صفحات ثقافية

روائيون سوريون في مسرح بابل: شهادة على الأحلام المقبورة

null
هل فعلا نريد قراءة «الرواية السورية الجديدة» بعيدا عن «مشقة الإخوة»؟ سؤال تبادر إلى ذهني وأنا أتابع الندوة التي أقامها «مسرح بابل» في بيروت، مساء أمس الأول، بعنوان «روائيون سوريون ـ رؤية جديدة»، التي اشترك فيها كلّ من الروائيين السوريين خليل صويلح وسمر يزبك وديمة ونوس (نشروا جميعا في «دار الآداب» اللبنانية)، وأدارها الروائي اللبناني حسن داوود. فبعض الأسئلة التي طرحت من قبل الجمهور، لا بدّ من أن تقود إلى هذه المنطقة الضبابية، التي تخلط فيها كلّ شيء بشيء، من دون أن تعير انتباهها فعلا لما طرحه ـ من أفكار ـ الروائيون الذين تحدثوا عن تجربتهم في الكتابة، وعن مدى اختلاف تجاربهم مع الذين سبقوهم في الكتابة الروائية السورية. صحيح أننا نستطيع أن نغض الطرف عن أن الحاضرين لم يقرأوا كلّهم الأعمال التي تحدثوا عنها، لكن كان من المفترض، على الأقل، أن تأتي الأسئلة ضمن سياق الندوة، وأن تقترب من الأفكار الروائية والكتابية التي طرحت. فما معنى مثلا أن تسأل إحدى الحاضرات لِمَ لا نجد نصوصا مسرحية في ظلّ هذا «الاندفاع» في كتابة الرواية؟ سؤال يأتي بالتأكيد خارج السياق ولا مكان له في ندوة تريد أن تدور حول الكتابة الروائية. وربما أحسن خليل صويلح بالرد حين قال إن هذا الأمر لا يعنيه. إذ ما كان يعنينا فعلا، أن نقترب أكثر من هذه الهواجس وهذه المشاغل التي تُسيّر هذه الكتابة المختلفة التي تحاول أن تلتقط زمنها وحاضرها وآنيتها، من حيث تموضعها في المكان والزمان. أيّ أن هذه الرواية ـ التي تحدث عنها ثلاثة ممن يصنعونها اليوم في سوريا ـ تكتب فعلا دمشق (وسوريا) والحياة فيها بنظرتها الخاصة المفترقة، عن نظرة أخرى. بالتأكيد لا أقصد هنا أيّ مفاضلة، لكن علينا أن نقرأ هذه الرواية وفق ما تقترحه هي لا وفق كل الاستيهامات المتكونة سابقا.
بداية، تقديم من حسن داوود الذي اعتبر انه من الصعب كتابة نص واحد عن الروايات الثلاث، لكنه اعتبر أن الروايات الثلاث («رائحة القرفة» و«زهور وساره وناريمان» و«كرسي») هي بمثابة «شاهد على اللحظة الآنية» وهي أيضا «صور وسير عن الحياة في دمشق الآن»، معتبرا أيضا أنها «شهادات على الأحلام المحبطة، المقبورة وعلى التفتت المكاني للعالم».
من هذه المنطلقات، بدأت سمر يزبك الحديث عن مفهوم «الجدّة» (الجديد) في الرواية السورية، لتقدم عرضا بانوراميا لأبرز أسماء الجيل الجديد كما لتتحدث عن هواجسه وشواغله، ومن هذه الشواغل «السؤال الجديد والمختلف كونه يقدم مكاشفة للتاريخ السوري الذي وقع عليه التعتيم» معتبرة أنه «مخالف للنص التقليدي الذي درجت عليه الرواية العربية» مع العلم بأنها اعتبرت انه هناك «اليوم تيارات بسيطة في الرواية السورية التي لم تشكل مدرسة كبيرة بعد».
من جهته قدم خليل صويلح شهادة شخصية حول تجربته في الكتابة كما عن التاريخ ودوره في الرواية السورية، معتبرا أن «جنود الحراسة» (الجيل القديم) لا يعترف لغاية الآن بكتابات الجيل الجديد الذي يتعرض لعميلة إقصاء من قبل الكهنة الكبار، مفندا هذه الاتهامات التي يتعرض لها كأن يكتب الجنس لإثارة الشهوات على اعتبار «أنه جيل يتلصص على حبل غسيل الجيران ليكتب الجنس وفق طلب السفارات».
بدورها، قدمت ديمة ونوس شهادة شخصية حول كيفية كتابتها روايتها الأولى «كرسي» معتبرة إياها، كأنها «تكملة» ـ بمعنى من المعاني ـ لمجموعتها القصصية الأولى «تفاصيل»، من حيث أنها حين بدأت الكتابة، اعتقدت أنها تكتب قصة أخرى، لكنها اكتشفت أنها تكتب رواية. كذلك تطرقت إلى الحديث عن تجديد اللغة الروائية المفارق للولع بالاسرف اللغوي الذي نجده في بعض روايات الجيل القديم.
بعدها فتح باب النقاش مع الجمهور الذي توزع على العديد من الطروحات ـ المتعلقة وغير المتعلقة ـ بما قدمه الروائيون «الأربعة» على اعتبار أن حسن داوود قدم بدوره رؤيته لهذه الرواية السورية الجديدة ولأبرز ما تطرحه من قضايا وآراء. بهذا المعنى، بدت الندوة كأنها تقدم نقاشا لهذا الفن، عربيا، وربما هذا ما أعطاها بُعدا إضافيا أغنى النقاش ولم يحصره في قالب واحد.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى