نشطاء دمشق : لاقيمة للمظاهرات دون قيادات فاعلة تخطط لفتح حدود وسحب سفراء
دمشق -مايا جاموس :يشير أكاديمي وكاتب فلسطيني مقيم في دمشق الى مسألة صائبة تتعلق بعدم جدوى المظاهرات الجماهيرية ان لم يكن لها قيادات فاعلة تحدد أهدافا واضحة لتحركاتها ومطالبها كفتح الحدود وقطع العلاقات وسحب السفراء وما الى ذلك من مسائل تعطي للحشود الجماهيرية وتحركاتها المعنى الذي يليق بحجم تعاطفها مع أهل غزة
مايا جاموس تحدثت الى ادباء وشعراء ونشطاء سوريين وفلسطينيين في دمشق ووافتنا بمواقف واراء لاتقف عند حدود نقد العجز السياسي للقيادات العربية
نشطاء دمشق : لاقيمة للمظاهرات دون قيادات فاعلة تخطط لفتح حدود وسحب سفراء
– لا يمكن تحديد ما العمل إلا انطلاقاً من معرفة أمرين، أولاً القوى الفاعلة في الحدث سواء كانت القوى العدوانية أو القوى التي يقع عليها العدوان والجريمة واقصد غزة وأهلها، ثانياً معرفة الإمكانيات الحقيقية للفعل، أقول هذا بعيداً عن الخطاب المنطلق من الانفعال الغاضب، وهذا حق ويجب أن ننفعل غاضبين، ولكن في لحظة التحليل يجب أن ننحّي الانفعال جانباً.
القوى الشريكة في العدوان إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ومعظم أنظمة الحكم العربية، فكما نرى فإن القوى شرسة وكبيرة، هدفها تغيير سياسي على الأرض في غزة، وهذه القوى لا تواجَه إطلاقاً إلا بحركة شعبية داخلية منظمة تطرح أهدافاً عملية. المظاهرات هي أمر حسن في كل الأحوال لكن لكي تكون المظاهرة فاعلة يجب أن يكون أولاً لها قيادة فاعلة وذات أهداف واضحة، فليس من المفيد في شيء أن تخرج مظاهرة لتشتم، المظاهرة الفاعلة هي التي تخرج إلى الشارع وتضع نصب عينيها إغلاق سفارة، وقطع علاقات دبلوماسية وفتح حدود، ودعم مادي، انسحاب من مؤسسة ما، عندها تكون المظاهرة آلة ضغط. لا يمكن أن نطلب من النظام السياسي العربي أن يكون فاعلاً في رد العدوان وهو شريك في العدوان أو على الأقل هو لا حول ولا قوة له في رد العدوان، وبالتالي التعويل على مؤتمرات قمة ووزراء خارجية وأمين عام جامعة الدول العربية، هو تعويل لا قيمة له إطلاقاً لا عملية ولا معنوية.
القوى التي واقع عليها العدوان هي الشعب الفلسطيني كله وليس في غزة فقط، فيجب أن نفكر الآن والمحنة قائمة كيف نعيد اللحمة للوحدة الوطنية الفلسطينية. إذ إن واحدة من فضائح العصر وكل العصور أن يتوسل الفلسطيني بكل تشعباته وقواه، الوحدة الوطنية عن طريق رئيس مخابرات دولة تقيم صلحاً مع العدو.
إنه من الغرابة بمكان أن تذهب حماس والجهاد واللجنة الشعبية وفتح والقيادة العامة ليجتمعوا في مصر بقيادة مخابراتها ليحققوا الوحدة الوطنية. فما يوحّده الدم كيف يمكن أن يوحّده رئيس مخابرات دولة متصالحة مع العدو، ولهذا فإن الوحدة الوطنية عامل إجهاض لما وضع العدوان نصب عينيه من أهداف.
على مستوى العالم أرى أن الشارع الأوروبي قادر على الضغط لأنه قوي من جهة، والحكومات في أوروبا تأخذ بعين الاعتبار رأي الشارع.
دون تحقيق هذين المطلبين فإن العدوان سيبقى مستمراً وإن نتائجه قد تكون كارثية.
– خيري الذهبي (روائي سوري):
نحن جيل جربنا العمل كثيراً ولم نصل إلى شيء، القوى المخططة هي غير عربية وأساساً هل هنالك قوى أصلاً في الوطن العربي حالياً؟ بعد حرب 1991 أُفرغت المنطقة العربية من القوى الشعبية وصارت خلبية، وبعد سقوط التجربتين الكبيرتين الماركسية والقومية العربية لم يبقَ هنالك فعالية جماهيرية، وأصبحت للأسف بين أيدي القوى الدينية، وما يجري لم يترك لنا سوى أن نتفرج عليه برعب وشلل وعدم القدرة على الفعل. إن إسرائيل التي صنعت الجدار العازل ليكون سوراً للفلسطينيين، لكنه في الوقت نفسه لليهود في إسرائيل، وهذا هو التناقض الآن إنها تعيش في غيتو وتريد للعرب ذلك، وما يجري في غزة هو إعادة تمثيل مشهد تم في أربعينيات القرن الماضي في غيتو وارسو.
أما عن الحكام العرب فلا أستطيع أن أقول إلا إنهم العجز، ويصدّرون عجزهم إلى شعوبهم، وليس أمامنا سوى انتظار جيل سيرمي بهم جميعاً، سيصنع شيئاً، سيغيّر من مصير هذه الأمة التعيسة.
– راسم المدهون (شاعر وصحفي فلسطيني مقيم في سورية):
من المحزن كثيراً أن أحداث الهجوم العسكري التدميري الإسرائيلي لغزة تقع في لحظة عربية بالغة الضعف، فمن جهة، النظام العربي يعيش أقصى حالات التفكك وفقدان التضامن والأهم فقدان الفاعلية، ومن جهة أخرى فإن الشعوب العربية تعيش حالات قصوى من العزل وغياب الدور وفقدان الوعي الحقيقي بسبب غيابها عن العمل السياسي لمدة تزيد عن 70 عاماً، في هذه الحالة بالذات تصبح غزة أكثر عزلة من أي وقت مضى ويتحول استفراد العدوان بها إلى استفراد مضاعف وبالغ الفتك. نضيف إلى هذا كله لحظة الانقسام الفلسطيني الذي جعل غزة سجناً كبيراً محاصراً ومعزولاً ويفتقد إلى الحدود الدنيا من أدوات المقاومة القادرة على ردع العدوان أو على الأقل إيقاع خسائر حقيقية في صف المعتدين، والأسوأ من هذا و ذاك هو أن اللحظة الدولية تأتي في سياق أزمة عالمية تجعل كل القضايا أهم من فلسطين وشعبها ومن الشرق الأوسط بأكمله، وهي أيضاً لحظة استلام وتسليم رئيسين أمريكيين واحد انتهت مدته والثاني لم يتسلّم بعد، من المهم في حالة كهذه أن يتحرك المثقفون العرب بما يملكونه من سلاح الثقافة بالذات وأن يكون هذا التحرك بصيغة ديمقراطية تفتح الباب ولو قليلاً لوعي جدي حقيقي يمكنه أن يعبّر ولو بقدر ضئيل عن الفئات الاجتماعية العادية. من الصعب البحث عن حلّ عاجل لأزمة غزة ونحن نعرف أن بوابة الضعف التي استغلها الاسرائيليون تحتاج إلى عمل دؤوب صبور طويل، مع ذلك لا بأس من أي تحرك يمكنه أن يرفع الصوت عالياً من أجل محاولة لجم العدوان والوصول إلى التوقف عن هذا التدمير المنظم والمبرمج الذي يقوم به حكام إسرائيل في شبه مباراة بينهم على الفوز بلقب من قتلَ عدداً أكبر من الفلسطينيين كي يحظى بالعدد الأكبر من أصوات المنتخبين في الانتخابات الإسرائيلية القادمة.
– د.قاسم عزاوي (طبيب – شاعر وعضو مجلس اتحاد الكتّاب العرب):
نتيجة وجود المحاور الإقليمية بالمنطقة، فإن الحكومات مقسومة. هنالك 13 حكومة عربية لها علاقات علنية أو سرية مع العدو الصهيوني، والتجربة تؤكد أن أي اجتماع على المستوى العربي لا ينجح إلا إذا كان على مستوى وزراء الداخلية العرب حيث تتفق الحكومات على قمع شعوبها. أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية لا تعدو بيانات الشجب والاستنكار، ويبدو أن النظام المصري حسب تصريح الرئيس مبارك أن مصر لن تفتح معبر رفح إلا إذا كان تحت سيطرة سلطة محمود عباس ووجود المراقبين الأوروبيين ولذلك لن نضع آمالاً على مستوى وزراء الخارجية العرب أو مؤتمر القمة العربية. أما على مستوى “المجتمع المدني” في الأقطار العربية فقد شاهدنا المسيرات والاعتصامات والاحتجاجات من قبل أغلب الجماهير العربية حتى وصل بعضها إلى حد الاحتجاج أمام السفارة المصرية كما حدث في بيروت والاعتداء على القنصلية المصرية في عدن، وذلك استنكاراً لموقف النظام المصري المشارك في العدوان وجرى اعتقال وقمع المتظاهرين في السعودية (في القطيف)، وهنالك بعض المسيرات في الدول ذات الأنظمة الشمولية مثل سورية، ولكنّ هذه لا تعبّر عن طموحات الشعب السوري حيث أنه لا يوجد في سورية مؤسسات مجتمع مدني حيث تحاصَر كل الأنشطة التي يمكن أن تقوم بها الشخصيات الوطنية والمعارضة وخاصة تلك التي تعارض المشروع الأمريكي الصهيوني، وفي الوقت نفسه تطالب بإفساح المجال أمام الجماهير العربية لتقوم بدورها في مساندة الشعب الفلسطيني. أما على مستوى الأفراد فلا يمتلكون سوى التفجّع والتسمّر أمام شاشات التلفاز يتملكهم الشعور بالعجز والإحباط والحقد على النظام الرسمي العربي العاجز والمتواطئ مع هذا العدوان. أما ما يخص الوضع العالمي فقد لاحظنا أن هناك احتجاجات ومظاهرات في عدة دول من العالم، حيث عبّرت القوى المضادة للامبريالية عن موقفها الداعم للفلسطينيين، ولكن ما يسمى ب”المجتمع الدولي” الذي يسيطر عليه القطب الأمريكي الداعم للكيان الصهيوني فلا يراهَن عليه، خاصة وأن قرار مجلس الأمن الأخير قد ساوى بين الجلاد والضحية ولم يطلب من الكيان الصهيوني وقف المجازر، ولذلك فإن على الفلسطينيين والعرب وكل قوى التحرر في العالم تشديد نضالها للوقوف في وجه هذا العدوان وتقديم كل الدعم المادي والمعنوي للفلسطينيين المحاصَرين في غزة والذين يتعرضون إلى عملية إبادة جماعية.
– نذير جزماتي (كاتب ومترجم سوري):
أول ما يتبادر إلى الذهن أمام المشاهد المأساوية في غزة وقبلها أمام حالة الحصار المميت، هو إسقاط الأنظمة العربية القائمة، فهي إن لم تكن خائنة بصورة مباشرة – وقد كتبت جريدة “معاريف” الإسرائيلية في 18-12 أن عرباً يشجعون إسرائيل على “قطع رؤوس” قادة حماس- فهي خائنة بصورة غير مباشرة ، لأنها امتلكت من الوقت والمال ما كان كافياً لإنزال الهزيمة الماحقة بإسرائيل، أو على الأقل منعها من الاعتداء على أية دولة عربية. فأين البديل في بلدان لا تقل نسبة الأمية فيها عن 30-40 %، وترتفع في صفوف النساء لتصل إلى 60-70% وأكثر، أما المتعلمون فقد تعلموا كي يحصلوا على شهادة تُعينهم على إيجاد عمل لهم، وانقطعت صلتهم بالقراءة والكتابة منذ تلك اللحظة، إلا فيما يفرضه العمل، وأظهرت الاستطلاعات أن القارئ العربي من المحيط إلى الخليج لا يقرأ في السنة أكثر من ربع صفحة بقليل… ولذلك فإن البديل، وإن انتُخب بصورة ديمقراطية، فلن يكون أفضل من الأنظمة القائمة التي لا هدف معلن لها إلا تحرير فلسطين، في حين أنّ في عهدها زادت رقعة الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل. ويزيد من فرص كون البديل من الحكّام الحاليين هنا وهناك، غياب الأحزاب السياسية الحقيقية، وإذا وجدت فإن التضييقات تخنقها أو أن الرشاوي تقضي عليها. والمطلوب اليوم تقديم كل ما يمكن تقديمه لغزة التي لن تهزم، مستخدمين كل الوسائل الشريفة، ثم كبس الملح على الجرح، وخوض حرب حقيقية ضد الأمية الظاهرة والمقنّعة وإذا نُفّذت هذه المهمة بشرف فإنه ليس باستطاعة الامبريالية والصهيونية أن تفاجئنا بشيء.
– حسن عبد العظيم (محام، أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي العربي، الناطق باسم التجمع الديمقراطي):
ليس لدى القوى الشعبية العربية أي أمل من اجتماعات القمة لأن أمريكا هي الشريك المسيطر في مجلس الجامعة العربية، وبالتالي كل ما يُبحث في القمة من قرارات لدعم الشعب الفلسطيني أو العراقي تذهب أدراج الريح لظروف أمريكية ودولية، لكن مع ذلك أن يتداعوا إلى اجتماع سريع، نأمل أن يكون هناك تغيير كما نأمل ألا يكون هناك مؤامرة على الشعب الفلسطيني وعلى المقاومة لإنهائها من جذورها ولإبقاء الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بدون مقاومة وبدون صواريخ، وتبقى إسرائيل مدججة بالسلاح وبدعم دولي وبتواطؤ بعض أطراف النظام العربي. المطلوب من القمة العربية، ولا نعلّق آمالاً على ذلك، أولاً أن يرتفعوا إلى مستوى المسؤولية وأن يتخذوا قراراً بالإصلاح السياسي وبتحرير شعوبهم وفتح باب التطوع أمام الشباب العربي للتطوع من أجل الدفاع عن الأمة و عن فلسطين وأن يعودوا إلى مقولة ومعادلة الصراع العربي الإسرائيلي، وألا يتركوا شعب فلسطين وحيداً. وعلى الأقل أن يتخذوا قراراً جريئاً بفك الحصار عن غزة وبفتح المعابر وبدعم غزة غذائياً ودوائياً وبتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك وأن يقولوا لإسرائيل وللعالم إن استمرت الطائرات الإسرائيلية بقصف غزة وفلسطين فستقوم وتنهض الطائرات العربية المخزونة في أدراجها، للدفاع عن غزة وفلسطين. الشعب العربي مقهور ومستلبة حرياته بسبب جبروت الأنظمة على الشعوب، وبسبب الحوار مع العدو. فليحرروا شعوبهم وليتركوا لهذه الشعوب ولإرادتها أن تعبّر عن تضامنها مع المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، عندها تستطيع الأمة أن تبني قوتها الردعية بالمقاومة وأن تفرض إرادتها حتى في المفاوضات، وأن تمتلك أوراق قوة، لإجبار إسرائيل على الانسحاب من فلسطين ومن القدس وأن تقوم دولة فلسطينية مستقلة.
مايا جاموس
الهدهد