صفحات ثقافية

قصائد لروزا أليس برنكو: من الشعر البرتغالي الحديث

null
ترجمة منصف الوهايبي بمشاركة الشاعرة

اليوم لم تأكل القطط

شيئا فشيئا تجمّعن فوق السّطح
لا المطر جعلهنّ يمددن ألسنتهنّ
ولا الماء رفد أصواتهنّ
ولا هنّ يمؤن.
الخطوات الممدودة تلك التي تعرفها القطط وحدها
أبعدتهنّ عن الكلمات المحفورة
في الرّخام وفي الغرانيت المطوي
وعن البلاستيك المزهر
أزهار يربكها الغياب.
اليوم الأضرحة صامتة
والقطط بمخالبهنّ النّاشبة
والنّظرة التي لا ترى بها إلاّ القطط
لا يعرفن حتّى الآن إن كنّ قد فقدن الثّقة في الحياة
أو في أكثر من ذلك، في الموت.
هنّ يشعرن بعقدة لا اسم لها، في الحنجرة
مثلنا نحن جميعا.
في أعلى السّطح يقلن: “لا” للسّماء
يردن أن يؤكّدن ذلك أقرب ما يكون.

غدا أقوله لك موسيقيّا

دائما أنسى اسم الأشياء
لذا لا أشعـر أبدا بأنّني وحيدة
أن أكون وحيدة، يعني أن يكون لي جدار
أمام ما أراه باليدين.
دخيل في المنزل المفتوح.
الوحدة تغلق اللسان الذي تفتحه القصيدة.
دون اسم تجلس الأشياء على ركبتيّ،
وأخلع عليها الملابس الموروثة عن جدّتي،
وتلك التي تخترعني في هذه اللحظة بالذات.
حروف تشكّل وجها شبيها بي. حتّى لو كنت أخرى،
فإنّها الكلمات هي التي تتهجّى اليدين،
واللغة التي أقبّلك بها. لا. لا تقل
إنّ الكلمة هي الجدار الذي يفصلنا عن الأشياء.
العالم الذي يتخلّلني يعرف
أنّ هذا الجلد
ليس بأسمنت ولا ملاط.
كلّ مسامّه جسر، مكان مأهول بين حرفين.
يكفيني أنّي أتنفّس.
وستعرف أنّي أكتب بالكلمات ومن دونها.
تهجية النهار

لي أن أقول كلّ شيء، وأستخدم الكلمات
لأتوصّل إلى ذلك. أجهل إن كنت أبتعد أو أقترب،
إن كنت لامست جلد الجوهريّ.
وأتساءل دائما: لماذا هذه الخطوط العنيدة فيّ أنا.
ليس الماضي هو الذي اكتمل،
إنّما هو الذي لن تعيد صنعه أيّة كلمة.
لذا اقرأ دائما في المستقبل، ولكنّي
أجهل في أيّة جهة من الزّمن أكتب.
لو كنت أعرف أنّي أسحب الحروف مثل السلطون[ السرطان أو عقرب الماء]
لقلت إنّني لا أملك إلاّ هذه الحفنة من الكلمات.
أتهجّى اليوم في كلّ شيء يراني
عندما أحسّ أنّي أراه.
هو ذا كلّ شيء، ولا عذر لما أفعل.

اختراع النظر
لا تقل لي إنّي لم أكن في النّافذة،
إنّ الذي لم تره، لم يكن لك أنت.
أشياء كثيرة أنت تجهلها. لا تقل شيئا.
ذات يوم ستراني في نافذة أمس
في الفستان الذي سأرتديه غدا.
فكّر، وأنت تنتظر، بأنّك حلمتـني. أنا نفسي أجهل
ما فعلته في ذلك اليوم.
لكنّ النافذة تحتفظ بأصابعي
مثلما تمسك بي أنت.
الزمن اختراع حديث.
كان يا ما كان هذه المرأة التي رأيتها.
أبٌعـد الكأس، الإطار، ولا تنس
أن تفتح الأفق.

من ديوان”تهجية النّهار”(غير منشور)
موقع الآوان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى