صفحات العالمما يحدث في لبنان

حدود اللقاء

ساطع نور الدين
برغم ان الطابع الشخصي والعائلي غلب على اللقاء الاول بين الرئيس السوري بشار الاسد ورئيس الحكومة سعد الحريري، فان القراءات السياسية لا تبدو صعبة.. ولا تكفي للاستنتاج بان العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين دخلت في منعطف جديد، يستوحي تجربة والدَي الرجلين وما كان بينهما من جسور للثقة والريبة المتبادلة.
لا يستدعي اللقاء الكثير من الحماس لأنه شخصي وعائلي، ولم يكن في سياق قمة لبنانية سورية أضاع فرصتها الرئيس ميشال سليمان، ولا في اطار اجتماع للمجلس الأعلى اللبناني السوري، ولا جاء بناء على قرار انعقدت حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية، خصيصاً لاتخاذه ولتكليف رئيسها بالسفر الى دمشق لفتح صفحة جديدة مع الرئيس الاسد، ولحمل عدد من الملفات الثنائية، المختلفة طبعاً عن ملفات السنوات الخمس الماضية، وتكليف وزراء الحكومتين بمتابعتها في ما بعد لما فيه مصلحة البلدين والشعبين.
خرق الرجلان البروتوكول فقط لأنهما أرادا الإيحاء بأنهما تجاوزا ما هو شخصي، واحتفظ كل واحد منهما بحق العودة الى الاشتباك في اي لحظة، اذا ما جرى رفض المقايضة بين القرارات الظنية للمحكمة الدولية وبين الاستنابات القضائية السورية لشهود الزور اللبنانيين.. واذا ما أساء القاضي دانيال بلمار لسبب من الأسباب فهم ما جرى في دمشق امس، وأخطأ في تقدير ابعاد القرار العربي والدولي الذي جعل مثل هذا اللقاء الثنائي ممكناً. وهو امر وارد طبعاً، ويمكن أن يعيد الامور الى نقطة الصفر او ما دونها.
لكن المرجح ان بيلمار لن يقدم بعد الآن على مثل هذه المخاطرة، وسيستمع الى سيل من النصائح اللبنانية والعربية والدولية التي تدفعه في اتجاه البحث عن مخارج لقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري لا تسيء الى جو المصالحة والتهدئة في لبنان، ولا تعطل مساعي الانفتاح على سوريا.. ولا تبقي البلدين رهينة حقيقة تعبث بها قوى إقليمية واجنبية لا حدود لمصالحها الخاصة، التي لا يقع الاستقرار اللبناني والسوري في سياقها.
ولعلها النتيجة العملية الوحيدة من ذلك اللقاء الودي بين الرجلين، برغم الادعاءات اللبنانية والسورية التي تعتبر ان المحكمة اصبحت خارج البحث او هي لم تكن أصلاً داخل البحث. وكل ما عدا ذلك يخضع من الآن فصاعداً، لمنطق المساومة القطاعية التي تفترض ان يرفق كل طرف طلبه من الآخر بالثمن الذي يكون مستعداً لدفعه سلفاً. وينسحب هذا المنطق على طريقة اداء الحلفاء اللبنانيين لسوريا من جهة ولتيار المستقبل من جهة اخرى الذين يترقبون في هذه اللحظات الإشارات الاولى او بالأحرى التعليمات الاولى التي سيوجهها الاسد والحريري اليهم.
يندرج اللقاء طبعاً في سياق المصالحة السورية السعودية، التي بدأت في قمة الكويت قبل نحو عام، والتي وضعت ايران نصب عينيها، استناداً الى وهم عربي قديم بأن دمشق يمكن ان تفك تحالفها الاستراتيجي مع طهران، وهو امر لا يمكن للرئيس الحريري مهما كانت زيارته عزيزة على سوريا أن يساهم في تحقيقه، او ان يتخطى ما فعله الرئيسان الراحلان اللذان جمعت بينهما علاقة حافلة بالشكوك والتناقضات.. والفرص.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى