قضية فلسطين

شجرة غزة أم غابة المنطقة؟

سعد محيو
هل كانت دعوة السفير (والصقر المحافظ الجديد) الأمريكي السابق جون بولتون إلى توزيع غزة والضفة الغربية على مصر والأردن و”إسرائيل” مجرد صاعقة في سماء صافية؟
من يعتقد ذلك مخطئ. وهاكم ثلاثة أدلة:
الدليل الأول، وجود أطراف نافذة في الولايات المتحدة (البنتاغون، الكونغرس، مراكز الأبحاث) تدعم بقوة هذه الخطة، بزعامة دانييل بايبس الذي يطلق عليه اسم “الفارس الأسود” بسبب تطرفه الصهيوني. وقد لخّص هذا الأخير في أوائل العام 2008 (أي قبل سنة من حرب غزة) مبررات هذه المقاربة بالتالي:

ياسر عرفات، ثم محمود عباس، فشلا في تحويل غزة إلى سنغافورة جديدة وفي منع صعود الإسلام الراديكالي فيها، ولذا يجب التخلي عن فكرة السيادة الفلسطينية على هذا القطاع.
على واشنطن والعواصم الغربية الأخرى الإعلان بأن تجربة الحكم الذاتي في غزة فشلت، ثم القيام بالضغط على مصر لتقديم يد العون، ربما عبر منح غزة أراضي مصرية إضافية أو حتى ضم القطاع برمته إلى مصر بصفته محافظة من محافظاتها.
هذه الخطوة الأخيرة ستكون منطقية وبديهية ثقافياً: فالغزاويون يتحدثون لكنة عربية شبيهة بتلك التي ينطق بها المصريون في سيناء، ولديهم علاقات عائلية مع سيناء أكثر من الضفة الغربية، وكذا الأمر بالنسبة إلى علائقهم الاقتصادية مع سيناء.
ويخلص بايبس إلى القول: إن تحويل هذه العلاقات غير الرسمية إلى علاقات رسمية عبر ضم غزة إلى مصر سيحقق جملة أهداف دفعة واحدة:
1 وقف الصواريخ على جنوب “إسرائيل”.
2 كشف الطابع الاصطناعي للوطنية الفلسطينية.
3 كسر الطريق المسدود في العلاقات العربية  “الإسرائيلية”.
الدليل الثاني: تبني حزب الليكود، الذي لايزال مرشحاً لاستلام السلطة في “إسرائيل”، لهذا المشروع بالكامل. وهذا واضح في برنامج بنيامين نتنياهو الانتخابي الذي يدعو إلى استبدال شعار “السلام لإنهاض الاقتصاد” في فلسطين والشرق الأوسط بشعار “الاقتصاد لتحقيق السلام”، وذلك عبر نسف طموحات الفلسطينيين الوطنية من خلال ملء بطونهم، وتقاسم الضفة مع الأردن.
الدليل الثالث: توافر أطراف فلسطينية وأردنية تؤيد هذا التوجّه. أو هذا على الأقل ما ينبئ به مشروع “المملكة الأردنية  الفلسطينية الهاشمية” الذي كشفت عنه “وثيقة عوض الله  عريقات” خلال العام ،2008 والذي يفترض أن يتكوّن من شرق الأردن و90 في المائة من أراضي الضفة الغربية، ويقوم بتوطين ليس فقط لاجئي الضفة بل أيضاً اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا.
هل هذه الأدلة كافية؟ ليس تماماً؟
إذن، فلننتبه جيداً إلى التطورات في الغابة الإقليمية الكاملة التي تختفي الآن وراء شجرة الحرب “الإسرائيلية” في غزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى