الندوة الحوارية التدوينية : واقع ومستقبل المعارضة السورية
تابعت صفحات سورية باهتمام الحوار الذي جرى بين مدونين سوريين حول وقائع ومستقبل المعارضة السورية، مدونة المرفأ قامت بعمل مهم وعميق للغاية اذ دعت إلى هذا الحوار، والذي اتسمت المشاركات فيه بالجدية والمتابعة، كان حوارا ديمقراطيا بكل معنى الكلمة، ولاعتقادنا بأهميته نعيد نشر هذا الحوار الذي لم يكتمل بعد والذ ننشر هنا مجرياته حتى تاريخ 2009-05-03، ويمكن للمهتمين بمتابعة تطوراته زيارة مدونة المرفأ على العنوان التالي:
http://www.almarfaa.net/
في خطوة جديدة وفريدة من نوعها لأجل تدوين مميز وإيجابي ، سوف نقوم بأول ندوة حوارية تدوينية بين مجموعة من المدونين السوريين حول قضية تهم وطنهم وشعبهم وترتقي بمستوى التدوين ليكون عاملا من عوامل التغيير الإيجابي .
وفكرة الندوة تهدف إلى تفعيل دور المدونين في تحليل ومتابعة الواقع السوري .. وتهدف إلى فتح قنوات حوارية بين الأطياف الفكرية المتنوعة من أجل بناء مجتمع سوري متناسق ومتعايش .. والفكرة أيضا تهدف إلى التشجيع على مثل هذه الندوات ورفع مستوى الحوار في المدونات السورية والعربية .
تم الاتفاق والتنسيق بين المدونات التالية للاشتراك في الندوة .. ولا يعني هذا الاختيار تجاهل بقية المدونات ، وإنما كان هناك اهتمام من هذه المدونات بموضوع الندوة .. وأيضا وجود الخلفية الثقافية المتنوعة والتي تعطي بعدا مهما في هذا الموضوع .
المدونات المشاركة :
مدونة مداد
مدونة اعواد ثقاب
مدونة عقبة
مدونة الرجال الأحرار
مدونة رايح ومش راجع
مدونة أموج إسبانية في فرات الشام
مدونة المرفأ
وذلك لحوار تدويني بعنوان : واقع ومستقبل المعارضة السورية
محاور الندوة :
1- ماهية المعارضة وضرورة وجودها على الواقع
2- لماذا وكيف نعارض ؟
3- هل هناك معارضة سورية حقيقة شعبية ؟
4- نقاط الضعف في المعارضة السورية
5- نقاط القوة في المعارضة السورية
6- كيف تمتزج المعارضة بالشعب وتحقق أهدافها
آلية الندوة :
سوف يكون موضوع الحوار في المرفأ فقط ويتم وضع روابط في مدونات الأصدقاء المشاركين في الندوة
يتم الرد من الجميع على نفس الموضوع في المرفأ وذلك لتوحيد مكان المتابعة والردود
يتم حذف أي تعليق أو رد يتم من خارج مجموعة الحوار المذكورة سابقا
يقوم المحاور بالرد حسب المحاور سوف يتم طرح كل محور في تدوينة منفصلة .. ويبدأ الجميع بالرد عليه حتى ينتهي الجميع .. ثم نبدأ محور جديد في تدوينة جديدة .. وهكذا ..
إدارة الندوة سوف يكون المرفأ مسئولا عنها ..
مدة الندوة كأقصى حد هو شهر كامل وذلك لإتاحة الفرصة في الردود وأيضا المتابعة من قبل الزوار
نتمنى ان تكون هذه الندوة الحوارية التدوينية أنموذجا يقتدى بها بين المدونات العربية .. من أجل مستوى تدويني راقي ومميز وإيجابي وفعال .
وللجميع خالص الشكر والمودة .
الندوة الحوارية – المحور (1) ماهية المعارضة وضرورة وجودها على الواقع
بسم الله الرحمن الرحيم
سوف يتم في هذه التدوينة مناقشة المحور الأول من الندوة : واقع ومستقبل المعارضة السورية
المحور الأول : ماهية المعارضة وضرورة وجودها على الواقع
1. Free Man علق:
10 مارس 2009 في الساعة 4:08 م
أعتقد أني أول من سوف يفتتح النقاش في هذا المحور :). وأعتذر سلفاً للإطالة. فقد قسمت رؤيتي إلى ثلاث فقرات، وهي الدولة والسلطة والمعارضة:
قبل الخوض في ماهية المعارضة وضرورة وجودها، لا بد لنا من تسليط الضوء بشكل مختصر على مفهوم الدولة والسلطة، لنحدد عن أي معارضة نتحدث.
الدولة
غني عن القول أن مفهوم الدولة نسبي يختلف حسب الزمان والمكان وأخيراً بحسب الفلسفة التي تحاول الإحاطة به. وهذا ينفي بدوره صفة الثبات عن مفهوم الدولة، ويصبح تغير تموضع هذا المفهوم على أرض الواقع ضرورة عقلية ومنطقية. وبالرغم من ذلك، يمكننا استخلاص بعض العناصر التي تشكل نموذجاً كامناً عالي التجريد يفيد في موضوع السلطة والمعارضة.
يمكننا النظر إلى الدولة على أنها نوع من المؤسسات التي يخضع لها جماعة بشرية محددة طائعين أو صاغرين. وتشكل القواعد والقوانين والأعراف أحد أهم أعمدة هذه المؤسسة والتي تحكم العلاقة بين أعضاء الجماعة البشرية التابعة لهذه الدولة. وفي الأساس، فإن مبرر وجود الدولة هو بالتحديد ضبط هذه العلاقة وفقاً لتلك القواعد، أي هذه هي وظيفة الدولة. وبكلمة أخرى تسعى الدولة لتحقيق مصالح أعضاء هذه الجماعة.
يمكن أن يعترض البعض على فكرة أن الدولة نوع من المؤسسات، لأن ليس كل الدول يمكن أن نطلق عليها دولة قانون بل بعضها دول ديكتاتورية، ولأن مفهوم المؤسسات لم يكن معروفاً في العصور التاريخية السابقة. إلا أنه أولاً لا يوجد دولة دكتاتورية وأخرى لا، بل هذه صفات تنطبق على نظام الحكم وليس الدولة. ومن ناحية أخرى، فإن الدولة مؤسسة مهما كان العصر الذي تنتمي إليه ومهما كان نظام الحكم فيها، لأن القواعد والقوانين هي التي تحكم عملها في نهاية المطاف. وحتى عندما كان الملك هو الإله فهذا بذاته قانون يحكم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وحتى في الدول التي لا يحترم فيها القانون فهذا بحد ذاته يعتبر قاعدة تحكم العلاقة بين أعضاء الجماعة. ومن ناحية طوعية الخضوع لمؤسسة الدولة من قبل أعضاء الجماعة البشرية، فلا أعني بالصاغرين أولئك الذين لا يوافقين على آلية تسيير الدولة، بل أولئك الذين لا يعتبرون أنفسهم منتمين إلى مؤسسة الدولة هذه بالذات، بل انتماءهم فرض عليهم فرضاً، ومثال على هؤلاء الذي احتلت أرضهم وضمن قسراً إلى أراضي إمراطورية ما، ومثال عليهم أيضاً بعض الأقليات التي تسعى للإنفصل وتشكيل دولة خاصة بهم.
السلطة
لا بد من أن يكون لمؤسسة الدولة قوة فرض القواعد على أعضاء الجماعة البشرية المنتمية إليها، وهو ما يسمى بسلطة الدولة. وهي التي تمتلك صلاحيات تسيير شؤون المؤسسة والأعضاء، وصلاحيات وضع القوانين وصلاحيات فصل الخلافات بين أعضاء الجماعة بعضهم مع بعض من جهة أولى ومن جهة ثانية بين أعضاء الجماعة والدولة. وبدون وجود الشرعية لا يمكن للسلطة أن يكون لها قوة فرض القواعد والقوانين وحتى الأعراف. وتتأتى هذه الشرعية من مبرر ووظيفة الدولة بحد ذاتها.
هذا من ناحية فكرة السلطة بشكلها النظري، لكن تعينها على الأرض الواقع يكون بشكل سلطات ثلاث (منفصلة أو متماهية بحسب النظام المعمول به)، وهي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والقضاء. ولا بد لمجموعة من أعضاء الجماعة أن يقوموا بتمثيل كل من السلطات الثلاث السابقة، ليكونوا عملياً ممثلي سلطة الدولة. وعادة ما تسمى هذه المجموعة، تجاوزاً، بالسلطة. ومهمتها، لهذه المجموعة، تحقيق فكرة الدولة المتمثلة بالنظام العام.
في الدول التي تسمى بالديمقراطية، يشكل الدستور النظام العام الذي يحتكم إليه في القيام بأي فعل أو في سن أو تعديل القوانين التفصيلية. كما أن شرعية السلطة تقاس بمدى قدرتها على المطابقة بين فكرة الدولة وبين تحققها الفعلي. أما في الدول التي تسمى بالديكتاتورية، أو تجاوزاً الأنظمة الشمولية، في دلالة على التماهي بين الدولة والسلطة. في هذه الدول تستمد السلطة شرعيتها بأساليب شتى، ليس هذا موضوع الخوض فيها، لكنها تهدف فقط إلى الحفاظ على موقعها وعدم السقوط منه، كما أنه غالباً ما تتماهى السلطات الثلاث في سلطة واحدة (فرد أو مجموعة صغيرة أعضاء الجماعة) وهذه الأخيرة تصل حد التماهي مع الدولة بذاتها. وبالتالي فهي الجهة الوحيدة القادرة على فعل كل شيء وأي شيء دون مساءلة ومحاسبة. وبالتالي تقوم بإعادة صياغة وإنتاج النظام العام والقوانين بما يتوافق مع رؤيتها لنفسها وبما يؤمن لها الحفاظ على مواقعها.
المعارضة
نلاحظ أن فكرة الدولة مبنية على وجود جماعة بشرية بحاجة إلى نظام عام يحكم علاقاتها فيما بينها وتكون السلطة (بتمثلاتها الثلاثة) هي الوسيط لأداء هذه الوظيفة.
وإذا تساهلنا في البداية في تعريف المعارضة بشكل عام وقدمنا صياغة بسيطة لها، نستطيع أن نقول أن المعارضة هي عدم الرضى عن فعل ما أو مبدء ما ومن ثم العمل على تغييرة. ومن خلال المقدمة السابقة نستطيع تمييز ثلاثة نماذج (إن صح التعبير) للمعارضة.
النموذج الأول: ينطلق من حقيقة أن مفهوم الدولة غير ثابت ويتغير مع تطور المجتمعات البشرية وحاجاتها ومصالحها، وبالتالي نجد أن هناك حركة مستمرة تعمل على التغيير على المدى البعيد وليس القصير. تؤثر هذه الحركة وتتأثر بكل من مفهوم الدولة والتغيرات المستمرة. هذه الحركة غير مرئية لأنها لا تمثل من قبل مجموعة من الأفراد أو من قبل جهة محددة بذاتها، بل يقودها المفكرون والفلاسفة ويؤثر في مجراها ومدى قبولها باقي أعضاء الجماعة البشرية. وهو ما يمكن أن نسميه صيرورة التطور الإنساني.
النموذج الثاني: لا يمكن أن نراه إلا في الدول ذات النظام الديمقراطي في الحكم، وهنا المعارضة ليس لديها مشكلة من حيث المبدأ بوجود آخرين في السلطة (حالياً) بل تقوم بدور المتابع والمراقب لأفعال القائمين على السلطات الثلاث أو أحدها، بحسب نظام الحكم، وتحاكمه معنوياً أو فعلياً على مدى التزامه بقانون مؤسسة الدولة ومدى تحقيقه تحقيقه لفكرة الدولة أي تحقيقه لمصالح باقي أعضاء الجماعة البشرية.
النموذج الثالث: يفترض أن تعمل المعارضة في هذه الحالة على إحداث تغيير في النظام العام، مباشر وسريع “قياساً بالنموذج الأول”. هذا النظام الذي قامت السلطة الحالية بتعديله لصالح الحفاظ على مواقعها. أي أنها تعمل على إعادة الأمور إلى نصابها، من خلال الفصل بين السلطة القائمة والدولة، وصياغة نظام عام جديد يكون مقبولاً من قبل أعضاء الجماعة البشرية المنتمية لهذه الدولة لتعيد لهذه الأخيرة دورها الفعلي في تحقيق مصالح جميع الفئات وليس الفئة أو الفرد الحاكم فقط.
ولأن النموذج الأول من المعارضة يوجد بشكل طبيعي في جميع الأمم والجماعات البشرية والدول، وإن بشكل نسبي وبأشكال مختلفة، فليس هو موضوعنا هنا. ولأننا نعيش في سوريا في ظل نظام شمولي، فمن المؤكد أن محور النقاش كله يدور حول النموذج الثالث للمعارضة.
وبذلك أكون قد بينت، من وجهة نظري، ومن خلال مفهوم الدولة والسلطة والمعارضة، ماهية المعارضة وضرورة وجودها.
2. syriangavroche علق:
11 مارس 2009 في الساعة 11:29 ص
أود أن أشكر الأخ عمر على تنظيمه هذه الندوة الحوارية التدوينية و على الجهد المبذول لأجل إقامتها على أحسن شكل, و أتمنى أن تكون تجربة ناجحة و تفتح السبيل نحو تجارب تدوينية أخرى مشابهة تساهم في تطوير آلية تبادل الآراء و التعبير عنها و بالتالي الإفادة و الاستفادة.
و بعد بناء الرأي.. تبنى المعاقل, كما يقال.
بخصوص المحور الأول حول ماهية المعارضة و ضرورة وجودها على أرض الواقع, فأعتقد ببساطة أن المعارضة هي صيغة أخرى للرأي الآخر, و الرأي الآخر يتحوّل إلى معارضة عندما يكون لدى الرأي المنافس أو الند أو ببساطة الآخر, زمام سلطة من شكل ما و بصيغة ما.
فكرة المعارضة قديمة قدم التاريخ ربما, و لا أتذكّر الآن أي أسطورة ميثولوجية يونانية أو فارسية أو هندية لا تتحدث عن معارض أو مختلف مع الحكم (الإلهي في هذه الحالة) حتى ضمن محفل الآلهة, أي أن إلهً ميثولوجياً لشيء ما يختلف مع إله آخر في أي شيء بل و حتى مع رئيس الآلهة, و هذا برأيي أول دليل على أن السلطة الشمولية بطراز “نسمع و نطيع” لم تكن موجودة تاريخياً, و إن وجدت فلم يتذكرها أحد, فحتى زيوس, إله الآلهة اليوناني كان يجد من يعترض على بعض أحكامه من ضمن محفل الآلهة.
أما بخصوص أهمية وجودها, فأنا أعتقد ببساطة أن أي سلطة, لا يشترط أن تكون سياسية بل أي نوع كان, اجتماعي أو علمي أو ثقافي أو حتى ديني, إن لم يكن لها معارضة و أيضاً علاقة صحيحة و مثمرة معها فإن هذه السلطة ستفسد لا محالة, عن سوء أو حسن نيّة, و لكنها ستفسد, لأن العقل البشري ليس مؤهلاً بعد للنقد الذاتي (النقد الذاتي هو أحد الاختراعات التافهة للسلطات الشمولية لكي تقول أنها السلطة و المعارضة في نفس الوقت لأنها تنقد نفسها, و لذلك فإن كل من ينقدها من خارج منظومتها خائن) و هو بحاجة إلى من يقارعه, و هو كعضلات الجسم إن لم تستخدم تضمر و تموت, و أكبر جهد عقلي يمكن أن يبذله إنسان ليس أبداً التفكير في شيء ما و الوصول إلى النتيجة و إنما الدفاع عن هذه النتيجة أمام من لا يأخذ بها.
بما يخص السلطة السياسية, فقد قمت بتقسيم المعارضة السياسية إلى نوعين أساسيين ربما يتفرع عنهما الكثير من الأنواع و لكنني أعتقد أنها ليست إلا مسميات إذ أن الأنواع الأساسية هن فقط اثنتين:
المعارضة 1 أو المعارضة البرلمانية (Opposition ): هي معارضة برلمانية مؤسساتية في داخل نظام الحكم. يصطلح على أنه في نظام ديمقراطي برلماني حر متعدد الأحزاب عندما تقام انتخابات حرة و نظيفة فان الحزب أو ائتلاف الأحزاب أو أحزاب+مستقلين (في حال كون النظام الاقتراعي ذو لوائح مفتوحة) الذي يفوز بالنصاب الكافي المقرر في الدستور لتشكيل حكومة فان باقي الأحزاب, أي باقي القوس البرلماني هو المعارضة البرلمانية. هذه المعارضة البرلمانية هي جزء أساسي من نظام الحكم و هي جزء من جهاز الحكم و هي شريكة بالحكم كون صوتها البرلماني ضروري لانجاح القوانين و تستطيع حجب الثقة و المشاركة في اللجان البرلمانية المشتركة الخاصة بالأمور الأساسية للدولة ( لجنة شؤون اقتصادية -لجنة شؤون علاقات خارجية ….الخ) و هي على كامل الاطلاع على كامل حيثيات الشؤون و المعلومات السياسية و الاقتصادية و من حقها المسائلة و الاستجواب و حجب الثقة في حال توفر النصاب الكافي.
المعارضة 2 أو المعارضة الغير برلمانية (Dissident): هي معارضة مشكلة من جماعات أو أحزاب أو تيارات أو مستقلين , غير معترف بها من القوى السياسية المشكلة لنظام الحكم ( غالبا نظام ديكتاتوري أو غير ديمقراطي… لكن يوجد حالات لهذه القوى في بعض الأنظمة الديمقراطية) و هي معارضة مناهضة لنظام الحكم و غير مشاركة فيه و تسعى لتغييره. أغلب الأحيان هي معارضة “مخوّنة” من قبل النظام الحاكم لأنها تطعن في الشرعية المزعومة التي يعتبر النظام أنه يمتلكها للاستئثار بالحكم. و أغلب الأحيان هي خليط لا متجانس فكريا و عملياتيا و عدم التجانس يعرّضها لدرجات متفاوتة من الملاحقة و الاضطهاد بحسب درجات قربها من النظام أو تقبلها له. عادة تصب جهودها في مجال الحريات السياسية و العامة. كذلك يتم ادراج بعض تيارات الدفاع عن المجتمع المدني و حقوق الانسان التي قد يكون نشاطها منصبّا بشكل حقيقي على هذه النشاطات أو قد تكون لها اهتمامات سياسية و تستتر بهذه النشاطات
مطالبة النوع الثاني من المعارضة بنشاطات النوع الأول هي مطالبة غالبا ديماغوجية سلطوية يقصد منها الطعن في مصداقية المعارضة و اظهارها كمجموعة “علاكين”. لكل نوع من النوعين مقومات عمل خاصة بهما و حتى داخل النوع الواحد هناك اختلافات تبعا للحالات
مع التحية و الشكر للاهتمام
3. رايح ومش راجع علق:
12 مارس 2009 في الساعة 12:01 ص
ماهية المعارضة السورية
ينطلق البعض في تعريف المعارضة من خلفية المعنوى اللغوي للكلمة، فكل من يعترض على واقع قائم هو معارض بصيغة أو بأخرى، بغض النظر عن سبب معارضته للواقع القائم، وإن كانت هذه المعارضة محقة أم لا.
في حين يصر البعض الآخر على قصر المعارضة على القوى التي تحمل مشروع تغيير جذري لقلب صيغة الحكم الراهنة وبناء مشروعها على أنقاضه، وكل من دون هذا القوى لا يمت للمعارضة بصلة، وإن كانت مطالبه محقة، فقد تكون مطالب شخصية أو معيشية فقط لا تتطلب بالضرورة التغيير الجذري في المجتمع.
والبعض الثالث يصر على تعريف المعارضة تعريفاً واضحاً ودقيقاً، يبعد اللبس والشبهات، يستند التعريف على ضرورة وسم المعارضة بسمات تنسجم مع أيديولوجيتها، كالمعارضة القومية، أو الإسلامية أو الليبرالية، أو المعارضة الديمقراطية.
فأياً من هذه هي المعارضة السورية؟؟
غني عن القول أن المعارضة السياسية في ظل حكم ديمقراطي لا تتساوى مع مثيلتها في ظل حكم استبدادي، من هنا فإن التعريف بالمعارضة يقودنا إلى البدء بالسلطة، الوجه الآخر لثنائية السلطة – المعارضة، وإن كان الكثير من النقد قد وجه لهذه الفكرة (المعارضة إنطلاقاً من موقف السلطة أو طبيعتها)، فإنه لا يمكن الإنكار أن الطابع الشمولي للسلطة في سورية، وسيطرتها المطلقة على مختلف تفاصيل الحياة، ورفضها القاطع لوجود أي مستوى من الاعتراض على سياساتها تحت طائلة الاعتقال والسجن المديد، عكس نفسه بقوة على واقع وإمكانيات مختلف فصائل المعارضة السورية، لنجدها ضعيفة مفككة.
فخلال الفترة الممتدة من 1980-2001 تلاشت المعارضة كلياً، وان بقيت بعض الفصائل التي اعتمدت العمل السري تارة للحفاظ على وجودها (حزب العمل الشيوعي)، أو تلك التي اتبعت القاعدة القائلة “اليد التي لا تقدر عليها بوسها وادعي عليها بالكسر” (الإتحاد الإشتراكي وملحقاته)، أو تلاشت كلياً بفعل الضربات المباشرة التي وجهت لها (الإخوان المسلمين).
لكن المعادلة تغيرت كلياً بعد عام 2001، وهذا يعود إلى عدة أسباب (سنأتي على ذكرها لاحقاً)، فأصبح بالإمكان الحديث عن “المعارضة السورية” علناً، وهذا الحديث يعني أولاً وجود هذه المعارضة، وإن كان هذا الوجود مشوهاً في معظم حالاته.
لعل أكثر النقط إيجابية في مسيرة المعارضة السورية الحديثة (منذ استلام الرئيس بشار الأسد الحكم)، هي أنها اعتمدت الحوار السياسي المفتوح والنشاط العلني الواضح والصريح طريقاً رئيساً في نضالها، ووضعت النضال الديمقراطي في المرتبة الأولى من سلم أولياتها (طبعاً لا يزال البعض يحلم بتحرير موزمبيق وزيمبابوي قبل إحلال الديمقراطية ببلاده)، وساعد في ذلك إنتشار مفاهيم حقوق الإنسان والديمقراطية، وظهور هيئات وتجمعات مدنية داعمة لهذه الخطى كان لها دور بارز في مسيرة المعارضة، وتغيير بعض التيارات المعارضة القديمة لوسائل النضال التي تنتهجها (العنف، العمل السري، السلاح)، كل هذا ساهم لحد كبير في بلورة وجود معارضة سورية يمكن ان نطلق عليها المعارضة الوطنية الديمقراطية.
4. medaad علق:
15 مارس 2009 في الساعة 11:45 ص
لطالما كانت كلمة “المعارضة” تقضّ مضجع الحكّام في الأنظمة ذات الطابع الديكتاتوري، إذ يكفي أن يذكر أحدهم هذه الكلمة حتى “تشنّف” الأجهزة الأمنية آذانها وتجعلها في حالة استنفار قصوى وتبرر كل فعلٍ لها قائم على القمع لهذه “المعارضة”. وذلك لأن كلمة المعارضة غالباً ما تتُرجم في قواميسها بالخيانة والتآمر على اللحمة الوطنية للبلاد ومحاولة قلب الحكم لمصلحة الأعداء..
على الطرف الآخر قد لا يبدو تعريف المعارضة على الضفة الأخرى التي تفرزها هذه الأنظمة شيئاً مختلفاً جداً عنها – طبعاً من وجهة نظري الشخصية فقط – فبطبيعة الحال فإن المعارضة في أحيان كثيرة تبدو وكأن لا هدف لها سوى الانتقام ممن هم على كراسي السلطة حالياً والحل محلهم، لا بل وقد يذهبوا بعيداً في التنكيل بهم وربما تعليق مشانقهم في الساحات العامة.. وهم بذلك يبررون عملهم (الانتقامي) بأن هؤلاء سيكونون عبرة لمن غيرهم.. وفي النهاية سيأخذون محلهم ويمارسوا نفس لعبة النظام السابق وهلمّ جراً..
وفي الحالتين يدفع الشعب فاتورة هذا الصراع..
لا أريد الحديث في تعريف المعارضة.. فالتعليقات أعلاه قد وفتها تعريفها.. لكني أحببت أن أنوّه إلى “المعارضة” التي يمكن أن تفرزها هكذا أنظمة “في الغالب وليس بالضرورة”..
سأعطي مثالاً صغيراً فقط.. في إحدى الدول الغربية ذات النظام الديمقراطي – البرلماني (أستراليا) هناك نظام قائم يحكم ونظام آخر يقوم بالجلوس على مقاعد المعارضة في البرلمان وهما قسمين متقابلين تماماً، لا يقتصر دور جماعة المعارضة في التصيد في الماء العكر وملاحقة هفوات النظام الحاكم والتشهير بها ومحاربتهم والافتراء عليهم كما يحدث غالباً في بعض الدول، وإنما تقوم بدور وطني نبيل جداً وفي بعض الأحيان تقوم المعارضة والحكومة على العمل معاً ضمن مشروع واحد وإنجاحه لمصلحة الشعب.. وليس كلّ عمل تقوم به الحكومة والحال هذه يجب أن تقف المعارضة لتواجهها.
سأستند إلى تعريف جميل لعبد العظيم جبر الأستاذ في كلية العلوم السياسية – جامعة بغداد.. في تعريف ثقافة المعارضة وآلية وجودها ودورها إذ يقول: “تستند قاعدة المعارضة على ركيزة رئيسة هي الاختلاف فما دام الاختلاف وارداً وحاضراً فمعنى ذلك وجود (معارضة) غير أنه ليس من الممكن ان أختلف مع الآخر على الدوام ولا اتفق معه كذلك على الدوام بل أختلف وأتفق والنتيجة الوصول الى منتصف الطريق متقابلين معا بدلا من أن يذهب كل واحد منا باتجاه معاكس لذلك فان المعارضة ينبغي توافرها في اي عملية سياسية ديمقراطية لان الديمقراطية هي عملية (تسويات) بمعنى ان الاحزاب والحركات السياسية مهما كانت متبنياتها الفكرية وايا كان عمق الاختلاف بينها فمن الضروري ان تتعايش في فضاء سلمي عبر الانتخابات والحوار الهادئ وتداول السلطة والنقد وان تتقاسم معا قيم الحرية في التعبير والمعتقد والحماية المتساوية امام القانون فالاحزاب التي لم تصل للسلطة من الطبيعي ان تنتقل الى دور المعارضة تقوم بدور المراقب والراصد والمتابع لاي خلل يصيب اداء عمل الحكومة لتصحيح مسارها ـ كما اسلفنا ـ فهي تقوم بدور العون ما دامت جميع القوى السياسية تعمل لمشروع الصالح العام ومن ثم فان المعارضة تعمل للوصول للسلطة بالوسائل نفسها والاليات السلمية لانها تعلم جيدا ان الحكومة لا تكبح عملها ولا تكم افواهها بل تعمل الحكومة على حماية المعارضة في التنظيم والتعبير والنقد وعند وصول المعارضة للسلطة يتم تسليم السلطة سلميا لها من قبل الحكومة السابقة بقناعة وبهدوء ومن دون اثارة ما يعكر جو النظام السياسي وتتحول الحكومة السابقة الى معارضة.. وهكذا.. “..
في النهاية يبدو أن مفهوم المعارضة يُستعمل ويُفهم نظرياً كما أنه يُمارسُ عملياً في الثقافات العربية المحلية بمفهوم “شمولي” آخر.. مشحون بكامل الدلالات المتشنجة تجاه الحكم. لذلك
وبناءً على الحديث أعلاه أخلص بأن مفهوم “المعارضة” من المفاهيم المُلتبسة علينا والتي بات ينبغي تحرير معناها ومؤداها في الثقافة العامة للمجتمعات العربية..
5. Free Man علق:
15 مارس 2009 في الساعة 12:42 م
ياسين:
أتفق تماماً معك حول أهمية المعارضة لكل سلطة حتى لا تفسد، وأن الجهد الأكبر هو في الدفاع عن النتيجة التي نتوصل إليها بعد التفكير. لذلك نجد أن الأنظمة الشمولية مفككة فكرياً وتعتمد على ثنائية القوة والشعارات في محاولة لإضفاء الشرعية على وجودها وقمع كل من يحاول التشكيك بهذه الشرعية. والقوة ليست بالضرورة مباشرة، بل تأتي بأشكال مختلفة، ومن أهمها وأكثرها تأثيراً عمليات الإفساد المنظم للمجتمع.
محمد العبد الله
من حيث التعريف اللغوي، فإن من يعترض على واقع ما هو ليس بمعارض بل معترض، أو متذمر، أما المعارض فهو من يعترض ويحمل مشروعاً للتغيير، وربما يكون هذا التغيير جذرياً (تدريجي أو ثوري)في حال الأنظمة الشمولية وإصلاحياً أو تطويرياً أو يخص جزئيات محددة في حال الأنظمة الديمقراطية. أما أن نطلق على المعارضة أسماءً مثل معارضة إسلامية أو علمانية أو أي شيء آخر، فهذا من باب التصنيف وليس له دور في توضيح تعريف المعارضة بأي حال من الأحوال. فعندما ندرس معنى المعارضة لا يهم إطارها الفكري والنظري، بل ما يهم هو وظيفتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. أما التصنيفات الأخرى فهي تفيد في أنواع أخرى من الدراسات، مثل دراسة المشاريع والبرامج التي تطرحها الأطياف المختلفة للمعارضة، أو لدراسة واقع سياسي محدد في بلد ما من خلال فهم الاتجاهات المختلفة وعلاقاتها فيما بينها من جهة وعلاقاتها مع السلطة من جهة أخرى. وكوننا ما زلنا في طور التعرف على مفهوم المعارضة ووظيفتها، فيجب علينا برأيي الابتعاد عن التصنيف والتحديد حتى لا يتشعب الحوار كثيراً، ثم بعد ذلك ننتقل من العام إلى الخاص إلى كافة التفاصيل الأخرى. ولهذا السبب الأخير لن أعلق في هذه اللحظة على باقي مداخلتك. إلا أنك أوردت ملاحظة حول علاقة المعارضة السورية بالسلطة يمكنني أن أتطرق إليها بشكلها العام، بغض النظر عن هذه الحالة الخاصة.لقد قلت أنت “إن التعريف بالمعارضة يقودنا إلى البدء بالسلطة، الوجه الآخر لثنائية السلطة المعارضة” هذا لا نختلف عليه إن كنت تقصد بالسلطة النظام السياسي الذي قامت السلطة بالتماهي معه واختصاره بنفسها. أما إن كنت تقصد بالسلطة الفئة الحاكمة عندها تعريف المعارضة لا يقودنا إلى البدء بالسلطة بل إلى البدء بنظام الحكم، فكما قلت أنت “غني عن القول أن المعارضة السياسية في ظل حكم ديمقراطية لا تتساوى مع مثيلتها في ظل حكم استبدادي”. من هذا المنطلق، أستطيع أن أختلف معك حول النقد الذي يمكن أن يوجه إلى المعارضة في ظل نظام شمولي وحكم ديكتاتوري، فطبيعة النظام السياسي تحدد شكل المعارضة ووظيفتها، أهي تعمل في مقابل سلطة آنية في إطار تداول السلطة، أم تعمل لتغيير النظام السياسي العام الذي يحكم العلاقات السياسية. لكن طبيعة الحكم لا يجب أن تنعكس على ممارسات المعارضة، أي إن كان نظام الحكم شمولي لا يجب أن تكون المعارضة شمولية ونفس الأمر ينسحب على الإلغائية والاستئثارية…الخ. عندما يوجه نقد ما إلى معارضة في ظل نظام ديكتاتوري، فهو لا يجب أن يوجه لشكلها ووظيفتها، لأن الواقع فرض عليها هذا، لكن يوجه إلى كيفية ممارستها للمعارضة. فهل هذه المعارضة ديمقراطية حقاً لنقبل منها الدعوة إلى تداول السلطة، أم المشكلة بالنسبة لها هي الوجوه والأشخاص، وإبعادها عن السلطة؟ في هذه النقطة بالتحديد يجب أن نكون جداً دقيقين وحذرين عندما نتعامل مع معارضة محددة، فلا يجب أن نخلط بين شكلها ووظيفتها التي تتحد بشكل نظام الحكم وبين ممارساتها التي تكشف وعيها لذاتها. فإن كانت ممارساتها تنم عن فكر شمولي إلغائي فعندها لا نستطيع إلا أن نراها هي والنظام الحاكم وجهان لعملة واحدة. وإن كانت لا تقوم سوى بالانتقاد والتجريح بالنظام الحاكم وتحديداً بأشخاصه فعندها يمكننا أن نقول أنها لم تشكل وعيها الخاص بذاتها، بل إن سلوكها هو مجرد رد فعل على ما وقع عليها من ظلم (والأدق، على شخوصها)، أي أنها تعي ذاتها فقط على أنها نقيض نظام الحكم، وبذلك يكون وعيها الذاتي مزيفاً وذو نزعة انتقامية. وبالرغم من أن كلامي يبدو أنه يدور حول المعارضة السورية، إلا أنه من الطبيعي أن نجد هذه الممارسات في أي معارضة ضد نظام حكم ديكتاتوري، إلى أن تتعلم المعارضة من أخطائها وتستطيع صياغة مشروع تغيير حقيقي تعمل على أساسه بغض النظر عن الممارسات القمعية التي تتعرض لها، عندها فقط نستطيع أن نتحدث عن معارضة قادرة وفاعلة وواعية لذاتها.
مودتي لكم.
6. عمر مشوح علق:
16 مارس 2009 في الساعة 7:43 م
خالص التحية لكل المشاركين والمتابعين لهذه الندوة .. وأتمنى ألا يكون قد تسلل الملل للبعض ! 🙂
سوف أحاول الابتعاد عن تكرار المعاني التي تعرض لها الأصدقاء في تعقيباتهم السابقة .. فقد أثروا المحور من نواحي متعددة ..
لكني أود التحدث عن زاوية محددة في ماهية المعارضة وضرورتها ..
ثنائية المعارضة والسلطة .. ثنائية لا تنتهي وسوف تبقى مستمرة ما دام هناك سلطة سوف يكون هناك معارضة .. وإذا كان هناك معارضة فهذا يعني أن هناك سلطة !
حتى في أصفى وأنقى أنماط الحكم .. وهو نموذج الخلافة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين ظهرت هذه المعارضة بشكل قوي .. بدأت متزنة إصلاحية .. وانتهت تدميرية !
فعندما طلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه السمع والطاعة .. وقف له سلمان الفارسي في أوضح صور المعارضة .. وقال له لا سمع ولا طاعة حتى توزع علينا الأثواب بالتساوي ! وعندما علم القصة الحقيقية .. قال : الآن نسمع !
إذن كانت هناك معارضة .. لكنها (معارضة محاسبة) وليست معارضة سلطة أو حكم !
ثم تطورت الأحداث .. وتطور الحكم وتطورت المعارضة .. حتى قضي على عثمان بن عفان رضي الله عنه تحت شماعة الإصلاح ومعارضة المحاسبة ولكنها في الحقيقة كانت معارضة سلطة وحكم ! وهكذا مع علي رضي الله عنه ..
ولا تكاد تجد حادثة معارضة وحكم إلا ضمن هذين النوعين .. معارضة محاسبة أو معارضة حكم وسلطة .. وهو ما عبر عنه بعض الإخوة هنا بالمعارضة البرلمانية والمعارضة الغير برلمانية ! رغم وجود اختلافات في طريقة العمل والفكرة ..
إذن ممارسة المعارضة لا تكاد تخرج عن هذين النمطين .. إما أن أكون معارضا داخل الدولة ومشاركا في العملية السياسية وتسيير أمور الدولة .. لكني أكون محاسبا ومتابعا ومدققا لتصرفات الحكومة .. يعني معارضة تصحيح مسار بدون تبييت النية للاستيلاء على السلطة !
وإما أن أكون معارضا خارج إطار الدولة والحكومة .. وهنا يكون هدفي الرئيسي هو استبدال الحكومة بحكومة أفضل وأحسن حالا في تسيير أمور الدولة .
هل المعارضة ضرورية ؟
النوع الأول من المعارضة والتي أسميناها (معارضة محاسبة) او معارضة تصحيح المسار .. هي ضرورية لبقاء السلطة على المسار الصحيح وحفظ حقوق الشعب وتطبيق القانون بشكل صحيح ..
اما المعارضة الثانية فهو إفراز طبيعي لتسلط السلطة ودكتاتوريتها وانفرادها بالسلطة وخنق كل مسارات التحرك والتعبير والانحراف في تطبيق القانون والفوضى والفساد المالي والأخلاق … إلخ
فهنا لا بد من مولد معارضة تغير هذا الواقع الكئيب وتعيد الأمور إلى نصابها .. وإلا فليس هناك دولة حقيقية .. وليس هناك قانون يحكم .. بل ليس هناك حياة كريمة يعيشها المواطن في ظل هذه الفوضى السلطوية !
وغالبا ما تكون المعارضة الأولى (معارضة تصحيح المسار) هي إحدى ثمار المعارضة الثانية .. لأن الشعب بعد أن ضحى بالكثير لكي يقتلع جذور السلطة الفاسدة .. ليس مستعدا للنمو والتفاعل مع سلطة فاسدة جديدة .. ولذلك تظهر معارضة تصحيح المسار التي تعمل فقط على ضمان تطبيق القانون وحفظ الحقوق وليس لديها الرغبة بالسلطة .. لأنه إذا تحقق القانون وحفظت الحقوق لم يعد هناك رغبة في تولي مجموعة جديدة للسلطة !
تحياتي للجميع ..
7. 3bdulsalam علق:
18 مارس 2009 في الساعة 2:11 م
تحية لكل الأخوة الذين اثروا محور النقاش بآراء تناولت المسألة باستفاضة وشمولية يبدو معها تكرار بعض الأفكار أمر واقع لا محالة.
سأحاول تقديم طرح ملتزم بعنوان المحور وعموميته، ومختلف قدر الإمكان عما قاله الأخوة سابقا كمحاولة متواضعة لمزيد من الإغناء.
اذا المعارضة (تلخيصا لكلام سبقني) كماهية هي اي فعل ينشأ جراء المخالفة بشكل أولي ومحاولة تنفيذه بدلا عن الفعل الذي خالفه بشكل ثانوي. (على اعتبار ان المخالفة لوحدها شرط لازم وغير كافي للمعارضة)
تتدرج المعارضة في سويات متعددة ابتداء من فعل المعارضة بقصد التذمر والاحتجاج على فعل سلطوي ما (وهو عرف بالمعارضة الشعبية الغير برلمانية )
انتهاء بالمعارضة المنظمة ضمن إطار سياسي قادر الى حد كبير على تغيير الفعل واستبداله بفعل آخر (وهي المعارضة البرلمانية)
طبعا لا بد من التنويه ان هناك معارضة داخلية ضمن السلطة نفسها تدور حول اختيار القرار او السياسة الأفضل لإدارة أي شأن من الشؤون التي تشرف عليها، وهي تتفاوت بين الصمت المطبق وابداء الرأي بحرية شديدة والرجحان للأغلبية اعتمادا على مدى ديمقراطية او دكتاتورية السلطة في كواليسها الداخلية.
والمعارضة قديمة قدم الإنسان نفسه ولعل اول حدث حمل هذه الصفة كان رفض ابليس السجود لآدم مخالفا ومعارضا السلطة “المطلقة” الوحيدة آنذاك. وهي موجودة في طبيعة الإنسان نظرا لاختلاف التوجهات والآراء وطريقة النظر للأمور . . الخ
وبالتالي هي أمر موجود بشكل طبيعي ولا معنى للحديث عن أهمية وجودها، لكن مع نشوء مفهوم الدولة الموازي لمفهوم الوطن على مستوى التنظيم المؤسساتي وظهور السلطة كأثر من آثار الدولة يصبح الحديث عن أهمية وجود المعارضة امرا لا بد منه من أجل مراقبة وتصحيح عمل السلطة ومنعها من الجنوح في ممارسات قد لا تصب في خدمة الصالح العام وفي مراحل أكثر تقدما قد تبتلع الدولة وتتماهى معها فتصبح عندها أي معارضة للسلطة خروجا على الدولة يستدعي استئصاله.
السلطة اداة بيد جماعة من البشر يحملون مشروعا يعملون على تنفيذه لخدمة مصالح الوطن والشعب ونظرا لأن أي مشروع لا بمكن له بأي حال من الأحوال تلبية جميع المصالح وبأحسن صورة، هذا يستدعي ضرورة وجود مشاريع أخرى –معارِضة ومختلفة بطبيعة الحال عن مشروع من بيدهم السلطة الآن- تعمل على خدمة المصالح والغايات الوطنية، تتقدم بها جماعات منضوية تحت أطر حزبية معينة، ليختار الشعب ما يراه الافضل من بينها وبذلك يأخذ المشروع الجديد تفويضا شعبيا يعطى أصحابه الأداة التي تمكنهم من تنفيذه ألا وهي السلطة.
اذا وجود المعارضة ضرورة تحتمها أسباب ذاتية متعلقة بنزعة الإنسان نحو حب السلطة وتملكها وموضوعية متعلقة بطبيعة النقص والقصور الذي يكتنف اي مشروع وجهد بشري.
ولعل العراق وما حصل به نموذج مثالي يوضح اهمية وجود معارضة قادرة على استلام السلطة وتداولها، مما يعطي المواطن احساسا عميقا بالإنتماء والحرص على الدولة والوطن وليس فقط مجرد انتماء لبيئة طبيعية.
فغياب المعارضة في العراق بعد اختزال الدولة بالسلطة والإخلال بمفهوم الوطن ومعانيه وجعل القائد مجسدا للوطن وللشعب أفضى بشكل طبيعي الى عجز السلطة عن حشد الشعب للدفاع عن الدولة والوطن كونهما اختزلا بالسلطة وهو غير مستعد للدفاع عن سلطة تقمعه.
فأفسح المجال واسعا للغزو الأمريكي كي يزيل السلطة وتتحرر الدولة مما كان يحتجزها -رغم ان الدولة تلاشت بذلك-، وبعدها بدأ بالكفاح لتحرير وطنه وإعادة صياغة مؤسسة الدولة لتكون للجميع.
اذا منع السلطة لأي معارضة سيحيلها إما الى حركة ثورية سواء بالكلمة او بالفعل وإما الى حركة تتعاون مع الشيطان لإزالة الطاغوت!
وفي الحالتين الشعب والوطن هو من سيدفع الفاتورة . . . المعارضة ضرورة.
8. ابن شبرين علق:
23 مارس 2009 في الساعة 2:44 ص
اخواني واحبابي اشكركم جزيلا على هذا الموضوع وطرحة للنقاش ،لكن لي ملاحظة وان كانت لايليق لمثلي على امثالكم .وهي ان الجميع يتحدث عن المعارضة وفي ذهنة المفهوم الغربي للمعارضة ،فهل هناك من تصدي للبحث عن الموضوع من منضور اسلامي نابع من النصوص وليس من الاحداث والوقائع التاريخية في تاريخ الدولة الاسلامية
ما اريد الاستيضاح عنه هو ان السلطة الاسلامية على مدار معظم سنيها كانت تحرم او تجرم المعارضة وتستعمل في سبيل ذلك النصوص الخاص بالسمع والطاعة والنهي عن الخروج وحق ولي الامر ووو في حين انالمعارضة كذلك كان لها نفس الاستدلال من النصوص كنصوص الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وووو
والاهم ما في الموضوع من اشكالية هي المعارضة المعاصرة والتي تعتبر الوحيدة في لساحة امام الانظمة القائمة “المعارضة الاسلامية”كيف تسمت بهذا الاسم وهي جاءت على طريق النمط الغربي في النشاة والوسائل والتكوين …الخ باحث مهتم وارجو ارسال كل مايتعلق بالموضوع الى ايميلي
# الممثلون.. المعارضة.. والتغيير.. « مــــــــداد علق:
الممثلون.. المعارضة.. والتغيير..
8 أبريل 2009 في الساعة 5:29 م
[…] ملاحظة: هذه التدوينة منشورة كمداخلة ضمن الندوة الحوارية التدوينية على مدونة المرفأ […]
الممثلون.. المعارضة.. والتغيير..
8 04 2009
سأتحدث هنا بشكل عام عن المعارضةالسورية بغير التزام بمحور محدد.. هنا رغبت بالتحدث عن تجربة شخصية وحديث خاص.. قد أصيب فيه وقد أخطأ لكنه في النهاية هي تجربة شخصية فقط أحببت تداولها..
جذور المعارضة والرئيس القائد:
من يقول بأن جذور ما أسميناه اصطلاحاً “المعارضة” غير موجودة في الشعب السوري قد يكون ظالماً بعض الشيء، فالمتتبع للتاريخ السوري منذ الاحتلال العثماني مروراً بالثورة السورية الكبرى والانقلابات المتتالية فيما بعد حتى وقت ما قبل استلام النظام البعثي يلاحظ بوضوح أن الشعب في كل فترة من فتراته التاريخية كان نزّاعاً للثورة ورفض الظلم والطغيان..
ومنذ استلام النظام الحالي للحكم قام باغتصاب اسم الديمقراطية – ينصّ الدستور بأن البلاد ذات نظام ديمقراطي – لنفسه وعمد إلى ضخ مؤدلج واستلاب مستمرّ لذهنية المواطن السوري وزرع “الخوف” فيه بدلاً من المحاكمة العقلية السليمة لمناحي الخطأ، وهذه حالة طبيعية في ظلّ أي نظام أحادي. المشكلة ليست في هذه النقطة بالذات لكنها تكمن في إيمان هذا المواطن بعد فترة بضعفه واستكانته وعدم قدرته إلاّ على السير مع التيار حتى أصبح مصطلح “معارضة” يشكل خروجاً عن المقدّس عنده.. يستشهد نجيب محفوظ بممارسات العهد الناصري فيقول: “إن الحاكم في العهد الناصري قد طلب من المصريين اعتزال السياسة فتحول المصري من كائن فعّال إلى سلبي متفرج، من موجود مشارك إيجابي إلى هيكل عظمي يتقبّل أي شيء، والأخطر من ذلك أنه سلب من داخل المواطن شجاعته، وإحساسه بالكرامة، وإحساسه بالأمان..وهذا شيء فظيع إلى أقصى حد.”..وقس على ذلك ما يحدث في دمشق..
يؤمن نسبة كبيرة من الشعب السوري – حسب ما رأيته ممن قابلتهم على الأقل – بأن الرئيس القائد هو مثال التقوى والصلاح وفي معرض زيارتي لدمشق الجديدة بعد حافظ الأسد في العام 2002 كان الحديث حول الرئيس القائد يختلف تماماً عن الحديث عن رموز النظام الأخرى من مسؤولين ووزراء وو..الخ.. فالرئيس القائد الشاب يقوم بدفع عجلة الإصلاح والتقدم والقيام بأعباء نفض الغبار عن سنين النوم الطويلة – على حدّ تعبير أحد الطلاب -.. وكانت شعبيته في أوجها حينها..
لذلك هو بمعزل تماماً عن الإقصاء في فكرهم إلى الآن تحت ظلّ أي ثورة قادمة أو تغيير ممكن أن يطال الحكومة لا لأن النظام قائم به بل لأنه محبوب من قبل أكثرية شعبية.. وإلا لا يفسّر وجود صوره في قرى نائية على طريقة (دير الزور – الرقة) أو القرى المحيطة بحمص حيث لا مكان للسياسة ولا مكان للمواربة والتملق.. الخلاصة أنه خط أحمر لا يمكن تجاوزه في العقلية السورية المحلية..
نعم.. الكل يسعى للتغيير، وهذا ما تلمسه بوضوح عند تبادل الحديث مع أي شخص في مقهى عام أو نادل أو جامعي أو حتى مستخدم في فندق أو أية شخصية تعتبر نفسها مثقفة، لكن الرؤية لهذا التغيير محدودة جداً لا تصل إلى قلب كينونة النظام بأسره بقدر ما تكون مجرد رتوش لإصلاح الوضع العام.
السوريون يعلمون تماماً بأن قلب النظام لن يؤدي إلاّ إلى فوضى عارمة وعلى حدّ تعبير أحد أساتذة المعاهد الخاصة: “شعب لا يفهم الديمقراطية قد يجرح نفسه بها، وستعم الفوضى، ولن يكون إصلاح هذه الفوضى يسيراً”.. يطرح مثالاً كمن يعيش في الظلمة ثم ينتقل فجأة إلى النور سيصاب بالعمى إن فتح عينيه مباشرةً، سيتخبط الشعب في لاوعيه طويلاً حتى يستقرّ وسيكون الثمن باهظاً، على الرغم من أن الثورات التحررية في العالم ضمن فتراتها الزمنية قد دفعت هذه الأثمان إلا أن الشعب السوري متخوّفٌ جداً وهو يرى ديمقراطية جيرانه في لبنان لا تعبّر إلاّ عن الفوضى والضياع.
في الضفة الأخرى لم تقدم أحزاب المعارضة في الخارج أي مشروع وطني صالح يمكن أن يلتفّ الشعب حوله، ناهيك عن تعاملهم اللاديمقراطي مع بعضهم البعض وأساليب الإقصاء والمعيارية الثنائية المتبعة فيما بينهم، والاصطفاف اللاعقلاني على حساب الهدف المنشود.. يحضرني هنا حديث لأحدهم حين سألته عن وضع الأكراد ليقول: “الشعب سوريّ والبلاد سوريّة ولا مجال للتخلي عن شبر منها لأي كرديّ..” هذا في السر.. أما في العلن فهو وجماعته يعلنون بأنه سيعطون الأكراد حقهم من ضمن مشروعهم التغييري؟!! هل هناك حزب معارض يجرؤ أو يريد حتى أن يعطي استقلالاً ذاتياً للأكراد أو منحهم حق تقرير مصيرهم؟!! لا أظن.. وهذا مثال واحد فقط عن هذه الازدواجية..
ثم ماذا بالنسبة للتخوّف الطائفي.!!؟؟
في العام 2005 وفي معرض زيارتنا للمناطق السورية المختلفة أعرب أحد الأصدقاء الإنكليز عن اندهاشه بالتزام الشعب السوري بصلاة الجمعة ووصفها بأنها أداة خطرة جداً لها من الفعّالية أكثر ما يكون لأي خطاب جماهيري يتلوه صاحب حزب معارض أو مسؤول حكومي.. وكان حديثه بعد لقاءنا ببعض العائدين من العراق إبّان الحرب الأمريكية على العراق.. مجموعة من الشباب تعتلي رؤوسهم جهل عميق بمفاهيم الدين والحياة وقد لا يكونون ملتزمين أصلاً بما تمليه عليهم ديانتهم..
يُقال لا يعرف بشعاب مكّة إلا أهلها، يجيب أحمد أحد أصدقاء الساحل السوري بأن نقمة الشعب السنّي ستكون عارمة تجاه العلويين وهو – وإن كان يدعم التغيير – إلا أنه يبدي تخوفه من أن يطال رؤوس العلويين كلهم.. وقد لمستُ هذا التطرف بنفسي ليس فقط في الأحاديث اليومية أو الندوات الثقافية مع الأصدقاء بل تعدّى ذلك بالجهر العام وخير مثال ما يتم كتابته في مواقع المعارضة وما قرأتُ في حديث المدوّنات منذ فترة ليست بالقصيرة..
قد يقول قائل بأن الطائفة العلوية هي التي في سدّة الحكم حالياً وأنها وراء كل هذه المصائب على البلاد، يجيب أحمد: “نسبة قليلة جداً من العلويين هي المستفيدة، وبنظرة شمولية أكثر معظم أركان النظام حالياً ليسوا من الطائفة العلوية. في حين أن شريحة واسعة من الطائفة العلوية لا ناقة لها ولا بعير ولا تنال من الجمل أذنه..”
هناك تطرف واضح تجاه هذه الطائفة سواء أكان السبب سياسياً أم أيديولوجياً.. والسادة آل سعود لا يفتئون يدعمون هذا الاتجاه، سواء لأسباب دينية أو لأسباب سياسية.. خصوصاً في مواجهة المدّ الإيراني المتمثل بالطائفة الشيعية في حال اعتبرنا أن الشيعة هم جند حزب الله الإيراني أو كما عبّر أحد الإيرانيين: “السادة في السعودية يرون الشيعة في سوريا بأنهم أعضاء “بسيج” الإيراني”.. ولا أقصد هنا حزب الله في لبنان بل حزب الله الإيراني في إيران- حرس الثورة.
قبيل فترة قصيرة جداً أعلن السيد أنس العبدة صاحب قناة “الكرامة” بأن قناته سوف تعكس الشعب السوري بكل فئاته وأطيافه متناسياً بأنه عمل منذ فترة قريبة في إصدار تقرير يدين المدّ الشيعي في سوريا واعتبره مدّاً إيرانياً خطراً تحت عنوان “البعث الشيعي” ومدّ يده إلى بعض الدول المعنية – وهي معروفة – التي أبدت رغبتها في مساعدته لإيقاف هذا المد..
كنتُ أتساءل هل الشيعي هو الآخر لا يملك حق مواطنة لأنه شيعي؟! أم أن الأمر سياسي يتعلق بالنفوذ الإيراني في المنطقة..!! لا أعلم بالضبط..
لكني أعلمُ تماماً بأنّ كل شيء يمكن شراءه لكن الدين شيء يتعلّق بالقلب والاعتقاد الشخصي لا يمكن تغييره بمجرد الطلب أو دفع المال أو أي شيء آخر.. فليتشيع من يشاء وليستسنن من يشاء وليكفر من يشاء وليتحول البعض من الإسلام إلى المسيحية.. الدين لله والوطن للجميع.. ولا أظن بأن تعامل المعارضة مع المواطن السوري على أنه “قنبلة إيرانية موقوتة” أو “مشروع تخويني مستقبلي” يختلف كثيراً عن رؤيوية النظام لهذا المواطن بأنه “إما خائن أو مشروع خيانة مستقبلي”؟!! ما الفرق..
قد يتهم البعض أتباع هذين الطائفتين بأنهم يقفون خلف النظام الحاكم لأنهم يحملون أيديولوجية دينية مشتركة، من خلال تجربتي الشخصية فقط – وهنا أقول شخصية وليس بالعموم – لمستُ منهم رغبة في التغيير لكن تخوّفهم مما سيؤول حالهم في المستقبل في ظلّ أي نظام جديد يجعلهم يعيدون التفكير في آليات هذا التغيير كراراً قبل الخوض فيه..
أعتقد بأن نظام ليبرالي مؤطر بديمقراطية عادلة بعيداً عن حسابات الدين هي السبيل الوحيد لنيل جميع الأطياف العدالة والمساواة وأي معارضة تحمل هذا الأساس قد تنجح..
المعارضة في الداخل والخارج:
المتقصّي لآراء الداخل السوري يلاحظ بأنه لا يميل للمعارضة والتغيير القادم من قبل قوى المعارضة في الخارج سواء أعلى طائرة أمريكية أو أوروبية أو أية طائرة أخرى، لأسباب يظن أنها تمسّ بوجوده بالنسبة لهؤلاء أو لأنهم على دراية تامة بإخوتهم من تجارب سابقة سواء أكانوا إخوان مسلمين أو جبهة الخلاص أو آخرون.. قلة قليلة جداً ربما لا تعدو نسبتهم 1% أو لأكن صريحاً أكثر لا يتجاوزون عدد أصابع اليد ممّن قابلتهم يقبلون بمد يدهم للشيطان حتى يحصل التغيير..
في حين يغصّ سجن عدرا المركزي بسجناء الرأي، وأستطيع أن أقول بأن هؤلاء قادرين على التأثير أكثر من الذين في الخارج أولئك الذين لا يملكون إلا ذباب الكلام، وأجزم بأن من يخرج منهم بمعارضة رسمية وبمشروع وطني ملائم قد يلتفّ الشعب حوله أكثر من أي شخص قادم من خارج البلاد..
التغيير التدريجي:
النقطة الأخيرة التي أودّ الحديث عنها والتي مررت عليها سابقاً بشكل عابر هو التغيير التدريجي.. معظم الناس تعتقد بأن التغيير السريع قد يكون مضرّاً وضربتُ مثالاً أعلاه عن العيش في الظلام والانتقال إلى الضوء فجأة.. هذا الحديث غالباً ما يتحدث به نسبة 80% من الناس ممن التقيتهم.
في معرض حديثي مع أحد المحاضرين في جامعة دمشق – كلية الفنون.. وهو صاحب موقع أعلامي على صفحات الانترنت يقول بأن: “التغيير الفجائي لن يكون في صالح المجتمع ولا في صالح السوريين.. وهو يؤمن بأن الأمور يجب أن تأتي برويّة والتحرّك ضمن الهوامش الضيقة المتاحة حالياً” لذلك هو غالباً ما يلجأ للمداهنة والمسايرة رغم إيمانه العميق بأن التغيير أصبح واجباً.. هذا يقودنا إلى صيغة “التعايش” مع نظام الحكم والذي يذهب البعض لتنبنّيه، هذا إن كان ما يدّعيه صحيحاً وإلاّ فإنه يتصدّى بهراوة جهله الغليظة للتغيير نفسه..
الخلاصة:
كل هذا أحاديث أناس من مختلف الطبقات الاجتماعية يقودنا إلى الخلاصة التالية:
أعتقد بأن من يملك مشروعاً وطنياً صالحاً يجمع تحت لواءه كل طبقات المجتمع بغض النظر عن طوائفه وانتماءاته الفكرية يقوم على أساس ليبرالي يسعى لتغيير المواطن قبل الوطن، وينطلق من اعتبارات وطنية بحتة بعيداً عن رهانات مزاجية او ثأرية، ويقدم البديل المطلوب للمواطن هو الوحيد الذي من الممكن أن يكتب له النجاح، فـ”الثورة الحقيقية في حياة شعب من الشعوب تكمن في التغيير العميق لذهنية هذا الشعب في اتجاه تقدمي عصري، وهذا التغيير لن يكون بإزاحة حكم وإقامة حكم غيره أو بتبديل قانون ورفع شعار جديد.. وإنما يكون في إدخال تغيير أساسي على وعي المجتمع وإبدال مفاهيمه حول العلاقات الأساسية بين الإنسان والإنسان وبين عالمه المحيط به..” حينها لن يكون هناك مجال للخوف أو الجهل وسترتفع أصوات الشعب كلها في وجه أي ممارسة خاطئة، فإما أن يتم التغيير طوعاً من قبل الدولة حينها وإما أن يقوم قسراً بعصا الشعب.. غير ذلك سيبقى المواطن مستكيناً غير مؤمناً بنفسه ولا بقدرته على التغيير.. أو كما يقول صديقي Mohamed (سيغدو حشرة أو نملة).. أو “صرصاراً” على حدّ تعبير نزار في قصيدته (الممثلون):
“حينَ يصيرُ الناسُ في مدينةٍ
ضفادعاً مفقوءةَ العيونْ
فلا يثورونَ ولا يشكونْ
ولا يغنّونَ ولا يبكونْ
ولا يموتونَ ولا يحيونْ
تحترقُ الغاباتُ ، والأطفالُ ، والأزهارْ
تحترقُ الثمارْ
ويصبحُ الإنسانُ في موطنِه
أذلَّ من صرصارْ ..”
ملاحظة: هذه التدوينة منشورة كمداخلة ضمن الندوة الحوارية التدوينية على مدونة المرفأ
الندوة الحوارية – المحور (2) لماذا وكيف نعارض ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
سوف يتم في هذه التدوينة مناقشة المحور الثاني من الندوة : واقع ومستقبل المعارضة السورية
المحور الثاني: لماذا وكيف نعارض ؟
# عمر مشوح علق:
21 مارس 2009 في الساعة 11:12 ص
لعلي في هذا المحور أدخل في بعض التفاصيل المهمة في شأن المعارضة ..
جزء من السؤال وهو (لماذا) قد تعرضنا له في المحور الأول .. وذكرنا أن المعارضة تعارض إما لتصحيح المسار .. أو لاستبدال الحكم بحكم أفضل وأصلح !
لكن دعونا ندخل في التفاصيل قليلا .. ونسأل أنفسنا من جديد : لماذا نعارض ؟
هل المعارضة فقط لمجرد المعارضة وإثبات الذات والشهوة في الحكم والسلطة والشهرة !؟
أم المعارضة تضحيات جسيمة من أجل مبادئ نبيلة ؟!
لعل تصرفات بعض التجمعات المعارضة في بعض الدول العربية أعطت تصورا مشوها لحقيقة المعارضة .. ورسمت لوحة فاسدة لدور المعارضة وهدفها الحقيقي !
فظهرت المعارضة كأنه وحش فاسد يبحث عن السلطة بأي ثمن .. وظهرت المعارضة كأنها تكتل من الانتهازيين والفاسدين يريدون الكرسي فقط لنهب ثروات البلاد والعباد !
وهذا حدث حقيقة في بعض تجمعات المعارضة المتناثرة هنا وهنا ..
لكننا هنا نتحدث عن معارضة تعارض لأجل البلاد والعباد .. تعارض لترفع السوء والفساد والظلم عن شعبها ووطنها !
إن المعارضة الحقيقة هي التي تضع هدفا وحيدا لها .. وهو إصلاح نظام الحكم في البلاد من أجل حياة كريمة للمواطن ..
إنها حين تعارض .. فهو من أجل إزالة الدكتاتوريات الفاسدة الطاغية ..
إنها حين تعارض .. فهو من أجل رفع الظلم عن أفراد الشعب المقهورين ..
إنها حين تعارض .. فهو من أجل نشر العدل وتثبيت مبادئ الحرية والمساواة للجميع ..
ولذلك لكي نجيب على الجزء الثاني من السؤال وهو (كيف) فلا بد أن نفهم الكلام السابق وهو (لماذا) ! لأن (كيف) تعتمد على (لماذا) اعتمادا منطقيا وعمليا !
فإذا كانت المعارضة تعارض لأجل الحكم والسيطرة والشهرة .. فسوف يكون (كيف) سيئا جدا .. وسوف تستخدم جميع الوسائل القذرة من أجل تحقيق هذا الهدف !
وإذا كانت المعارضة تعارض لأجل تصحيح المسار للنظام والرغبة في رفع الظلم وإحقاق الحريات بدون الانتهازية والاستعداد للانقضاض على الحكم .. فهنا سوف تكون (كيف) واضحة وصريحة وعلنية ولا يستطيع أحد أن يعترض عليها أو يمنعها من استخدامها !
إن المعارضة اليوم مطالبة بالإجابة على (لماذا) و (كيف) .. لكي تسكت أفواه النظام وغير النظام عن حملات التشويه التي اتخذت من بعض انماط المعارضة السيئة شماعة لكي تنسحب على الجميع !
بينما الانصاف يقتضي أن ندقق في كل حالة معارضة على حدة ونعطيها حقها في النقد .. بدون التأثر بأفواه النظام التي تريد إسكات الجميع لكي تنسف محور المعارضة وتبقى مسلطة على رقاب الشعب !
ولي عودة أخرى بإذن الله ..
# syriangavroche علق:
22 مارس 2009 في الساعة 3:18 م
لماذا نعارض..
الحقيقة أن الإجابة (من حيث صياغتها و قولبتها فكرياً) ليست سهلة البتّة, و لا يعني أن من يعارض “يعارض لمجرد المعارضة” كما تطلق أبواق الأنظمة ضد معارضيها في كثير من الأحيان.
نعارض حينما نرى خطأ أو ما نرى أنه خطأ بمنظورنا, قد نعارض الأساس إن رأيناه خاطئاً أو قد نعارض جزئيات, هذا يعود للحالة..
بمعنى آخر, نحن نطبّق قناعاتنا الفكرية في اتخاذ موقف من قضية معيّنة, و الاختلاف بين المواقف غالباً سببه رد فعل أصحاب هذه القضية تجاه معارضتنا و ليست اختلاف أساليبنا.
بخصوص المعارضة السياسية فهناك فرق بين من يعارض داخل نظام ديمقراطي و من يعارض في (أو بدون في) نظام استبدادي, فالمعارض الديمقراطي يعارض سياسات محددة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية لكنه يعارض جزئيات ضمن إطار يتقبّله و يتقبّل العيش فيه و هو النظام الديمقراطي, هذا الذي يكفل له مكانه و مكانته و حقه. أما المعارضة في بلاد الاستبداد فهي صراع وجود, فالمعارض يرى في هذا النظام الشمولي الذي يقصيه و يمنعه من حقوقه خطراً عليه ككيان إنساني, و النظام من جهة أخرى “يخاف” من هذا المعارض مهما كان ضعيفاً لأنه بالتعريف لا يتقبّل أو لا يستطيع أن يتقبّل فكرة وجود من يعارضه لأنه السيد المطلق, حتى لاحظوا أعزائي -بالعودة إلى النقد الذاتي- أن فكرة النقد الذاتي سياسياً هي من فبركة الأنظمة الاستبدادية الظلامية, فهم بهذا المصطلح السطحي يقولون أنهم ينتقدون أنفسهم بنفسهم و هم السلطة و المعارضة و كل شيء و كل ما عدا ذلك فهو خارج أو خائن.
أما بخصوص كيف نعارض, فالإجابة بسيطة…
كل شخص يعارض ما يرى أنه يستحق المعارضة من منظوره, و من أجل هذه المعارضة يستخدم الوسائل التي تتاح له و تتلاءم مع فكره و ايديولوجيته و نفسيته
# محمد علي العبد الله علق:
25 مارس 2009 في الساعة 10:53 م
لماذا نعارض؟؟
تختلف الإجابة باختلاف الشخص (المعارض)، وهنا أعجبني كثيرا كلام اخي عمر عن التدقيق في كل حالة على حدة، والحق يقال، فهناك من يعارض طمعا بالسلطة، ولو وصل اليها سيكون اسوأ من السلطة التي يعارضها اليوم. وهناك من يعارض في سبيل الشهرة والنجومية ليقال انه معارض، ليتصدر الصحف والمجلات والشاشات، وهناك من يعارض من اجل المعارضة بحد ذاتها (بعض ما يقال عن هذه الفئة صحيح للأسف)، وهناك من يعارض طمعاً بالتغيير او الاصلاح (سنأتي عليها بعد قليل)، وهناك من يعارض للأسباب السابقة مجتمعة..!!
الفئة التي تهمني هي من يعارض فعلا من اجل تغيير او اصلاح، وهنا اعود لكلام اخي ياسين، وكما اسلفت في المحور الاول، ان المعارضة تختلف بين معارضة ضمن نظام ديمقراطي ومعارضة ضمن نظام شمولي سلطوي. فمن يعارض ضمن نظام ديمقراطي يكون كما أشار اخي ياسين معارضا لموقف او فكرة او قضية، لكنع مقتنع بالاطار العام للسلطة، اما من يعارض نظام حكم شمولي فانه معارض جذري، لا يقبل النظام من الاساس، يرغب بتغييره، لا يوافق على اي من مبادئه، لأسباب قد تكون محقة أو لا، وهذه فكرة إئتلاف إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي.
رب من قائل ان المعارضة السورية قد شرعت في البداية في النفخ في بوق الاصلاح، لكنها وصلت لاحقا الى مطلب التغيير، وهذه المقولة صحيحة، وأسبابها كثيرة.
المعارضة كانت ترغب بالاصلاح فعلا، وترى الاصلاح هنا بانه ادخال اصلاحات جذرية على نظام الحكم دون المساس برأسه، لذلك اعلنت اكثر من مرة في الفترة الممتدة في عام 2000 وعام 2005 انها تعول على رئيس الجمهورية للقيام بهذا الاصلاح، كونه رأس الدولة، سيحمي نفسه وسيغير ما دونه، طبعا ان كان لديه رغبة اصلاحية كما كان يدعي.!!
لكن لاحقا تكشف ان الرغبة الاصلاحية غير موجودة، وان النظام عاجز عن التغيير، وانه لا يقبل به كفكرة أساساً، لذا طرحت فكرة التغيير، وربما يضاف الى السابق، ان المعارضة قبل عام 2005 كانت اقل جرأة على التلفظ بكلمة التغيير، فعندما نقول تغيير فمن سنغير؟؟ النظام نفسه.
يضاف الى السابق ان المعارضة عولت برأيي على “تغيير اصلاحي”، بمعنى ان الانظمة الشمولية في المبدأ عصية على الاصلاح، لذا فإن اي عملية اصلاح – ولو بدأت من النظام نفسه – ستقود بالضرورة الى التغيير، كون النظم الشمولية قائمة على شبكة وسلسلة من الفساد والقمع والاستبداد، وقطع اي حلقة ضمن هذه السلسة (الفساد مثلا او ايقاف الاعتقالات السياسية) سيؤدي بالضرورة الى فرط عقد النظام كاملا. وارى انه منطق سليم بعض الشيء، واعتقد ان هذا هو السبب الكامن وراء رفض النظام لأي إصلاحات ولو لم تكن جذرية، لأنه يعلم تماما ان اي اصلاح مهما كان صغيرا سيودي بالنظام ككل.
كيف نعارض؟؟
لعله أصعب سؤال يطرح دوما على المعارضين؟ فعندما يسأل اي معارض (وانا لا ازال مصر على التمييز وعدم التعميم بين المعارضين) عن منهجية عمل المعارضة وعلام تعول المعارضة للتغيير، نجده يهرب الى جمل إنشائية، ربما صحيحة في المبدأ، لكنها لا تحمل في طياتها اي مشروع عمل سياسي حقيقي (مثلا نعول على الله وعلى الشعب السوري)، وهذه مكمن ضعف معارضتنا.
العبارات صحيحة، لكن كيف ستطبق؟؟ لذا اعتقد ان المعارضة مطالبة قبل المضي بأي اتجاه او اي مطالب ان تركن الى نفسها قليلا وتسأل نفسها السؤال البسيط التالي: ماذا سنفعل لنغير النظام؟ ما هي استراتيجيتنا؟؟
اصبت بصدمة شديدة خلال اعتقالات إعلان دمشق الاخيرة (المجلس الوطني)، بعد اعتقال حوالي ثمانية من المعتقلين الـ12 كنت على تواصل يومي مع الإعلان من مكان إقامتي وقتها ببيروت، خصوصا كون والدي معتقل ضمن المجموعة، اتصلت بالعزيز الاستاذ رياض سيف ولم يكن معتقلا وقتها بعد، وسألته: ماذا سيفعل الاعلان ان استمرت الاعقتالات، ما هي استراتيجيتكم؟؟ فوجئت بان لا إجابة واضحة ولا خطة عمل جاهزة ولا هم يحزنون تملكها هذه المعارضة، طبعا هذا الكلام من باب “النقد الذاتي” (بين هلالين مشان ما يزعل اخي ياسين)، لكنه نقد محق بطبيعة الحال. والسؤال الذي يراودني الآن بعد مرور اكثر من عام على الاعتقالات: ماذا لو لم تعتقل السلطة اعضاء المجلس الوطني، واعتبرنا مجازا ان الاعلان نجح في انتخاب قيادة له ومجلس وطني؟ كيف يمكن صرف هذا الانتصار او التقدم بمشروع المعارضة سياسيا؟؟؟؟؟
للحديث تتمة….
# 3bdulsalam علق:
26 مارس 2009 في الساعة 1:52 ص
تحية طيبة . . أعتقد ان سؤال لماذا نعارض في ظل الوضع السابق والراهن يحمل شيئا من السفسطة فهو يشبه الى حد كبير سؤال شخص يدمي النعاس عينيه، لماذا تريد النوم؟!
ومع ذلك في حال أردنا الإجابة عليه كنوع من تقديم أساس فكري وتحديد أسباب وموجبات المعارضة، فأعتقد ان الإجابة موجودة باقتضاب في طيات المحور الأول.
ونظرا لأن النقاش يدور أساسا حول المعارضة السورية، فكما قال الأخوة في الأعلى:
فريق يعارض طمعا باستلام زمام الحكم (رفعت الأسد) وآخر يعارض ردا للإعتبار مع رغبة أكيدة في الحكم وربما فقط لتسجيل موقف مختلف في تاريخه !!(خدام) وآخرون يعارضون نيلا لحقوق ثقافية وقومية مع رغبة انفصالية عارمة (الأحزاب الكردية)، وآخرون يعارضون طمعا بالسلطة والتغيير لإقامة نموذج أيديولوجي جديد (الأخوان المسلمون).
ما يميز الأطياف السابقة انها جميعا موجودة في الخارج وتطمح لاستلام السلطة، لكن هناك نوع آخر من المعارضة السورية -في الداخل- وهم مجموع المثقفين ورواد المجتمع المدني الداعين للتغيير دون ان تكون السلطة هما لهم.
خصوصا ان التغيير الذي يطالبون به يتيح منهجيا وموضوعيا حرية تدوال السلطة على أساس صناديق الاقتراع النزيهة كنتيجة لاحقة لمجموعة من التغييرات الجوهرية في السياسات العامة والخاصة في سورية.
ولكي يكتسب الحديث نوعا من الواقعية البعيدة عما يجب ان تكون عليه المعارضة وكيف ككلام مثالي -صحيح لكن غير واقعي كما ورد في مشاركة الاخ عمر- فأظن أو أجزم أن أي معارضة من الموجودة حاليا أو التي قد توجد مستقبلا -على نسق الموجودة الآن- غير قادرة بأي شكل من الأشكال على تحقيق أي هدف من أهدافها ابتداء من اعتراف السلطة بهم كوجود غير موصوم بالخيانة والعمالة وانتهاء باستلام الحكم، ولذلك أسباب سأتطرق لها في المحاور القادمة.
كيف أعارض ؟
سؤال ليس من السهل الإجابة عليه في مثل هكذا ظروف!
ولكن سأحاول طرح مقاربتي له غدا انشاء الله
مع التقدير.
# 3bdulsalam علق:
28 مارس 2009 في الساعة 3:32 م
تحية من جديد . . عودا على السؤال لماذا أعارض؟
فالجواب بالتأكيد سيكون: إذا وجد خلل أو خطأ ما فسأعارضه
إذا وجد قانون سيء لا يخدم غاية اجتماعية او اقتصادية او سياسية تصب في صالح الوطن والمواطن.
إذا وجد ما يطال الحريات العامة والشخصية بدون اي مبرر موضوعي ومقنع.
إذا وجد ما يطال المؤسسات التي يفترض بها الإستقلالية
الخ.
كيف أعارض ؟
بداية لا بد من التنويه اننا كشعوب عربية لا نملك إرثا ديموقراطيا ولسنا ديموقراطيين حقيقة على مستوى الحكم والسياسة، فكل الأنظمة التي حكمتنا على مر العصور كانت انظمة شمولية فردية باستثناء ومضات خفيفة تعتبر استثناءً للقاعدة.
ولو نظرنا في إرثنا الحضاري (الدولة الإسلامية نموذجا) سنجد ان المتكلمين والفقهاء تناولوا كل شيء بتفصيل كبير باستثناء ما يسمى بالفقه الدستوري الذي يتناول طبيعة الحكم وعلاقة الحاكم بالمحكوم ومؤسسات الدولة ودورها، وان وجدت بعض الشذرات هنا وهناك فإنها لا تعدو عن كلام عمومي أخلاقي والباقي يكرس وحدانية الحاكم ووجوب انصياع الرعية له.
هذه المقدمة أريد الوصول من خلالها أن المطالبة بجعل نظام الحكم ديموقراطيا على طريقة تدوال السلطة غير متاح حاليا لأسباب واقعية متعلقة بطبيعة نظام الحكم من جهة ولأسباب ذاتية متعلقة بطبيعتنا نحن وإرثنا الطويل من الحكم الفردي.
فأنا أعتقد حتى لو أصبح لدينا تداول سلطة فمن يستلم الحكم سيعمل بشكل وبآخر على تثبيت واستمرار حكمه تحت أي ذريعة ووسيلة.
وهذا سيعيدنا الى نفس الوضع الحالي وسيصرف جهود السلطة عن التغيير والتطوير الى تكريس الحكم كما أسلفت.
والمسألة التي أتحدث عنها هي مشكلة شعبية بامتياز لا علاقة لها بفئة او جماعة محددة.
انطلاقا من هذه النقطة (القابلة للطعن عن طريق النقاش 🙂 ) أجد ان جهود المعارضة نحو تغيير الحكم والمطالبة بالسلطة هو جهد عبثي من حيث صعوبة تحقيقه واقعا إلا بالإستعانة بقوة خارجية كبيرة وما يعنيه ذلك من انهيارات ومشاكل على مستوى الوطن ككل!
ومن جهة ان السلطة الجديدة الفاقدة أصلا لثقافة التداول والتعدد -والشعب معها أيضا- ستعيد الكرة التي عملت على تغييرها حتى ولو بعد حين.
لذلك أنا أطالب ان تتحول الجمهورية العربية السورية وعموم الجمهوريات العربية الى ممالك دستورية، يقوم فيها الملك او الحاكم بدور دستوري وتترك مهمة تسيير الشؤون الداخلية والخارجية للحكومة ورئيسها بدرجة يحددها فقهاء الدستور.
بماذا تفيد هذه المسألة:
أولا: التماهي مع ثقافتنا
ثانيا: إزالة هم تثبيت الحكم وقلق زواله من رأس الحاكم أيا كان، وهذا سيفضي الى جعله يركز فعليا وبكامل جهده على الاهتمام بمشاكل وشؤون الوطن والمواطنين مما ينعكس إيجابا على صورته كحاكم محبوب وهي مسألة سيحرص عليها.
ثالثا: ما لا تستطع منعه إعمل على تنظيمه، تحويل الجمهوريات الى ممالك دستورية يأتي تحت هذا البند.
رابعا: من خلال اعطاء مساحة أكبر لعمل الحكومة وترك باب الوصول إليها عن طريق انتخاب شعبي حر يشرف عليه الملك شخصيا (يقوم بدور الرقيب كونه خارج اللعبة) يصبح هناك نوع من التدريب لزرع ثقافة التدوال ومفاهيم الديموقراطية كثقافة شعبية، ويصبح معيار انتخاب الأحزاب او الجماعات السياسية بناء على برامجها وفعالبتها في تحقيق مصالح الوطن والمواطنين.
خامسا: سيفتح باب حرية التعبير ونقد ممارسات الحكومة وأخطائها بدون أي حرج أو خوف وانعكاس ذلك ككل على مجمل حرية التعبير.
سادساً: ستكف يد الجيش والأمن وحصرها بمهامها التي خلقت من أجلها فقط، نظرا لأنه غير مطلوب منها حماية حكومة انتخبها الشعب ومن حقه تلقائيا تققيم أدائها.
برأيي الشخصي ان المعارضة الحالية والمعارضة الشعبية يجب ان تطالب بهذا الأمر وتجعله مطلبا أساسيا لواقعيته أولا ولسهولة تحقيقه (ربما) ثانيا.
كيف أعارض؟
السلطة ليست هم المعارضة رغم انها أداة مهمة لتنفيذ مشاريعها الوطنية (وهذا ممكن تحصيله من خلال النظام الملكي)
المعارضة لا تتخذ مواقف شخصية من السلطة والعكس صحيح كما هو حاصل في لبنان والكويت كنموذج.
والتركيز على الأخطاء ومحاولة تصيدها بقصد الفضح والإحراج وتحصيل مكاسب شخصية أمر مذموم جدا ومساوءه أكبر من مساوئ السلطة شمولية وسيدخلنا في ثنوية الكنة والحماية (راجع النموذج اللبناني والكويتي مجددا) وانعكاس ذلك على جعل الديموقراطية أداة من أدوات العراضة والقذف العلني بشكل شرعي لا أكثر (السبب في ذلك غياب ثقافة الديموقراطية)
اعتقد ان المعارضة يجب ان تكون منصبة على المسار التصحيحي للشعب بالدرجة الأولى نظرا لأن المسؤولين بالنهاية هم من الشعب ويحملون نفس الخلفية الثقافية له.
أي المعارضة بقصد التغيير من القاعدة الى القمة وليس العكس، ولا يتم ذلك إلا من خلال تفعيل دور المثقفين وفصلهم عن الدوران في فلك السلطة والعمل على ظهور أناس إصلاحيين مهمتهم إصلاح الناس ونشر الوعي السلوكي لديهم.
جميعنا نتبرم من الرشوة والفساد وبنفس الوقت جميعنا نساهم في تعزيزها واستمرارها بدعوة ما بدي عطل حالي.
جميعنا يشكو من الظلم ولا أحد يحتج او يرفع صوته في وجه ظالمه وهو غالبا ما يكون موظف صغير لا يتمتع بأي حصانة سوى الخوف القابع في النفوس!!
من تجارب شخصية صغيرة، وجدت ان من يرفض الظلم ويحتج عليه سينصف ومن يرفض اعطاء الرشوة واموره نظامية تمشي معاملته غصب عن الموظف.
وبالتأكيد لو يتم انتقاد وفضح فساد الموظفين ودوائر الحكومة بشكل شعبي فسيستجيب المعنيون عن الأمر ويحقوا الحق لأنه وجد من يطالب به.
اذا المعارضة يجب ان لا يكون ديدنها وهمها السلطة وانتقادها بل يجب ان يكون همها ان تتحول الى معارضة شعبية تعارض مساوئ الشعب وتعمل على إصلاحه (تغيير القاعدة)
فينصلح حال السلطة ولو بعد حين وخصوصا السلطة المباشرة والوسطى.
مع التقدير للجميع.
الندوة الحوارية – المحور (3) هل هناك معارضة سورية حقيقة شعبية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
سوف يتم في هذه التدوينة مناقشة المحور الثالث من الندوة : واقع ومستقبل المعارضة السورية
المحور الثالث: هل هناك معارضة سورية حقيقية شعبية ؟
# m علق:
30 مارس 2009 في الساعة 11:15 ص
تحياتي . . قرأت السؤال فكانت الأجابة حاضرة لدي بكلمة واحدة، لكن سهولة الأشياء أحيانا تبعث على الريبة وتخفي عكس ما تبديه، لذلك صفنت بالسؤال كثيرا ولم تتزحوح الإجابة عما كانت عليه أول مرة!!
لا توجد معارضة شعبية حقيقية في سورية، وجميع القوى التي تصف نفسها بالمعارضة هي كيانات لا تملك أي قاعدة شعبية ولا تجد من يلتف حولها على الأقل بشكل ظاهر أما النوايا فلا تهم كثيرا.
ولا اعتقد حقيقة ان النتيجة التي توصلت لها تحتاج الى شرح ودلائل وقرائن تؤكدها كونها واضحة وضوح الشمس في النهار.
ومع ذلك لإطالة المشاركة قليلا سأذكر القليل، تم رفع اسعار المحروقات وارتفعت معها كل أسعار المواد الأساسية بدون أي زيادة تذكر تساهم في تخفيف الضغط عن دخل المواطن المتهالك (عائدة على الدخل والمواطن) بل برع السيد محمد الحسين في نكش وتطبيق كل الضرائب الممكنة و سَوم المواطن بها ومع ذلك ورغم حالة الغيظ والشعور بالظلم لدى كل المواطنين إلا ان ردة الفعل لم تكن سوى بالصمت الرهيب (كما قال الشاعر على لسان العندليب) لتنتهي عند الجميع بمحاولة لتفهم دوافع الحكومة وانها مجبرة على ذلك فالأزمة عالمية (رغم تطمينات الدردري اننا لن نتأثر بها ) واسعار النفط بارتفاع جنوني ونحن مستوردين!!
لمزيد من التفاصيل حول المسألة هذه يرجى مراجعة الرابط التالي:
المقال المذكور
وأيضا لفهم حالة “التفهم” العالية للمواطن السوري يرجى مراجعة الرابط التالي:
http://www.syriangavroche.com/2009/03/blog-post_26.html
لا أظن أن شعبا يستشعر أن لقمته في خطر (بغض النظر عن أسباب الحكومة وصحتها) ولا يرفع الصوت عاليا، يمكن ان يوصف بأنه يملك روحا للمعارضة!! هو شعب من الدجاج.
اذا طالما ان المعارضة معدومة على المستوى المعيشي والاقتصادي والاجتماعي، فكيف يمكن ان توجد معارضة شعبية تنتقل الى مستويات أعلى!!
شعب يدفع الرشوة عن يدٍ وهو صاغر، بل يشعر بالخجل وعدم الكياسة ان لم يدفع، كيف له ان يكون معارض؟!
لا يمكن، لذلك قلت في المحور السابق المشكلة شعبية ويجب ان يكون العمل مركزا على إصلاح القاعدة.
# عمر مشوح علق:
31 مارس 2009 في الساعة 10:04 ص
حقيقة من الظلم أن تتم الإجابة على مثل هذا السؤال بكلمة واحدة فاصلة (نعم) أو (لا) !
قد لا أتفق مع صديقي عبد السلام في عدم وجود معارضة تملك قاعدة شعبية .. لأنه يجب ذكر مواصفات وخصوصية الوضع السوري .. حتى نعرف لماذا لا توجد معارضة ذات قاعدة شعبية !
بداية .. لا يمكن – بالوضع الحالي – التحدث عن معارضة شعبية كون أن طبيعة النظام لا تسمح بتنفس أي شخص معارض مهما كانت طبيعته ! ولا تعترف إلا بمعارضة وهمية منافقة متمثلة الجبهة الوطنية المتأخرة المتعفنة !
لذلك عند الحديث عن معارضة ذات قاعدة شعبية حقيقية .. لا بد أن نفهم أن طبيعة النظام السوري لم تسمح بوجود هذا الأمر طيلة فترة حكم حزب البعث وتوليه السلطة من خلال انقلاب !
قبل ذلك كانت هناك معارضة حقيقية وشعبية وكانت تتنفس وتتحرك في واقعها بكل قوة وثقة .. لكن منطق الحزب الواحد والحكم الأوحد والرأي الواحد .. لم يعد هناك مجال عن معارضة حقيقية !
وعندما ظهرت معارضة حقيقية من خلال التيار الإسلامي ورفضه لبعض القوانين والسلطوية والطائفية التي بدأ النظام بتطبيقها .. تم سحق هذه المعارضة بطريقة لم يشهد لها العالم مثيلا .. من خلال تدمير المدن والإبادة الجماعية والإعدام والقتل لعشرات الألوف !!
لذلك كانت هذه الضربة للمعارضة الإسلامية مقصودة حتى لا يفكر أحد بأي معارضة مستقبلا !
وبالفعل .. اختفت المعارضة تماما عن الساحة السورية .. وتم تشكيل جبهة معارضة هزلية شكلية للتسلية فقط !
إذن عندما نتحدث عن وجود معارضة شعبية حقيقية فلا بد الأخذ بالاعتبار جميع هذه المعطيات .. حتى لا نظلم شعبا مقيدا ومحكوم عليه بالموت سلفا !
قد أتفق على أنه لا يوجد تيار محدد يملك زمام المعارضة وصوت الشارع .. ويتحرك بقوة على الساحة .. تختلف نسبة التيارات المعارضة في الشارع حسب صوتها ورؤيتها .. رغم أن أكثرها في الخارج ولا يوجد في الداخل إلا أفرادا أو مجموعات صغيرة ..
لكن يجب أن نعلم أن (روح) المعارضة موجودة لدى الشعب كله وليس لدى تيار محدد أو تنظيم معين ..
فأكثرية الشعب رافضة ومعارضة لهذا الوضع المزري .. حتى لو ظهر الشعب بغير هذا المظهر ولم يعبر عن ذلك صراحة لقوة العصا الأمنية وعملية التخويف والترعيب المستمرة منذ سنوات طويلة .. لكن روح المعارضة موجودة لدى الأغلبية .. ورغبة التغيير موجودة ..
ونحن لا نتحدث هنا عن تغيير النظام بقدر ما يرغب الأكثرية بتغيير سياسات النظام من أجل حياة كريمة للمواطن السوري !
أختلف مع أخي عبد السلام في أن هذا الشعب لا يملك روحا المعارضة .. بل يملك ويستطيع أن يفعل الكثير ! لكن علينا أن نراعي سنوات طويلة من التخويف والقمع والظلم .. كل هذا أظهر جيلا مدجنا من الصعب أن يتحرك بسهولة .. ولكن إذا استثيرت مكامن المعارضة في روحه فسوف تتحرك وتبرز للسطح ..
أنا أعتب على المثقفين والنخب في موقفها من المعارضة بكل أطيافها ! فهناك عدم تفاعل مرة .. وتجاهل مرة أخرى .. وتخوين ثالثة .. إلخ !
لم نتفاعل حقيقة ببعض المجموعات المعارضة التي كان ينقصها الدعم الشعبي والنخبوي .. مثل إعلان دمشق الذي افتقد للتأييد الشعبي ! وأظن أن غياب التأييد الشعبي الكبير له سببه .. وهو الخوف من سلطة لا تعترف بوجود معارضة أو روح للمعارضة !
مازالت النخبة مقصرة جدا في دعم تيارات المعارضة .. ومازالت تعزف على أوتار الخلاف الفكري والأيديولوجي وإرث الماضي .. ولا تتعامل مع نقاط التوافق والمصالح المشتركة !
لذلك ضعفت هذه التيارات وضعفت شعبيتها .. لأننا ما بين مستنكف .. وما بين متكبر .. وما بين متجاهل .. وما بين خائف .. وما بين منافق .. وما بين جبان .. وما بين حاقد .. وما بين مدجن اعتادت نفسه الذل والهوان !!
# محمد علي العبد الله علق:
31 مارس 2009 في الساعة 4:39 م
المعارضة السورية معارضة حقيقة لكنها ليست شعبية، احاول هنا كسر التلازم بين الحقيقي والشعبي، وإلا فماذا نقول عن معارضة اليوم مثلا؟؟ هي برأيي معارضة حقيقية لكنها معارضة نخبة.
هل هناك معارضة شعبية؟؟ للأسف لا، هنا أضم صوتي لصوت أخي عبد السلام، وهنا أحاول فقط الإجابة على السؤال، دون محاولة ذكر الأسباب او إيجاد التبريرات، لا توجد معارضة شعبية سواء أكان النظام هو السبب أو طبيعة الشعب المستكين أم الإثنان معاً.
بالعودة لكلام اخي عمر عن سبب عدم وجود معارضة شعبية، وأن طبيعة النظام الشمولي لم تسمح بوجود هذا الأمر طيلة فترة حكم حزب البعث وتوليه السلطة من خلال انقلاب. الكلام صحيح بالمبدأ، النظام السوري نظام شمولي كأي نظام شمولي آخر، سؤالي هنا، هل كانت المعارضة تنتظر مباركة النظام ودعمه وتشجيعه للناس على الانخراط بالعمل المعارض له؟؟
اي نظام شمولي سيمنع معارضته من العمل وسيقيد تحركاتها ويعتقل كوادرها.
أما الحديث عن المعارضة الإسلامية وقمع النظام لها سأتجاوزه هنا (صراحة ارغب بشدة بفتح هذا الموضوع كحلقة حوار لاحقة، الإخوان والسلطة، ما حصل وما يحصل اليوم، موقف الإخوان الأخير بتعليق العمل المعارض والتفاوض مع النظام).
أخي عمر
أكثرية الشعب رافضة لكنها ليست معارضة، رافضة وصامتة، خائفة بتعبير أدق، تمارس تقية فريدة من نوعها لا يمكن حتى تبريرها بمتلازمة استوكهولم، الشعب يمارس فعلاً المبدأ القائل “اليد التي لا تقدر عليها بوسها وادعي عليها بالكسر”، هو شعب خائف مما قد يحصل له فيما لو اقترب من المعارضة ودعمها لتصبح معارضة شعبية.
الرغبة بالتغيير موجودة، ربما، لكنها لا تكفي، فما نيل المطالب بالتمني، ولا أدري فعلا هل هذه الرغبة بالتغيير روح معارضة ام انها مجرد نوع من عدم الرضا على ما يعيشه المواطن يومياً.
هناك وصف سمعته من أحد أصدقائي بالشام، اخبرني عن ارتفاع الاسعار والغلا وضيق الحال فسألته عن وضع الناس، قال الناس جاعت فعلاً، قلت: ربما افضل ان تجوع، ستتحرك قليلاً للأمام لترفض هذا الحال، ربما سيصبح الناس معارضون، قال لي صديقي: الناس مستعدون أن يأكلوا بعضهم بعضاً أحياء، لكنهم ليسوا مستعدين للمطالبة حتى بأدنى مطلب معيشي.
خلال أحداث صيدنايا الأليمة تحرك الناس قليلاً وتظاهروا في حمص واللاذقية ودمشق للمطالبة بكشف مصير أبنائهم، طبعاً قمعت المظاهرات وانتهت سريعاً ولم تتكرر رغم ارتباط الحدث بالناس بشدة وبمصير أبنائهم، لا نتحدث هنا عن سعر الفروج او تنكة المازوت، نتحدث عن أناس لا يعلمون شيئاً عن أبنائهم واستكانوا بعد تفريق اول مظاهرات اعتقد انها كانت نادرة في سوريا رغم صغرها وقصورها، نادرة بمعنى أنها مظاهرات شعبية فعلاً، لا تمت لا للسلطة ولا للمعارضة بأي صلة.
# syriangavroche علق:
31 مارس 2009 في الساعة 7:18 م
كنت قد كتبت كثيراً حول هذا المحور على ورقة خارجية تحضيراً لإدراج المداخلة, لكنني لحسن الحظ راجعت نقاط الحوار و رأيت أنني لو كتبت كل ما كنت قد حضّرته فلن يبقى لديّ ما أقوله في النقاط القادمة 🙂
المهم.. نعود لموضوعنا..
هل توجد معارضة سورية حقيقية شعبية؟
ماذا يعني حقيقية؟ هل القصد أنها واقعيه تفرض وجودها على الواقع؟ للأسف لا أعتقد ذلك, فعلى مستوى الطيف السياسي لا يوجد إلا مجموعة أفكار نظرية (تكون تنظيرية أحياناً) محصورة ضمن نطاق ضيق معزول بسبب الكبت الأمني و بسبب ضمني أو ذاتي كذلك.
لنتحدّث عن شعبية…
كمفهوم سياسي أو ديمقراطي للمعارضة لا توجد أي معارضة شعبية بأي شكل من الأشكال في سوريا, و في النقاط القادمة ربما سأتوسّع في رؤيتي لهذا المجال.
في سوريا يوجد استياء شعبي مثلاً من الفساد, من المحسوبية, من الزبائنية, من الغلاء, من سوء البنى التحتية… الخ و هذا الاستياء أعتقد أنه ملموس رغم أن الشعب ربما قد اعتاد حتى على التعايش مع هذه الأمور و لكنه مستاء لأنه يريدها أن تنتهي, و تراه في سرّه أو ضمن خاصته يلوم المسؤول الفلاني أو المدير العلاّني أو أو أو…
لكن لنكن واقعيين… المواطن السوري المتوسط لا تهمه السياسة, لا يهمه إن كان رئيسه منتخب بشكل ديمقراطي نزيه أن لا… لا يعلم أن كل المشاكل السابقة يمكن أن تحل بشكل كبير بالديمقراطية و أساليب الإدارة الديمقراطية بل أنه يعتقد (أو يقول و يكرر لدرجة أنه صدّق نفسه) أن الرئيس أو الدائرة العليا للسلطة مشغولة بما هو أهم ولا تنتبه إلى فساد المسؤولين المتوسطين و الصغار.
ربما كان يمكن أن تكون هناك معارضة شعبية لو حدث ربط فكري شعبي ما بين سوء التصرّف و الإدارة في جميع النواحي و غياب الديمقراطية, لكن عليه في هذه الحالة أن يعرف معنى الديمقراطية و يخرج عن دائرة تفكير أنها صندوق تصويت فقط لا غير.. و هنا مربط الفرس… كيف يمكن إيصال هذه القناعة إلى الطبقات الشعبية المتوسطة و الفقير, و هل هناك من هو مهتم بذلك حقيقة؟ أم أن القمع الأمني يمنع فعلاً, و أحياناً يكون حجة للاستكانة أيضاً؟
يمكن التوسّع كثيراً في النقاط التالية…
مع التحية
# Free Man علق:
4 أبريل 2009 في الساعة 12:07 م
بواسطة Free Man
لم أستطع أن أرسل مداخلتي التي كتبتها من أجل المحور السابق، ولأنها مرتبطة بشكل وثيق بهذا المحور، فوجدت أنه من الضروري وضعها هنا، ومن ثم متابعة موضوع هذا المحور.
تمت الإجابة بشكل وافٍ في المحور الأول عن السؤال “ماذا نعارض”، وتلخصت النتيجة بوجود نمطين من المعارضة، الأول ينشط في نظام ديمقراطي مبني على أساس تبادل السلطة وبالتالي فهو يعارض ممارسات وأفعال محددة جزئية و يعمل وفق قواعد وضوابط تحكمه كما تحكم السلطة الحالية، أما النوع الثاني فنجده في الدول التي تحكمها أنظمة شمولية، وهو يعارض نظام الحكم العام، وغير قادر على الاعتماد على قواعد عمل محددة، بل الأكثر من ذلك، كل مجموعة أو ائتلاف يؤسس لقواعده الخاصة التي ينطلق منها في نشاطه المعارض، لأن السلطة في حال الأنظمة الشمولية لا تحترم أي قانون، بل نشاطاتها مبنية على أساس مصالح فردية وفئوية، وبالتالي لا يمكن القول بأن هناك قواعد معينة تحكم عمل السلطة.و سوف أتناول في الأسطر التالية النمط الثاني من المعارضة لأنها محور النقاش كله.
لماذا وكيف نعارض؟ سؤالين مرتبطين عضوياً ببعضهما، فالإجابة على السؤال الأول شرط لازم ولكنه غير كافٍ للإجابة على الثاني. فمن جهة أولى يجب على المعارضة أن تحدد أسباب معارضتها لنظام الحكم لتستطيع البدء بوضع آليات العمل المناسبة وفي نفس الوقت فإن “كيفية” ممارساتها للعمل المعارض تشكل الإطار المناسب لمحاسبتها شعبياً بناءً على ما صرحت به من أسباب. ومن جهة ثانية، وبالإضافة إلى معرفة أسباب المعارضة يجب أن تقوم بتحليل الواقع من حيث طبيعة النظام وبيئته الفكرية وممارسات السلطة تجاه الجمهور وتجاه المعارضين أنفسهم.
لماذا نعارض؟
لا معنى لأي معارضة ما لم يكن هناك مشكلة أو أزمة ما تعاني منها شريحة على الأقل من الجمهور ويتسبب بها النظام السياسي والممثل بالسلطة الحاكمة، لكن عادة ما يكون هناك خلاف حول ماهية المشكلة أو/و حول ماهية الممارسات التي سببتها. يمكننا في سبيل فهم أسباب المعارضة تقسيم الجمهور إلى شريحتين أساسيتين هما الجمهور العام الغير مهتم بالشؤون السياسية وينحصر تركيزه على حياته الاجتماعية والاقتصادية ويتعرض للسياسة بوجهها النظري والمعرفي فقط، والشريحة الثانية هي تلك المهتمة عملياً بالشأن العام وبالعمل السياسي، وكلتا الشريحتين تشكلان الجمهور المحكوم من قبل السلطة. ولنفترض جدلاً في البداية أن النظام الحاكم لا يسمح بتداول السلطة التي تم احتكارها لفئة معينة (نظام غير ديمقراطي) ولكن في نفس الوقت يعمل جاهداً على رفع مستوى معيشة الجمهور وتلبية جميع متطلباته الإنسانية. وبالتالي، فإن المثلب الوحيد الذي يمكن أن يؤخذ على النظام هنا هو احتكار السلطة، لكن من يسعى إلى السلطة؟ بالتأكيد تلك الشريحة المهتمة بالانخراط عملياً في الشأن العام، وهذا ليس عيباً، بل هو حق من حقوق كل مواطن، أن يطمح للوصول إلى السلطة وتنفيذ البرنامج الذي يراه جيداً للإرتقاء بالوطن والمواطنين. من هنا نجد، أن غالبية السكان ليس لديهم طموحات في السلطة أو التعاطي العملي مع الشأن العام، وبالتالي لا مصلحة لديهم في دعم الحق المشروع لتلك الشريحة الطامحة بالسلطة، بل العكس هو الصحيح، فسوف نجد أن الغالبية سوف تعارض ذلك الطموح لأنها تخشى التغيير وخاصة أن السلطة الحالية تعمل للصالح العام، وبالتالي لا يوجد أي دافع لدعم من لا يعرفون غاياته الحقيقية. وإذا عاينا هذا الافتراض جيداً، لوجدنا بأنه لا يمت إلى الطبيعة البشرية بصلة، لأن السلطة الاحتكارية وبسبب طبيعتها لن تسمح بأي نوع من النقد والمحاسبة وبالتالي لا بد أن يتخلل الفساد عملها لعدم وجود الرادع (حتى لو افترضنا صدق النوايا في المستويات العليا في السلطة) إلى أن يصل الفساد مداه ويضرب الجذور. أي أن السلطة في الحقيقة لن تعمل من أجل الصالح العام بل في سبيل تحقيق طموحاتها الشخصية التي لا بد أن تكون على حساب الوطن والمواطن. في هذه الحالة لا يمكننا القول أن مطلب تغيير النظام العام، والذي ينتج عنه تداول للسلطة كحق لأي مواطن، يمثل البند الوحيد على لائحة الشريحة المهتمة بالممارسة العملية للشأن العام، بل يصبح من الضروري لصالح الجمهور العام أيضاً استبدال السلطة بسلطة أخرى قادرة على تحقيق الرفاه لمواطنيها.
وعادة لا تصل السلطة إلى موقعها الحالي إلا بمساعدة بعض الأطراف الداخلية لاكتساب الشرعية في بادئ الأمر، إلا أنها لا تلبث أن تنقلب على حلفائها وتطاردهم وتحجم نشاطهم العام والذين سيصبحون معارضين فيما بعد. كما أن الطبيعة الاحتكارية للسلطة تفرض عليها التنكيل بالمعارضين و سجنهم وتعذيبهم ومحاربتهم حتى في لقمة عيشهم، فتنشأ الأحقاد الشخصية بين المعارضين (دون تعميم) والسلطة و/أو شخوصها فتصبح المعارضة مسألة انتقام من أشخاص أكثر مما هي مسألة وطن.
ومن الطبيعي أن لا نجد معارضاً واحداً يقول بأنه يعمل في سبيل الوصول إلى السلطة أو في سبيل استرجاع حصته من السلطة التي سلبت منه بعد أن كان شريكاً بها أو في سبيل الانتقام الشخصي لما لحق به من أذى، بل سوف يدعي الجميع أن أعمالهم خالصة لوجه الله والوطن والمواطن.
كيف نعارض؟
لنفترض أن أهداف المعارضة هي العمل لصالح الوطن والمواطن، ونناقش آليات المعارضة على هذا الأساس وباختصار شديد.
النظام الشمولي سوف ينتج سلطة احتكارية بطبيعتها وتعيث فساداً في الوطن، بل وتعمل جاهدةً على إفساد الفرد وانحطاطه نفسياً وثقافياً وقيمياً وعلمياً ومادياً، وبالتالي نحصل على معادلة ذات طرفين متوازنين، سلطة فاسدة ومجتمع فاسد مما يحقق للسلطة طموحها في البقاء. فيصبح مطلب تغيير النظام ومعه السلطة مسألة ضرورية وملحة لإعادة بناء المواطن من جديد والنهوض بالمجتمع والوطن. لكن هذا صحيح من الناحية النظرية فقط، لأن السلطة لن تسمح بهذا من جهة (ولها أساليب شتى لمحاربة هذا التوجه غير القمع) ولأن المجتمع لن يسمح هو أيضاً بذلك من جهة ثانية ولأن المجتمع غير مهيأ لتقبل مثل هذا التغيير من جهة ثالثة لأنه خارجي بالنسبة له، بمعنى أنه ليس من صنعه. فعندما تطالب المعارضة بتغيير السلطة سوف تقمها هذه الأخيرة ولن تجد المعارضة من يدعمها داخلياً بل سوف تجد دائماً من يؤنبها على فعلها، وهذا في الحقيقة يسبب إحباطاً لها. فالجمهور منقسم إلى غير واعٍ لأسباب أوضاعه بل يتذمر فقط وكأن الفساد مثلاً قوة شيطانية خفية عصية على الإمساك بها وغالباً ما يكون هو نفسه مشاركاً في الفساد بشكل غير مباشر دون أن يدري، وإلى مقتنع بأكاذيب السلطة بأن السبب هو المؤامرات الخارجية التي تحاك ضده، وإلى معتقد بأن المشكلة في بعض الأشخاص في السلطة ولا يلقي بالاً إلى النظام السياسي، وإلى خائف على نفسه من البطش، وإلى من يخشى من استبدال السلطة بأخرى أسوأ، وأخيراً إلى مستفيد مباشر من السلطة ومن فسادها.
وأعتقد أن المعارضة كي تستطيع تغيير النظام السياسي يجب عليها أن تبتعد عن تغيير النظام السياسي! فعلى المعارضة بدلاً من ذلك أن تعمل على ثلاثة محاور:
١- نقد ممارسات السلطة بصورة علمية وليست انتقامية.
٢- النزول إلى الشارع ومعاينة هموم الناس ومعاناتهم اليومية والخروج بحلول لتلك المشاكل تحرج بها السلطة، وتكسب ثقة الجمهور،وتؤسس لبرامج اجتماعية واقتصادية وثقافية وتعليمية تكون حاضرة عند تغيير النظام.
٣- الربط بين أزمات الوطن والمواطن من جهة وبين السلطة وممارسات وفشلها في إيجاد الحلول المناسبة من جهة أخرى.
يتبع…
# Free Man علق:
5 أبريل 2009 في الساعة 11:03 ص
هل المعارضة السورية حقيقية وشعبية؟
لست واثقاً ما المقصود بمعارضة حقيقية، هل تتضمن الزيف في دلالتها؟ بالطبع هناك معارضون وجماعات معارضة مزيفة تحاول أن تضفي على نفسها صبغة الوطنية والديمقراطية لتسوق نفسها ليس أمام المواطن السوري بل أمام آخرين في واشنطن وتل أبيب والرياض. وإن كانت المعارضة الحقيقية تعني معارضة فاعلة، فليس أدل على عدم فاعليتها من إنجازاتها الفكرية والسياسية والشعبية. أما إن كانت تعني وجودها على أرض الواقع، كما أشار ياسين، فما أراه هو شتات معارضين وليس معارضة. وبغض النظر عن تلك الدلالات المختلفة، فهل المعارضة شعبية؟ ربما يأتي الجواب بسيطاً عندما نسأل الناس في الشارع عن أسماء أفراد وجماعات تقول أنها معارضة فهل سوف يتعرفون عليهم؟ ربما هناك أسماء معروفة ولكن ليس بسبب عملها الوطني بل بسبب أعمالها الغير وطنية، مع بعض الاستثناءات طبعاً، فهناك بعض الشخصيات التي لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة ممن عرفت أسماءها نسبياً على المستوى الشعبي.
المعارضة السورية (التي يمكن وصفها بالوطنية، وليعتقد كل قارئ بأن المعارضة التي يؤيدها وطنية، فلن يغير ذلك من المعنى شيئاً) في الواقع نخبوية، لا تعرف كيف تنزل من برجها العاجي إلى الشارع لتخاطب الجمهور العام بدل أن تخاطب نفسها، وتعتقد أن تغيير النظام السياسي هو على قائمة الأولويات لأنه المدخل الذي يؤدي إلى جميع الأبواب الأخرى. وبالتالي تحمل شعار التحول الديمقراطي السياسي بمعنى تداول السلطة عن طريق صناديق الاقتراع. وهي بذلك تطالب ضمنياً جميع المواطنين أن يدركوا العلاقة بين النظام الشمولي وبين والفساد وتدني مستوى المعيشة والتخلف على جميع الأصعدة. والنتيجة تصاب المعارضة بالصدمة والاحباط عندما لا تجد جمهوراً يأبه بها وبتضحياتها بل على العكس تجده شامتاً بها مخوناً لها في كثير من الأحياناً. وأعتقد أن المعارضة لم تستطع إلى الآن إدراك سوسيولوجيا الجمهور السياسي/الديني السوري، على عكس النظام الذي فهمها جيداً وعمل على توظيفها لصالحه، وسوف أخوض في هذه النقطة بشيء من التفصيل في المحاور اللاحقة.
وفي الجهة المقابلة، يرى أصحاب النظرية التي تقول بالتغيير على المستوى الفكري الشعبي قبل السياسي أنه على المعارضة العمل على نشر التربية والفكر الديمقراطي بين الجمهور ليصبح خبزه اليومي وبذلك نؤسس لقاعدة شعبية عريضة يمكن للمعارضة (النخبة المربية) قيادتها إلى خط النهاية في عملية التحول الديمقراطي، ويتمثل هذا الخط بتغيير النظام السياسي. وكأن المعارضة تمتلك أمرها بالصعود إلى المنابر الإعلامية والدينية والتربوية لتستطيع التأثير (بالتنظير) في فلسفة الحياة للمواطن العادي.
أعتقد أن كلا الاتجاهين في المعارضة نخبوي، فالأول يسعى إلى تغيير السلطة كمدخل للبناء وبذلك يتجاهل الجمهور كلياً، والثاني يسعى إلى تغيير فكر الجمهور منصباً نفسه معلماً ومربياً له. وبين هذا وذاك نجد أنفسنا نحاول حل مسألة البيضة والدجاجة، أيهما أولاً!
أخيراً، أجد نفسي عند الحديث عن المعارضة الشعبية أختلف مع عبد السلام ومحمد ومع كل من يحمّل الجمهور العام مسؤولية فشل المعارضة أو مسؤولية الخضوع للأمر الواقع، كما أختلف مع عمر عندما يصور الشعب على أنه معارض ومقدام. فهو شعب مستاء من الوضع العام على أبعد تقدير، وفي نفس الوقت لا يمكننا أن نعزو عدم معارضته أو دعمه للمعارضة إلى الخوف من قمع النظام فقط، بل هناك أسباب كثيرة أقلها تأثيراً الخوف وأكثرها تأثيراً هو عدم المبالاة وعدم المعرفة وعدم الثقة بالبدائل.
# عمر مشوح علق:
6 أبريل 2009 في الساعة 12:48 م
كأن كلام الإخوة ينحو منحنى أن الشعب لا يعارض ولا يفكر بالمعارضة !
وهذا الكلام غير دقيق تماما .. أو ربما الصياغة لم تساعد على وصول الفكرة ..
لا يوجد شعب في العالم لا يحمل بذور المعارضة .. وفي شعبنا البذور منتشرة والجذورة قوية ..
لكن العوامل التي ذكرها المتحاورون صحيحة .. وهي التي تمنع ظهور النبتة ! وأقلها الخوف أو عدم الثقة … إلخ
إذن هناك بذور معارضة أو روح معارضة .. سمها ما شئت .. لكن هناك أسباب تمنعها من الظهور .. ولعل السبب الرئيسي هو الخوف من نظام شمولي يحكم بالحديد والنار لأكثر من أربعين عاما !
فمن الطبيعي أن يظهر جيل لا يدرس في قاموس السياسة أي مصطلحات المعارضة !
لكن لو عدنا لتاريخ الشعب السوري قبل استلام حزب البعث .. لوجدنا أن المعارضة متأصلة في الشعب وأنه قادر على التحرك لو أتيحت له الفرصة ..
أتفق مع القول الذي يفسر ضعف شعبية المعارضة .. لأن الثقة منعدمة في البدائل .. ولأن المعارضة لم تتح لها الفرصة لممارسة فكرها على الواقع .. كيف نستطيع التعرف على مدى قبولها في الشارع أم لا !!
لن تستطيع المعارضة أن تحقق الشروط الثلاثة التي ذكرها الصديق الرجل الحر .. إلا بعد أن تتاح لها الفرصة .. كيف أستطيع أن :
١- نقد ممارسات السلطة بصورة علمية وليست انتقامية.
٢- النزول إلى الشارع ومعاينة هموم الناس ومعاناتهم اليومية والخروج بحلول لتلك المشاكل تحرج بها السلطة، وتكسب ثقة الجمهور،وتؤسس لبرامج اجتماعية واقتصادية وثقافية وتعليمية تكون حاضرة عند تغيير النظام.
٣- الربط بين أزمات الوطن والمواطن من جهة وبين السلطة وممارسات وفشلها في إيجاد الحلول المناسبة من جهة أخرى.
كيف أستطيع أن أنفذ هذه النقاط بدون اتاحة الفرصة لي لكي أعبر عن معارضتي وفكرتي ؟!
يجب على النظام السياسي أن تتيح فرصة العمل لجميع التيارات والأطياف .. عندها يمكن الحكم على كل تيار وفكرته وشعبيته !
# Free Man علق:
6 أبريل 2009 في الساعة 6:44 م
عزيزي عمر، أجد نفسي مختلفاً معك في النقاط التي ذكرتها في مداخلتك الأخيرة.
الشعب فعلاً لا يعارض ولا يفكر بالمعارضة، هناك استياء من الوضع العام صحيح، إن الجمهور العام يهتم بأموره المعيشية اليومية وفي مستقبل أبناءه فقط، وجل مطلبه أن يقوم المسؤولون بالتفكير بأحواله وتحسين مستوى معيشته. وهذا نجده في الأحاديث العامة والخاصة على السواء، فلن تجد في جلسات الأصدقاء والأقارب من يفكر بأن المطلوب هو تغيير شامل على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية منها، بل يعتقد الغالبية أن المسألة مسألة فساد أشخاص وليس فساد نظام سياسي. و إن كان قصدك أن هذا الاستياء هو بذرة معارضة فربما أتفق معك في هذه النقطة عندما نقول أن هذا الاستياء يمكن أن استثماره من قبل التيارات المعارضة وتحويله إلى معارضة شعبية.
أما بالنسبة للسماح للمعارضة بالعمل، فلا يجب التعويل على هذا الأمر، فلو كان مسموحاً للمعارضة أن تنشط لقلنا أن النظام السياسي وديمقراطية ولما احتجنا بالأساس لهذا النوع من المعارضة بل كانت المعارضة البرلمانية هي الموجودة على أرض الواقع. لذلك يتوجب على المعارضة أن تعي تماماً أنه لن يسمح لها بأي هامش من الحركة من قبل النظام، وبناءً على ذلك تضع خططها للعمل. وإن انتظرت المعارضة أن يعطيها النظام شيئاً فسوف تبقى في حالة الجمود. كما أننا كيف نطالب النظام بالسماح بالمعارضة وهي موجودة أساساً لقلب النظام السياسي لغير صالح احتكاره للسلطة؟
# عمر مشوح علق:
7 أبريل 2009 في الساعة 8:44 ص
عزيزي الرجل الحر .. من حيث المبدأ لا أختلف معك ..
من الطبيعي أن يكون هذا هو هم الشعب – في هذه المرحلة – لأن النظام أراد له ذلك من خلال سياسته الاقتصادية والخدماتية ! لقد أضعف الإنسان حتى أصبح يجري ليل نهار يبحث عن لقمة العيش .. وبالتالي غاب التفكير بالتغيير والأمور الأكبر والأهم .. وهذه السياسة ليست في سورية فقط بل متبعة في جميع الأنظمة الشمولية !
لذلك من الطبيعي ألا يتردد اسم التغيير على ألسنة أو تفكير الشعب المسحوق .. لأن البرمجة تمت على التركيز على البحث عن لقمة العيش والبقاء على قيد الحياة !
لكن هذا – برأيي- هي بذرة التحرك والمعارضة الحقيقية .. قد ينسى الشعب فترة .. أو يتجاهل فترة أخرى .. لكن هذا الضغط يكبر في داخله ويكبر حتى يتحول إلى غضب ينفجر معارضة قوية في لحظة ما .. كما حصل مع عدد من الأنظمة الشمولية في العالم ..
ولهذا أقول أن بذرة المعارضة موجودة وقوية .. وسوف تنمو إذا تحسنت الظروف قليلا ..
أما بالنسبة للمعارضة .. أنا ذكرت أنه حتى يمكن الحكم على فكر أي معارضة وبرنامجها السياسي .. لا بد من المساح لها بالعمل على الأرض وبين الشعب حتى يمكن رؤيتها بكل شفافية .. هذا في الوضع الطبيعي للنظام !
أما في وضعنا السوري فالوضع غير طبيعي .. لأنه لن يسمح النظام لأي معارضة بممارسة دورها بشكل طبيعي .. ولذلك هنا علينا تنفيذ استراتيجية جديدة لإعادة الوضع الطبيعي حتى يمكن للمعارضة أن تمارس دورها بشكل طبيعي وعلني بين الشعب !
قد نختلف في هذه الاستراتجية وأدواتها .. ولكن لا بد منها للسماح للمعارضة للوصول للشعب .. وإلا فسوف تبقى خارج الزمان والمكان ! وهنا يتجذر دور السلطة وتنعدم روح المعارضة تماما لأن الشعب لا يرى أمامه أي محاولة جادة لكسر قيد السلطة ..
وهنا أستطيع أن أقول أن بقاء خيط رفيع من معارضة جادة وصادقة – مهما كانت – هو زيت إشعال روح المعارضة في صدور الشعب ..
الندوة الحوارية – المحورين (4 ، 5) نقاط الضعف والقوة في المعارضة السورية
بسم الله الرحمن الرحيم
سوف يتم في هذه التدوينة مناقشة المحورين الرابع والخامس من الندوة : واقع ومستقبل المعارضة السورية
المحور الرابع : نقاط الضعف في المعارضة السورية
المحور الخامس : نقاط القوة في المعارضة السورية
التعليقات 10 على “الندوة الحوارية – المحورين (4 ، 5) نقاط الضعف والقوة في المعارضة السورية”
1. medaad علق:
8 أبريل 2009 في الساعة 5:33 م
أعتذر على عدم إدراج أية مداخلات خلال الفترة السابقة لانشغالي بفترة الامتحانات، لكن عملت جهدي لأكون قارئاً مستمراً للمحاور والإدخالات..
سأتحدث هنا بشكل عام بغير التزام بمحور دون آخر – مع الاعتذار أيضاً – فمعظم المداخلات تظهر لي طوباية جداً لا تتعدى كونها إلا أحاديث عامة وتعاريف مبدأية – من ضمنهم مداخلاتي السابقة –.. هنا رغبت بالتحدث عن تجربة شخصية وحديث خاص.. قد أصيب فيه وقد أخطأ لكنه في النهاية هي تجربة شخصية فقط أحببت تداولها..
جذور المعارضة والرئيس القائد:
من يقول بأن جذور ما أسميناه اصطلاحاً “المعارضة” غير موجودة في الشعب السوري قد يكون ظالماً بعض الشيء، فالمتتبع للتاريخ السوري منذ الاحتلال العثماني مروراً بالثورة السورية الكبرى والانقلابات المتتالية فيما بعد حتى وقت ما قبل استلام النظام البعثي يلاحظ بوضوح أن الشعب في كل فترة من فتراته التاريخية كان نزّاعاً للثورة ورفض الظلم والطغيان..
ومنذ استلام النظام الحالي للحكم قام باغتصاب اسم الديمقراطية – ينصّ الدستور بأن البلاد ذات نظام ديمقراطي – لنفسه وعمد إلى ضخ مؤدلج واستلاب مستمرّ لذهنية المواطن السوري وزرع “الخوف” فيه بدلاً من المحاكمة العقلية السليمة لمناحي الخطأ، وهذه حالة طبيعية في ظلّ أي نظام أحادي. المشكلة ليست في هذه النقطة بالذات لكنها تكمن في إيمان هذا المواطن بعد فترة بضعفه واستكانته وعدم قدرته إلاّ على السير مع التيار حتى أصبح مصطلح “معارضة” يشكل خروجاً عن المقدّس عنده..
يؤمن نسبة كبيرة من الشعب السوري – حسب ما رأيته ممن قابلتهم على الأقل – بأن الرئيس القائد هو مثال التقوى والصلاح وفي معرض زيارتي لدمشق الجديدة بعد حافظ الأسد في العام 2002 كان الحديث حول الرئيس القائد يختلف تماماً عن الحديث عن رموز النظام الأخرى من مسؤولين ووزراء وو..الخ.. فالرئيس القائد الشاب يقوم بدفع عجلة الإصلاح والتقدم والقيام بأعباء نفض الغبار عن سنين النوم الطويلة – على حدّ تعبير أحد الطلاب -.. وكانت شعبيته في أوجها حينها..
لذلك هو بمعزل تماماً عن الإقصاء في فكرهم إلى الآن تحت ظلّ أي ثورة قادمة أو تغيير ممكن أن يطال الحكومة لا لأن النظام قائم به بل لأنه محبوب من قبل أكثرية شعبية.. وإلا لا يفسّر وجود صوره في قرى نائية على طريقة (دير الزور – الرقة) أو القرى المحيطة بحمص حيث لا مكان للسياسة ولا مكان للمواربة والتملق.. الخلاصة أنه خط أحمر لا يمكن تجاوزه في العقلية السورية المحلية..
نعم.. الكل يسعى للتغيير، وهذا ما تلمسه بوضوح عند تبادل الحديث مع أي شخص في مقهى عام أو نادل أو جامعي أو حتى مستخدم في فندق أو أية شخصية تعتبر نفسها مثقفة، لكن الرؤية لهذا التغيير محدودة جداً لا تصل إلى قلب كينونة النظام بأسره بقدر ما تكون مجرد رتوش لإصلاح الوضع العام.
السوريون يعلمون تماماً بأن قلب النظام لن يؤدي إلاّ إلى فوضى عارمة وعلى حدّ تعبير أحد أساتذة المعاهد الخاصة: “شعب لا يفهم الديمقراطية قد يجرح نفسه بها، وستعم الفوضى، ولن يكون إصلاح هذه الفوضى يسيراً”.. يطرح مثالاً كمن يعيش في الظلمة ثم ينتقل فجأة إلى النور سيصاب بالعمى إن فتح عينيه مباشرةً، سيتخبط الشعب في لاوعيه طويلاً حتى يستقرّ وسيكون الثمن باهظاً، على الرغم من أن الثورات التحررية في العالم ضمن فتراتها الزمنية قد دفعت هذه الأثمان إلا أن الشعب السوري متخوّفٌ جداً وهو يرى ديمقراطية جيرانه في لبنان لا تعبّر إلاّ عن الفوضى والضياع.
في الضفة الأخرى لم تقدم أحزاب المعارضة في الخارج أي مشروع وطني صالح يمكن أن يلتفّ الشعب حوله، ناهيك عن تعاملهم اللاديمقراطي مع بعضهم البعض وأساليب الإقصاء والمعيارية الثنائية المتبعة فيما بينهم، والاصطفاف اللاعقلاني على حساب الهدف المنشود.. يحضرني هنا حديث لأحدهم حين سألته عن وضع الأكراد ليقول: “الشعب سوريّ والبلاد سوريّة ولا مجال للتخلي عن شبر منها لأي كرديّ..” هذا في السر.. أما في العلن فهو وجماعته يعلنون بأنه سيعطون الأكراد حقهم من ضمن مشروعهم التغييري؟!! هل هناك حزب معارض يجرؤ أو يريد حتى أن يعطي استقلالاً ذاتياً للأكراد أو منحهم حق تقرير مصيرهم؟!! لا أظن.. وهذا مثال واحد فقط عن هذه الازدواجية..
2. medaad علق:
8 أبريل 2009 في الساعة 5:34 م
ثم ماذا بالنسبة للتخوّف الطائفي.!!؟؟
في العام 2005 ومن ضمن زيارتنا للمناطق السورية المختلفة أعرب أحد الأصدقاء الإنكليز عن اندهاشه بالتزام الشعب السوري بصلاة الجمعة ووصفها بأنها أداة خطرة جداً لها من الفعّالية أكثر ما يكون لأي خطاب جماهيري يتلوه صاحب حزب معارض أو مسؤول حكومي.. وكان حديثه بعد لقاءنا ببعض العائدين من العراق إبّان الحرب الأمريكية على العراق.. مجموعة من الشباب تعتلي رؤوسهم جهل عميق بمفاهيم الدين والحياة وقد لا يكونون ملتزمين أصلاً بما تمليه عليهم ديانتهم..
يُقال لا يعرف بشعاب مكّة إلا أهلها، يجيب أحمد أحد أصدقاء الساحل السوري بأن نقمة الشعب السنّي ستكون عارمة تجاه العلويين وهو – وإن كان يدعم التغيير – إلا أنه يبدي تخوفه من أن يطال رؤوس العلويين كلهم.. وقد لمستُ هذا التطرف بنفسي ليس فقط في الأحاديث اليومية أو الندوات الثقافية مع الأصدقاء بل تعدّى ذلك بالجهر العام وخير مثال ما يتم كتابته في مواقع المعارضة وما قرأتُ في حديث المدوّنات منذ فترة ليست بالقصيرة..
قد يقول قائل بأن الطائفة العلوية هي التي في سدّة الحكم حالياً وأنها وراء كل هذه المصائب على البلاد، يجيب أحمد: “نسبة قليلة جداً من العلويين هي المستفيدة، وبنظرة شمولية أكثر معظم أركان النظام حالياً ليسوا من الطائفة العلوية. في حين أن شريحة واسعة من الطائفة العلوية لا ناقة لها ولا بعير ولا تنال من الجمل أذنه..”
هناك تطرف واضح تجاه هذه الطائفة سواء أكان السبب سياسياً أم أيديولوجياً.. والسادة آل سعود لا يفتئون يدعمون هذا الاتجاه، سواء لأسباب دينية أو لأسباب سياسية.. خصوصاً في مواجهة المدّ الإيراني المتمثل بالطائفة الشيعية في حال اعتبرنا أن الشيعة هم جند حزب الله الإيراني أو كما عبّر أحد الإيرانيين: “السادة في السعودية يرون الشيعة في سوريا بأنهم أعضاء “بسيج” الإيراني”.. ولا أقصد هنا حزب الله في لبنان بل حزب الله الإيراني في إيران- حرس الثورة.
قبيل فترة قصيرة جداً أعلن السيد أنس العبدة صاحب قناة “الكرامة” بأن قناته سوف تعكس الشعب السوري بكل فئاته وأطيافه متناسياً بأنه عمل منذ فترة قريبة في إصدار تقرير يدين المدّ الشيعي في سوريا واعتبره مدّاً إيرانياً خطراً تحت عنوان “البعث الشيعي” ومدّ يده إلى بعض الدول المعنية – وهي معروفة – التي أبدت رغبتها في مساعدته لإيقاف هذا المد..
كنتُ أتساءل هل الشيعي هو الآخر لا يملك حق مواطنة لأنه شيعي؟! أم أن الأمر سياسي يتعلق بالنفوذ الإيراني في المنطقة..!! لا أعلم بالضبط..
لكني أعلمُ تماماً بأنّ كل شيء يمكن شراءه لكن الدين شيء يتعلّق بالقلب والاعتقاد الشخصي لا يمكن تغييره بمجرد الطلب أو دفع المال أو أي شيء آخر.. فليتشيع من يشاء وليستسنن من يشاء وليكفر من يشاء وليتحول البعض من الإسلام إلى المسيحية.. الدين لله والوطن للجميع.. ولا أظن بأن تعامل المعارضة مع المواطن السوري على أنه “قنبلة إيرانية موقوتة” أو “مشروع تخويني مستقبلي” يختلف كثيراً عن رؤيوية النظام لهذا المواطن بأنه “إما خائن أو مشروع خيانة مستقبلي”؟!! ما الفرق..
قد يتهم البعض أتباع هذين الطائفتين بأنهم يقفون خلف النظام الحاكم لأنهم يحملون أيديولوجية دينية مشتركة، من خلال تجربتي الشخصية فقط – وهنا أقول شخصية وليس بالعموم – لمستُ منهم رغبة في التغيير لكن تخوّفهم مما سيؤول حالهم في المستقبل في ظلّ أي نظام جديد يجعلهم يعيدون التفكير في آليات هذا التغيير كراراً قبل الخوض فيه..
أعتقد بأن نظام ليبرالي مؤطر بديمقراطية عادلة بعيداً عن حسابات الدين هي السبيل الوحيد لنيل جميع الأطياف العدالة والمساواة وأي معارضة تحمل هذا الأساس قد تنجح..
3. medaad علق:
8 أبريل 2009 في الساعة 5:34 م
المعارضة في الداخل والخارج:
المتقصّي لآراء الداخل السوري يلاحظ بأنه لا يميل للمعارضة والتغيير القادم من قبل قوى المعارضة في الخارج سواء أعلى طائرة أمريكية أو أوروبية أو أية طائرة أخرى، لأسباب يظن أنها تمسّ بوجوده بالنسبة لهؤلاء أو لأنهم على دراية تامة بإخوتهم من تجارب سابقة سواء أكانوا إخوان مسلمين أو جبهة الخلاص أو آخرون.. قلة قليلة جداً ربما لا تعدو نسبتهم 1% أو لأكن صريحاً أكثر لا يتجاوزون عدد أصابع اليد ممّن قابلتهم يقبلون بمد يدهم للشيطان حتى يحصل التغيير..
في حين يغصّ سجن عدرا المركزي بسجناء الرأي، وأستطيع أن أقول بأن هؤلاء قادرين على التأثير أكثر من الذين في الخارج أولئك الذين لا يملكون إلا ذباب الكلام، وأجزم بأن من يخرج منهم بمعارضة رسمية وبمشروع وطني ملائم قد يلتفّ الشعب حوله أكثر من أي شخص قادم من خارج البلاد..
التغيير التدريجي:
النقطة الأخيرة التي أودّ الحديث عنها والتي مررت عليها سابقاً بشكل عابر هو التغيير التدريجي.. معظم الناس تعتقد بأن التغيير السريع قد يكون مضرّاً وضربتُ مثالاً أعلاه عن العيش في الظلام والانتقال إلى الضوء فجأة.. هذا الحديث غالباً ما يتحدث به نسبة 80% من الناس ممن التقيتهم.
في معرض حديثي مع أحد المحاضرين في جامعة دمشق – كلية الفنون.. وهو صاحب موقع أعلامي على صفحات الانترنت يقول بأن: “التغيير الفجائي لن يكون في صالح المجتمع ولا في صالح السوريين.. وهو يؤمن بأن الأمور يجب أن تأتي برويّة والتحرّك ضمن الهوامش الضيقة المتاحة حالياً” لذلك هو غالباً ما يلجأ للمداهنة والمسايرة رغم إيمانه العميق بأن التغيير أصبح واجباً.. هذا يقودنا إلى صيغة “التعايش” مع نظام الحكم والذي يذهب البعض لتنبنّيه، هذا إن كان ما يدّعيه صحيحاً وإلاّ فإنه يتصدّى بهراوة جهله الغليظة للتغيير نفسه..
الخلاصة:
كل هذا أحاديث أناس من مختلف الطبقات الاجتماعية يقودنا إلى الخلاصة التالية:
أعتقد بأن من يملك مشروعاً وطنياً صالحاً يجمع تحت لواءه كل طبقات المجتمع بغض النظر عن طوائفه وانتماءاته الفكرية يقوم على أساس ليبرالي يسعى لتغيير المواطن قبل الوطن، وينطلق من اعتبارات وطنية بحتة بعيداً عن رهانات مزاجية او ثأرية، ويقدم البديل المطلوب للمواطن هو الوحيد الذي من الممكن أن يكتب له النجاح، فـ”الثورة الحقيقية في حياة شعب من الشعوب تكمن في التغيير العميق لذهنية هذا الشعب في اتجاه تقدمي عصري، وهذا التغيير لن يكون بإزاحة حكم وإقامة حكم غيره أو بتبديل قانون ورفع شعار جديد.. وإنما يكون في إدخال تغيير أساسي على وعي المجتمع وإبدال مفاهيمه حول العلاقات الأساسية بين الإنسان والإنسان وبين عالمه المحيط به..” حينها لن يكون هناك مجال للخوف أو الجهل وسترتفع أصوات الشعب كلها في وجه أي ممارسة خاطئة، فإما أن يتم التغيير طوعاً من قبل الدولة حينها وإما أن يقوم قسراً بعصا الشعب..
انتهى.. وعذراً للإطالة..
4. syriangavroche علق:
10 أبريل 2009 في الساعة 2:48 م
تحية للأخوة و الأصدقاء..
علي تبيان أنني في الواقع أعاني جداً عند الحديث عن “المعارضة السورية” إذ أنني لا أستطيع أن أجد إطاراً مشتركاً يجمع كل من يصطلح على تسميتهم بالمعارضين, فعدى عن اختلاف التعريف الوطني و النظرة الإيديولوجية و تباين المشاريع (إن وجدت) هناك اختلاف حتى ما بين مختلف الجماعات و الأحزاب حول معنى المعارضة و كيفيتها.
ربما سيعتبرني البعض متحاملاً عندما أقول أن هذه الجماعات (و باستثناءات قليلة جداً) تشترك في شيء واحد فقط و هو السلبيات, و لكنني سأترك هذا الباب الآن.
بما يخص “ايجابيات” المعارضة السورية فهي تكمن في أصل إيجابية وجود معارضة لأي نظام حكم أصلاً, بالمعنى المطلق, و طبعاً من إسقاط هذا الأمر على الواقع السوري.
لدى المعارضة قاعدة فكرية أساسية تقف عليها و هي قاعدة صلبة متينة تتشكّل من كونها (نظرياً) صوت من لا صوت له, حاملة هموم و مصاعب الشعب السوري في حياته اليومية, معاناته من الفساد الإداري و الغلاء و سوء الإدارة و التنظيم, معاناته من تجاوزات السلطات و سوء استخدام القوة (بأنواعها) في سبيل تحقيق مصالح شخصية على حساب المصلحة الوطنية العامة.
لدى المعارضة السورية أصوات ذات مركز فكري هام جداً عربياً و عالمياً, و هذه الأصوات تخيف و لذلك تقمع و تسجن و تخرس, و المطالبة بحرية الكلمة و التعبير لهؤلاء هو واجب مقدّس على كل من يؤمن بأن الوطن للجميع دون أخذ مرجعيته الفكرية و الإيديولوجية بعين الاعتبار.
كل ما ذكرت قد لا يكون ما يقصد به “ايجابيات” و لكنني أرى فيه سبب وجود و حاجة وجود… و يؤسفني أن يكون باب “السلبيات” الذي سأعود به مساءاً أطول من هذا بكثير, و لكنه محاولة للنقد البنّاء و للإشارة إلى ما أرى فيه خطأ حسب اعتقادي..
لي عودة لاحقاً
مع التحية للجميع
5. عمر مشوح علق:
11 أبريل 2009 في الساعة 10:34 ص
أجدني مضطرا للتعليق على ردود الصديق مداد .. لما في تعليقاته من نقاط مهمة ..
أولا .. نظرية أن الرئيس محبوب وهو خط أحمر في عملية التغيير في العقلية السورية .. هذا الكلام صحيح وغير صحيح ! بمعنى أنه قد يكون الرئيس محبوبا عند شريحة عريضة من الشعب .. لكنه ليس خطا أحمرا في عملية التغيير !
كنا نرى ونسمع عن حب الشعب لصدام والجميع مستعد لفداءه بالروح والدم .. ولكن حين تمت عملية التغيير تخلى الجميع عنه .. ليس لأنهم لا يحبونه .. ولكن الرغبة بالتغيير كانت أقوى من هذا الحب !
أضف إلى ذلك نقطة مهمة وهي أن نسبة كبيرة من المحبين والمعجبين هم متملقون يمارسون نوعا من النفاق لهذا الرئيس .. فأكثرهم لديه مصلحة في بقاء النظام أو الوضع كما هو عليه لأنه مستفيد من هذا الوضع اجتماعيا وماديا .
ثم لنفترض أن الرئيس محبوب وأنه فعلا خط أحمر لدى الشعب .. لكن إلى متى ؟! هناك درجة يصل فيها الجميع إلى التضحية بكل من يحبون في سبيل البقاء على قيد الحياة !
ثانيا .. نقطة أن الكثير يرغبون أو يتحدثون عن إصلاح في الرتوش والأمور الاقتصادية والمعيشية .. هذا الكلام صحيح جدا .. لأن الشعب مكبوت في هذه الناحية ومقيد لدرجة أنه أصبح يبحث عن لقمة العيش فقط ! ما عاد يسأل عن إصلاح الأمور الأخرى لأنه يريد أن يبقى على قيد الحياة .. فالناحية الاقتصادية والمعيشية هي المساحة التي تلعب عليها الأنظمة من أجل تهميش الشعب وتقزيم طلباته وإشغاله في كيف يبقى على قيد الحياة !
ومع ذلك نتمنى أن يحدث هذا الإصلاح للرتوش والأمور الاقتصادية والمعيشية .. دعوا الناس تعيش بكرامة وعزة واكتفاء ! أليس هذا أدنى حد في مطالب الإصلاح !؟
ثالثا .. أما ان أحزاب المعارضة لم تقدم مشروعا وطنيا يلتف حوله الشعب .. فهذا الكلام فيه تجني نوعا ما ! لأن الجميع قدم مشاريع وطنية تستحق الدراسة والاهتمام وحتى محاولة التطبيق .. ولكن المشكلة تكمن في أن النظام لم يسمح ولم يعط الفرصة لأي مشروع آخر غير مشروعه بالظهور !
تم حرمان الجميع من عرض مشروعهم .. وتمت عملية غسيل دماغ للشعب في أن أي مشروع غير مشروع النظام يعني الفوضى والموت والقتل والدمار !
فكان من الطبيعي أن يبقى الشعب على ما هو عليه حتى يبتعد عن الفوضى والموت والدمار التي أدخلت في روعه وأصبحت شماعة أي عملية تغيير !
رابعا .. أما فيما يخص الطائفية .. فالشعب السوري لم يسمع بالطائفية ولم يشم ريحها العفنة إلا بعد أن وصل حزب البعث إلى السلطة كواجهة تخفي تحتها طائفة محددة !
مارس النظام بعدها أبشع ألوان الطائفية والإقصاء .. ويكفي أن الجيش كله والأمن كله بيد هذه الطائفة ! على ماذا يدل هذا الأمر !؟
بل اسأل أي فرد من الشعب كيف يتعامل معه أصغر مجند أو عسكري أو رجل أمن من هذه الطائفة !؟
دعنا نكون منصفين وواضحين في تحديد من هو الذي أجج الطائفية وأقصى الآخر .. بل وسفك دمه وأنهى وجوده !
مع ذلك فالتخوف من مآلات التغيير في هذا الأمر ليس له مبرر .. لأن الأمر أصبح قديما وظهر جيل لا ينتمي إلى تلك الحقبة وعنده الاستعداد للتعايش بكل أريحية .. لكن بشرط أن ترد الحقوق إلى أهلها وتصبح الأكثرية هي التي تحكم وليس الأقلية – كطائفة – وليس كفرد !
لكن يبدو أن نشر هذا التخوف وهذا الرعب من الطائفية .. هو مدخل للترويج لنظام علماني في مجتمع أكثره مسلمون وذو خلفية حضارية إسلامية ..!
لذلك قبل أن نطرح نوعية النظام الذي يحكم .. دعنا نتيج للشعب حرية الاختيار .. وسوف نقبل بحكمه !
أما أن نخوفه من شيء ما .. ثم نقول عليه نتيجة لذلك الحل يمكن في هذا النظام وهذا الإطار ! فهذا لا يمت إلى الديموقراطية أو الحرية بصلة !
خامسا .. المعارضة التي تأتي على ظهر طائرة خارجية مستعينة بقوى الخارج هي مرفوضة تماما من قبل الشعب والمخلصين والمحبين لهذا الوطن .. لذلك لا مجال لهذا الأمر ..
وأيضا يجب أن نكون منصفين ونقول أنه ليس كل معارضة الخارجة مستعينة بالقوى الخارجية وتريد العودة على طائرة أمريكية أو أوروبية ! بل الأكثرية تريد العودة بشكل طبيعي .. ولكن النظام لا يسمح لها !! فمن الذي يجب أن يلام ؟!
سادسا .. لا يوجد معارضة خارجية أو داخلية لوحدها قادرة على التغيير .. لا بد من تظافر جميع قوى المعارضة .. وإلا فسوف نعود إلى حكم الحزب الواحد والفكر الواحد !
لذلك الكل لديه مشاريع تغيير .. والجميع لديه شعبية بنسب متفاوتة .. ولكن يجب أولا إتاحة الفرصة للجميع ليعبر عن رأيه ثم يختار الشعب ما يريد .
سابعا .. جمعينا مع التغيير التدريجي الذي يحدث بكل سهولة ويسر .. ولكن بعد ثماني سنوات ماذا حصل من التغيير التدريجي !؟ إلا إذا كان كل عشر سنوات نتقدم خطوة ؟!!
ثامنا وأخيرا .. الفكرة الليبرالية أو المشروع الليبرالي هو مشروع من ضمن المشاريع .. له حق أن يتقدم ويعبر عن نفسه .. ولكن لا يجب أن نقدمه كحل سحري ونهائي لهذا الشعب ولهذا الوطن .. وإنما يجب أن تظهر جميع المشاريع تعبر عن نفسها وتروج لفكرها .. عندها يختار الشعب ما يريد بناء على قناعاته الذاتية وإيمانه بالفكرة التي يؤمن بها !
قبل أن نختار نظام الحكم .. دعنا نمارس الحرية أولا .. حتى نختار ما يناسبنا ! أليس هذا هو عين الديموقراطية !؟
6. 3bdulsalam علق:
11 أبريل 2009 في الساعة 7:53 م
تحياتي . . اضم صوتي الى صوت غافروش فيما تفضل به، فمصطلح المعارضة السورية مصطلح مربك كثيرا نظرا لشدة تنوع من يرفعونه !
ما هي الإيجابيات، لحد الآن لا توجد ايجابيات عدا فكرة وجود معارضة من حيث المبدأ كما تفضل غافروش ايضا.
بالإضافة الى الى ما تتميز به بعض الشخصيات المعارضة من الداخل السوري بأنهم يمثلون بداية مخاض لحراك شعبي يطالب بالتغيير.
السيئات كثيرة منها التخبط وعدم التنظيم مع غياب خطة عمل واضحة . . يعني ماشين ع البركة.
عدم قدرتهم لحد الآن على بناء صلة قوية مع الشعب.
الخطاب الإعلامي للمعارضة يشكل الوجه لآخر للخطاب الإعلامي الرسمي، فضلا عن انه اعلام الى حد كبير تشهيري او انتقامي ليس إلا، ولم يستطع حتى هذه اللحظة شد الشعب ولفت انتباهه.
غياب أرضية موحدة تجمع ما يسمى بقوى المعارضة، فكل يغني على ليلاه.
يستخدمون بين بعضهم البعض نفس الأساليب التي يعيبون على النظام استخدامها.
ضبابية المشاريع التي يحملونها كمشاريع وطنية، فلا أظن أحدا من الشعب السوري يدري على وجه التحديد ما هي اهدافهم وما هي رؤيتهم للتغير، إلا اللهم الرغبة في قلب النظام، والحديث المطاطي عن مفاهيم عامة تحتمل تاويلات كثيرة عند التطبيق.
عدم قدرتهم على حشد وتحريك المثقفين الذين هم بالغالب منارات اي تغيير شعبي.
رهانهم الطوباوي على رغبة الشعب بالإصلاح والتغيير.
واترككم مع هذه المقالة، لمزيد من الفائدة -مع اختلافي مع الكاتب من ان المعارضة لم تستطع حتى الآن اثبات نفسها على الساحة السياسية السورية، فهم لا يزالون مجرد اشباح انترنتية لا أكثر -:
http://www.amude.net/Nivisar_Munteda_deep.php?newsLanguage=Munteda&newsId=4743
7. Free Man علق:
14 أبريل 2009 في الساعة 11:21 ص
نايثن
أهلاً بك صديقي مرة أخرى في هذا الحوار الطوباوي، وأرجو أن تكون قد وفقت بامتحاناتك.
صحيح أن بعض المداخلات كانت طوباوية وكانت في معظمها نظرية، لكن لا أتفق معك أن معظمها كان طوباوياً، حتى أنك أنت وقعت في هذا الفخ إن صح التعبير في آخر مداخلاتك عندما ختمت بالقول: “.. حينها لن يكون هناك مجال للخوف أو الجهل وسترتفع أصوات الشعب كلها في وجه أي ممارسة خاطئة، فإما أن يتم التغيير طوعاً من قبل الدولة حينها وإما أن يقوم قسراً بعصا الشعب”. أما نقدك لناحية أن المداخلات كانت نظرية أو كما قلت تعريفات مبدئية، فهذا جاء من طبيعة المحاور بذاتها، وخاصة المحورين الأول والثاني لأنهما يتحدثان عن تعريف المعارضة ووجوبها وكيفيتها، وهذا جيد في رأيي أن ننظر لمفهوم ما قبل الخوض في الوقائع الذي بدأنا نأتي عليه اعتباراً من المحور الثالث.
ليس الخوف والمحبة فقط ما يجعل الرئيس بعيداً عن النقد من قبل الشعب، بالتأكيد إن البعض يخاف من مجرد معارضة النظام ونقد الرئيس وأن بعضاً آخر يحب الرئيس، لكني ما زلت مصراً أن هناك ما هو أبعد وأهم من هذين العاملين اللذين يختزلا المسألة كثيراً مع ملاحظة أن الخوف من الانتقاد والاعتراض يعني أن هذا البعض الذي يخاف يعلم أين مكمن الخطأ. أعتقد أن ما يلعب دوراً مهماً في عدم المساس بالرئيس وبالنظام يتلخص فيما يلي:
– قدسية موقع رأس الدولة (الرئيس) في الثقافة العربية والإسلامية، فهو شيخ القبيلة أو أمير المؤمنين أو السلطان أو ولي الأمر الذي يجب أن يطاع دون جدال. وقد ساهمت طبيعة العلاقة بين مؤسسة السلطة والمؤسسة الدينية في عهدي الخلافة الأموي والعباسي في صياغة هذه مسألة الطاعة على هذه الشاكلة. كما أن شخص رأس الدولة يمثل اجتماع قيم المجتمع التي تميزه عن غيره، أي هو رمز للهوية، وبالتالي التطاول (حتى وإن كان بمعنى نقداً) عليه يعتبر تطاولاً على الدولة وعلى كل فرد في المجتمع.
– لقد استطاعت الماكينة الإعلامية للنظام تأسيساً على ثقافة الشعب تجاه الحاكم أن يحمّل لاوعي الفرد صورة الإله في مكان صورة الرئيس وبالتالي يجعله يشعر بالرهبة (الرهبة تختلف عن الخوف) مثل تلك التي يشعر بها المؤمن تجاه إلهه. فهو الغير عادي، والذي لا يخطئ والذي يقوم برعاية الجميع والذي لا يشبّه بالإنسان العادي. تحضرني هنا مسألة زواج الرئيس بشار الأسد، فلا حفل زفاف ولا إعلان عن الأمر ولا أي شيء ذو صلة. وهذا الأمر لا يجب أن تؤخذ على بساطته، بل يأتي في سياق منع الناس من رؤية رئيسهم كأي شخص عادي، فلا يجب أن يتصوروا كيف يتزوج وكيف يعيش وماذا يعمل، وأذكر أنني عندما كنت في الصفوف الابتدائية الأولى كنت أعتقد وأصدقائي أن الرئيس لا يقضي حاجته!!!!
– يعمل النظام وباستمرار على تصوير السياسة الخارجية على أنها أهم بكثير من السياسة الداخلية، فتلك الأولى معنية بمقاومة المشروع الصهيوني والحفاظ على كرامة وموقع الدولة وبالتالي الفرد، ويركز دور قيادة السياسة الخارجة في شخص الرئيس فهو معني بتفاصيلها كافة وبالتالي فهو مفرغ لما هو أهم من السياسة الداخلية التي يكتفي بإعطاء التوجيهات العامة (البناءة والحكيمة) للحكومة وهي عليها الاعتناء بالتنفيذ.
– إن التربية الطليعية والشبيبة في المدرسة أنتجت جيلاً كاملاً لا يميز بين الوطن والقائد، فهناك تماهٍ تام بينهما، فالأب القائد هو رمز الوطن وربطاً مع النقطة السابقة يصبح نقد الرئيس مسألة خيانية.
– إن المواطن بصورة عامة غير قادر على الربط بين الرئيس وبين النظام السياسي وبين الفشل الإداري للبلد، فطبيعة المجتمع الذكورية السلطوية وأسلوب التعليم يحرم العقول من ممارسة النقد، بل هي مع الوقت تصبح غير قادرة على التحليل والنقد أساساً. فالطفل يلقن المعلومات في صفه ويجب أن يجيب في ورقته الامتحانية كما هو مذكور في كتابه دون أدنى مناقشة كما لا يستطيع أيضاً في منزله أن يناقش قرارات وأوامر رب أو أرباب الأسرة، هذا من الناحية التربوية. أما من جهة أخرى، وبالعودة إلى طبيعة تعاطي الرئيس مع السياسة الداخلية، قلت أنه يتم تصوير الرئيس على أنه يلعب دور إعطاء التوجيهات العامة من نمط تحسين مستوى معيشة المواطن و التطوير الإداري ومكافحة الفساد.. الخ والتي لا تحمل في ذاتها أي مضمون ما لم تربط ببرنامج عمل، إلا أنها تلعب دوراً دعائياً كبيراً لأنها تعطي انطباعاً لدى الناس أن الرئيس مهتم بشؤونهم المعيشية برغم انشغاله الكبير بالدفاع عن الوطن وأن أي مشاكل (في الحقيقة هي أزمات) تعترض حياة المواطن ما هي إلى سوء تنفيذ من المسئولين أو هي مراحل طبيعية في سياق التطوير والتحديث.
أما في مسألة المشروع الوطني الصالح على أساس ليبرالي، فلي وجهة نظر في استخدام الليبرالية كأساس لأي مشروع وطني، فهذا المفهوم غامض وربما لا يتفق عليه اثنان وأصبح يحمل بعداً آيديولوجياً وكذلك الأمر بالنسبة للعلمانية والشيوعية والإسلام (بالمعنى السياسي) فما بالك أن نجعله أساساً لمشروع وطني؟! أنا شخصياً أرى أن يكون أساس أي مشروع وطني وهدفه وحامله هو المواطن وبالتالي نحكم عليه بناءً على مواطنيته.
أما في مسألة الطائفية فأنا أتفق مع النقطة التي أثارها نايثن، ولنكن واقعيين، إن النسبة الكبيرة من الطائفة العلوية مسحوقة شأنها شأن كافة الطوائف الأخرى، بل على العكس هي تعاني أكثر من الآخرين، لأن الذي يرفض منهم أن يكون من النظام ومن يعترض منهم على ممارسات النظام سوف يكون من المغضوب عليهم من قبل القيادات العليا. لكن في نفس الوقت هم يتخوفون من أي تغيير ليس لأنهم لا يريدون ذلك، بل لأنهم يخافون من حملات انتقامية فيما اذا وصل الاسلاميون إلى الحكم وأصبح النظام العام إسلامي. وينطبق هذا التخوف على الطوائف الأخرى أيضاً، ليس من أجل الحملات الانتقامية (لأنهم غير معنيين بها) لكن لجهة اعتبارهم أقليات، كما ورد في مداخلة صديقي عمر بأن الحكم من الطبيعي أن يكون للأكثرية وليس للأقلية كما هو حالياً. وهنا أحب أن أوضح هذه النقطة لعمر من وجهة نظري، فالأقلية والأكثرية لا يجب أن تعتبر على أساس ديني أو طائفي أو قومي، بل في النظام الديمقراطي تكون الأكثرية والأقلية مؤقتة نتيجة فوز حزب أو تحالف أحزاب بالانتخابات، وليس لأنه طائفة ما تشكل الغالبية السكانية. ولنكن صريحين، فالمسلمون في سوريا ليسوا الغالبية، صحيح أنهم الأكبر ولكن عندما نتحدث في الشأن السياسي نحن نتحدث عن الإسلام السياسي وتحديداً فيما يخص الطائفة السنية وهي تشكل حوالي 70% من مجموع السكان العام، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن البعض منهم لا يؤيد نظاماً إسلامياً بل يسعى إلى نظام (علماني مثلاً) فنجد أن من تبقى من السكان ممن يريدون نظاماً إسلامياً حتى لو كان ديمقراطياً لا يتجاوز الـ 50% من مجموع السكان، وبالتالي من الظلم جداً أن يؤسس نظام دولة على أساس رغبة الـ 50% ونتجاهل الـ 50% حتى لو اعتبرناهم آخرين ولهم حقوق، ففي الدولة الديمقراطية لا يوجد آخرين، بل يوجد مواطنين دائماً. إلا أني أتفق مع عمر على نقطة في غاية الأهمية، وهي الابتعاد عن المشاريع الجاهزة وحتى عن المصطلحات الجاهزة ولندع الشعب يختار والتاريخ كفيل بتصحيح المسارات حتى لو كانت الخيارات في البداية غير عقلانية.
وأخيراً، أتفق مع ياسين على أن أهم إيجابية هي وجود المعارضة بحد ذاته والتضحيات التي بذلها المعارضون الوطنيون للإبقاء على الفعل المعارض حياً مهما كانت سلبياته في الوقت الراهن. بالإضافة إلى أن المعارضة الحالية كانت عملياً الضحية الأولى للتغيير والذي غالباً لن تستفيد منه، لأنها عملت وأخطأت وسوف يأتي جيل آخر يعمل على نقد هذه الأخطاء ويؤسس لبناء متين يستطيع الانطلاق به نحو التغيير. ولأن العمل المعارض في سوريا يعاني الكثير والكثير من الأزمات والمشاكل فمن الطبيعي أن تطغى السلبيات على الإيجابيات وتكاد تخفيها، ولذلك سوف أفرد مداخلتي القادمة للحديث عن نقاط الضعف لدى المعارضة السورية، مع العلم أني خضت في هذا الحديث من خلال مقالين سابقين على مدونتي الأول بعنوان “في المعارضة السورية” والثاني “المعارضة السورية: إعلان دمشق” بأجزائه الخمسة.
8. syriangavroche علق:
14 أبريل 2009 في الساعة 11:36 ص
عدنا…
عليّ أن أشير إلى سلبية أجدها مغيضة إلى حدّ ما حتى.. و أعتقد أنها من أكبر عيوب المعارضة السورية…
تتفرّد سوريا ربما, كدولة من حجمها, بأن 70 أو 80 % من الموارد السياسية و الإعلامية موجّهة تماماً إلى السياسة الخارجية, فيبدو للمتابع أن شؤون الشعب السوري و أمور الدولة و الإدراة هي عبارة عن “تفاصيل ثانوية” أمام السياسة الخارجية, و هذا أمر واضح جداً باعتقادي..
طيب… تعيب المعارضة (أو عابت لفترة طويلة) على السلطة إهمالها للشأن الداخلي تماماً على حساب السياسة الخارجية, لكنني أرى أنها تفعل ذات الشيء تماماً.. و لنفتح أي صفحة من صفحات المعارضة و ستجد أخبار لبنان و 14 آذار و المستقبل و إيران و حماس و فتح تتصدّر الصفحات بل و تحتكرها حتى في بعض الأحيان, و بالكثير تجد التفاتاً هامشياً نحو أخبار تخص التضييق المخابراتي على الحريات و الحقوق و أحياناً مقالة أو اثنتان تتحدّث بشكل تعميمي عن سوء الأحوال و الأوضاع الاقتصادية.
هل من المعقول أن نجد نقداً للسياسة الاقتصادية السورية في صفحات جريدة قاسيون أو النور (التابعتان لحزبين داخل الجبهة) أكثر من أي موقع معارضة سورية؟
ما شأن المعارضة لسياسة حكم داخل سوريا بما يقوله سعد الحريري أو جنبلاط أو غيره و غيره؟
تفتح قائمة “مواقع صديقة” فتجد مواقعاً من طراز: المستقبل, العربية, السياسة الكويتية… الخ الخ… هل يظنون أن المواطن الكحيان وراء ربطة خبز يهمه ما يقول هؤلاء؟
منذ مقالات عارف دليلة و دراساته الاقتصادية لم أقرأ شيئاً يخص الواقع الاقتصادي و المعيشي الصعب في سوريا “يشفي الغليل” أو “يفش القهر”.. مجرد عموميات عموميات عموميات… أشياء قد تجدها في أي موقع منتدى قد كتبه أي شاب غير سياسي…
لا مستقبل للمعارضة السورية ما لم تلتفت للداخل.. و الداخل حتى الآن, بشكل عام, آخر هم السلطة و آخر هم المعارضة…
و استرو ما شفتو منا
9. syriangavroche علق:
14 أبريل 2009 في الساعة 11:48 ص
—-
إن المواطن بصورة عامة غير قادر على الربط بين الرئيس وبين النظام السياسي وبين الفشل الإداري للبلد، فطبيعة المجتمع الذكورية السلطوية وأسلوب التعليم يحرم العقول من ممارسة النقد، بل هي مع الوقت تصبح غير قادرة على التحليل والنقد أساساً. فالطفل يلقن المعلومات في صفه ويجب أن يجيب في ورقته الامتحانية كما هو مذكور في كتابه دون أدنى مناقشة كما لا يستطيع أيضاً في منزله أن يناقش قرارات وأوامر رب أو أرباب الأسرة، هذا من الناحية التربوية. أما من جهة أخرى، وبالعودة إلى طبيعة تعاطي الرئيس مع السياسة الداخلية، قلت أنه يتم تصوير الرئيس على أنه يلعب دور إعطاء التوجيهات العامة من نمط تحسين مستوى معيشة المواطن و التطوير الإداري ومكافحة الفساد.. الخ والتي لا تحمل في ذاتها أي مضمون ما لم تربط ببرنامج عمل، إلا أنها تلعب دوراً دعائياً كبيراً لأنها تعطي انطباعاً لدى الناس أن الرئيس مهتم بشؤونهم المعيشية برغم انشغاله الكبير بالدفاع عن الوطن وأن أي مشاكل (في الحقيقة هي أزمات) تعترض حياة المواطن ما هي إلى سوء تنفيذ من المسئولين أو هي مراحل طبيعية في سياق التطوير والتحديث.
—
—
أما في مسألة الطائفية فأنا أتفق مع النقطة التي أثارها نايثن، ولنكن واقعيين، إن النسبة الكبيرة من الطائفة العلوية مسحوقة شأنها شأن كافة الطوائف الأخرى، بل على العكس هي تعاني أكثر من الآخرين، لأن الذي يرفض منهم أن يكون من النظام ومن يعترض منهم على ممارسات النظام سوف يكون من المغضوب عليهم من قبل القيادات العليا. لكن في نفس الوقت هم يتخوفون من أي تغيير ليس لأنهم لا يريدون ذلك، بل لأنهم يخافون من حملات انتقامية فيما اذا وصل الاسلاميون إلى الحكم وأصبح النظام العام إسلامي. وينطبق هذا التخوف على الطوائف الأخرى أيضاً، ليس من أجل الحملات الانتقامية (لأنهم غير معنيين بها) لكن لجهة اعتبارهم أقليات، كما ورد في مداخلة صديقي عمر بأن الحكم من الطبيعي أن يكون للأكثرية وليس للأقلية كما هو حالياً. وهنا أحب أن أوضح هذه النقطة لعمر من وجهة نظري، فالأقلية والأكثرية لا يجب أن تعتبر على أساس ديني أو طائفي أو قومي، بل في النظام الديمقراطي تكون الأكثرية والأقلية مؤقتة نتيجة فوز حزب أو تحالف أحزاب بالانتخابات، وليس لأنه طائفة ما تشكل الغالبية السكانية. ولنكن صريحين، فالمسلمون في سوريا ليسوا الغالبية، صحيح أنهم الأكبر ولكن عندما نتحدث في الشأن السياسي نحن نتحدث عن الإسلام السياسي وتحديداً فيما يخص الطائفة السنية وهي تشكل حوالي 70% من مجموع السكان العام، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن البعض منهم لا يؤيد نظاماً إسلامياً بل يسعى إلى نظام (علماني مثلاً) فنجد أن من تبقى من السكان ممن يريدون نظاماً إسلامياً حتى لو كان ديمقراطياً لا يتجاوز الـ 50% من مجموع السكان، وبالتالي من الظلم جداً أن يؤسس نظام دولة على أساس رغبة الـ 50% ونتجاهل الـ 50% حتى لو اعتبرناهم آخرين ولهم حقوق، ففي الدولة الديمقراطية لا يوجد آخرين، بل يوجد مواطنين دائماً. إلا أني أتفق مع عمر على نقطة في غاية الأهمية، وهي الابتعاد عن المشاريع الجاهزة وحتى عن المصطلحات الجاهزة ولندع الشعب يختار والتاريخ كفيل بتصحيح المسارات حتى لو كانت الخيارات في البداية غير عقلانية.
—
أتفق تماماً مع الطرح في هذه المقاطع, و أود أن أضيف شيئاً بخصوص الديمقراطية.
الديمقراطية هي ناتج جهد توعوي تعليمي تثقيفي متواصل, و لا يمكن أبداً اختصارها في صندوق الانتخاب فقط كما لا يمكن أن نتصوّر إمكانية قبولها أو رفضها دون تجربتها على حقيقتها و واقعها.
أقول هذا الكلام لأن مصطلح الديمقراطية قد تم تشويهه بشكل ممنهج من قبل أبواق جميع الأنظمة العربية و تم ربطه بالعراق مثلاً, فمن الطبيعي أن يموت أي فرد في أي من أوطاننا رعباً عندما يسمع به, و هذا ما لا يمكن إصلاحه دون أن يجرّب معنى الديمقراطية بكل تبعياتها و أبعادها, و ليس مجرد صندوق الانتخاب الذي يعني ما يحويه… إن كان يحوي أصواتاً حرّة مسؤولة ديمقراطية فهو كذلك.. .إن كان يحوي بطاطا فهو صندوق بطاطا… الخ…
لا يعلم معنى الحرية إلا من يجربها, و من لم يجربها يجهلها… و نحن نخاف ما نجهل دوماً يا أعزائي…
10. عمر مشوح علق:
19 أبريل 2009 في الساعة 8:07 ص
أتفق تماما مع الأخ ياسين حول انصراف المعارضة عن الشأن الداخلي للوطن والمواطن .. واقتصار الصراع أو المعارضة على الشأن السياسي أو نظام الحكم !
ولكن باعتقادي أن هذا له سبب مهم .. وهو أن المعارضة سواء الداخلية أو الخارجية لم تعط الفرصة لمتابعة ونقد وتصحيح مشاكل الداخل .. والنظام لم يعط فرصة لأحد بالانتقاد والتصحيح وإنما ضرب بيد من حديد على كل منتقد أو مصلح أو معارض .. لذلك أشعر أن المعارضة تعاني نوعا من الخوف الداخلي نتيجة سنوات البطش والإرهاب التي مارسها النظام خلال السنوات الطويلة الماضية .. فأصبح الانتقاد صعبا جدا لأنه قد يكلف حياة الإنسان !
أعود لنقاط الضعف والقوة .. وأقول أن أهم نقطة قوة في المعارضة السورية هي أنها لم تتلوث بقوة أجنبية أو دعم خارجي .. باستثناء حزب الغادري .. فهذا خارج رؤيتنا أصلا ولا نعترف به كمعارضة !
لكن بقية أطياف المعارضة مازالت طاهرة .. ويجب أن نكون منصفين ونعترف أنها لم تستعن بأحد ضد الوطن .. وأنها مازالت تحارب بيدها العارية ! وهذه النقطة تحسب لها .. ولو مدت يدها واستعانت بأحد لتغير وضعها وأصبحت أقوى .. ولكنها رضيت بأن تكون ضعيفة محدودة الإمكانيات ولكن على طهر ونظافة ..
تبقى نقاط الضعف كثيرة .. ولعل أهمها قوة الخلافات بين أطياف المعارضة .. اختلاف برامجها بشكل كبير .. تضارب كبير في المصالح .. فوقية وعنجهية لدى البعض .. وعنصرية وحزبية مقيتة لدى البعض الآخر .. وكأن مشروعه ليس الوطن أو المواطن !
هناك أيضا ضعف في الرؤية السياسية وتخبط في المشروع السياسي .. هناك عدم ثقة بينها وبين شرائح المجتمع .. وهناك ضعف إعلامي كبير لدى المعارضة ..
قد تكون أكثر هذه الأسباب خارج إرادة المعارضة وبسبب قوة النظام وسطوته الداخلية والخارجية .. ولكن هناك أسباب ذاتية تعود لأداء وطريقة تفكير المعارضة ..
لكني أعتبر أن توحد المعارضة هو أهم سبب في قوتها .. لأنها تقف ضد نظام لا يرحم ولا يعترف بوجودها أصلا .. لو بقية متشرذمة كما هي عليه الآن .. فلن تحقق شيئا في وجه آلة النظام السياسية والإعلامية !
الندوة الحوارية – المحور (6) كيف تمتزج المعارضة بالشعب وتحقق أهدافها
بسم الله الرحمن الرحيم
سوف يتم في هذه التدوينة مناقشة المحور السادس من الندوة : واقع ومستقبل المعارضة السورية
التعليقات 4 على “الندوة الحوارية – المحور (6) كيف تمتزج المعارضة بالشعب وتحقق أهدافها”
1. syriangavroche علق:
22 أبريل 2009 في الساعة 12:10 م
تحية!
بخصوص محور اليوم عن كيفية امتزاج المعارضة بالشعب و تحقيق أهدافها, عليّ أن أشير إلى نقطتين هامتين جداً:
– أتحدث عن امتزاج فكري… تواصل قد لا يكون مادياً ملموساً مرئياً (سأشرح أدناه).
– أفهم أن هدف المعارضة التي أقصد هو الوصول إلى واقع ديمقراطي حر, و ليس دحر أحدهم لنضع آخر مكانه.
لا شك أن أي عمل فكري داخل أي دولة استبدادية هو عبارة عن قفز فوق مجموعة كبيرة من الحواجز و الخطوط و المصائد, و لا يشترط أن يكون هذا العمل الفكري سياسياً, فمن مميزات منظومة الاستبداد أنها تضع كمّاً هائلاً من الوسائل التي تحاول أن تجعل الفكر الإنساني مقيّداً أو هزيلاً أو مسيّساً لمصالحها, و هذا عن طريق الملاحقة و المنع و لكن أيضاً عن طريق قولبة “تابوهات” الناس الدينية و الايديولوجية و التراثية لتلاءم حاجاته.
نعم, من الصعب جداً الاحتكاك المباشر مع الجماهير في سوريا, و من الصعب جداً إيصال فكرة, و لكن هل هذا هو السبب الأوحد لانعزال المعارضة على شكل فكر صالوني؟ أعتقد العكس تماماً.
تعاني المعارضة من أن خطابها بعيد عن الواقع و بعيد عن المعاناة اليومية للمواطن السوري, و كنت قد تحدّثت في محور سابق عن أنها تقوم (بغالبيتها) بنفس التجاهل للداخل الذي تقوم به السلطة! و تفترض آراء خارجية حتى تقولب الفكر المعارض.. فمن قال أن المعارض السوري يجب أن يتعاطف مع تيار المستقبل مثلاً؟ و ما دخل المواطن السوري بتيار المستقبل؟ و ماذا تهمنا الانتخابات اللبنانية و غيرها؟
ليس سهلاً بطبيعة الحال أن تقوم بصنع خطاب متكامل عندما لا يتوفّر لديك الاطلاع و القاعدة البيانية اللازمة نتيجة التعتيم و الانغلاق, و فوقها أنت ملاحق.. و لكن هل هذه حجة مقنعة؟ أقول أنها حجة واهية.. فبنفس المنظومة الالكترونية التي تسمح بنقل أخبار لا تغني و لا تسمن من جوع يمكن مخاطبة العقلية المواطنية السورية عن همومها و مشاكلها, عن أخطاء قد لا يراها بنفسه, عن ممارسات سلطوية اقتصادية أو اجتماعية أو ادارية قد لا يمتلك الخبرة ليعلم بأنها خطأ و لذلك فإنه من واجب المعارضة تسليط الضوء عليها.. و هذا الخطاب يجب أن يكون بلغة واقعية حية ديناميكية و ليس عبارة عن تنظير فارغ..
هل تقوم المعارضة السورية بتقديم هذا الخطاب للشعب السوري الآن؟ لا و ألف لا… افتحوا المواقع و ستجدون تصريحات وكالة الطاقة الذرية عن ايران, و أخبار سعد الحريري و زبانيته, و أخبار شبه متشفية أو انتقامية عن اثباتات أن الموقع المقصوف هو موقع نووي… و أخبار منقولة عن وسائل إعلام يكرهها المواطن السوري بشدة و هو محق في كراهيتها فهي عنصرية ضدنا!! نعم عنصرية و أعتقد أنني أمتلك الخبرة الكافية لمعرفة الفرق بين النظام و الشعب… و هي عنصرية!
يجب على المعارضة أن تتعلّم الحديث مع المواطن بلغته, و قراءة همومه و مخاوفه و مشاكله و معاناته و إعطاءه رؤية حول هذه الأمور… و إن كانت المعارضة الموجودة عاجزة على أن تفعل هذا فهي ليست إلا خزعبلات لا أكثر…
كنت قد أخبرت الأخ عمر أنني سأكون ناقداً و بشدّة لأنني متألم مما أرى, و أعتقد أن الطريق الحالي خاطئ و لا يؤدي إلى شيء البتة, و عذراً لقسوة الكلام ربما لكننا في ندوة و الكلام على بساط أحمدي أفضل برأيي… و سيسعدني الرد على الاعتراضات أو الرؤى المخالفة لكلامي
مع التحية و الشكر للجميع
2. عمر مشوح علق:
25 أبريل 2009 في الساعة 11:38 ص
ربما أتفق مع صديقي ياسين في بعض النقاط .. وأهمها ان خطاب المعارضة الحالي بعيد عن هموم المواطن واحتياجاته !
ووجهة نظري أن الذي حرف خطاب المعارضة هو الوضع السياسي لها ووضع النظام لها في زاوية ضيقة لا تستطيع الحراك من خلالها !
لكن هذا ليس عذرا لما يحدث الان من فوضى في المعارضة وفوضى في الخطاب وفوضى في الخطوات والتحركات السياسية !
أقول باختصار أن امتزاج المعارضة مع الشعب يقتضي التالي :
1- تغيير دفة الخطاب لتشمل هموم المواطن واحتياجاته بالدرجة الأولى
2- مخاطبة جميع الشرائح الاجتماعية والعرقية والدينية
3- التوافق بين الخطاب الإعلامي والسياسي وبين الخطوات العملية على الأرض .. حتى يحدث نوع من الثقة لهذه المعارضة
4- ايجاد استراتيجيات بديلة للنزول للشارع والتواجد بين المواطنين .. فليس من حق النظام أن يحتكر الوطن والمواطن ! فلا بد من حلول تعيد جميع المعارضة إلى الشارع وبكل حرية
5- الابتعاد عن أي تحالفات مشبوهة تشوه صورة المعارضة في الداخل
6- التنوع في استخدام الوسائل الإعلامية والإعلام الجديد من أجل الوصول للمواطن من خلال وسائل متنوعة في ظل هذا الكبت والمنع الإعلامي الذي يمارسه النظام
7- تغيير في شخصيات المعارضة المعروفة .. حتى يقتنع الشعب بأن هناك تغييرا حقيقيا في وجوه المعارضة .. وأن هدفها ليس مجرد إزاحة أشخاص ووضع أشخاص بنفس العقلية ونفس الإرث الماضي القديم !
وعسى الله أن يمن علينا بالفرج والحرية .. قريبا بإذن الله ..
تحياتي
3. Free Man علق:
27 أبريل 2009 في الساعة 12:02 ص
بما أنني متأخر كالعادة فسوف أضع مداخلتي عن المحور السابق هنا قبل المتابعة مع الأصدقاء في هذا المحور.
لابد قبل البدء بنقد المعارضة السورية أن ننوه إلى أنها حديثة العهد نسبياً في العمل السياسي. فمنذ تسلم حزب البعث السلطة في سوريا عمل جاهداً على استئصال أي حالة سياسية أخرى غيره حتى أولئك الذي كانوا يعتبرون حلفاؤه في وقت من الأوقات. وكانت آخر ما يمكن أن يسمى نشاطاً معارضاً حركة الإخوان المسلمين في بداية الثمانينات من القرن الماضي، بغض النظر إن اتفق البعض أو اختلف مع فكر وممارسات الإخوان. ومن ثم دخلت بعض الأحزاب في ائتلاف الجبهة التقدمية والبعض الآخر دخل في حالة من السبات، إلى أن شهدت سوريا نوعاً من الحراك السياسي مع استلام الرئيس بشار الأسد الحكم الذي أعطى وهماً برغبته في الإصلاح وخاصة في المجال السياسي. وبالتالي فإن بعضاً من النقد يوجه إليها على أساس التكتيكات التي اتبعتها المعارضة دون الأخذ بعين الاعتبار عدم وجود تراكمات سابقة في العمل في مجال الشأن العام، وفي نفس الوقت فإن حداثة العهد هذه تشفع لهم بعض الأخطاء التي ارتكبوها كما تشفع لهم التضحيات التي قدموها في هذا الوقت القصير نسبياً. فخلال الثماني سنوات السابقة تعرض عدد كبير منهم للسجن لمدد مختلفة، وقضى البعض معظم هذه الفترة في السجون مثل الدكتور عارف دليلة ورياض سيف. لكن ومع احترامي لهذه النضالات، لابد من توجيه النقد والنقد القاسي أحياناً حتى تستطيع الأجيال القادمة جني ثمار هذه التضحيات، إلا إن كانت كل تلك التضحية في سبيل تحقيق المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة، وهذه الحالة الأخيرة موجودة بالفعل عند بعض من يسمون أنفسهم معارضين، والذين يحاولون استثمار ما تعرضوا له من قمع للوصول إلى غايات معينة، وخير مثال على ذلك مأمون الحمصي الذي قلت رأيي فيه بصراحة في غير مكان على صفحات مدونتي وخاصة في مقالي “في المعارضة السورية” ولا أرغب بتكرار الحديث عنه مرة أخرى هنا.
ومن خلال متابعتي للعمل المعارض في سوريا، أجد أنه يعاني الكثير من الإشكالات ومن أهمها:
1- ضعف الأساس الفكري: إن أزمة المجتمعات العربية هي أزمة فكر قبل كل شيء، وتاريخنا المهزوم هو تاريخ انهزام الفكر العربي. إن المتابع لحركة الفكر العربي المعاصر (بعد الحرب العالمية الأولى) يلاحظ أن المفكرين العرب قاموا في أغلب الأحيان بتمثل الفكر الغربي، والقلائل هم الذين أصلوا لفكر خاص يعبر عن حركة التاريخ والمجتمع في هذه المنطقة. فعلى سبيل المثال قلما نجد شيوعيين يفهمون جيداً ماهية الشيوعية (ولا أدعي فهمها من قبلي بقدر ما أدعي أني قابلت الكثيرين اللذين لا يعرفون من الشيوعية سوى قبعة غيفارا أو مقولة لينين بأن الدين أفيون الشعوب). هناك على الدوام انبهار بانتصارات الفكر الغربي بشتى تياراته وبحسب السائد في وقت من الأوقات، والموجة الليبرالية التي تجتاح المجتمعات العربية دون رحمة خير دليل على ذلك، لكن للأسف لم يؤخذ من تلك الليبرالية سوى ما قدمته الثقافة الأمريكية الاستهلاكية لنا. وإذا رأينا أن الثقافة الاستهلاكية تقتصر على تعظيم الرغبة في الاستهلاك فنكون بذلك مخطئين جداً، لأن الثقافة تعني في وجه من أوجهها منظومة قيمية متكاملة، وثقافة الاستهلاك ليست استثناءً من ذلك، فهي منظومة من القيم والأخلاق والعادات التي يتمثلها المجتمع، فيصبح الحكم على قيمة ما من خلال قدرتها على تحقيق المكاسب فحسب. لقد استطردت في هذه الفكرة قليلاً لكي أوضح مدى التقليد الأعمى الذي يقوم به من يدعون أنفسهم بالمثقفين العرب، إنهم مؤدلجون ومبهورون، لا يلبث أحدهم بعد أن ينبهر بفكرة ما وبانتصار تلك الفكرة في مكان ما من الغرب حتى تراه حملها وطار بها إلى مجتمعه وكأنها الوصفة السحرية لجميع الأزمات ويا ويل من لا يقتنع بوجهة نظرهم، فهو متخلف وغير راغب باللحاق بركب الحضارة الإنسانية. كان هناك استثناءان في تاريخ الفكر العربي من وجهة نظري، التيار القومي والتيار الإسلامي، فكلاهما حاول بناء أسسه الفكرية الخاصة وتأصيلها انطلاقاً من معايير معينة تخص المنطقة. لكن وبرأيي الشخصي فشل هذان المشروعان عملياً، لأن الأول ظل متأثراً بشكل أو بآخر بفكرة القومية الغربية وحاول تطبيقها دون أن يلاحظ الاختلافات الجوهرية بين هنا وهناك، والثاني لم ينفك عن التمثل بالماضي ومحاولة تطبيقه قسراً على الحاضر (ليس هنا مجال نقاش المشروع القومي والمشروع الإسلامي، لكن كان هذا مجرد إبداء رأي سريع ليس إلا بما يخدم الفكرة الأساسية). وبالنتيجة يبقى الفكر العربي إما تابعاً للغرب أو مشدوداً إلى الماضي وغير قادر على التقدم إلى الأمام، وعندما يكون الفكر مشلولاً وغير قادر على الإنتاج لا يمكن التعويل عليه في طرح الحلول للأزمات التي نعاني منها.
2- تباين كبير في المشاريع وفي الرؤى الوطنية مما ينعكس على شكل تسويات وتوليفات ضعيفة البنية في المشاريع المطروحة. ومن أمثلة هذه التباينات، النظر إلى المسألة الكردية والإسلام السياسي والقومية العربية والليبرالية والعلمانية والعلاقة مع المحيط العربي والإقليمي والعلاقة مع الغرب وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية. وفي كثير من الأحيان تأتي الديمقراطية لتغليف لهذه التباينات أو في أحسن الأحوال تعيش المعارضة وهماً بأن الديمقراطية هي الجامع الوطني ونقطة الالتقاء الأساسية بين مختلف التيارات. لكن في الحقيقة لم تحسم أي قضية خلافية بعد وهي مرشحة إلى التحول إلى أزمات بين أطياف المعارضة في أي لحظة كما حدث عندما شكل الإخوان المسلمون جبهة الخلاص مع عبد الحليم خدام، وكما حدث بعد اجتماع المجلس الوطني لائتلاف إعلان دمشق وما نتج عنه من انشقاقات عميقة وصلت حد التخوين الخارجي أو السلطوي.
3- غياب الثقافة الديمقراطية في ممارسات المعارضة الداخلية (داخل الحزب أو التجمع الواحد) والبينية (محاولات إقصاء الآخر وتخوينه في كثير من الأحيان) مما يظهر المعارضة على أنها صورة عن السلطة. ومن هنا السؤالين الكبيرين: 1- كيف يمكن أن يثق الجمهور في معارضة تنادي بالديمقراطية وتطالب بها وهي لا تتعاط معها داخلياً؟ وهذا من شأنه أن يوحي بأن هذه المعارضة هي مجرد طالب آخر للسلطة ليس إلا. 2- كيف تتسق المعارضة مع نفسها عندما تدعي أن غياب الديمقراطية يولد دائماً فساداً وترهلاً في مؤسسات الدولة والسلطة، وفي نفس الوقت هي لا تمارس الديمقراطية على نفسها لتنتج معارضة فعالة ومتجددة؟ ويكفي أن نتتبع الأحزاب السورية الرسمية والغير رسمية والكردية منها ولنسأل: متى آخر مرة تم فيها تغيير القيادة فيها في حالات غير الوفاة؟ حتى أن بعض الأحزاب أو تلك المجموعات المنشقة منها تحمل أسماء قيادييها، واعجبي!
4- غياب الوعي الذاتي للمعارضة، وبالتالي تظهر أفعالها على شكل ردود فعل انفعالية وغير مدروسة لممارسات السلطة ولوضع السلطة الداخلي والإقليمي والدولي. وهذه النقطة في الحقيقة هي نتيجة لدراسة سلوك المعارضة السورية وممارساتها على أكثر من صعيد. وغياب الوعي الذاتي لا يتجلى بالضرورة بنفس الشكل عند كل أطياف المعارضة، بل يختلف في كثير من الأحيان بين هذا التيار وذاك وبين هذا الائتلاف وذاك التجمع، وربما نجد قواسم مشتركة فيما بين معظمها مثل الخطاب الكيدي وغياب الممارسات الديمقراطية الكيدي على سبيل المثال.
5- نتيجة العديد من العوامل ومنها غياب الوعي الذاتي نجد عدم وجود إستراتيجية عمل واضحة ليس فقط على مستوى المعارضة السورية ككل، بل على مستوى المجموعات الأصغر، الائتلافات والتحالفات وحتى الأحزاب. فهي ليس فقط لا تملك مشروعاً متماسكاً لما بعد التغيير أو تصوراً واضحاً لمسألة الدولة والسلطة والقانون، بل أيضاً أكاد أجزم أنه ليس لديها تصور لكيفية التغيير بحد ذاتها. فعلى سبيل المثال، نجد أن الكثير من جهد ونشاط المعارضة ينصب في مطالبة النظام عن الكف عن كونه ما هو عليه!
6- عدم الأخذ بعين الاعتبار أن الحامل الحقيقي للتغيير هو المواطن، فالعمل منه وإليه، وغير ذلك يصبح أي حديث عن التغيير هو مجرد أوهام، أو هو يهدف إلى استبدال السلطة بأخرى لا تختلف عنها. فنلاحظ أن العمل المعارض في سوريا نخبوي لا يخرج عن كونه محاولة تطبيق نظريتي التغيير اللتان أتيت على ذكرهما سابقاً. إن المعارضة تضيع الكثير والكثير من جهدها ووقتها في انتقاد (وليس نقد) السلطة والنظام ومحاولاتها ضعيفة في مجال نقد ودراسة الوضع الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والقانوني للجمهور السوري. أعلم أنه من الصعب جداً الوصول إلى الجمهور مع كل هذا التقييد والحصار الذي يفرضه النظام على المعارضة، لكن هل يجب أن تستكين المعارضة لهذا الأمر وتظل تصيح لا يسمحون لنا بالاتصال بالناس؟ أعتقد أن المواطن هو من سوف يأتي إلى المعارضة عندما تأتي هي إليه من خلال الاهتمام به وبمشاكله اليومية ومن خلال الدفاع عنه في كل مناسبة.
7- الاكتفاء بالعمل السياسي الصرف (مسألة السلطة والانتخابات) والابتعاد عن أساليب عمل مؤسسات المجتمع المدني، وحتى تلك المؤسسات الموجود حالياً فعملها مسيّس ولا تهتم سوى بخرق النظام لحقوق الإنسان السياسية. فعلى سبيل المثال تنادي المعارضة معظم الوقت بحق المواطن باختيار ممثليه بشكل حر ونزيه وبإجراء انتخابات دورية لتداول السلطة وفي ترشيح نفسه للنيابة أو حتى لرئاسة الجمهورية لمن يستوفي الشروط، وكأن هذا المواطن الذي لا يجد لقمة عيشه أو ذاك الذي استملك منزله وشرد في الشارع في وارد التفكير بما يسمى صندوق اقتراع!ومن جهة أخرى فإن جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان والتي تمثل الشكل الوحيد تقريباً من مؤسسات المجتمع المدني الموجودة في سوريا لا تطالب في معظم الأحيان في حقوق المواطنين إلى فيما يتصل بالشأن السياسي، فهي في الغالب تهتم بالاعتقالات التعسفية (هي إما سياسية أو تتصل بموضوع حرية التعبير)، ومما يزيد الأمر سوءً نخبوية وفئوية مسألة حقوق الإنسان لديها، فهي من جهة تركز على المعتقلين السياسيين الكبار على حساب أي مظلوم آخر في هذا الوطن، ومن جهة أخرى نجد أنها في بعض الأحيان تنتقي حالات معينة وتدافع عنها، فإن كان المعتقل إسلامياً نحد صمتاً مطبقاً من الكثير جماعات حقوق الإنسان، وإن كان علمانياً نجد سكوتاً من جماعات أخرى. فهل سوف يلقى صوتها هذا أذناً صاغية من أي مواطن؟ وماذا لو قامت منظمات حقوق الإنسان بالتصدي لظاهرة تهجير المواطنين من مساكنهم دون تعويضات مثلاً؟ كم من الناس سوف يلتف حولها؟ وخاصة أن الكثير من العاملين في هذا المجال هم محامون!
8- ضعف فهم سوسيولوجيا الجمهور.
ملاحظة: بالنظر إلى هذه النقاط، سوف نجد أنها متداخلة بشكل كبير وبالتالي يبدو الحديث عن أحدها في بعض الأحيان على أنه حديث عن الأخرى، وحتى أنه يصعب ترتيب تلك النقاط على قاعدة السبب والنتيجة. كما أني لم أذكر “غياب مشروع وطني متكامل للمعارضة السورية” لأن هذه الفكرة في الحقيقة متضمنة في معظم هذه النقاط إن لم يكن في جميعها.
وأخيراً، سوف أقدم في مداخلتي القادمة ملخص رؤيتي المتواضعة حول ما يمكن للمعارضة السورية القيام به لتضع نفسها على الطريق الصحيح.
#
السورية القيام به لتضع نفسها على الطريق الصحيح.
# جزيرة العشاق علق:
29 أبريل 2009 في الساعة 2:40 م
ماشاء الله تبارك الرحمن
جهد مميز ..
ومعلومات استفد منها بشكل كبير
سأحتفظ بمدونتك لدي لأنني سأعود لها كثيراً
وجدت بها ماأبحث عنه
بالتوفيق أخي الفاضل
# Free Man علق:
1 مايو 2009 في الساعة 2:48 ص
هناك مسألتان يجب التعرض إليهما عندما نتكلم عن فهم المعارضة للتغيير، وذلك بفرض حسن النوايا دائماً:
– اعتقاد المعارضة أن الديمقراطية بوصفها آلية لتداول السلطة تمثل حلاً ناجعاً لأزمات الوطن والمواطن.
– تصور المعارضة أن الجمهور العام على قناعة مسبقة بأن المدخل السياسي هو المدخل الصحيح لتحسين أوضاعهم المعيشية والإنسانية.
تؤدي هاتان المسألتان إلى قصور في شمول المشاريع المطروحة وإلى جعل المعارضة كمن يغني خارج السرب ولا يحظون بالتفاتة من أحد. وأعود هنا إلى قولي بأن المعارضة كي تستطيع تغيير النظام السياسي يجب عليها أن تبتعد عن تغيير النظام السياسي! وبدلاً من ذلك عليه أن تعمل على ثلاثة محاور:
١- نقد ممارسات السلطة بصورة علمية وليست انتقامية.
٢- النزول إلى الشارع ومعاينة هموم الناس ومعاناتهم اليومية والخروج بحلول لتلك المشاكل تحرج بها السلطة، وتكسب ثقة الجمهور،وتؤسس لبرامج اجتماعية واقتصادية وثقافية وتعليمية تكون حاضرة عند تغيير النظام.
٣- الربط بين أزمات الوطن والمواطن من جهة وبين السلطة وممارساتها وفشلها في إيجاد الحلول المناسبة من جهة أخرى.
لكن أليست هذه مجرد دعوات نظرية؟ وهل سوف يسمح النظام للمعارضة بحرية الحركة لتستطيع تطبيق هذه النظرية؟
بالتأكيد سوف يحاول النظام بشتى الوسائل أن يمنع أي فعل يمكن أن يؤثر سلباً عليه وإلا لما كان هذا النظام ديكتاتورياً، ولانتفت الحاجة إلى التغيير، وهو في الواقع يمتلك قدرات غير محدودة للتضييق على المعارضة من خلال القمع المباشر والمحاكمات الاستثنائية وإن اضطر الأمر فباستخدام وسائل الإعلام التابعة كلياً له. لذلك يجب أن تعمل المعارضة على ابتكار الوسائل لإيصال صوتها إلى الجمهور العام لتشكيل كتلة تغيير ثقيلة يصعب على النظام ضربها.
وللدخول في المجال العملي مباشرة سوف أطرح بعض الأمثلة التي كان من الممكن على المعارضة اتبعاها لتحقق جدوى ما من تحركاتها وليكون القمع الذي تعرضت له ذو مردود. ففي كل عام وفي ذكرى حركة الثامن من آذار وفي ذكرى تأسيس حزب البعث وفي ذكرى الجلاء تنبري الأقلام وتندد بالنظام بانفعالية لا تسمن ولا تغني من جوع برأيي، كما أن بعض المظاهرات الصغيرة تخرج هنا أو هناك وتعرض أصحابها لخطر الاعتقال وربما السجن لسنوات عديدة. كما أن العديدين من مؤسسي إعلان دمشق تم اعتقالهم ومحاكمتهم في أعقاب انعقاد المجلس الوطني لهذا الائتلاف دون جدوى تذكر من كل هذه المعمعة لأنه من النادر أن تجد مواطناً سورياً قد سمع بهذا الائتلاف وبغاياته. فبدل كل هذا ما لو قامت المعارضة بالتظاهر في مناسبات تمس مباشرة المواطن مثل صدور قرار رفع الدعم عن المحروقات وقرارات الاستملاك الجائرة لمساكن ومصادر رزق المواطنين؟ أو ربما تقوم المعارضة أو/و جمعيات حقوق الإنسان بتشكيل لجان دفاع عن حقوق المواطنين الذين تستملك مساكنهم ومتاجرهم دون وجه حق أو حتى بتعويضات بخسة وكل ذلك بسبب الفساد. بالتأكيد هناك احتمال بأن يتعرض المتظاهرون أو لجان الدفاع للاعتقال وربما المحاكمة أيضاً، لكنهم بالأساس وبنشاطهم السياسي معرضون لذلك، إلا أن هناك العديد من الفوائد من مثل هذه الأعمال:
– شعور المواطن أن هناك بعض الجهات والأشخاص يعرضون أنفسهم للخطر في سبيل الاعتراض على قرارات من شأنها أن تسلبه حتى أبسط وسائل حياته وترمي به إلى التهلكة.
– مع مرور الوقت سوف تحظى تلك الجهات والشخصيات بتعاطف شرائح كبيرة من الشعب وسوف يكون مستعداً لسماعها وتكوين تصور ولو بسيط عن أهمية المطالب السياسية التي تنادي بها وتأثيرها على حياته.
– إن العامل الحاسم حتى يجعل الجمهور العام يصغي إلى المطالب السياسية هو المصداقية التي يمكن تحظى بها تلك الجهات التي تعمل لأجله وخاصة عندما يعود الحق إلى أصحابه في بعض الحالات.
– إن احتمال التعرض للاعتقال والمحاكمات أقل مما هو عليه عندما تقوم المعارضة بالتنكيل لفظياً بالنظام دون دعم شعبي. لأن حجج النظام في هذه الحالة أضعف بكثير مما يمكن أن يسوقه للجمهور في حال علم شيئاً حول ما تتعرض له المعارضة. فهل يستطيع النظام مثلاً تخوين من يتظاهر أمام مجلس الوزراء مثلاً للمطالبة بعدم قطع التيار الكهربائي؟
– سوف تحظى تلك التحركات بتغطية إعلامية من وسائل الإعلام التي يتابعها المواطن على نطاق واسع، عندها سوف تصل قضية المعارضة لأكبر شريحة ممكنة من الجمهور مصحوبة بقدر جيد من المصداقية. لكن شرط ذلك أن تكف المعارضة عن أسلوب النكايات في نقد النظام والكف عن تأييد أي جهة أو فعل لمجرد معاداته للنظام، وتستبدله بالنقد الموضوعي العلمي الذي يعطي مؤشرات صحيحة حول توجهات المعارضة ويساعدها هي نفسها على فهم النظام بعمق أكبر لتستطيع مواجهته.
– عندها سوف يستطيع المواطن الربط بين الفساد من جهة وبين تدني مستوى التعامل الإنساني معه من قبل السلطات من جهة أخرى. وتالياً مع مرور الوقت سوف يستطيع الربط بين طبيعة النظام وما هو عليه من حال.
– وأخيراً وليس آخراً، سوف تكتسب المعارضة خبرة ومعرفة بحاجات ومطالب الجمهور الحقيقية من خلال الاحتكاك المباشر معه وتقمص معاناته اليومية بكافة جزئياتها، وتستطيع من ثم وضع البرامج والمشاريع القادرة فعلاً على النهوض بالوطن والمواطن. كما أنها تستطيع أن تبني تصوراً أكثر دقة حول ماهية الدولة والنظام السياسي المنشودان. فلا يكفي أن يكون هناك نظرية للدولة لكن يجب أن يكون هناك معايشة عملية لما يحقق للناس حياة أفضل.
إن الديمقراطية هي شرط لازم ولكنه غير كاف للانتقال إلى دولة المؤسسات ودولة القانون والأهم من ذلك دولة لمواطنيها، حيث تحترم كافة حقوق المواطنين وعلى رأسها حقه في العيش بكرامة وحقه في العمل والتعلم وتلقي الرعاية الصحية والسكن الصحي. وحتى تتحقق الكفاية يجب أن يكون هناك مشروع ديمقراطي أساسه المواطن أولاً وأخيراً.
تعليق واحد