سيشتري لي الله لاب توب
محمد نور الله
دفعني مقال في موقع ألف يتحدث عن التربية والطائفية يحمل عنوان (السيد وزير التربية: أنت شيعي أم سني؟ ــ حسين خليفة) ، إلى ذكر قصة مرت عليّ. صديقي لديه طفل ذكي عمره خمس سنوات. أتى يوماً من المدرسة ليطلب من أمه أن تذبحه.
نعم، وبلا مزاح كان الصبي جاداً في طلبه. فوجئت الأم وسألته عن السبب فاجاب “لأني أريد الذهاب لعند الله. المعلمة قالت أننا كلنا سنموت يوماً ونذهب لعند الله. وهو سيعطينا كل ما نطلب. فلماذا أبقى هنا؟ أريد الذهاب لعند الله. أبي لا يشتري لي كل ما أريد. الله سيشتري لي “لاب توب” (حاسب محمول) وكل ما أريد أيضاً.”
فوجئت أنا بالقصة كما فوجئ الأهل، واتصل والد الطفل بالمدرسة لينبههم إلى تلك المشكلة. هذا مثال عما يجري في المدارس. لا داع لشرح الآثار السيئة للحديث عن الموت أمام أطفال في عمرِ التهامهم لكل ما يسمعون وبناء شخصياتهم. إن كان لا بد من الحديث عن الله، فلنبتعد على الأقل عن الموت. أطفالنا يستحقون الحياة وحب الحياة، لا الموت والحديث عن “الآخرة” وهم في أول عمرهم.
2
صديق أجنبي حكى لي قصة إلحاده يوماً . سألته: كيف أصبحت ملحداً؟ وانتظرت ليحكي لي مغامرته مع العقل والدين والتفكير والشك ووجهة نظره – إلى ما هناك مما يمكن توقعه، فأجاب ببساطة: “كان عمري اثنا عشر عاماً وكنت مع أصدقائي. كان صديقي يغني ترانيم دينية عن الله. سألت المدرسة عنها فأجابت وشرحت لي عن الله والإيمان. عدت إلى البيت وسألت أمي إن كان علي أن أؤمن بالله فأجابتي: “أنت حر في اختيارك يا بني.” فاخترت أن لا أؤمن.”
3
حين خاطب أبو بكرٍ خالدَ بن الوليد قائلاً “اطلب الموت توهب لك الحياة”، كان خالدٌ ذاهباً للحرب. أن نعشق الحياة، أن نحبها ونقدرها يعني أننا حين نقدمها في سبيل ما هو أغلى، فإننا نقدم ما نحب ونملك، نهب ما نعشق ونقدس في سبيل ما نحب أكثر. إن كرهنا الحياة فما قيمة تقديمها في سبيل ما نحب أو من نحب؟ . هل نقدم ما نكره ثم نمن به على العالم؟ كره الحياة والحديث عن الموت يقتلنا قبل موتنا، ولن يفيد أحد لا في حياتنا ولا في مماتنا.
4
أن أكون سعيداً، يعني أن تكون أحلامي وكأني أعيش أبداً، وأن أعيش يومي وكأني أموت غداً… وحين أحلم فقط لأجل الغد، وأعيش وكأني أعيش أبداً، أعرف عندها أني لا أعرف كيف أعيش. في آخر عمري، لا أريد الحديث عن الموت. لقد حدثوني عن الموت بما يكفي في أول عمري.
عن موقع ألف