الدور التركي في أربعة أسئلة
محمد نور الدين
سؤال 1- لماذا كانت لهجة رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان عالية جدا ضد العدوان “الإسرائيلي” على غزة؟
جواب، لهذا الموقف الحاد سببان مباشران: الأول هو أن رئيس حكومة العدو ايهود أولمرت قام بعدوانه على غزة في 27 ديسمبر/ كانون الاول 2008 بعد أربعة أيام فقط من زيارته إلى تركيا، وكانت زيارة شبيهة بزيارة وزيرة خارجية العدو تسيبي ليفني إلى القاهرة عشية العملية. الفارق أن ليفني أعلنت من القاهرة أنها تريد سحق حماس، فيما وعد أولمرت أردوغان بأنه لن تحدث أي عملية ضد غزة. وبذلك حاول أولمرت أن يظهر تركيا كما لو أنها موافقة على العدوان، فيما الواقع أنه العكس. لذا انتفض أردوغان على خديعة أولمرت وكذبه ومحاولته تشويه سمعة أردوغان وموقف تركيا.
السبب الثاني المباشر أن أولمرت ركّز كل محادثاته مع أردوغان وعبدالله غول في زيارته تلك على إمكانية استئناف مسار المفاوضات مع سوريا، وكانت الأمور تسير في هذا الاتجاه. وما هي إلا أيام حتى كان أولمرت ينفذ عدوانه على غزة فبدت محادثاته في تركيا حول السلام تمويهاً وتضليلاً للعملية العسكرية ضد غزة، وهو ما جعل أردوغان يشعر بأنه قد خُدع من جانب “إسرائيل”.
إضافة إلى ذلك، وهنا السبب الثالث المبدئي، فإن الموقف التركي المندد بممارسات “إسرائيل” الوحشية ليس جديداً، وسبقته مواقف مشابهة بعد مجازر جنين، وهو ما يؤكد أنه موقف مبدئي وأخلاقي وليس ظرفياً أو مرتبطاً بمنفعة تركية انتهازية هنا أو هناك، ومن هنا أهميته.
سؤال 2- بماذا يختلف الموقف التركي عن الموقف العربي بالنسبة للوضع في غزة؟
جواب، لقد حمّل بعض العرب حركة حماس مسؤولية الأحداث في غزة، ومنها إطلاق الصواريخ. ومالوا إلى الذهاب إلى مجلس الأمن رفعاً للمسؤولية عنهم، في حين أن تركيا كانت تسعى إلى خطة من ثلاثة بنود تعطي أولوية لوقف المجازر “الإسرائيلية”. وتنص على وقف فوري للنار وفتح المعابر جميعها بما فيها معبر رفح، وإرسال المساعدات الإنسانية إلى أهل غزة ومن ثم تفتح سائر الملفات ومنها توحيد الصف الفلسطيني.
سؤال 3- هل يؤثر الموقف المنحاز لتركيا إلى جانب الشعب الفلسطيني وانتقادها ل “إسرائيل” في دورها كوسيط بين “إسرائيل” من جهة، وسوريا والفلسطينيين من جهة أخرى؟
جواب، لا شك في أن “إسرائيل” تشعر بامتعاض كبير من الموقف التركي الحالي، لكنها لن تذهب إلى الإطاحة بالوساطة التركية والتخلي عنها. ف “إسرائيل” قياساً إلى التجارب السابقة وإلى مصالحها العامة لا يمكن أن تفرّط بصداقة تركيا وحريصة على ألا تخسر بلداً مسلماً كبيراً مثل تركيا، كان أول من اعترف بها عام 1949 من بين المسلمين، وهو شريك تجاري، وحليف عسكري، وعضو في الناتو، وبلد علماني، بمعنى أنه يتعارض مع طبيعة المجتمعات الإسلامية وبالتالي فإن “إسرائيل” ليس من مصلحتها أبداً أن تضعف الدور التركي الوسيط الذي قد يجرّ إلى تعزيز التيارات الإسلامية المتشددة في تركيا.
سؤال 4- ما هي حدود الدور التركي في أحداث غزة؟
جواب، لتركيا دور مهم جداً ومباشر وفاعل في أحداث غزة. إذ إن لحكومة حزب العدالة والتنمية علاقات جيدة مع حركة حماس. لذا تصبح تركيا أحد الأطراف الأكثر قبولاً من جانب حماس و”إسرائيل” والغرب ودول الاعتدال والممانعة العربية، ولا سيما في أي بعد أمني من أي حل.
كذلك فإن تركيا عضو في مجلس الأمن الدولي، وتستطيع بحكم علاقاتها بحماس أن تنقل وجهات نظرها، وهو ما أبدى أردوغان نفسه استعداده لذلك.
والدور التركي الذي لا غنى عنه واضح من خلال مشاركة مستشار رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو في محادثات وفد حماس في القاهرة، واحتمال أن تكون قوات المراقبة المقترحة لمراقبة المعابر مع مصر، وليس القوات الدولية، مؤلفة كلها أو جزئياً من جنود أتراك وحتى بقيادة تركية. والعلاقات الوثيقة لأنقرة مع حماس ومع كل من سوريا وإيران، تجعل أية أفكار تركية مفتوحة للنقاش في ظل ثقة متبادلة.
الخليج