بريد دمشق أيديولوجيا أم رداءة؟
زياد عبدالله
لا أعرف إذا كانت الأيديولوجيا في مقالة الزميل حسين بن حمزة «نبرات جديدة في الرواية السورية» (٣٠ نيسان/ أبريل ٢٠٠٩) تعني الشعاراتية الحزبية والأفكار المسبقة… أو إذا كانت تأكيداً أنّ الإنسان في النهاية «حيوان أيديولوجي»، بمعنى أنّ مواقفه ومكوناته الثقافية تتأثّر بمصالحه وغاياته. لا بأس. كلا المعنيين صالح ليكون محور المقالة نفسها، بمعنى أنّها مبنية على أفكار مسبقة تتمثّل بقلب المعادلة السائدة في الرواية السورية «الأيديولوجية واليسارية»، من خلال أعمال عدّدها الزميل وبشّر بها بوصفها نبرات جديدة في الرواية… ثم تراجع ما دام لم يقرأ هذه الروايات ـــ ولا أحد قرأها ربما لطزاجتها ـــ قائلاً: «لعلّ من السابق لأوانه الحكم على كل تجربة، لكن ما يحدث بات أشبه بموجة روائية يمكن التعويل عليها للحديث عن «رواية جديدة» أو «مختلفة» في سوريا». ثم يعود ويؤكد أنّ لها كل المشروعية لتكون مغامرة نحو الجديد، ما دامت صادرة عن دور لبنانية («الآداب» و«الريس») تمتلك ختم حسن السلوك الروائي الدامغ!
وفي مواصلة للاستدراكات غير المحسومة، وعدم تقديم ما يميّز الرواية السورية الجديدة سوى مغايرتها لما لا نعرفه على الصعيد الفني، أورد لنا الزميل مثالين عن مطلقي النعوت السيئة (نبيل سليمان وفيصل دراج) بحقّ «ملتقى الرواية العربية» المقدس، فوُضعا مباشرة في خانة الحرس القديم. وعليه، فالحزب الروائي الطليعي المتشكل حالياً وجد في الملتقى مؤتمراً تأسيسياً، تنبثق منه لجنة مركزية تضم الرفاق الأعضاء الذين يبقون أنصاراً، ما لم ينالوا العضوية العاملة من دار لبنانية. وبالتالي، يعاد تصديرهم إلى سوريا ليمارسوا نشاطهم الروائي، ويكتبوا ما يشاؤون ومهما كان سيئاً. ويمكن ثالوث الرواية السورية الذي بدأ به العزيز حسين مقاله أن يكون مثالاً يحتذى، مع فتح باب الانتساب لروايات ستوصف بالجديدة متى استوفت شروطاً لا علاقة لها بالإبداع، إذ يكفي النظر إلى سنة الإصدار ربما، مع رضى الأمين العام للحزب الروائي.
الأيديولوجيا التي يَكثُر الحديث عن موتها مثل مفاهيم كثيرة أخرى، استبدلت بها سوريّاً الأحلاف النفعية. وما كان يروَّج له عبر الأحزاب، صار يروج له الأشخاص في تبادل للمصالح والدعوات إلى مهرجانات ومؤتمرات تمثّل مطمح الكاتب الأوحد… هذا من دون أن ننسى الترجمة إلى لغات عالميّة. ويبقى السؤال المشروع: إذا خيرنا بين الأيديولوجيا ـــــ حتى الحزبية ـــــ والرداءة، فماذا نختار؟