أحمد مولود الطيارصفحات ثقافية

كربلاء حلب: قراءة في “أحداث الثمانينات” باعثها رواية خالد خليفة ” مديح الكراهية”

null
أحمد مولود الطيار
على مدى ثلاثماية وواحد وتسعين صفحة يؤرخ خالد خليفة في ” مديح الكراهية ” لحقبة من تاريخ مدينة حلب السورية ، يؤرخ للبكاء ، ” عيد البكاء ” ، وهل للبكاء عيد ؟! نعم تاريخ مدينة حلب هو تأريخ للبكاء.
وعندما تؤرخ لحلب لكربلاءها الممتد فخالد خليفة يؤرخ انطلاقا من حلب لحماه ودمشق وكل سوريا وما حلب الا مقطع عرضي مأخوذ للايضاح  من الخارطة السورية التي خيم عليها كربلاء لم تنته فصوله حتى الساعة .
” مديح الكراهية ” يكتشف أبطاله في نهاية الرواية أنه العبث ، عبث مازال مقيما ومعششا في العقول والسياسات والتصرفات، يتمسك صانعوه ألا يغادر !!!
أنت أمام عمل روائي، لكن المؤلف لم يذكر وعلى جري العادة في روايات أخرى لدى روائيين آخر،أن شخوص أبطاله وان تشابهت مع شخصيات في الواقع فذلك محض صدفة . هو تأريخ مع سبق الاصراروالترصد  اذن ” لحقبة من تاريخ سوريا … بين الاصوليين والسلطة،  وهي حقبة كادت تقضي بها ثقافة الكراهية على الأخضر واليابس ” ؛ لا أسماء متخيلة وان حورت قليلا ولا أمكنة مفترضة ، كلٌّ على حاله، فالجامع الأموي والجميلية والجلوم والجامعة والجديدة والتلل .. الخ هي أمكنة من لحم ودم ، وبرأيي المتواضع مالم يتطابق مع الواقع هو ترجيديا الثمانينات بدمويتها مع الحبكة والبناء الدرامي المتصاعد في الرواية حيث عجز، لم يصل الى شلالات الدم ولهاث وتقطع الأنفاس، لم يضع الكاتب القارئ فيهما .
الأسئلة ربما المهة -التي وبعيدا عن النقد الأدبي الذي له أهلهوه واختصاصيوه وبالتاكيد لست منهم -وأيضا وبمنأى عن السياسيوية والرغبوية و” ثقافة الكراهية “، وازاء نص يكاد يكون توثيقيا لحقبة مهمة، كما يتفق الكل على ذلك من تاريخ سوريا، هي كيف يجب مقاربتها وكيف (نجمّع ُ)الأجوبة عليها  وكيف -وهو الأهم- تكون المراجعات على مستوى الفكر والسياسة والتنظيم ؟؟ والرواية  هنا، ليست مسؤولة إلا باعتبارها – وان أدلت برأيها – منطلقا ووضعت لنا ” مقطعا عرضيا ” لاعادة هطل الأسئلة وان طال قحط انهمارها ، فموسم طرح الأسئلة لابد ات ولن يستطيع أحد حجبه والتأريخ مهم أن نكتبه نحن معاصروه ومجايلوه بدل أن يكتبه المنتصر أو الايديولوجي أو من سيأتي بعدنا ، فمحض صدفة أن تقرأ رواية  ” القوقعة ” لمصطفى خليفة وهو يؤرخ لفائض مديح الكراهية مترسبا في تدمر، وبعدها ،وكان يجب أن تقرأ قبلها، ” مديح الكراهية ” لخالد خليفة لتتكامل الصورة متسلسلة من البداية . ما ينقص الصورة ربما فصل مهم لتكتمل فصول ” مديح الكراهية ” وقبل فصل ” نساء يقودهن أعمى ” فصل مهم ويمهد لماذا وصلنا الى ثقافة مديح الكراهية ” التي كادت أن تأكل الأخضر واليابس ” .
ما الذي منع هكذا فصل ضرورات العمل الروائي أم الرقيب أم ماذا ؟؟
لا أحاول توظيف الرواية وان كان هذا حق مشروع ، وهنا إلى جانب الرواية أقتبس من كلام قاله خالد خليفة في أحد لقاءته الصحفية  ” .. قدر الكاتب العربي أن لا يبتعد عن السياسة … و أنا من حزب الكتابة ضد كل الأحزاب ”
بالإشارة إلى غياب الأسباب التي أدت الى طمس سبب وصولنا الى مديح الكراهية وتصريحات خليفة أنه علماني في أكثر من مناسبة يبرز سؤال مهم هنا : هل انحاز خالد خليفة ب ” مديح الكراهية ” الى طرف دون آخر؟ هل قالت الرواية كل ما تريد قوله ؟ هل “سرايا الموت” وحدها كطرف داخل النظام تتحمل المسؤولية منفردة؟ هل العنف لدى الاسلام السياسي مفطور عليه هكذا أم له أسبابه ؟
هي أسئلة ربما لايطيقها عمل روائي وينفض يده منها أي فنان ولكن ميزة الأعمال المبدعة أنها تفتح الأسئلة على مصراعيها .
اذن ، الرواية سبب ومحاولة طمس التاريخ سبب أكبر وأهم لفتح شلالات الأسئلة ، ولماذا ؟ استجلاء ماذا جرى ولماذا جرى ما جرى في سوريا ؟؟ والغاية ، التخلص من مديح الكراهية ، التخلص من ” لعنات الجثث التي جعلت ستة جنود شاركوا بالقتل- في مجزرة تدمر-  مخبولين يركبون على أحصنة من أعواد الصفصاف ، يثيرون الغبار ورائهم في قراهم البعيدة ، هاربين أمام أعداء وهميين يطاردونهم ، بعد تسريحهم من الجيش واعادتهم الى أهاليهم مع أوسمة شرف منحهم ايّاها قائد سرايا الموت ..”
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى