الدور التركي في المنطقة

دور تركيا الوسيط من يسعى لتعطيله ولماذا؟

محمد نور الدين
يبدو أن هناك حملة منظمة واسعة داخل تركيا (للأسف) وفي الغرب وفي “إسرائيل” من أجل تشويه صورة تركيا المتعززة علاقاتها مع العالم العربي والإسلامي.
وجاءت هذه الحملة إثر التراجع المتزايد في العلاقات التركية – “الإسرائيلية” وتعرض السفير “الإسرائيلي” في أنقرة غابي ليفي لمضايقات من جانب مواطنين أتراك في مدينتي ريزه وطرابزون.
ويبدو أن الحملة المركزة تحاول ان تصيب المظهر الأبرز للتحرك التركي في المنطقة وهو دورها كوسيط في النزاعات الإقليمية بل حتى داخل الدولة الواحدة وذلك لإفقاد تركيا أحد أبرز عوامل قوتها الدبلوماسية التي اتاحت لها الدخول بقوة إلى الملعب الشرق الأوسطي.
من هنا كانت مثلا محاولات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أثناء زيارة الرئيس السوري حافظ الأسد إلى باريس التسويق لفكرة قيام فرنسا، لا تركيا، بدور الوسيط بين سوريا و”إسرائيل”.  وقبل أيام، بل ساعات، من زيارة الأسد كان رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يلتقي في باريس بساركوزي ويعلن أنه مستعد لمباحثات من دون شروط مع سوريا.
والواضح لكل العالم العربي المعتدل والمتشدد أن “إسرائيل” لا تريد السلام ولا تريد التسوية وبالتالي لا تريد الانسحاب من الضفة والقدس وإعادة أي لاجئ وترى الفرصة سانحة في ظل العجز العربي لاستكمال المشروع الصهيوني على أراضي فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر وهذا مبرر إنشاء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية تحديداً وتحويلها إلى أراضي 48 جديدة فلا يبقى للفلسطيني سوى الهجرة إلى الأردن أو مصر أو… كندا مثلا.
إن تركيز “إسرائيل” والغرب على محاولة إيجاد وسيط آخر غير الوسيط التركي يهدف أولا إلى تعطيل اية امكانية لاستئناف عملية التسوية وكسب الوقت لترسيخ الاستعمار الصهيوني في الضفة الغربية وثانياً إلى كسر تركيا في أبرز نجاحاتها وهو الدور الوسيط وبالتالي اضعافها عقاباً لها على مواقفها المشرّفة من القضية الفلسطينية ولا سيما في غزة وعلى تقاربها مع العالمين العربي والإسلامي وبالتالي الحؤول دون استمرار الجهود لتكامل دول المنطقة.
لقد نجحت تركيا في ما لم تنجح به دول كثيرة ونجحت حكومة حزب العدالة والتنمية حيث فشلت الحكومات السابقة في أن يكون لتركيا موقع محترم ومكانة معتبرة في محيطها وفي العالم.
لقد ساء لأعداء العرب والمسلمين أن تتحول تركيا من موقع الحليف لهم والتابع، إلى بلد يتمتع بقدر عال جداً من الاستقلالية في القرار السياسي والتي كانت قادرة لتقول لا لمن لم يتجرأ احد في العالم أن يقول لهم لا، أي قادة الكيان الصهيوني.
ونجحت تركيا في أن تخلق بنية تحتية من القوى الإقليمية التي تسعى ليكون قرار المنطقة بيد دولها وابنائها وليس بيد من يأتي من أقاصي العالم ليحتل العراق وأفغانستان ويضرب دولاً مركزية هنا وهناك.
وما يحلله الغرب لنفسه يحرّمه على دول المنطقة. لقد اتحدت أوروبا في اتحاد أوروبي رغم كل حروب دولها ومذابحها واختلاف ثقافاتها ولغاتها فيما يستشعرون الخطر من أي تقارب مهما كان متواضعاً بين دول في العالم العربي والإسلامي وعلى هذا كانت المؤامرة لضرب وحدة مصر وسوريا التي انشئت عام 1958 وجهود تفتيت العراق ولبنان واليمن والسودان وما إلى ذلك. واليوم لا ينظر الغرب بالرضا بل بقلق شديد إلى سياسة تركيا المؤيدة للعرب والمسلمين. وباب ضرب هذه الجهود تشويه صورة تركيا وضرب أحد عناصر قوتها وهو الدور الوسيط.
إن موقف سوريا الرافض لأية وساطة غير الوساطة التركية خطوة مهمة جداً على طريق تحصين الدور التركي الذي يخدم مصالح العرب وتركيا في الوقت نفسه وكل العرب والمسلمين مدعوون إلى الوقوف بجانب تركيا لحماية الحد الأدنى من استقلال شعوبها.
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى