بدون بنى تحتيّة من طرق جيّدة وسكك حديديّة، واليوم من دون أنترنيت فائق السرعة (وغير ذلك من توفير المنافسة والمعلومات وتكافؤ الفرص). فمن يقوم بتشييد هذه البنى التحتيّة وعلى أيّة أسس اقتصادية؟ ويعرف كلّ الناشطين اقتصاديّاً في إقليم الجزيرة أنّ كلفة النقل إلى مختلف المناطق السوريّة (والخارج) كبيرة نسبيّاً مقارنةً مع قيمة السلع المنتجة ويشكّل عائقاً جوهريّاً.
فتأتي ردودٌ أنّ الدولة ليست لديها الإمكانيات الماديّة، وأنّ مشاريع النقل سيتمّ طرحها على القطاع الخاصّ للاستثمار، وحده أو بالشراكة مع القطاع العام. ولكنّ هذه الردود تطرح إشكاليّتين: أوّلاً، لماذا سيأتي قطاعٌ خاصّ كي يستثمر في مشاريع غير رابحة بحدّ ذاتها، ولا يأتي أثرها إلاّ بشكلٍ غير مباشر عبر تنشيط مجالات أخرى في الاقتصاد؟ خاصّةً إذا تعلّق الأمر بمناطق بعيدة عن خطوط التجارة الرئيسة الحالية وعن المراكز ذات مستوى الإنفاق المرتفع؟ وثانياً، كيف يتمّ تحصيل وإنفاق الأموال الحكوميّة، وأين توضع الأولويّات؟
صحيحٌ أنّ الموارد المالية للدولة السوريّة محدودة: الضرائب وريوع الموارد الطبيعيّة. لكنّ مجموع الضرائب المحصّلة في سورية لا يتخطّى معدّل 11% من الناتج المحلّي، وهذا معدّل ضعيف مقارنةً بالدول المتقدّمة (إجمالاً أكثر من 40%) ومع دول الجوار (تركيا 33%، لبنان 15%، مصر 16%، إلخ. وبالمناسبة هذه الأخيرة هي الأضعف من حيث البنى التحتيّة). فهل يقبل السوريّون زيادة معدّلات الضرائب (ومكافحة التهرّب منها) مقابل خدمات حقيقيّة يحصلون عليها؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل تشرع الدولة أوّلاً بتقديم الخدمات وتبرهن لهم عن فائدتها، ثمّ ترفع الضرائب، أم العكس؟ وما نوع الزيادة المتطلّبة: أضرائب مباشرة (مثل الضرائب على الأرباح، وخاصّةً العقارية منها)، دورها إعادة توزيع الدخل بين الفئات الاجتماعية، أم غير مباشرة (مثل ضريبة المبيعات والقيمة المضافة) تضغط أكثر ما تضغط على الفئات الدنيا؟ واضحٌ أنّ التوجّه اليوم لا يتّسم بالعدالة.
مهما كان، فإنّ التحصيل الضريبي منخفض في سورية، ولن يرتفع معدّله إلاّ تدريجيّاً،وما أسعف الدولة منذ 1986 هو وجود إيرادات من مواردٍ طبيعيّة (مثل النفط) شكّلت منذ آواخر الثمانينات الحصّة الأكبر من إيرادات الموازنة. إلاّ أنّ هذه موارد محدودة (خاصّةً لمحدودية احتياطي النفط)، ولا يملكها جيلٌ واحدٌ في سورية. والسؤال هو على ماذا تصرف هذه الإيرادات (الاستثنائيّة تاريخيّاً)؟ أتصرف على النفقات الجارية للجيل الحالي أم على استثمارات للأجيال المستقبليّة؟ [4] وأين توضع الأولويّات؟ فما الذي يدعو مثلاً إلى تفضيل حفر مترو أنفاق في دمشق وجعله أهمّ من ربط جميع المدن السوريّة بشبكة قطارات سريعة تخلق حركيّة أكبر للسلع والأشخاص بينها؟ وهل مترو الأنفاق هذا (مع كلّ الانزعاج الناتج عن ازدحام المدينة) أهمّ من ربط دمشق بالقطار السريع مباشرةً بمدن الجزيرة، ومن ربط هذه المدن بـ”طريق الحرير” المنطلق من الصين إلى أوروبا مروراً بتركيا؟ في هذا الشقّ أيضاً هناك إشكالية توزيع، أو بالأحرى إعادة توزيع، بين المناطق السوريّة المختلفة.
هذه فعلاً خيارات جوهريّة، لأنّها هي التي ستصنع صورة المستقبل. وهذه الخيارات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكيفيّة تطوّر التجارة والمبادلات، بين إقليم الجزيرة ودمشق (وبيروت وشبه الجزيرة العربية)، وبين سورية والدول الثلاث التي تتشارك معها حوض الفرات ودجلة وطريق الحرير.
مترو أنفاق في دمشق أم شبكة قطارات تربط إقليم الجزيرة بنواحي سورية وبالدول المجاورة؟
إشكالية الخيارات هذه هي بالضبط موضوع التنظيم الإقليمي Aménagement du Territoire، وهو عمليّة إدارية أوسع من التخطيط أو التنظيم العمراني. تبدأ عمليّته بتقسيم البلاد على الصعيد المفهوميّ إلى عدّة أقاليم لكلّ منها خصائصه الاقتصادية، يدرس ويخطّط لميّزات كلّ منها ولترابطها بين بعضها ومع الأقاليم المجاورة. وقد حدثت أخيراً نقلة نوعيّة فعليّة في طريقة التفكير في هذا الموضوع في سورية مع مشروع “سورية 2025” ودراسة برنامج تحديث الإدارة المحليّة عن إقليم الجزيرة. لكن الانعكاسات على السياسات الحكومية متواضعة. ومع هذا يستحقّ الأمر الذهاب أبعد. عبر سؤالين أساسيين.
أولّهما: هل يجب اعتماد نظرة “الأقاليم” هذه فقط على الداخل السوري، أم أيضاً على البلدان المجاورة؟ ما يعني أنّه هل يجدر بنا النظر إلى البلدان المجاورة أيضاً كأقاليمٍ، لكلٍّ خصائصه، وليس كبلدانٍ لا تمايز فيها، ونبحث ونخطّط لتنمية التعاون والتكامل والتنافس بين الأقاليم عبر الحدود ؟ قد تبدو الإجابة على هذا السؤال بديهيّة لمن يسكن إقليماً حدودياً (بالمناسبة كلّ الأقاليم السورية حدوديّة!)، خاصّةً بعد انفتاح الحدود وفرصة رؤية ما يجري على الطرف المقابل. لكنّ الوعي العام لا يعتبر ذلك بديهيّاً… وغالباً التخطيط والسياسات.
هناك إذاً ضرورة أكثر من ملحّة لتعديل النظرة لدراسة وتخطيط وتنفيذ التفاعل بين إقليم الجزيرة السوري وإقليمي “شرق الأناضول” و”جنوب شرق الأناضول” التركيين، وإقليم الموصل وكردستان العراق العراقيين. ليس في الأمر من اكتشاف، فمن هذا المنطلق يتعامل الاتحاد الأوروبي مع المناطق الأوروبيّة في البلدان المختلفة. بل إنّ حصّةً كبيرة من برامج التمويل الأوروبي تستفيد منها الأقاليم مباشرةً (وليست الدولة المركزيّة) لتطوير هذا التفاعل ولتخفيض الفروقات عبر الحدود. والمناطق الأوروبيّة المختلفة لها مجالسها التمثيليّة وضرائبها الخاصّة، وتتعامل مع الدولة المركزيّة ومع الاتحاد الأوروبي سويّةً.
تغيير النظرة هذا له تداعياته. فمثلاً، إذا ما نظرنا إلى بداية التعاون الإقليمي العابر للحدود الذي أنشيء حديثاً مع تركيا، لا معنى أن يشمل هذا التعاون المقام بين حلب (إقليم الشمال السوري) وعينتاب (إقليم “البحر المتوسّط” التركي)، أيضاً التعاون بين أورفة وماردين (إقليم “جنوب شرق الأناضول” التركي) والرقّة والحسكة (إقليم الجزيرة السوري، دون دير الزورّ)، فجميع مدن حوض الفرات هذه، ستبقى في تركيا كما في سوريا، هامشيّة بالنسبة للمحور الرئيسيّ، القويّ والناشط أصلاً اقتصادياً.
أكثر من ذلك، إذا ما أخذنا أحد المواضيع الحسّاسة وهو المياه وندرتها ومشروع سدود “GAP” التركيّ، ألا يجدر إرساء تعاون إقليمي (تركيا وسورية والعراق) على أساس إدارة رشيدة للمنفعة المشتركة للحوض المائي المتكامل (أي حوضي الفرات ودجلة مجموعين، وكلّ الأنهر الكبيرة والصغيرة التي تصبّ بهما)، لا فقط على قاعدة حجم تدفّق النهرين الرئيسين فقط؟ [5] ولماذا لا يؤخذ كلام رئيس الوزراء التركي على محمل الجد: أنّ تركيا مستعدّة لأن تشمل إقليم الجزيرة في مشاريع ريّ “GAP”؟ فماذا تريدون أن يفعل الأتراك بالمياه التي يراكمونها في سدودهم؟ أن يرووا الجبال منها؟ أم أن يرسلوها مشحونةً بالسفن إلى الخارج؟ لا من الأسهل أن “يشتري” إقليم الجزيرة الفائض منها، فكلفة المياه المتدّفقة من مرتفعات الأناضول الواصلة إلى الحدود السوريّة أقلّ بكثير من إرسالها إلى أيّ مكان آخر؟
السؤال الثاني الهامّ المتعلّق بالتنظيم الإقليمي يتعلّق بإدارة العلاقة بين الموارد والسكّان ضمن سورية، ويمكن تلخيصه بخيارٍ رئيسيّ: هل سيستمرّ السوريّون بالقبول بمواصلة النزوح السكّاني من إقليم الجزيرة، الغنيّ نسبيّاً بالموارد المائيّة، نحو محور دمشق-حلب، المفتقِر إليها، ليفكّروا بعدها كيف ينقلوا المياه بدورها من الجزيرة نحو هذا المحور؟ وهل سيستمرّوا بالتطوير العمراني في “واحة” دمشق المكتظّة أصلاً، أم يخلقوا حركيّة تجعل السكّان يتوازعون على مختلف المناطق السوريّة حسب وفرة الموارد؟ إنّ هدف التنظيم الإقليمي هو في الحقيقة “إعادة” ترتيب وتنظيم الأراضي والسكّان ضمن الدولة، والتغلّب على معطيات الجغرافيا بفضل الهندسة والتقانة. هكذا كانت البداية مثلاً عندما شرعت فرنسا (في القرن السابع عشر) ببناء أقنية الملاحة النهريّة لنقل البضائع (والجيوش) من المحيط الأطلسي إلى البحر المتوسّط دون عبور مضيق جبل طارق. وهكذا كان أيضاً الأمر في هولندا عندما تمّ اكتساب أراضٍ زراعية على حساب المحيط. وهكذا تمّ نشر السكك الحديديّة والطرق السريعة في أوروبا الغربيّة لتخفيض كلف النقل [6].
أهل الجزيرة وتنميتها
بالإضافة إلى موارده، يمتاز إقليم الجزيرة بتركيبة سكّانية متنوّعة يمكن أن تشكّل له ميّزة تفاضليّة. فعرب الجزيرة ينتمون إلى نفس العشائر العربيّة المتواجدة في العراق وتركيا، ممّا يسهل تعاونهم وتواصلهم… وتجارتهم مع أقرانهم على الجانب الآخر من الحدود. وأكراد سورية يستطيعون التواصل كذلك بسهولة مع إخوانهم في هذين البلدين، والتبادل معهم. وكذلك الأمر بالنسبة للسريان والأرمن والآشوريين واليزيديين وغيرهم، مع العلم أنّ هناك تبعات لآلام نهاية الأمبراطوريّة العثمانية ومجازرها تجعل عودة التواصل مع الجوار أكثر حساسيّةً بالنسبة لهؤلاء.
هم جميعهم ليسوا فقط أبناء هذا الوطن السوري، بل يتشاركون أيضاً منذ القدم أرض هذه الجزيرة، كما الأقاليم الأخرى المجاورة. ومهما كانت ذكرى آلام الماضي، والخطوات الضروريّة للأم جراحات هذه الذكرى، فإنّ من يستفيد من فرقتهم هم فقط القوى الخارجة عن المنطقة التي لا تريد أن يعمّ الاستقرار فيها. وسورية كانت على مدى تاريخها ملجأً وحصناً لكلّ هذه المكّونات الاجتماعيّة. هذه هي عقلية بلاد الشام منذ الأزل.
مع الوقت وتوسّع التعارف والتواصل (إذ هذا سبيل تحوّل الاختلافات وآلام الذكرى إلى تراثٍ مشترك)، ستتحوّل هذه الخصائص في التركيبة السكانية إلى مزايا نوعيّة للإقليم وإلى ديناميّة جديدة. فكلّ هذه الفئات السكّانية تستطيع أن تعتمد على دعم جزئها الذي هاجر إلى أوروبا وأمريكا للاستفادة من فرصة الاستقرار الجديد، وجلب الاستثمارات والأفكار والاهتمام. وكّلها تستطيع أن تنطلق لإعادة الحياة والدينامية إلى السهول التي كانت مسقط رأس النبيّ ابراهيم (سهول أورفة وحرّان والرقّة) والتي شهدت “الثقافة” الأولى التي انتقلت إلى الإغريق، ثمّ استعادتها من الثقافة اليونانية إلى تلك العربية-الإسلاميّة (التي تشمل الأتراك أيضاً) قبل نقلها إلى الغرب.
* اقتصادي، رئيس تحرير النشرة العربية من لوموند ديبلوماتيك ورئيس مجلس ادارة موقع مفهوم A Concept mafhoum, www.mafhoum.com
[1] سمير العيطة: “المنطقة الشمالية الشرقية في سورية (إقليم الجزيرة) بين التحديات الاقتصادية-الاجتماعية والتخطيط الإقليمي”، ندوة الثلاثاء الاقتصادية، دمشق، 12 كانون الثاني/يناير 2010، http://www.mafhoum.com/syr/articles…
[2] جمال باروت ومجموعة الباحثين: “التقرير الوطني الاستشرافي الأوّل لمشروع سورية 2025″، هيئة تخطيط الدولة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2007 (خاصّةً القسم المتعلّق بإقليم الجزيرة).
[3] AITA Samir : L’Economie Syrienne peut-elle être sociale ?, in « La Syrie au Présent », Actes Sud, 2007.
[4] NAHAS Charbel : Syria. Fiscal Policies Perspectives ; August 2007 ; www.charbelnahas.org
[5] جورج صومي ومعن داود: “أزمة المياه في المنطقة الشرقيّة”، ندوة الثلاثاء الاقتصادية، دمشق، 19 كانون الثاني 2010، http://www.mafhoum.com/syr/articles…
[6] MERLIN Pierre : L’Aménagement du Territoire en France ; La documentation Française ; 2007.
هذا النصّ مقتبس من محاضرة قدّمت في “ندوة التنمية المنطقة الشرقيّة” في دير الزور بتاريخ 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2010.
http://www.mondiploar.com/article3278.html