من الراحل مجد القرحالي الى الراحل محمد بو عزيزي
الانعتاقي محمد بوعزيزي يوقظ تونس بالنار
ما اشد تعاستي أنك لست بيننا لتشاهد الاستيقاظ التونسي يا أخي مجد ولكن فكرك الانعتاقي يعانق روح بو عزيزي في سماء حرية الأرواح. كلماتك هذه تصف كل انعتاقي ستنجبه الأمم من رحم العذاب والاستغلال والمعاناة:
يحكى أن سيفاً تهاوى من يد محارب قديم حارب في بلاد الرومان , تهاوى السيف حين عجز جسده عن تحمل ألم الطعنات , فأفلت السيف منه و لأنه رفض أن يكمل معركته بترس روماني عتيق ,رمى الترس و كشف صدره للأعداء الذين تكاثروا حوله فذبحوه و مات ذاك المحارب في تلك الواقعة .
السيف لم يمت لأن الأعداء لم يقدروا أن يحملوه فبقي في أقبية سلاح القياصرة إلى أن اختفى و لم يهتم لا القيصر و لا خازن سلاحه بذلك فما الذي يمكن أن يصنعه سيف متهرئ صدئ للقيصر العظيم و إمبراطورية الروم .
( كانت السماء ترعد بوميض البرق و البرق هو لمعان سيف السماء التي قررت أن تضرب الأرض لتذكر البشر بجبروتها كل شتاء فيرى من يبصر و يسمع رعدها من يسمع أما من لا يرى و لا يسمع فسيعيش طويلاً فالسماء تعطي الفرص حتى لحظة لا يرى فيها المرء و لا يسمع …حينها تجبره السماء و تكرهه على الرؤيا و السمع و هنا يندم المرء .)
قال ذلك عجوز إغريقي قديم شعره أبيض و هنا سأله أحد تلامذته : ( يا معلمي أسمعت و رأيت ؟ )
فرد عليه : ( الآن سمعت ور أيت …) و بارك المعلم العجوز طالبه الذي جاب البلدان محارباً لينعتق البشر.
السيف ينبت من الأرض بعد أن تزرع السماء صليله في ثنايا تراب الأديم .
يولد الإنعتاقي نجساً ككل البشر فهو يولد من رحم العهر المادي في الغالب ,لكن ذلك لا يمنعه من أن يكن انعتاقياً فالنجاسة لا تثبت إلا على من يرضى بها …يعيش الإنعتاقي حياته ملاحقاً بين أكواخ العزلة و مدن صفيح الفكر يلاحقه القيصر و أبناء القيصر و عبيد القيصر و حتى خصيانه …و لأن الإنعتاقي قد يكون ابناً لأحد خصيان القيصر فالإنعتاقي لا يجد حرجاً في أن يعلن أنه ابن زنا حتى و إن كان زواج والديه حسب العادات أو الأديان أو غيرها ..فكل زواج في ظل القيصر هو زنا و كيف لا و القيصر إله الزنا الثقافي المتكامل الحاكم في الأرض . الإنعتاقي محارب شرير يعرف أن الدم طريق و الحياة طريق و السيف طريق و يعرف أن السماء لن تسامح من لا يرى برقها و يسمع رعدها لذا فهو يجوب الأرض حتى يسمع و يرى وتسيل دماه في كل المفارز و المطارح و الخلوات, يموت كثيراً في أراض لا تعرف هويتها و تتحلل جثته كالبهائم فالحق واضح و البرق واضح لكنه يأبى إلا الإنعتاق و الذي لا بد سيكون في السماء .
الإنعتاقي لا يعرف النوم إلا على أعواد المشانق و حين تفجر روحه سجن الجسد الذي ستعيش فيها أرواح المستهزئون منه و الشامتين من صليبه و الذي سيسمونها فيما بعد جهنماً و لا يعرفون مكانها .
السماء تعرف مبعثه إن قررت على الأرض بعثه , و السماء تدري منعتقه , السماء لا تترك من أرادوا السمع و البصر و غطوا بدماء نزفهم و آلام أرواحهم الأرض .
المعرفة سماوية لا تذوب فيها المادة القذرة و لا القار القدري و لا حقيقة الواقع و لا تتلوث بمنطق الضرورة ,
الحقيقة التي يحملها الإنعتاقي لا تقبل المزج فالروح لا تمتزج بالجسد بل تعلو عليه و السماء تسمو على الأرض لأن الأخيرة مادة أما الأولى فروح و كل الكائنات تطلب العلو من الأرض نحو السماء أما ما ناقض ذلك فيسكنون الجحور خوفاً من نور الحقيقة و هم أغلبية البشر الكاسحة جداً..
الإنعتاقي يعرف أمته و إن نبذته فلا يعترف بعصبية القومية و القبيلة و الدم و يسخر على من ادعوا الأممية و لم يفهموا بعقل الخلد ساكن الجحور أن يكون الإنسان يختلف عن أخيه الإنسان
الإنعتاقي لا أم له و لا أب و الثائر أمه و أبوه السماء و الروح ترفع الدم و تعلن قهر الجسد .
الإنعتافي لا ينتقم و لا يطلب الرحمة من أحد بل يحارب بما استطاع تأمينه من قوت المواجه إلى لحظة العدم حينها فالموت انبعاث جديد .
الموت يمشي خطوة فخطوة مع المجد فهو يمشيها بكل عز مع الإنعتاقي و الموت رفيق الإنعتاقي في حله و ترحاله رفيقه في كل رشفة خمر يشربها و رفيقه في كل لحظة ألم يعيشها على صليبه أو على مشنقته …
الحقيقة التي يفهمها الإنعتافي و يراها و يسمعها هو أنه ليس المكلف بإنقاذ البشر القذرين من قذارتهم و المضللين من ضلالهم لكنه مكلف بالسير على الدروب و معرفة الطريق حتى ينجح بحمل السيف الأبدي الذي و إن هزم فالنصر النهائي كتب كي يرفع برقه رايته .
الحب حب السماء و حب الحقيقة و العشق عشق الروح الذي توحد في ثاويته المتأصلة في الحقيقة التي تملأ كينونتها الأرض .
الإنعتاقي لا يحمل لواء دين أرضي استترت فيه الفضائل فنصرت الرذائل و مات فيه الإبداع ليرثه الديدان .
http://kenanphoenix.wordpress.com/