صفحات الناس

الى الذين يصنعون الحرّية نيابة عنّا، ولنا !

null
فائق المير
على مساحة الجسد والروح ينتشر عبق اللذين غادرتهم، ويدميني صوت أي منهم عبر الهاتف.. أيها الرفاق والأصدقاء: كيف هي الأحوال عندكم؟؟.
أمازالت “كتائب المداهمة ومكافحة الإرهاب “*، تستبيح كرامتكم وتحاصر أرضكم على ضيقها، وتنتهك حرمة حياتكم وأجسادكم!؟.
أمازال المخبرون والبلطجية يطاردونكم ويقضون مضجعكم؟ ويعبثون ويخربون كل ماهو إنساني وحميمي في حياتكم وعلاقاتكم؟.
وهل مازال الشبّيحة وأصحاب النفوذ هم “أسياد” المكان، والقابضين على كل موارد المعتقل، والمتحكّمين بكل أشكال التجارة الشرعية وغير الشرعية فيه؟. ومازلتم تدفعون لهم من حياتكم ثمن الماء والهواء والمكان والزمان؟. ومازال ممنوع عليكم الاختلاط ببقية السجناء والحديث معهم؟.
وهل مازالت تصادر حوائجكم الصغيرة (الكأس، والسخانة، والملعقة، ومصاصة المتة) وتباع بنفس اليوم إلى غيركم؟؟. ومازال مفروضا عليكم احترام جرائد السلطة وعدم تعريض صور المسؤلين فيها لأية إساءة، وعقوبة المخالفة عشرة أيام في زنازين البرد والقمل والجرب؟.
تحياتي الحارّة لكم جميعا وأنتم تدفعون عنا غائلة الفساد ومرارة التسلط بصمودكم البطولي وقولتكم الرائعة: لا لا لا لمن يمعن في تخريب الأوطان وتمزيق واهانة شعبها، وتسليط “كواسره” ومافياته ككوابيس على حياته اليومية.
تحية إلى فايز سارة، الذي يقاوم بجسده بالرغم من زحمة الأمراض والأوجاع فيه، تحية له وهو يصعد إلى سريره متكئا الى إرادة لاتلين، وروح مفعمة بالعزيمة والثقة بالمستقبل، وابتسامة لا تفارق وجهه.
والى محمود عيسى لأسأله: ماذا تبقى لك من “الحقوق” بعد أن حاصروك وأكلوا المكان من حولك، لكي لا تخرج الينا حاملا حريتك وإجازة في الحقوق. إنني على ثقة أنهم مهما فعلوا لن يستطيعوا النيل من جموح روحك ومن صلابة إرادتك.
وأسال كمال اللبواني: ماذا تبقى منك بعد كلّ هذا الحقد والكيد، وكل الأذى الذي طال جسدك، وبعد سيل التهم المضحكة والمبكية التي لفقوها بحقك، لكنّهم لم يد ركوا أنهم بذلك يضيفون إلى سجل كفاحك في وجه الاستبداد وساماً جديداً سيكون على الدوام موضع تقدير واحترام كل المناضلين والشرفاء من أبناء شعبنا الصابر. أحييك بحرارة، وأتمناك طليقا بيننا.
والى العزيز أبا أيهم “ميشيل كيلو”: أيها السبعيني المخضرم، الذي أثرى بنضاله ونشاطه وقلمه، الحياة الثقافية والسياسية السورية، والتي اعتبرها المستبدون أشياء هدامة، وموهنة لعزيمة الأمة، ومضعفة لشعورها القومي، وقد عبروا عن ثقافتهم هذه خير تعبير حين القوا بك نزيلا في سجونهم جنيا إلى جنب مع مرتكبي أبشع الجرائم الأخلاقية من القوادين ومديرو بيوت الدعارة. سأراك كما ودعتك مفعما بالأمل حافلا بالحياة والأحلام التي دأبت على غرسها فينا وفي الحياة على السواء.
السيدة الفاضلة: فداء حوراني يا ابنة مدينة أبي الفداء البطلة وفخرها، ياماجدة النساء السوريات ورمز نضالهن، صحيح انك لم تكوني أولهن ممن وقفن في وجه طاغوت التسلط وأدمتهن مخالبه السامة، لكن وقفتك الصلبة والمشرّفة، عبرت أصدق تعبير عن معاناة كل السوريات خصوصا وعن تطلعات الشعب السوري على وجه العموم. ستبقين الوردة السورية الأجمل، التي نسجت من جراح السوريين وقهرهم، الرؤية والموقف نحو سوريا الحرة العزيزة، والتي ستعيد للشعب السوري حريته وكرامته.
إلى أبي جواد: أيها الدمشقي الأصيل، الذي أنعش ذاكرتنا لنستعيد مجد الأفاضل ممن عطّرت سيرتهم بلاد الياسمين: القوتلي، والخوري، والقباني، وآخرين كثر، أنت الآن في قبضتهم ليمنعوك من السير في شوارع وأزقة الحارات العتيقة وتلتقي بناسها ومغرميها من البزورية إلى القنوات إلى الميدان، كيلا تتحدث إليهم أكثر عن مافاتهم من أخبار السلطان والسلاطين، وتفضح المزيد من صفقاتهم وارتكابا تهم. لقد لمسوا فيك العزم والجرأة، ولن يسمحوا لأحد أن يخبر الشعب من هو سارق لقمة أطفاله والوالغ في أحلامهم النبيلة.
أبو سلام الحبيب: أيها المقبل دوماً على الحياة وعاشقها حتّى القدمين. أما زلت في اطمئنانك الهادئ تقول: “يداك أوكتا وفوك نفخ”؟. لابأس من بعض الشيب يزين مفرقك الحالك. ستظل أكبر من المحنة. وأحترم ولعك بالحرية.. ونحن بانتظارك.
إلى طلال – وجبر: أيها الصديقين الجميلين حدّ الوفاء، كلي ثقة أنكم ستجعلون للمكان معنى غير الوحشة والقهر، أنا واثق أن المعاني ستتسرب من بين أصابعكم، ومن صدى الضحكات التي تستفز بتحررها عقد النقص لدى سجانكم، ومن انهمار الكلمات ومن رنينها، ستشقون دروبا رحبة وسط زنزانتكم…. سلاما يليق بجمالكم.
أشدّ بحرارة على يدي المناضل أباحسين (علي العبد الله)، الذي ألف السجون وزنازينها باعتبارها ثمناً للحرية، وعربون وفاء للشعب الطيب الذي امتزج فيه بكل أصالة. بماذا أناديك وأنت العطر السيرة في كل مكان تطأه قدماك، اعتقد أن اللذين أرادوا امتحانك قد أدركوا أنهم واهمون، ترى كيف تعيش لحظاتك المرة والثقيلة بعد أن عزلوك عن العالم، وجربوا فيك أحطّ أساليب حقدهم ليخضعوك؟ وكيف توزع قلقك المتشعب؟، أعلى عائلتك التي تركتها لأجهزة الأمن تنغص عيشها؟ أم على ولديك محمد وعمر، (محمد) في غربته القسرية؟ أم عمر نزيل سجن صيدنايا والذي بقي مصيره مجهولا مثله مثل باقي نزلاء هذا السجن المرعب؟ كم أنت حين تتحمّل كل هذا الوجع وتصمد، وتبقى الابتسامة الممزوجة بالأمل على محيّاك ولا تفارقك في كل الأوقات. كم أكبر فيك كل هذا وكم أشتاق اليك حيث أنت، يامن تنمو أشجار الحرية في كفيه.
سلاما لعائلة (البنّي) الكريمة، والتي أصبحت التضحيات قدرها وجزأ من تقاليدها، ومطاردة الأشباح وعسس الليل وأذى السلطة طقسا من طقوس حياتها، ألا يكفي ما قدمته من قرابين؟  كل الحب والوفاء للرجال الأشاوس: أكرم وأنور صنوا الحرية، فأنتم في القلب دوما وحاضرون معنا وفي أفعالنا.
إلى أحمد طعمه وياسر العيتي… إلى مشعل وحبيب وماهر وعمر والشيخ ضرار ونزار.. وكل القابعين في سجون الاستبداد وأقبيته، والى كل الذين ضحوا وماتوا دفاعا عن كرامتهم وحرية شعبهم، سيثمر غرسكم لامحالة خمائل تظلل حياتنا وتحميها من لظى الفساد ونيران التسلط.

يتزايد عدد الأحبة والمشتاقون لكم، مثلما يتزايد شوقكم وشوقنا للحرية.
(*): كتائب المداهمة ومكافحة الارهاب: وهي تشكيل امني عسكري قوامه من الشرطة، يقوم بشكل دوري  (شهري) باقتحام السجن وهومدجج بالقنابل الغازية والهراوات، ويقوم بتعرية النزلاء وجلدهم وتفتيشهم وتوجيه الاهانات المشينة لهم والعبث بمقتنياتهم او مصادرتها.
موقع الرأي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى