بيانات وتقاريرصفحات سورية

الاستقلال صنو الحرية

null
يجدد السوريون كل عام احتفالهم بعيد السابع عشر من نيسان، معلنين فرحتهم بالاستقلال وعودة السيادة الوطنية إلى أحضان أبناء الوطن بعد اغتصابها من المحتل لزمن يربو على خمسة وعشرين عاما
لقد كان نضال أبناء سوريا للخلاص من الاستعمار الفرنسي تطلعا نحو الحرية والسيادة الوطنية وبحثا عن الكرامة والعيش الرغيد،  وتحقق لأبناء صالح العلي وحسن الخراط وسلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو ما أرادوا، فشرعوا في بناء الدولة الوطنية على أسس ديمقراطية، عنوانها الرئيس الشراكة في الوطن دون استثناء أو إقصاء أو تمييز بين الأفراد أو المجموعات أيا كان جذرها العرقي أو ولاؤها  الديني أو السياسي . ولم يكتب لتلك الحقبة السياسية التاريخية من عمر سوريا أن تستمر طويلا، فأرهقت بانقلابات متعددة، وقُدمت بعد ذلك هدية وتضحية لإقامة دولة الوحدة المنشودة، وتم القضاء على مفهوم الدولة الوطنية الديمقراطية نهائيا بعد الانقلاب العسكري في الثامن من آذار عام 1963، وتحولت البلاد تدريجا إلى كنف الاستبداد، وباتت أسيرة لسلطة تحتكر الوطن وتسخّر خيراته لديمومة هيمنتها وخلود تحكمها برقاب العباد.
إن الحرية والعدالة والسيادة الوطنية ترتبط ارتباطا وثيقا بالاستقلال الناجز الذي لا يتحقق من دون وجود نظام سياسي يكتسب مشروعيته من الشعب عبر انتخابات حرة وعبر حقوق طبيعية وقانونية يحظى بها المواطنون. وإذا كانت التهديدات الخارجية تشكل خطرا على السيادة الوطنية، فإن الاستبداد بتهميشه لقوى المجتمع المدني ومنعه المشاركة والتعددية  السياسية ومحاصرته للقوى الوطنية المعارضة والتنكيل بها، يمثل تهديدا دائما للوحدة الوطنية، ويترك الأوطان عرضة لأعاصير التدخلات الخارجية، خاصة عندما يحشرها في محاور إقليمية لا تنسجم أجندتها السياسية مع تطلعات الشعب.

الاستقلال الوطني يحصن البلاد من الداخل، وتتم حمايته بالتفاف الشعب حول نظام يختاره ويمنحه ثقته عبر آليات ديمقراطية، تضمن تداول السلطة ومشاركة الجميع في القرار وتحديد المسارات. ويكون الاستقلال مهددا وعرضة للانتقاص والتفكك كلما اتسعت الهوة بين الحاكم و المحكومين، وتهددت الوحدة الوطنية أساس كل نهوض.
إن نضال الشعوب تاريخيا للتخلص من نير الاستعمار كان في كل الظروف محفزا نحو الحرية، وسعيا وراء الدولة الوطنية المكتملة السيادة على أرضها وقرارها، وهو جهد دائم ومستمر للحفاظ على منجزات الجلاء، التي كان من أهمها إقامة الدولة الحاملة للواء الشراكة الوطنية والقبة المظللة لكل أبناء الوطن.
ذكرى الجلاء مناسبة جليلة للالتفاف حول معانية البهية، وما توق السوريين عبر نضالهم الطويل لإنجازه، وما يمثله من حريات وعدالة وتقدم، إلا أصرارا على المضي في إطار الدولة الوطنية الديمقراطية، التي عطل الاستبداد مسيرتها من خلال القوانين الاستثنائية وحالة الطوارئ والأحكام العرفية السائدة منذ ستة وأربعين عاما، جعلت من سلطة الاستبداد نيراً وقيداُ يطوق حرية الناس ويتحكم في حاضرهم ويهدد مستقبل حياتهم.
الجلاء عيد فرح وسرور يبعث الأمل من جديد كل عام، ليحيي فينا التوق نحو الحرية و العدالة و المساواة دون خوف أو قمع أو اعتقال. فكل عام ووطننا وأبناء بلدنا بخير على أمل تحقيق ما نصبو إليه من حياة كريمة وعيش رغيد في أفياء الحرية و المساواة و العدالة، من خلال نظام سياسي ديمقراطي يحترم الإنسان ويعطي المواطنة قيمتها الحقيقية، وهو ما  يحصن الدولة الوطنية ويحول دون انتقاص السيادة أو تفككها.
موقع اعلان دمشق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى