صفحات الناس

عدد الصالات تراجع إلى 36 لـ22 مليون نسمة، السوريون محرومون من السينما بحكم القرصنة والأفلام الهابطة

null
دمشق- ا ف ب
معظم الزوار يبحثون عن الإثارة بأفلام أسيوية أو مصرية رديئة المستوى
بعدما كان الذهاب إلى السينما يمثل طقسًا اجتماعيًا وعائليًا، صار الكثير من السوريين يعزفون عن الصالات المظلمة؛ لنفورهم من النوعية السيئة للأفلام، وانجذابهم إلى الأقراص المدمجة المقرصنة.
ورغم احتلال السينمائيين السوريين مكانة مميزة في العالم العربي، إلا أن أعمالهم لا تعرض بكثرة في بلدهم الأم. ومن أشهر هؤلاء محمد ملص وأسامة محمد وعبد اللطيف عبد الحميد ونبيل المالح وعمر أميرلاي، الذين حازوا على جوائز في عدة مهرجانات.
ويتطلب تغيير الاتجاه الزائد بذل الكثير من المجهود، كانت أولها افتتاح “سينما سيتي” داخل مركز تجاري في دمشق يضم مطعمين ومكتبة. ورغم تواضع القاعة، وهي عبارة عن صالة قديمة تم تحديثها وتقسيمها لصالتي عرض. إلا أنها تمثل بالنسبة لأميرلاي “محاولة” لجذب الجمهور.
ويؤكد أميرلاي أن النظام الضريبي “المجحف” بحق دور السينما، وتدني سعر بطاقة الدخول إلى الصالات، أدى إلى تدني نوعية الأفلام المعروضة وإلى تدهور حالة الصالات ومعداتها.
ويضيف، في تقريرٍ لوكالة الصحافة الفرنسية، الثلاثاء 21-4-2009، أن “سياسة وضع الدولة يدها على الحياة العامة” أدى إلى نتائج كارثية، مشيرًا إلى “احتكار” المؤسسة العامة للسينما استيراد وتوزيع الأفلام من 1970 إلى 2001.
وتابع أن المؤسسة العامة للسينما التي كانت تهدف في الأساس إلى نشر السينما الجيدة “اضطرت إلى استيراد أفلام تجارية رديئة بهدف جني أرباح سريعة، وتغطية تكاليفها”، موضحًا أن المؤسسة لا تحظى بمساعدات مالية غير الميزانية المحددة لها. وأشار إلى “انهيار الثقافة”.
تقلص الصالات
وانعكس هذا الحال إلى تراجع عدد صالات السينما من 158 في 1964 إلى 36 صالة اليوم معظمها متهالكة ويرتادها أشخاص يبحثون عن الإثارة في أفلام أسيوية أو مصرية رديئة، في بلدٍ يبلغ تعداد سكانه 22 مليون نسمة.
ويذكر الممثل والمنتج عابد فهد أنه “كان هناك في 1975 سبع صالات للسينما في مدينة اللاذقية وبعض القرى المجاورة لها، أما اليوم فليس هناك سوى صالة واحدة فقط تابعة للمؤسسة العامة للسينما”.
أما في العاصمة دمشق التي يبلغ عدد سكانها أكثر من أربع ملايين نسمة، فتضم 13 صالة، فلم يتم بناء أي صالة جديدة منذ أكثر من أربعة عقود باستثناء سينما الشام التي افتتحت في 1985.
ويرى الممثل والمخرج والمنتج فراس إبراهيم، الذي كان مسلسل “أسمهان” أحد أهم أعماله في قطاع الإنتاج، أن تدني عدد الرواد يمنع صناع السينما من الاستثمار في هذا القطاع الذي “يجلب الخسائر”، ويضيف “عندما كنت طفلاً في مصياف (بلدة صغيرة في غرب سوريا) كنت أذهب إلى السينما مع والدي، لكن هذه الصالة التي كانت تستضيف مسرحيين ونجومًا من مصر تحولت اليوم إلى مطحنة”.
ويتمنى إبراهيم أن يستثمر في السينما، لكنه يوضح أن “البنية التحتية غير موجودة على الإطلاق في سوريا”.
من جهته، يتذكر إبراهيم نجمة، الذي يملك صالتين قديمتين في دمشق هما السفراء والخيام، وتعرضان حاليًا أفلام إثارة وعنف، أن السينما كانت تشكل في الستينيات والسبعينيات “جزءًا من تربيتنا ومن حياتنا اليومية، أما اليوم فلم يعد يقصدها أحد”.
ويكشف نجمة أن عرض فلم “باتمان الفارس الأسود” الذي منح واحدة من جوائز الأوسكار هذا العام “لم يغط تكاليف الدعاية” عند عرضه في سينما الشام، وتابع أن “الجمهور يلتف حول الأفلام القرصنة المتوفرة بكثرة في الأسواق”.
وحول ذلك يتساءل بسام (40 عامًا) وهو سائق، “لماذا يجب عليَّ دفع 4 دولارات لمشاهدة فيلم أستطيع الحصول على نسخة منه بثلاثين سنتًا، ومشاهدته مسترخيًا على أريكتي؟”. ويوضح أن آخر مرة ارتاد فيها السينما كانت مع رفاقه منذ 15 عامًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى