صفحات سورية

أي دعــم؟

null


ساطع نور الدين

السؤال الذي لم يطرح مباشرة خلال زيارة مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ولش المفاجئة الى بيروت في اليومين الماضيين، لكنه كان يمكن تلمسه في الحوارات العابرة التي اجراها مع المسؤولين والسياسيين اللبنانية هو الاتي: كيف يمكن للحكومة اللبنانية وفريق الاكثرية ان يدعم إدارة الرئيس جورج بوش وجدول اعمالها السياسي في الاشهر الاخيرة من ولايتها.

شاع من اللقاءات التي عقدها ولش في بيروت وضواحيها القريبة، ان ما حصل هو العكس تماما، أي ان المسؤول الاميركي جاء الى لبنان ليسأل الحكومة وفريقها عما يمكن لاميركا ان تقدمه من مساعدة للحلفاء الذين يجدون انفسهم في وضع معقد يستدعي انتظارا طويلا، قد يمتد الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية المقررة في تشرين الثاني المقبل.

الزيارة لم تدخل في هذا السياق بشكل محدد: تقررت منذ فترة لاحياء الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لتفجير مقر السفارة الاميركية في بيروت، والذي كان الحدث الاول من نوعه الذي يصدم الاميركيين، وبينهم ولش نفسه عندما كان يومها مسؤول مكتب لبنان في الخارجية الاميركية واستدعي من منزله على عجل لمتابعة ذلك التفجير الذي كان فاتحة هجمات عديدة مشابهة على السفارات الاميركية في مختلف انحاء العالم، برغم تحولها الى قلاع حصينة.

والذكرى التي جرى احياؤها في بيروت وواشنطن امس، اتخذت هذا العام طابعا خاصا ربما بسبب مرور ربع قرن على التفجير، وربما ايضا لانها كانت نقطة تحول في السياسة الاميركية في الشرق الاوسط برمته. لكن الاهم ان الاحتفالين كانا موجهين الى الجمهور الاميركي تحديدا، ويستهدفان التعبير عن حاجة اميركا هذه المرة الى عدم الفرار امام اعدائها، كما فعلت في مطلع ثمانينات القرن الماضي. وهذا هو احد اهم عناوين النقاش الداخلي للحملة الانتخابية الاميركية المحتدمة هذه الايام .

صحيح ان ولش ادلى في ختام لقاءاته اللبنانية ببيانات مطولة عن تفاصيل الازمة وسبل الخروج منها من وجهة النظر الاميركية المعروفة، من دون ان يغفل أي تفصيل، حتى المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتقدم جهود انشائها ، لكن المباحثات في الغرف المغلقة مع مختلف المسؤولين اللبنانيين، لم تتطرق الى مثل هذه التفاصيل. كان الزائر الاميركي مستمعا اكثر مما كان محدثا، وكان سائلا اكثر مما كان مجيبا، وكانت الاسئلة تشبه رفع العتب بقدر ما كانت الاجوبة تشبه رفع الضجر.. برغم انه سمع كلاما انتقاديا للموقف الاميركي من المبادرة العربية، التي كانت واشنطن احد اسباب نجاح المعارضة اللبنانية وسوريا في افراغها من مضمونها وربطها بشروط تعجيزية!

عرض ولش الدعم، لكنه ركز اساسا على اهمية احتفاظ الاكثرية بزمام المبادرة والمضي بها قدما، واعتبر ان مؤتمر البيال قاعدة لتحرك يمكن ان يستكمل مسيرة الحرية والديموقراطية والاستقلال، ويلاقي الحملة على دمشق وطهران .. ويدعم ادارة بوش في شهورها الاخيرة التي تحتاج فيها الى اي حليف، حتى اولئك الذين توهموا يوما ان واشنطن تريد تغيير انظمة عديدة، غير النظام اللبناني طبعا!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى