حجب مواقع الانترنت في سورية.. منع التنفس الافتراضي
هنادي زحلوط
ما إن علم السوريون بأن الحكومة الأميركية تنوي حجب مواقع الكترونية لأسماء سورية حتى تعالت الأصوات المنددة بذلك, فسارعت الولايات المتحدة الأميركية إلى نفي النية بحجب الحجز للمواقع السورية من قبل الحكومة الأميركية مؤكدة أنه قرار “بعض” الشركات الأميركية فقط التي تقوم بحجز مواقع لسوريين لديها.
و حسب تقرير نشره المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بعنوان “ترويض الإنترنت في سورية” فقد بلغ عدد مواقع الإنترنت السورية المحجوبة من قبل الحكومة السورية, والتي تمكن المركز من إحصائها بشكل رسمي 180 موقع الكتروني.
هذا الحديث عن الرقابة الالكترونية في سورية ليس جديدا, وهو كما يقول السيد مازن درويش رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير “بدأ يتفاعل أكثر فأكثر بين أوساط السوريين المعنيين بالحجب بعد أن تحول حجب المواقع الالكترونية في سورية إلى سياسة منهجية بهدف إلغاء مساحة حرية التعبير ووقف تدفق المعلومات من المصادر المستقلة”.
ويقول السيد سحبان السّوّاح, صاحب موقع “ألف باء الحرية” الذي تم حجبه من قبل السلطات السورية منذ أشهر, أنه “الآن وأمس وغدا مادامت الدولة تحجب المواقع وتمنع تداول الأفكار فلابد من الصراخ وليس الحديث”.
لا يوجد هنالك قانون سوري يتم بموجبه مراقبة الإعلام الإلكتروني, حسبما يؤكد ناشط معارض من “إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي” رافضا الكشف عن اسمه, بل حتى أن تلك الرقابة “تشكل انتهاكا صريحا للمادة 38 من الدستور السوري وللاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الدولة السورية و التي تضمن حرية التعبير بكافة الوسائل” حسبما يقول السيد مازن درويش, مضيفا أن “المراقبة و الحجب تتم من قبل الأجهزة الأمنية بالاستناد إلى منظومة حالة الطوارئ المعمول بها منذ عام 1963 و التي تلغي جميع الضمانات القانونية و الدستورية التي تكفل حرية التعبير”.
وكذلك يؤكد السيد سحبان السواح أنّ ” قانون الطوارئ هو فوق كل القوانين ويلغي أي قانون آخر!”
الضرر الذي سيلحقه حجب المواقع الإلكترونية, سواء عبر الحكومة السورية أو الشركات الأميركية سيشمل الجميع كما يؤكد السيد مازن درويش معللا ذلك بأن ” حرية التعبير و التي هي قيمة بحد ذاتها و حق أساسي من حقوق الإنسان لا يعلو عليه إلا الحق في الحياة, ولكن قبل أن نسأل من المتضرر علينا أن نسأل من المستفيد؟”.
الناشط المعارض من “إعلان دمشق” وافق هذا الرأي قائلا ” الضرر يشمل في النهاية الجميع ، فالدولة تصرف أموالا وجهودا على الحجب وهذه خسارة للوطن بكامله من جهة ، ومن جهة أخرى هي خسارة للمعرفة والحقيقة والتعدد, علما أن الحكومة قادرة على تجاوز العقوبات ماليا على الأقل بعكس الآخرين”.
ويقول السيد السواح متفقا مع هذا الرأي ” الانترنت يحجب عن الجهات الحكومية والمتضرر إذا كان هناك متضرر هو المواطن ولكن الضرر لا يأتي من أن المواطن غير قادر على الولوج إلى أي موقع يريده, فهو يدخل بوسائل مختلفة على جميع المواقع المحجوبة ولكن الضر هو من الإحساس بالغبن”.
وقد نفى السيد درويش أن يطال الضرر الحكومة السورية نتيجة قرار بعض الشركات الأميركية “التي تستخدم سيرفراتها الخاصة و إنما سينعكس على جميع الذين يستخدمون سيرفرات الشركات الأمريكية و هم من جميع الشرائح منظمات مدنية و مواقع إعلامية و شركات تجارية و أفراد بالإضافة طبعا إلى الشركات الأمريكية ذاتها التي خسرت سوق واعدة تنمو بشكل سريع جدا”.
الحكومة السورية تقوم بحجب المواقع السورية التي تقوم باستضافتها شركات عامة أو خاصة طالما ارتأت أن محتواها يتعارض مع المعايير الحكومية, يشرح لنا السيد درويش قائلا ” حدث أكثر من مرة أن قامت شركة سورية خاصة بإلغاء استضافة موقع لكون المحتوى يتعارض مع المعايير الحكومية, بالإضافة إلى مراقبة البريد الخاص بالموقع وخوف البعض من انكشاف هويتهم مما يعرضهم للخطر في حال كان محتوى الموقع من المحظورات التي تعاقب عليها الحكومة السورية لذلك بشكل عام يلجأ أصحاب المواقع إلى الشركات و السيرفرات غير السورية بشكل عام و ليس الأمريكية حصرا, بالإضافة إلى أن أسعارها أكثر منافسة و الخدمات التي توفرها أعلى جودة”.
ويؤكد على ذلك الناشط المعارض فالسيرفر الأميركي “يساعد تقنيا حتما, كما يساعدهم في الكتابة بحرية أكبر”.
غير أن السيد سحبان السواح يعبر عن عدم ثقته بالحكومة الأميركية قائلا “نحن لا نصدق أي شيء تقوله الحكومة الأمريكية, الحكومة الأمريكية قائمة على الدجل والكذب والنفاق ونحن ومعظم المواقع السورية نستخدم سيرفرات أمريكية”
وفيما صرح المصدر المعارض أن تقارير صحفية ذكرت منذ أشهر أن مضايقات تطال بعض المواقع فقط لكونها تستخدم سيرفرات أميركية ولذلك فهي, حسبما يؤكد السيد مازن درويش “المواقع التي تعرضت لمضايقات سرعان ما تحولت إلى خدمات شركات كندية و أوروبية”