يزن بدران مدون الأسبوع في (أصوات عالمية)
مدوّن سوري في اليابان
موقع أصوات عالمية
هو المدون السوري ومحرر النسخة العربية من (أصوات عالمية) الذي أجرى معه لقاءاً ضمن سلسلة مقابلات مدون الأسبوع التي تشمل العديد من مؤلفي ومتطوعي موقع الأصوات العالمية.
من هو يزن بدران وماذا يفعل؟ ماذا يثير اهتمامه وماذا يزعجه؟
يجيب المدون ذو الاحدى وعشرين ربيعاً: “أنا سوري، وانسان. ترعرعت في اللاذقية، وهي مدينة ساحلية هادئة تقع على شرق المتوسط. في مراحل عمري المبكّرة، كنت أمضي الصيف في بيروت وهي مدينة أخرى تقع على شرق المتوسط، لكنها ليست بذلك الهدوء. ثقافياً، أنا مشرقي بكل معنى الكلمة.
والديّ كانا ماركسيّين قدامى، كما كان جدّاي شخصيات دينية لها احترام كبير، ذلك كان واحداً من التناقضات العديدة التي منحتني فرصة لمعرفة مثيرة لعالمين مختلفين جداً من الأفكار، كما كان ذلك من الأمور المميزة التي حظيت بها في عمر مبكّر.
تثير الانسانية اهتمامي بشكل عميقة، وفي كثير من الأحيان أجد نفسي في الطرف المتشدد للتيار الانساني النزعة.
اهتماماتي؟ أولاً وأخيراً، السفر والترحال. ثم تأتي الفلسفة، الأدب والفنون التصويرية، السياسة والتكنولوجيا من الأمور التي تفتنني بشدة.
ازعاجاتي, ذلك طريق زلق. فمزاجي يتعكر بسهولة [لست فخوراً بهذا]، سواء كان بسبب قيام أحدهم بركن سلة تسوقه في وسط الممر، أو بسبب مشاهدة تغطية فوكس نيوز لأي قصة كانت”.
ماذا تدرس في اليابان وعن ماذا تدون؟
حسناً، أنا طالب منحة مونبوكاغاكوشو [منحة وزارة التعليم اليابانية]، أدرس علوم الحاسب في معهد ناغويا للتكنولوجيا. عن ماذا أدون؟ حسناً إن ذلك يعتمد. غالباً دراستي لا تؤثر عن المواضيع التي أدون فيها؛ لا أدون بكثرة عن التكنولوجيا، لكن أدون عن تجربة العيش في اليابان، تعلم اللغة، كما أن الدراسة بهذه اللغة الأجنبية (جداً) قد أثر في ما أدون، وكيف أدون.
كم مضى عليك وأنت تدون ولماذا؟ عن ماذا تدون بالغالب؟.
أدوّن منذ حزيران 2005، وهو أقل من ثلاث سنوات بقليل. في ذلك اليوم، اغتيل سمير قصير الذي أحترمه بشدة, بانفجار سيارة. الحدث نفسه، وتبعاته قد صدمني بعمق. شعرت أنه من الضروري جداً ان يطلق الأفراد أصواتهم. في منطقة نعيش فيها يومياً صراعات متصلة ومرتبطة، أصبح من السهل أن ننسى البشر، الأفراد، في تفضيل لـ “القضايا” التي دائماً تكون “عادلة” في عيون حاملي راياتها. أردت أن أكتب عن نفسي، بوضوح وببساطة.
كتبت عن السياسة، الدين، المجتمع، والتطور، لكني كنت حريصاً دائماً على تذكير القارىء بأن ذلك كان من وجهة نظر شخصية. عندما أكتب عن السياسة فإنها سياسة من منظور شخصي. ومع تزايد عدد وسائل الاعلام الوطنية والعالمية التي تغطي تلك الصراعات كل وفق أجندته، وكل منهم ينسب الموضوعية لنفسه، كان من المهم أن يكون هناك أشخاص يمثلون أنفسهم فقط، كأفراد.
كم مضى عليك مع الأصوات العالمية على الانترنت ولماذا؟
وصلت إلى الأصوات العالمية في شباط 2006. في اليوم التالي خصلت أحداث الشغب التي أسفرت عن اضرام النار بالسفارة النرويجية والدنماركية في دمشق. كان ذلك أول مقالة لي على الأصوات العالمية. كان مشاهدة ذلك أمر مؤلم، دون اعتبار الكتابة عن الموضوع. لكن حجم ردة الفعل الذي اتخذه مجتمع التدوين السوري ذلك اليوم ونوعيته كان ولا زال من الأسباب التي تدفعني للتدوين، كما أنه من الأسباب التي تدفعني للكتابة في الأصوات العالمية. لا أود ذكر ما هو واضح، الأصوات العالمية تقوم بتغطية قصص عديدة لن تفكر وسائل الاعلام التقليدية بتغطيتها، وبطرق عدة يبدو أنها الأخبار الوحيدة الذي تستحق بالتغطية.
كممثل لمجتمع التدوين السوري في بيئة شديدة التنوع بدا ذلك مهم جداً لسببين رئيسيين؛ الأول هو حجم التشجيع الذي يمكن منحه لما كان مجتمع فتيّ وصغير وقد أصبح اليوم ينمو ويتطور بسرعة مضطردة وشديدة. السبب الثاني، أنه يمثل “الأفراد” وهو تماماً ما وددت فعله عندما بدأت التدوين.
باختصار، هل يمكنك أن تصف لنا مجتمع التدوين السوري؟ كمؤلف سوري، ماذا يثير اهتمامك في مجتمع التدوين السوري؟ من هم المدونين المفضلين لديك، وعن ماذا يكتبون؟ هل المدونون السوريين يعكسون المجتمع السوري على حقيقته؟
عندما بدأت التدوين في حزيران 2005، لم يكن هناك سوى حفنة من المدونات عددها لا يتجاوز عدد الأصابع [ربما ثمانية]. أيمن هيكل، كان أول من قرأت له، وحماسه حول التدوين عن سوريا كان منقطع النظير، مما يجعلني أقول وبدون شك أنه مصدر الهام العديد من الناس لمتابعة التدوين في مرحلة بدا لنا أننا وحيدون جداً.
الآن الصورة مختلفة تماماً، مجتمع التدوين السوري ينمو بسرعة هائلة ومضطردة. والأهم من ذلك أن نوعية المدونات العالية الجودة في زيادة مستمرة. هذا النمو قد تمت اعاقته بحجب الحكومة ورقابتها لجميع مدونات بلوغسبوت (.blogspot)، لكن أستطيع أن أقول وبكل ثقة أن مجتمع التدوين بدأ يستعيد عافيته من جديد، بقيام العديد من المدونين بالعودة إلى التدوين بحماسة أكبر، بعد انتقالهم لأنظمة تدوين أخرى وتجاوز نظام الحجب.
هل هم حقاً يمثلون المجتمع السوري؟ لا أستطيع الجزم بذلك. فعدد كبير من المدونين هم مغتربين [وأنا من ضمنهم]، وأولئك داخل سوريا، أغلبهم يدون بالانكليزية. مؤخراً بدأ مجتمع التدوين يتسع أفقياً، بدخول عدد كبير من المدونات العربية أو تحوّل مدونين سابقين للعربية، وهذه اشارة جيدة، لأنها تسمح بالتعبير عن سوريا بصورة أكثر صدقاً.
هناك العديد من المدونين الرائعين، والكثير منهم أصبح بمثابة صديق حقيقي. أستطيع فقط أن أذكر القليل منهم. أيمن هيكل، الذي ذكرته سابقاً. ومدوننا الشهير جداً كنجم روك أبو فارس، الذي قمت باجراء مقابلة معه على الأصوات العالمية مؤخراً. عمر فالح، الذي ارتبط جداً بتدويناته على الصعيد الشخصي. رزان غزّاوي، بقناعاتها وحماسها ونشاطها، في الحياة الحقيقية كما هي في مجتمع التدوين كانت مصدر وحي حقيقي في السنة الماضية. والعديد العديد من المدونين – ريم علاف، السوري البريطاني، عمر سليمة، ساسا، أبو كريم، وسيم.
صف لنا عملك في الأصوات العالمية بالعربية، وأخبرنا عن مشاريعك وخططك المستقبلية لهذا الموقع؟
أنا محرر المشروع العربي في الأصوات العالمية (لينغوا). أقود فريق رائع من المتطوعين المترجمين، وأقوم بالترجمة بنفسي.
لينغوا [اختصار مشروع الأصوات العالمية بلغات متعددة] هو الامتداد الطبيعي لـ الأصوات العالمية على الانترنت. وكما ذكر أحدهم من قبل، حتى نقول عن انفسنا بأننا عالميين يجب أن نتكلم بلغات عالمية. لذا الآن الأصوات العالمية تتكلم بأكثر من عشر لغات. وهذا بأقل ما يمكن قوله, شيء مدهش. النسخة العربية هي جزء من هذه العائلة. ومن المهم ايصال هذه القصص الرائعة المتنوعة من جميع المؤلفين حول العالم إلى متناول القارىء العربي. وكان من الضروري رأب الفجوة بين المدونات الشرق أوسطية التي تدون بالعربية مع تلك التي تدون بالانكليزية. عندما أقوم بالترجمة لمقالة عن بلد عربي، وجميع الوصلات في المدونة لمدونات عربية بالانكليزية، أنا أقوم بوصلهم إلى جمهور جديد تماماً الذي لن يقوم على أي حال بقراءة المدونات الانكليزية، والعكس صحيح.
النسخة العربية ما زالت طرية العود [لقد تم اطلاقها قبل بداية السنة بقليل]. لذا في الوقت الحالي نحاول الابقاء على دفق من المقالات بالظهور على الموقع، ونسعى لدعم ذلك الدفق لبناء قاعدة من القراء.
خططنا المستقبلية تتضمن التركيز على مناطق غير الشرق الأوسط، لنمنح القارىء العربي فرصة لتوسيع اهتماماته. كما أن الجودة أمر مهم جداً، بتطوير طرق لتحديد جودة الترجمات الفردية وكيفية تحسينها؛ وهذا شيء مهم جداً، لأننا جميعاً مجرد مترجمين هواة.
عندما لا تكون على الانترنت, ماذا تفعل؟ ما هي هوايتك واهتماماتك؟
انا مغرم بالهواء الطلق. فكوني من بيئة متوسطية، فإن كلا من البحر والجبل هو موطن طبيعي لي. وأنا أسعد ما يمكن بامضاء أيام في رحل التخييم حول الجبال الرائعة هنا في اليابان. الترحال والسفر شغفي الحقيقي أيضاً. تلك المحادثات البسيطة ومواجهات كل يوم أثناء السفر هي من أعزّ ذكرياتي. السباحة، المشي وكرة السلة هي أسلوبي في (محاولة) الابقاء على لياقتي. القراءة والموسيقى ضمن اهتماماتي الشخصية بقدر اهتمامي في السياسة. ومشاهدة فلم لـ ستانلي كوبريك، أو وودي آلين مع قدح من الفودكا هي أحد نشاطاتي الشخصية.
هل تستطيع أن تخبرنا قليلاً عن تجربة وجودك كعربي في اليابان؟ كم هي مختلفة العادات والتقاليد؛ الناس والمواقف؛ وأسلوب المعيشة اليومي عن الحياة في سوريا؟
اليابان، تجربة مثيرة للاهتمام حقاً. وكأي تجربة مثيرة للاهتمام، فإنها جد صعبة. الجزء الصعب حقاً، ليس بأن تكون عربي في اليابان، بقدر ما أن تكون أجنبياً في اليابان. أن تكون أجنبياً في اليابان هو شيء تم التكلم عنه مراراً وتكراراً، لذا لن أخوض في ذلك.
كم هي مختلفة؟ بقدر ما تعنيه الكلمة من معنى. الاختلاف الجوهري الأساسي هو أن سوريا مجتمع شديد التعقيد، عرقياً، تاريخياً، دينياً، والخلفية الاجتماعية لكل حجر وكل شخص في سوريا هي معقدة بشدة. بينما اليابان هي جزيرة كانت معزولة عن العالم حتى 200 سنة مضت، لذا فقد طورت ثقافة متمايزة جداً. وهذا شيء يحدد الكثير من مفاهيم حياتك اليومية. في حقيقة الأمر، اليابان هي بلد تحتاج إلى أن تندمج مع مجتمعه لكي تتمكن من العيش براحة فيه. ولكن, اليابان ليست بذلك البلد الذي سيتقبلك بسهولة. كل يوم يجلب لك تجربة فريدة، لكن ما يجعل هذه التجارب خاصة ومميزة هو أن أغلبها يكون في حدوده القصوى.
هل لديك أي تعليق آخر؟
شكراً لك على هذه الفرصة الرائعة. أنا شخصياً جداً فخور بأن أكون عضواً في عائلة الأصوات العالمية، وضمن فريق مدهش من المتطوعين والمؤلفين. الأصوات العالمية هو رمز رائع يعبر عن حقيقة كيف يمكن للانترنت أن تغير العالم، وتغير أنفسنا، إلى الأفضل.