بيانات وتقاريرصفحات الناس

مع المحاكمة التاريخية. الحملة الأمنية مستمرة

null
تأكيداً لمثابرة النظام على سياسته الأمنية، ترافق انعقاد الجلسة العلنية الأولى لمحاكمة قيادات إعلان دمشق مع اعتقال لعضو آخر في المجلس الوطني هو الأستاذ أسامة عاشور، الذي كان قد أمضى سابقاً ثلث عمره سجيناً سياسياً.
فعلى ماذا تريد السلطة أن تبرهن؟
هل على أنها تتمتّع بالقوّة الأمنية القادرة على فعل ما تريد؟ وفي أيّ توقيت أو ظروف سياسية؟ نعرف ذلك جيداً، ويعرفه الجميع في الداخل والخارج.
أم على أن أمن النظام واستمراره واستقراره هو العامل الحاسم في جميع سياساته الداخلية والخارجية؟ أيضاً نعرف ذلك، ويعرفه القاصي والداني.
لا ضرورة لبراهين السلطة هذه، ولا لاستعراض قدراتها العملية من هذا الجانب. ولا بدَّ أن تدرك أن ممارسة “السياسة”، التي تحظرها على الآخرين، هي الطريق إلى الخروج من أزمتها ومن أزمة البلاد.
فهو لا يستطيع (على عادته القديمة) أن ينتهج سياسات خارجية توحي بالانفراج وتخفيف التوتّر والعزلة، بالتوازي مع سياسات داخلية معاكسة تماماً. ولا يستطيع أن ينفتح على العالم السياسي وراء الحدود وينغلق داخلها. والأصل في الداخل. هو المضمون الذي يعطي لأيّ موقف مصداقيته ووثوقيّته.
لقد جرّب النظام طويلاً الاعتماد على الجانب الأمني في سياسته الإقليمية، وآثر الاستمرار في ذلك حتى بعد انتهاء الحرب الباردة، ويبدو أنه استنتج خطأ ذلك وضرره أخيراً، في المنظور الأبعد، ما لم يكن في المنظور الأقرب المباشر أيضاً. فلماذا يتابع “تجاربه” الأمنية في داخل البلاد ؟ !
لا تتطابق السياسة الأمنية المتمادية ضدّ المعارضة الديمقراطية مع موقف النظام المُعلن من اتفاق الدوحة وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في لبنان، ولا من ترميم الوحدة الوطنية الفلسطينية، ولا من العملية السياسية الجامعة بين الحفاظ على وحدة العراقيين وبنائهم دولتهم الوطنية المدنية مع الخلاص من الاحتلال الأمريكي، ولا تدعم أو تُحصّن المفاوضات القائمة غير المباشرة، بالاتجاه الصحيح من أجل استعادة الجولان المحتل. هذه السياسات أيضاً لا تعطي الحكومات الأوروبية هامشاً يساعدها على “تسويق” تحسين علاقاتها معنا أمام رأيها العام، ويبرهن على أن هنالك تقدّماً في أوضاع حقوق الإنسان في سوريا.. فلماذا إذن ؟ !
يقول البعض إن السبب هو في أن بنية النظام لا تتوافق مع هذه السياسات، ويقول آخرون إنها مجرد آلام الخروج منها. ونقول على أية حال، إن التوتّر الأمني ليس في مصلحة أحد، وهو يتعارض مباشرة مع المصلحة الوطنية.
آن الأوان؛ بل تأخرّ الوقت؛ على الخروج من هذه الحالة، ومقومات هذا الخروج متوفرة ووافرة. فينبغي الكفّ من دون تردّد عن السلوك الأمني المتوتر، والإفراج عن معتقلي إعلان دمشق، الذين يتفرّج شعبنا والعالم على محاكمتهم..السياسية بامتياز.
موقع النداء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى