صفحات الناس

ضباط الشرطة يتدربون على حقوق الإنسان! فلم تمنع المنظمات؟

null
نزار عادلة
تتوالى الدورات التدريبية الخاصة بضباط الشرطة السورية، والتي تهدف إلى تطوير علاقتهم مع مفاهيم “حقوق الإنسان”. فقد عقدت مؤخرا الدروة الثالثة (وربما الرابعة!) بالتعاون مع معهد جنيف لحقوق الإنسان.
وأكد قائد شرطة حلب على أهمية هذه الدورة، موضحا أن دستور الجمهورية العربية السورية، وكذلك التشريعات الوطنية التي جاءت مكملة للدستور، إضافة للنظام الداخلي للشرطة: تضمن جميعها هذه الحقوق.
وأشار إلى أن وزارة الداخلية أصدرت عدداً من التعاميم الضامنة لحقوق المواطنين والاهتمام بشكواهم. وأصبحت “مفاهيم حقوق الإنسان” مادة تدرس لكل ضباط وصف ضباط وأفراد الشرطة.
أما المدير التنفيذي لمعهد جنيف لحقوق الإنسان فقد تحدث عن أهداف هذه الدورة التي ترمي لمواصلة دعم قدرات ضباط الشرطة السورية في مجال حقوق الإنسان، وتحسين معارفهم بنظام حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وتعزيز علاقات التعاون بين معهد جنيف ووزارة الداخلية السورية.
وأوضح أن الاتفاقيات والعهود والإعلانات الدولية أتت لتؤكد المبادئ الأساسية في إدارة شؤون العدالة، والمحاكمة العادلة، والحق في الاستئناف، والمعاملة الإنسانية. وان نتائج وتوصيات الدورة سوف تنعكس بشكل إيجابي على عمل معهد جنيف لتعزيز حماية حقوق الإنسان.
من الواضح إذا أنها بادرة إيجابية وجيدة ان تقيم وزارة الداخلية مثل هذه الدورات التدريبية للشرطة في مجال حقوق الإنسان. لكن ذلك لا يمنع من طرح سؤال أساسي:
إذا كنا نبذل كل هذا الجهد في الدورات التدريبية، فلم لا يتم الترخيص لمنظمة واحدة (على الأقل) تعمل في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان؟ رغم أن عددها اليوم في سورية أكثر من ست منظمات، وجميعها تعمل دون ترخيص (رغم تقديمها لطلبات الترخيص واستيفائها لشروطه)، ويتعرض أعضاؤها إلى مساءلات وتوقيفات في الكثير من الأحيان؟!
وعندما نقول إنها تعمل بشكل غير رسمي، فهذا يعني أنها ليست ممنوعة من العمل، وليس مسموحاً لها العمل! وهي منظمات ليست سياسية ولا معارضة! وإنما يتمثل عملها في القضايا القانونية في مجال الدفاع عن الحقوق التي أقرتها القوانين والمواثيق الدولية التي صادقت سورية عليها.
مثلاً: لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية. قد عبرت عن توجهها في بياناتها، خاصة بمناسبة ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إذ حثت السلطات السورية على العديد من القضايا، منها:
1- إقرار مبدأ سمو المواثيق و الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي صادقت عليه سوريا, على التشريعات الوطنية. مع التنصيص على هذا المبدأ في الدستور السوري.
2- تعديل الدستور السوري بالوسائل الديمقراطية بما ينسجم في المضمون مع مبادئ وقيم ومعايير حقوق الإنسان التي صادقت عليه سوريا.
3- تعديل مضمون القوانين و التشريعات السورية بما يتلاءم والمواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
4- تنفيذ التوصيات المقررة ضمن الهيئات التابعة لمعاهدات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية.
5- المصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، وإنفاذه بطريقة فعالة.
6- امتثال قانون المطبوعات والتشريعات ذات الصلة التي تحكم وسائط الإعلام السمعية والبصرية والصحافة ونظم التراخيص امتثالا كاملاً لمقتضيات المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
7- تعديل القوانين و التشريعات لكفالة المساواة بين الرجل والمرأة في قضايا الأحوال الشخصية, و أن تزيل أي تمييز ضد المرأة في قانون العقوبات.
8- اتخاذ التدابير الكفيلة لتنقيح جميع التشريعات التي تحد من أنشطة منظمات حقوق الإنسان وممارسة نشاطها بحرية, وتعديل قانون الجمعيات بما يمكن مؤسسات المجتمع المدني من القيام بدورها بفاعلية.
9- إصدار قانون للأحزاب يجيز للمواطنين ممارسة حقهم بالمشاركة السياسية في إدارة شؤون البلاد.
10- حث الحكومة السورية على اتخاذ الإجراءات والخطوات من أجل وضع خطة وطنية لتعديل المناهج التعليمية بكافة المراحل والاختصاصات، بما يضمن نشر ثقافة حقوق الإنسان والتمكين من قيمها, وبما يناسب كل مرحلة. والعمل على إعداد مختلف العناصر الأمنية ثقافياً، وتدريبهم على ثقافة حقوق الإنسان واحترامها.
11- اتخاذ التدابير اللازمة لضمان ممارسة حق التجمع السلمي ممارسة فعلية.
12-اتخاذ الإجراءات اللازمة و العاجلة بما يكفل إلغاء كافة أشكال التمييز بحق المواطنين الأكراد, وأن تتاح لهم إمكانيات التمتع بثقافتهم، واستخدام لغتهم، وفقاً للعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, والعهد الخاص بالحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. واتخاذ الإجراءات الفورية الفعالة لإلغاء نتائج إحصاء عام 1962 وتبعاته.
13- العمل على التسوية النهائية والعادلة لأوضاع كافة المعتقلين السياسيين المفرج عنهم. وكذلك الموقوفين بسبب نشاطهم النقابي أو السياسي، وذلك في مجال العمل وعلى المستوى القانوني والإداري والحالي. ووضع حد قانوني لمضايقة المعتقلين سابقاً بدءاً بتمكينهم دون قيد أو استثناء من كافة حقوقهم، وبضمنها جوازات السفر وحقهم في مغادرة البلاد وتوفير العلاج الطبي والتعويض الملائم للمصابين بأمراض وعاهات ناتجة عن تعرضهم للتعذيب.
14- اتخاذ الإجراءات الكفيلة لمحاربة الفساد بفعالية من خلال إعمال شعار عدم الإفلات من العقاب بشأن الجرائم الاقتصادية المرتكبة بحق الثروات والأموال العامة, والتي شكلت وما زالت تشكل إحدى الأسباب الأساسية للفساد.
حول هذه البنود يتمحور عمل ونشاط جميع منظمات حقوق الإنسان في سوريا. وأعتقد أنها لا تتعارض مع توجيهات الدولة في سوريا, والمحاضرات التي ألقيت في الدورات المذكورة الخاصة بالشرطة تتمحور حول حقوق الإنسان و البروتوكولات الموقّعة بهذا الخصوص، والالتزامات الدولية تجاهها، والقواعد الدولية لاستخدام القوة في أعمال الشرطة، والعدالة الجنائية الدولية، ودور الشرطة في تعزيز و حماية حقوق الإنسان. أي هي المحاور الأساسية نفسها التي تعمل عليها المنظمات السورية المعنية بحقوق الإنسان.
و نأمل من الجهات المختصة في سوريا أن تسعى إلى الحوار مع هذه المنظمات، وأن تعمل على تشكيل مجلس أعلى لحقوق الإنسان في سورية. هذا ما لم تعمل على إنشاء وزارة خاصة بهذا الأمر أسوة ببعض دول العالم. فمسؤولية تعزيز حقوق الإنسان هي من مسؤوليات الدولة وواجبها الرئيسي أولاً، ومن ثم هي من مسؤوليات المواطنين وهيئات المجتمع المدني.
كلنا شركاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى