صفحات العالمصفحات سورية

أوباما المحارب

ساطع نور الدين
على الرغم من أن الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما يأتي من داخل المؤسسة الأميركية البيضاء، ولا يحمل مشروعاً انقلابياً عليها بل يمثل ذروة اندماج السود في صلبها، فإنه لا يزال يحتاج إلى إثبات ولائه لها… وهو ما قد يعني شن أكثر من حرب على أكثر من دولة عربية أو مسلمة، يمكن أن تتحداه أو أن تذكره بجذوره الإسلامية، او تمس هويته الأميركية.
في الداخل الأميركي لن يخضع أوباما لأي امتحان صعب. مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية تتطلب سلسلة من الإجراءات التي بدأتها إدارة الرئيس جورج بوش، والتي منعت الإفلاس العام او الانهيار التام، لكنها لن تمنع الكساد الحتمي طوال العامين المقبلين على اقل تقدير… وهي فترة يمكن ان تغيب فيها أميركا عن العالم الخارجي الى حد ما، وتترك لحلفائها ووكلائها الإقليميين الاهتمام بالحفاظ على الاستقرار في مناطقهم.
لكن هذا الانطواء الذي تفرضه الأزمة الاقتصادية، لن يحول دون أن يكون قرار اوباما الأول هو تجديد الحرب على أفغانستان التي كانت، من وجهة نظره التي رددها اكثر من مرة في حملته الانتخابية، ثغرة كبرى في إدارة الرئيس بوش للحرب على الإرهاب، ولم تكن تبرر غزو العراق واحتلاله الذي ساهم برأيه في تبديد الطاقات الأميركية للقضاء على تنظيم القاعدة وتصفية زعيمه أسامة بن لادن.
ومثل هذا القرار لن يكون عابراً أو حتى محصوراً بالجبهة الأفغانية، لأن تنظيم القاعدة الذي يدرك الآن أنه على وشك التعرض لحملة عسكرية حاسمة، لن يقف مكتوف الأيدي، ولن يكتفي بالاختباء في الكهوف الأفغانية والباكستانية. والأرجح انه سيعمد إلى خرق الكثير من الخطوط الحمراء التي وضعها لنفسه في السنوات السبع الماضية، والتي أغرقته في تفاصيل الحرب العراقية، حتى بات مجرد قوة فتنة بين المسلمين لا قوة مقاومة للاحتلال كما يزعم .
بكلمة أخرى، فإن حرب أفغانستان التي كانت منذ اللحظة الأولى إيذاناً باندلاع حرب عالمية ثالثة، فإن تجديدها من قبل إدارة أوباما لن يكون سوى مقدمة لحرب عالمية رابعة، حيث سيكتشف الأميركيون والإسلاميون على حد سواء حاجتهم الى فتح جبهات اخرى، تماماً كما حصل مع إدارة بوش التي اعتبرت ان الحرب على العراق هي شرط لنجاح الحرب على الإرهاب، ولتوجيه رسالة مزدوجة الى العـرب والمسلمين، تشــرح لهم قــوة أميركا وعزمها، كما تقدم لهم نموذجاً عن دولة عراقية جديدة يريد الأميركيون إنتاجها في قلب العالمين العربي والإسلامي.
عود على بدء. الحرب الأفغانية لم تحسم، والدولة العراقية النموذجية لم تولد. أوباما يغير وجه أميركا ولا يغير وجهتها العسكرية والسياسية: ثمة مزاح كثير يجري تداوله حالياً في أكثر من مكان، وهو يفيد أن الأميركيين اختاروه رئيساً لأنهم يودون المصالحة فعلاً مع العرب والمسلمين، ومن بينهم الإيرانيون الذين تسرعوا في تهنئته بانتخابه. وهو مزاح يشبه ما ردده خصوم الرئيس المنتخب عن انه سيشهر إسلامه عندما يدخل الى البيت الأبيض بعد شهرين أو أكثر.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى