الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّورية

قنبلة ذرية

ساطع نور الدين
اختارت إيران ألا تتغير. الا تغير رئيسها وخطابها قبل الأوان. قررت ان تنتظر العرض الاميركي المقبل قبل ان تقدم على تنازل يبدو من وجهة نظرها مجانيا، لانها كانت ولا تزال ترى انها لم تهزم في أي من المعارك التي خاضتها على مدى السنوات الاربع الماضية، لا سيما في الملف النووي.
اما كيف اختارت او كيف قررت ايران، فهذا شأن آخر، صار من الماضي الذي لا يمكن لاي ايراني ان يفاخر به، على الاقل كما يفاخر اللبنانيون بتجربتهم الديموقراطية الاخيرة، التي لم تؤد حتى الآن للنزول الى الشوارع مثلما حصل في طهران، في واحد من اقوى مظاهر الاحتجاج على المؤسسة الدينية المحافظة.
ومن ذلك الماضي، يمكن تسجيل بعض الوقائع التي رافقت المعركة الانتخابية الايرانية الغريبة بعض الشيء: كان هناك شبه تعادل بين الرئيس محمود احمدي نجاد وبين المرشح الاصلاحي البارز مير حسين موسوي، يخرقه المرشح المحافظ الثالث محسن رضائي الذي كانت وظيفة ترشيحه الحؤول دون فوز الاصلاحيين عبر تجيير اصواته ضدهم في الجولة التالية من الانتخابات التي كان الجميع يجزمون بحصولها.
حصل العكس تماما. ولعل المؤسسة الدينية وأجهزة الحرس الثوري خافت من الساعات الاولى من الاقتراع الذي كان يميل بوضوح لمصلحة المرشح موسوي، فحشدت ناخبيها بعد الظهر ومددت عمليات التصويت حتى ساعات ما قبل منتصف الليل، وعمدت الى اعلان فوز نجاد حتى قبل ان تقفل معظم مراكز الاقتراع.. وحسمت بما لا يدع مجالا للشك ان المعركة سابقة لأوانها، والتغيير ممنوع منعا باتا.
وكانت إيران بذلك تفاوض اميركا بشكل غير مباشر اكثر مما كانت تجري اختبارا حقيقيا لديموقراطيتها الخاصة. وكانت المؤسسة الدينية والامنية الحاكمة تقول للجمهور الاصلاحي الذي نزل الى الشوارع للتعبير عن احباطه، انها تعرف اكثر منه المصالح القومية الايرانية وتدرك كيفية المحافظة عليها في هذه المرحلة الدقيقة التي تشهد عملية انتقال غامض للسلطة في اميركا..
وفي ذلك القرار الواضح والحاسم، بدا ان ايران رفضت ملاقاة الرئيس الاميركي الجديد باراك اوباما في منتصف الطريق، لانه وحسب اي تحليل جدي لخطابه لم يتقدم في الجوهر على عروض وحوافز سلفه جورج بوش، برغم انه كان في الشكل متقدما جدا، بل بارع في حملته الدعائية. ولعل هناك في طهران من يشتبه في ان اوباما انفتح على العالم الاسلامي السني اكثر بكثير مما انفتح على العالم الاسلامي الشيعي! والسبب معروف، وهو لا يحتاج الى اجراء مقارنة بين تهنئته الايرانيين بعيد النوروز في آذار الماضي، وخطابه في جامعة القاهرة في الرابع من حزيران الحالي.
ارتأت ايران ان الوقت لم يحن بعد لتوجيه رسالة انفتاح الى اميركا، او للتخلي عن نجاد الذي ترى انه يعادل قنبلة ذرية، ويفوق سبعة آلاف جهاز طرد مركزي تعمل حاليا في تخصيب اليورانيوم.. قبل ان تعرف بدقة الثمن الذي ستتقاضاه من الاميركيين.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى