فن كتابة الفانتازيا…كتاب مترجم يقدم وصفة عملية لكتابة قصص الخيال العلمي
القاهرة – زينة احمد – ماذا يحصل لو وقعت منجزات العلم الحديث في الايدي الشريرة …؟ سؤال أزلي لا يوازيه في خطورته غير الخوف من أن يسيطر السحرة الأشرار على العالم كما أعتقد رهبان القرون الوسطى ومن المؤكد ان هذا النوع من الأسئلة كان وراء ابتكار قصص وروايات الخيال العلمي الذي يخلط كثيرون بينها وبين الفانتازيا ومعهم الحق فالحدود الفاصلة بين الفنيين رقيقة جدا وتسهل تمازجهما وهذا ما يعرفه جيدا الذين مارسوا ذلك الفن اما من لم يمارسه ويفكر في اقتحامه فقد جاءته يد العون من خلال كتاب جديد ترجم الى العربية يلقن الراغبين كيفية الكتابة في مجالات الخيال العلمي والفانتازيا ،الكتاب الجديد بعنوان (فن كتابة الفانتازيا والخيال العلمي ) وقد ترجمه للعربية الدكتور كمال الدين حسين
فن كتابة الفانتازيا…كتاب مترجم يقدم وصفة عملية لكتابة قصص الخيال العلمي
يعتبر الابداع الادبي بأشكاله وانواعه المختلفة الوسيط الحقيقي للتثقيف ونقل المعرفة عبرالاجيال والحكي والشعبي الذي عرفه العالم اجمع خير مثال علي استخدام الكلمة الادبية لنقل الثقافة والمعرفة فقد نقلت ومن خلال التواتر الشفاهي بين الاجيال عناصر الثقافة كافة التي عملت علي استمرار وتطور المعرفة وتماسك الجماعات والشعوب بجانب ما قدمته من تفسير ووصف للظواهر الطبيعية والاجتماعية والثقافية التي يعيشها الانسان من اجل فهم العالم والسيطرة عليه.
ومع تطور المجتمعات تطور الابداع الادبي ايضا ولم يعد قاصرا علي تناول العالم الخارجي من حول الانسان بل تغلغل داخل النفس الانسانية ليصف العالم الداخلي للانسان وما يدور فيه من رغبات ودوافع وامنيات واحلام كل هذا من اجل مزيد من الفهم لهذا الكائن الملغز ..الانسان واعتمادا علي القدرات اللامتناهية للانسان كان الادب ولازال الوسيلة الفاعلة لتطوير لتنمية القدرات العقلية التي تعتبر المحرك الرئيسي لتغيير الكون ومن هذه القدرات يجئ الخيال والقدرة علي التخيل وتصور ما لا يوجد بشكل عياني وصياغته في صورة ادبية ذهنية قابلة لوجود والتحقق امام البعض وغير قابلة للتحقق لكنها تملك ما يجعلها ممكنة التحقق امام البعض الاخر من هنا جاءت الابداعات الادبية في الفنتازيا والخيال العلمي للتعبير عن هذه التصورات الذهنية ولتطرح امام الانسان عددا من الاجابات حول السؤال الازلي..ماذا يحدث لو؟ وقعت الانجازات العلمية في ايدي الاشرار ؟لو عم السحر الغالم ؟ماذا يحدث اذا انتقلنا باختراعاتنا الي زمن اخر تعددت الاجابات وصيغت الاجابات في ابداعات قصصية صنفت ما بين الفانتازيا والخيال العلمي والتي عرفها العالم الغربي منذ نهايات القرن الثامن عشر وتجاوزت نطاق المحلية الي عالمية الانتشار وتعددت اللغات التي ترجمت اليها اما في مجتمعنا العربي ومع الاهتمام المتزايد بأدب الطفل تعدد الجهات التي ترعي هذا الادب بيد ان التأليف في مجالي الفانتازيا والخيال العلمي لايزال بعيدا عما يحدث في العالم ورغم ان هناك محاولات لكتاب جادين في هذا المجال لكنها محدودة ولاتمثل ظاهرة .
التجربة العالمية
مما سبق جاءت اهمية اختيار كتاب حول كيفية كتابة الفانتازيا والخيال العلمي للترجمة في محاولة للتعريف بأصول هذين النوعين من فنون الادب في ضوء التجربة العالمية كما ترصدها ليزا توتلي مؤلفة كتاب “فن كتابة الفانتازيا والخيال العلمي”من ترجمة د كمال الدين حسين الصادر حديثا عن الدار المصرية اللبنانية والكاتبة تتبعت كل التفاصيل الخاصة لهذين النوعين من الادب والمدهش انها اكتشفت اثناء بحثها انهما تطورا بتطور الحضارات الي ادب يستهلكه الجميع وتنتجه السنيما بل وتتكالب عليه ..فلماذا هذه الرغبة الانسانية في قراءة ورؤية الاشياء المخيفة هل هي الرغبة في التطهير بالمفهوم الارسطي ؟ام الرغبة في تعميق الادراك بالنفس البشرية وتصور حيوات اخري اكثر عنفا وبدائية للرضا بالواقع الحضاري الذي نحياه ويأتي الكتاب الي السؤال الاهم ماذا اذا كانت لديك الرغبة في كتابة هذا النوع من الادب خاصة بعد الشهرة التي تحققت لهاري بوتر قراءة وسنيما ام كنوع السيناريو للسنيما؟او صياغته في قصص للاطفال؟كيف تصل الي الصياغة المثلي لافكارك ولا تقلد الاخرين الذين سبقوك او المعاصرين لك؟..
والكتاب يعد دراسة لكل الروايات التي كتبت في هذا النوع فالمؤلفة قسمت فكرة الكتاب الي احد عشر فصلا لتحيط بفكرتها في صورة مثلي تحت عناوين منها ” تحديد الخصوصية “:المهارات التي يحتاجها الكاتب لكتابة الفانتازيا والخيال العلمي وهل تختلف هذه المهارات عنها في اية كتابة اخري ؟ وهذه المهارات هي كيفية انشاء قصة جيدة وشخصيات مقنعة وتدفقا في الاحداث والاسلوب القابل للقراءة وجميعها مهارات اساسية لكل انواع القصص الشائعة والرائجة سواء أكانت من قصص الرعب ام الفانتازيا ام الخيال العلمي .
الجنس الادبي
ويطرح الكتاب تساؤلا حول اعتبار الفانتازيا والخيال العلمي جنس ادبي واحد ام جنسان وذلك تبعا لمقتضيات تصنيف السوق حيث نجد ان هناك ميلا الي الجمع بينهما في تصنيف واح دمعا حتي في مجال النشر ينشران تحت مسمي واحد اما التعميم هنا حول الفروق بين النوعين كابداع ادبي لعدم وجود الحد الفاصل الملزم للتمييز بين الفانتازيا والخيال العلمي فكليهما يرويان عن اشياء ليست موجودة في الواقع بعكس الادب الواقعي وان كانت الفانتازيا هي الاقدم والاكثر شيوعا في مجال الادب حيث يتضمن الحكايات الشعبية والخوارق بالاضافة الي الابداعات الحديثة من جنس الخيال العلمي لكن الخيال العلمي يميل الي الحكي عن اشياء ممكنة الحدوث علي عكس الفانتازيا التعي تحكي عما هو مستحيل ويسوق الكتاب نماذج للابداع الفانتازي والخيال العلمي مثلما كتب روبرت جوردون المعروف بكتابة فانتازيا البطل وستيفت باكستر وكتابة الخيال العلمي البحت بينما مثل اورسولا ليجوين وصامويل ديلاني تحرا للخلف والامام بين الفانتازيا والخيال العلمي، وكذلك رواية محطة شارع ديدو للكاتبة شينا ماي فيل ورواية المنزل السري لكاتبة ماري جنتل ويمكن هنا للقارئ ان يلحظ الفارق الموجود بن الجنسين واحيانا يوصف الكتاب باعتباره خيال علمي فاتنتازيا اوقصص مستقبل او واقعية سحرية .
و يجيب الكتاب علي التساؤل من اين تاتي الافكار؟ وفيه تحدد المؤلفة الافكار والانماط الاولية التي ينطلق منها من يرغب في كتابة الفانتازيا والخيال العلمي والاجابة تكمن في قراءة تاريخ هذا النوع من الادب والتحاور مع الاخرين والاساطير وعادات الشعوب واحياء الماضي بالاضافة الي اهمية المعرفة العلمية من خلال الاطلاع علي النظريات العلمية بشكل مبسط وفيما يوصف الخيال العلمي بانه ادب الافكار تميل الفانتازيا الي النظر الي الخلف للنماذج القصصية التقليدية والقديمة ويتجه الخيال العلمي الي الاصالة والحبكة التي تقود العمل ويخاطب الكتاب راغبي كتابة هذين النوعين من الادب مؤكدا انه ليس هناك مصدرا واحداسحريا للافكار ماعدا عقلك والمادة الخام للافكار توجد في كل مكان في الحياة اليومية من حولنا فقط عندما يستجيب الشخص لشئ ما لصورة لنماذج من الاحداث نظم الكلمات في اغنية عناوين الصحف فيلم جميعها اشياء فردية يمكن ان تتحول الي فكرة لقصة وتطور الفكرة من مجرد خاطر الي قصة ومن ثم وقد عرفت هذه الاسس حاول البدء في الكتابة وبناء عالمك ووضعه علي الورق من خلال الانطلاق الي الواقع من خلال المناظر الطبيعية التي تلعب في كل من الفانتازيا والخيال العلمي دورا مهما يجعلها اكبر من ان تكون الخلفية للاحداث فقط فدورها يساوي دور الشخصيات الرئيسية حيث ان الاطار هو الذي يحدد الحبكة والحبكة هي التي تحدد الاطار وترتبط الحالتان بصفة خاصة بقصص الخيال العلمي والفانتازيا، ثم تاتي مرحلة الاستقراء وهي ان تستقرئ او تستنتج بحدسك خلف حدود ما تعرفه حيث الاستقراء هو الاداة الرئيسية في الخيال العلمي و ليس مثل التوقع لان كاتب الخيال العلمي لايتوقع ان يصبح المستقبل الذي يتخيله واقعا حقيقيا وهناك العديد من الروايات التي تتسم بالاستقراء العكسي وهي ابداع بدائل لعالم اليوم وتتخيل تغيرات كبري حدثت في التاريخ الذي نعرفه مثل رواية رجل في القلعة العالميةللكاتب فيليب ديك وفي رواية كيث روبرت المعروفة باسم بافني .
سيناريوهات مقبولة
ولايكفي لكاتب الخيال العلمي ان يكتب بجهد طيب فقط مثل كتابة الفانتازيا بل يجب ان يتواصل مع اشخاص عارفين بما يفيده ويجب ان يقدم تفاصيل صحيحة خاصة اذا كان سيكتب حول الكون اوضع سيناريو مقبول حول مغامرة في المستقبل القريب او البعيد .
ويستعرض الكتاب دور اعادة الكتابة والتنقيح متناولا نوعين من اعادة الكتابة هي كتابة المسودة الاولي وهي العمل الصعب وتعتبر الكتابة الرديئة اما التنقيح فهي الجزء الممتع وبعد مراجعة البناء يبدأ الكاتب في طرح الاسئلة الواجب ان تطرح علي ذاته وهي :هل تحتاج الرواية الي حبكة اكثر تركيبا و هل الطول مناسب ،هل بدأ الكتابة في المكان الصحيح والقصة هل ذات بناء جيد ورسالة جادة ؟وما ادوات الرسالة وزمنها ؟ وينصح الكتاب بتجنب الصيغ المبتذله وحسن تسويق القصة عن طريق التواصل مع مجموعات النقاش لقصص الخيال العلمي علي الانترنت وقراءة المقالات في المجلات .
ويتضمن الفصل الأخير من الكتاب مجموعة مهمة من النصائح لعدد من المحررين والكتاب المحترفين في هذا المجال منهم “جان جونسون” و”بيتر كروثر” و”تيم هولمان” وبيتير لافري “وجو فليشر” والذين تطرح عليهم المؤلفة مجموعة من الأسئلة حول الأخطاء الأكثر شيوعا التي يقع فيها كُتاب الفانتازيا والخيال العلمي والنصائح التي يمكن أن تقدم لهم ومن هذه الاسئلة :ما هي الاخطاء الاكثر شيوعا التي يقع فيها الكتاب الواعدون ولكن غير الناجحين في الخيال العلمي والفانتازيا ؟ وما هي النصائح التي يمكن ان تقدمها لكتاب الجدد وهل تهتم بأي اخطاء متوقعة في مستقبل الخيال للعلمي والفانتازيا ،وهل تصف انواع الروايات التي تهتم بها او تفضلها؟.
زينة احمد
الهدهد