هل تجتمع اللطافة با لجسارة ؟
صلاح علمداري
لم يكن يعرف ” امريغو فيسبوشي” حينها ان البقعة اليابسة التي اكتشفها على اطراف المحيط الاطلسي البعيدة والتي سميت باسمه فيما بعد ” امريكا ” ستشاد عليها دولة عظمى بل (امبراطورية) كبيرة يتحكم “اباطرتها” و”امراؤها” بمعظم بقاع الارض الاخرى والمفاصل الحيوية فيها .
بلاد العم سام او ارض الاحلام او بلاد الامان او الارض البعيدة هذه كانت وبحكم قوانين تاسيسها ملاذا امنا ومناسبا لاصحاب المال والعقول وهواة المغامرات ..سيما بعد الحروب الكونية التي خرجت منها امريكا دائما رافعة اشارة النصر دون ان تتكبد فيها خسائر تذكر كما كان الحال لدى حليفاتها التي خرجت من الحروب بفواتير ضخمة جدا حيث ملايين القتلى وملايين المعوقين ومليارات من الانفاق و الديون لا بل استقطبت ( امريكا ) في فترات الحروب ذاتها الكثير من اصحاب الثروة والفكر من افراد ومنظمات ومنظومات حتى تلك الخارجة على حكوماتها … حيث نزحت من دول ومناطق الحرب باتجاه بلاد الامان على الضفة الغربية للاطلسي لتجد الملاذ الامن والمناخ المناسب للاستثمار والكسب كما للابداع والازدهار مما جعلت من امريكا فيما بعد اقوى دولة في العالم لا بل سيدة العالم بدون منازع بعد انهيار الشيوعية .
اقترن ولازال اسم امريكا في ذهنية الناس وثقافتهم بالقوة والمال والاساطيل والجيوش اضافة الى انها تضم اهم مركزين حساسين في عالم اليوم هما مركز تحويل اموال العالم ( بنوك ) ومركز المعلوماتية في العالم ( الانترنيت ) …
وبسبب قوة امريكا وارتباط معظم دول العالم معها برباط المصالح فقد كانت مجرد التصريحات و البيانات والمواقف الصادرة من ادارة البيت الامريكي الابيض خلال العقود الماضية تعد بمثابة خطوط عامة للسياسة العالمية يستلهم منها الكثير من قادة وساسة دول العالم لرسم سياساتهم الخارجية.
امريكا اليوم و في عهد رئيسها الخامس والاربعين – اوباما – تدشن اشهرها الاولى بشيئ من الحنكة والروية والرزانة فتخفف من لهجة التهديد والوعيد وتنزل من” الفوق” العالمي المتعجرف الى “الساحة المستوية” لتستشير الاخرين وتبحث معهم وتسمعهم وتخاطب الشعوب والحكام والساسة كفرد من الاسرة الدولية لا كراس! ولا كرئيس !. هذه الاطلالة الامريكية الجديدة على المسرح العالمي يجد فيها الكثيرون على انها ضعف او تردد او في احسن الاحوال لطافة ولباقة لا تتوافق مع سمعة امريكا وصورتها او بالاصح مع ما عرفت به امريكا عن نفسها منذ النشاة !. فهل تصبح امريكا لطيفة بعد اليوم؟
لن يستوعب بسطاء الناس هذا التصرف الامريكي وهذا التواضع الا بعد حين.
امريكا لطيفة مرحة يخصص اولى لقاءاته التلفزيونية مع قناة العربية وينحني رئيسها احتراما لملك السعودية( قمة العشرين ) ! يلتفت في اول زيارة الى الجار الكندي القريب ويمازح ويحاورالقادة الاوربيين ويلتقي بالناس في ساحات المدن ويحضر قمة الامريكتين وسط استفزازات شافيز واصدقائه ويعانق اردوغان( خارج البروتوكول ) ويجول حافي القدمين في مساجد بني عثمان ( زيارة تركيا ) ويخاطب مجموعة من الطلبة الاتراك التقى بهم ( لدينا الوقت للتحدث حتى موعد الصلاة )..ويهنئ الايرانيين بعيد نوروز( بلغتهم ) بعد سنوات من الخصام والتحدي الايراني ويحدد القاهرة بعد اسطنبول لمخاطبة العالم الاسلامي والمسلمين والتاكيد لهم ان امريكا هي صديقة المسلمين عدا السلفيين منهم والارهابيين .. وان جدة الرئيس لا زالت تعيش في كوخ صغير في قرية كينية تنتظر موسم الحج القادم لتحج بصحبة وعلى نفقة رجل اعمال اماراتي وعدها به…!
ان ياكل الرئيس وعائلته الخضار من بستان اشرفت على زراعته في مساحة صغيرة من حديقة البيت الابيض وتشرف على الاهتمام به زوجته ومساعدوها وان يقضي لقاءه السنوي مع الصافيين -وهو تقليد سنوي- بالنكات والدعابات وسط لهيب الازمة المالية واخبار العالم المتوترة …!. كل هذه الامور وحتى الادق والاصغر منها باتت مثار اهتمام كل من لم يستوعب ان الهدوء احيانا يسبق العاصفة ؟ وان اللطافة قد تكون حالة من حالات الغضب؟ وان القوة الحقيقية هي في الكلمة اللطيفة اولا.
تماما كما الناس العاديين فالسياسيون ايضا لم يالفوا هذه الصورة الناعمة لامريكا حيث قال ساركوزي بعد زيارة اوباما الى بلاده و في مادبة عشاء خاصة مع بعض نواب حزبه ان اوباما ضعيف وان شخصيته الضعيفة ستغير من مكانة امريكا في العالم وقد يكون هذا تصور الكثيرمن القادة والسياسيين لا بل ذهب احد المحللين الروس الى ما هو ابعد من اللطافة وشبه “اوباما” ب “غورباتشوف” امريكا لان بلاده اصبحت بحاجة الى تغيير وحتى الكثير من الصقور الامريكيون باتوا يخشون من ضعف قد يصيب ” فوقهم ” وينال من “عليائهم ” لكن بعض عرابي سياسات امريكا امثال “بريجنسكي” و”كيسنجر” ..ربما يلتقون مع الرئيس في اسلوبه رغم انهم ليسوا ضمن ادارته ويدركون مدى قوة القول اولا ومن ثم فعل القوة فيقومون بجولات مكوكية غير رسمية في اوربا والعواصم ذات قوة القرار لرصد ردود الافعال واصداء زيارات الرئيس وتجنيدها في حشد دعم الدول الاوربية وتفغيل تحالفاتها وتعاونها مع امريكا في زمن الارهاب هذا والازمة المالية .
الديمقراطيون الامريكيون هم اكثر تاثرا – على ما يبدو – بافكار وتحليلات” بول كنيدي” و”نعوم تشومسكي” اللذين امسوا في السنوات الاخيرة يدقون نواقيس الخطر ويحذرون من انهيار امريكا ومعها العالم على غرار الامبراطوريات السابقة ( الرومانية والساسانية والعثمانية والانكليزية .. ) وحتى الاتحاد السوفيتي – لاحظوا فوارق الزمن – لان التاريخ يعيد نفسه احيانا واسباب الزوال تتكرر هي نفسها واهمها اولا: ارسال الجيوش الى الاصقاع البعيدة لتغرق في مشاكل وحروب لا تنتهي مع الناس المحليين وعجز الميزانية المركزية مع السنين عن تغطية نفقاتهم وكذلك صعوبة سحب الجيوش وبالتالي انهيار الامبراطورية من الداخل بسبب الافلاسات او الاحتجاجات … او ظهور امبراطورية او اكثرمن واحدة فتية على التخوم – وهذا ثانيا -: تنافس و تتحدى الامبراطورية العجوز وهذان السببان على الاقل متوفران اليوم لتسقط ( امبراطورية ) امريكا سقوطا مدويا- والكلام للباحثين – لان عالم اليوم متصل مع بعضه وشبكة المصالح معقدة بين دول العالم والسقوط سيصيب الكل.
فالجيوش الامريكية تنتشر في اماكن عديدة في العالم و على مسافات شاسعة من المركز ( اوربا وجنوب شرق اسيا و افغانستان و العراق … ) والسبب الثاني ايضا متوفر فثمة على تخوم المصالح الامريكية تنمو قوة الصين والهند وتستمر المحاولات الروسية للنهوض القوي وتتعالى الدعوات لاستقلال القرار الاوربي وعدم تبعيته لامريكا … اضافة الى خطر القاعدة والسلفيين والارهاب الذي يستهدف امريكا في المقام الاول .
يخاف الامريكين هذا المصير وحتى الكثيرمن الجمهوريين خرجوا عن حزبهم و ايدوا التغيير في سيايات بلادهم علهم بذلك يرممون ما تصدعت من دعائم دولتهم( امبراطوريتهم ) ويتفادون قرب لحظة السقوط … وفي الانتخابات صوتوا للتغيير او لمن رفع شعار القدرة على التغيير وبداية التغيير كانت في انتخابهم رئيسا مغايرا ( اسود في البيت الابيض )!.
الرئيس في العرف الامريكي حتى وان اختلف جذريا مع سابقه لا يبدا بالثورة على عهد سابقه و لا ب “البيان رقم 1 ” بل يجدعلى طاولته نفس الملفات ونفس القضايا من عصر سلفه اضافة الى المستجدات التي تعدها له دوائر متخصصة ومؤسسات صناعة السياسة في البلاد لكن يحق له( الرئيس ) ان يقول فيها كلمته ويعيد ترتيب اولوياتها ويختار الاسلوب الذي يراه في تناولها.
من بين الملفات العديدة الهامة التي وجدها الرئيس على طاولته هي تلك لا تتحمل طول الانتظار للبت فيها واتخاذ القرار بشانها والتي قد تعكر “رحلته في الرئاسة “الى نهايتها ولن تجعلها ممتعة ابدا كما تمناها له “جورج بوش” حين استلام وتسليم البيت الابيض . واولى تلك الملفات على صعيد السياسة الخارجية والامن الامريكي – بحسب تصنيف الرئيس الجديد – هي التطورات السريعة الحاصلة على الارض لصالح الاسلاميين في باكستان وافغانستان على طرفي الحدود (غير الموجود فعليا بين البلدين) والامتداد الشعبي لطالبان شمالا وجنوبا على حساب سلطات الحكومتين في ” كابل” و”اسلام اباد ” استنادا الى معلومات وزارتي الدفاع والخارجية والامن القومي والخوف من سقوط باكستان وقنبلتها النووية بيد السلفيين وبالتالي تنظيم القاعدة التي يعتبر نفسه الرحم الذي خرجت منه تنظيمات الاسلام المتطرف وتملك في الوقت الحالي مئات الخلايا النائمة في العديد من الدول قد تكون من بينها امريكا نفسها .
لذلك بدا اوباما في مستهل عهده بدعوة العالم الى التعاون مع بلاده في تقديم مساعدات عاجلة ( امنية – لوجستية – مادية – عسكرية ..) لحكومتي باكستان وافغانستان وتوسيع التحالف الدولي المحدود والقائم في افغانستان بعد سقوط نظام طالبان الى تحالف اوسع لاعادة الامان الى هذه المنطقة المزدحمة بالسكان والمشاكل والمهددة بالمجاعة وخطرالارهاب و النووي. فجمع رئيسي الدولتين “كرزاي” و”زرداري” الى يمينه ويساره بكثير من الجدية وقليل من البروتوكول لتجاوز الجفاء القائم بين النظامين وحثهم على التحالف والتعاون لمحاربة الخطر المشترك المحدق بهم وبالعالم اجمع والمتمثل في الجماعات الاسلامية السلفية.
اما ملف الشرق الاوسط فقد اصابه بعض التردد( بعض التعديل على ما يبدو ) بعد تولي حكومة “نتنياهو” اليمينية السلطة في اسرائيل ورفضها – على الاقل حتى الان – للمقترح الامريكي (حل الدولتين) او تعديل المقترح الى مشروع حل مشابه للتجربة القبرصية (التخلي عن المستوطنات وعودة المستوطنين الى داخل حدود اسرائيل مقابل تهجير عرب الداخل الى غزة والضفة ) اضافة الى استمرار تمرد حماس على السلطة في غزة وتعثر المفاوضات بينهما من جهة ثانية مما يؤدي الى تضاؤل فرص تحقيق السلام على المدى القريب وبالتالي الى تداخل خطوط واتجاهات ما كان يعرف بمشروع ” خارطة الطريق” لكن كل ذلك لم يمنع اوباما من ارسال مبعوثه ( ميتشيل ) الى المنطقة وابلاغ الاطراف رؤيته للسلام وابلاغه “نتنياهو” اثناء زيارته الاخيرة بانه سيعلن عن خطته للسلام من القاهرة اثناء زيارته القريبة لها ولهذامدلولان قويان اولهما ان ما طرحه نتنياهو لم يرق للرئيس ولم يتوافق مع مشروعه الحاسم – ربما – والثاني ان الاعلان عن الخطة سياتي من عاصمة عربية !وهذا ما قد يحرج حكام اسرائيل امام العرب والعالم.
الجديد في الصراع العربي الاسرائيلي هو دخول ايران على الخط كطرف ثالث قوي ووصولها الى حدود اسرائيل مباشرة من فوق دول الخليج (عصب امريكا الحساس) عن طريق حلفائها ( جنوب العراق و سوريا وحماس وحزب الله …) مما يستوجب على الادارة الامريكية اختيار احد امرين: اما ادخال ايران واطماعها ومشروعها النووي في خارطة طريق جديدة للمنطقة ومشروع السلام المنشود بين العرب واسرائيل اي شريك في المصالح ! وهذا رضوخ امريكي وضعف قد يغير خارطة القوى في العالم او ان تعتمد خيار الحرب ضد ايران وتجردها من مشروعها النووي والقنبلة التي توشك على الانجاز والتي تهدد بها كل اصدقاء امريكا ومصالحها في المنطقة وهذه مغامرة قد تسبب كارثة حقيقية تتجاوز اثارها على اثار حرب تحرير الكويت بعشرات المرات.
وجود عدو نووي قريب لاسرائيل يؤرقها – دون شك – قبل امريكا والاخرين وخيار الحرب هو ما تسعى اسرائيل حكومة ومعارضة لجر امريكا اليه وقد تصدر هذا الموضوع محادثات نتنياهو مع اوباما. لكن الادارة اللطيفة في امريكا تدرك ان الخطر الاكبر لايران نووية يقع على امريكا ومصالحها واصدقائها ( من ضمنها اسرائيل ) وان التهويل الاسرائيلي لموضوع ايران لغاية في نفس يعقوب. ولذلك سوف تعتمد في البداية – على ما يبدو – الطرق الدبلوماسية المباشرة وغير المباشرة مع ايران وحتى محاورتها و اغرائها بسلة حوافز وصفقات غنية نسبيا لكن لا ترتقي الى درجة الشراكة في النفوذ والهيمنة على المنطقة بالتاكيد مقابل وقف نشاطاتها النووية وان كان من المرجح ان كل هذه الاغراءات لن تحيد الطرف الاخر (حكام ايران) عن طموحهم واصرارهم على امتلاك النووي وان ادارة اوباما لن تحصد زرعا حتى وان فاز الاصلاحيون في انتخابات الرئاسة الايرانية لان التراجع عن المشروع النووي هذا اصبح من الاثام حسب فتاوي المرشد الاعلى ” خامنئي ” ناهيك عن حظوظ المحافظين و المتعصبين الكبيرة في الفوز بولاية جديدة اصلا لكن امريكا تكون قد اكتسبت الراي العام الدولي وامنت ” البديل” او المصدر الاحتياط لامدادات الطاقة في حال الحرب!.
اما الملف الهادئ نسبيا والذي لا يثار الا بخجل من قبل الاعلام – العربي على الاقل- هو موضوع الحضور الامريكي في منطقة “القفقاز” وبوابة قزوين “بحر قزوين” الذي يعد المنفذ الوحيد حاليا لدول اسيا الوسطى الغنية بالنفط والغاز لدخول السوق العالمية بقوة من غير الشرطي الروسي . ملف هذه المنطقة الحيوية والتي قد تنافس منطقة الخليج بغنى ثروته النفطية والغاز ارق على مدار العقدين الاخيرين الساسة الامريكيين كما مراكز البحوث المهتمة بامدادات الغاز والنفط لاصطدام اي محاولة امريكية بالقبضة الروسية التي تتحكم بثروات هذه الدول عبر شبكة انابيب تمر من اراضيها لضخ الخام الاسود والغاز الى اسواق اوربا والعالم ويلاقي التحكم الروسي هذا الدعم والمساندة من كل من ايران والصين الى حد ما .
فالخط الوحيد الذي يضخ النفط القفقازي الى شرايين المكنة الغربية دون المرور بروسيا هو خط ( باكو – تبليسي – جيهان ) الذي موله الامريكان بنسبة 70% لا يفي بالغرض من وجهة النظر الاقتصادية ولا يضخ سوى مليون برميل يوميا عدا عن المخاطر التي تحدق بهذا المشروع بسبب الصراعات في القفقاز ( اذربيجان وارمينيا وابخازيا وجورجيا والشيشان… ).
الارباك الامريكي كان واضحا حيال هذه القضية وخصوصا في مساعي بحثها عن البديل الخليجي لتوفير الطاقة في الوقت الذي تنحدر العلاقة مع ايران نحو احتمالات الحرب – وهو وارد امريكيا وقد عبر اوباما عن ذلك – وهذا يعني في المقام الاول توقف ضخ البترول وتعطيل الامدادات من منطقة الخليج وهو اول رد ستلجا اليه ايران عند نشوب اي قصف او حرب .
ثروات اسيا الوسطى ( تركمانيا وكازاخستان واوزبكستان ) من الغاز والنفط هامة وحيوية بالنسبة لامريكا لكن موقع هذه الدول الجغرافي الذي لا ينفذ مباشرة على البحار الا عن طريق دول اخرى مثل ايران للوصول الى الخليج وهذا الاحتمال لا يدخل ضمن حسابات امريكا للفترة القريبة القادمة بسبب التوتر بين البلدين او عن طريق افغانستان وباكستان الى المحيط الهندي وهذا الاحتمال قائم منذ سنوات وهو بحد ذاته كان سببا اساسيا لاحتلال الروس منذ ثلاثة عقود ومن ثم امريكا والغرب لافغانستان لكن الاوضاع المتوترة في البلاد كما لدى جارتها التي تفصلها عن المحيط ” باكستان” تلغي مثل هذا الاحتمال ايضا ولهذه الاسباب وضع المختصون على طاولة الرئيس مشروع ( تامين وحماية امن القفقاز غير الروسي ) جورجيا – اذربيجان- -وارمينيا وكان في السابق قد تم انضمام الاولى الى حلف الناتو ووعدت (كسر العين ) كذلك بالانضمام الى الاسرة الاوربية ولذلك ايضا صب الرئيس اهتمامه على وجوب التقارب بين “انقرة” و”يريفان” وعلى تجاوز العداوة التاريخية بينهما فطلب الامريكيون من سويسرا اقامة معسكر لفريقي التفاوض من البلدين ( تركيا وارمينيا ) والمفاوضات تسيرالان… تنقطع وتستانف بضغوطات الامريكية على الجانبين وقد يتم الاعلان لاحقا عن تفاهمات تفي على الاقل بالغرض الامريكي في استخدام بر البلدين معبرا لامدادات الطاقة….
فالنفط في النهاية هو بمثابة الدم المتدفق في شرايين المكنة و التي اصبحت بدورها من مقومات الحياة العصرية واساسياتها وهو دائما ( النفط ) احد الاسباب ان لم يكن اولها في الحروب والنزاعات والازمات بين الدول واي خلل او انقطاع في امداداته سيخلق ازمة من الصعب التكهن بنتائجها وحتى الازمة الحالية في اسواق العالم وان لم يشر حتى الان الى النفط كاحد اسبابها المباشرة فلا استبعد ان يكون سببا خلف اسبابها! .
واخيرا وفي زمن الفيروسات المخيفة هذا والازمات الخانقة التي تعصف بالعالم ….
تصور ان امريكا اتخذت قرار الحرب ضد ايران – كما تدفعها اليه اسرائيل – او حتى قرار قصف محدود لمنشاتها النووية. وايران لكون امريكا نفسها بعيدة جغرافيا ردت عليها بتدمير مصالحها القريبة من حدودها فقط واولها(منشات النفط في دول الخليج) و هذا ما صرح به مسؤولؤن ايرانيون في مناسبات عدة و لدى ايران القدرة على ذلك . تصور حينها – اذا استطعت التصور- ابعاد الكارثة…. وللتحديد خذ فقط ازمة امدادات النفط كيف ستلهب الاسواق وشوارع مدن العالم !.
او تصور ان ايران( نجاد وخامنئي ) امتلكت قنبلة نووية ودخلت بها وبالكوفية واللحى النادي النووي واجبرت دول المنطقة عاى الدخول القسري في طوعها و دول العالم على الرضوخ لشروطها في التعامل مع المنطقة الممتدة من شبه الجزيرة الهندية الى البحر المتوسط ومن البحر الاسود الى المحيط الهندي( مدى صواريخها ) بما فيها تسويق النفط ! كيف سيكون حينها شكل المنطقة ؟ اليست هذه معادلة شيطانية مثيرة تحتاج الى اللطافة والقوة معا ؟ والى الحكمة والروية والحسم والجسارة في ان واحد؟
فهل سيفلح سيد البيت الابيض – (بعد ان نكس معظم حكام المنطقة راياتهم الوطنية ورفعوا رايات رمادية لا حدود بين الوانها )- في توازن هذه المعادلة بدون كوارث قد تلحق بالمنطقة وسكانها او على الاقل باقل الخسائر؟ .
هل سيكون جسورا في اتخاذ القرار كما هو لطيف في الحوار؟.